أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعادة أبو عراق - جدلية الفكرة ونقيضها















المزيد.....

جدلية الفكرة ونقيضها


سعادة أبو عراق

الحوار المتمدن-العدد: 5407 - 2017 / 1 / 19 - 17:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


جدلية الفكرة ونقيضها
يغدو من الواجب اللازم البحث عن الخطأ دائما، والتأكد من ذلك، وبالتالي البحث عن الصواب، فنحن لا نذهب إلى الصواب إلا إذا استشعرنا الخطأ الذي وجدناه مسببا لمشاكل نعاني منها.
في أمثالنا نقول: الضد يظهر حسنه الضد ، وهو جلاء بصري أو سمعي جيد، بمعنى أن الأبيض يكون أكثر جلاءً مع الأسود الصوت يكون أكثر وضوحا مع الصمت، ولو تابعنا كثيرا من المتناقضات لوجدناها مترابطة منذ الأزل كالخير والشر, والجمال والقبح ،والضعف والقوة, والحرب والسلم وغيرها.
نجد أن الترابط الدائم بين هذه المتناقضات هو لازم لوجودها ونمائها، وما كان لجانب أن يطغى على الآخر، كأنهما في كفتي ميزان، كلما ثقل جانب احتاج الجانب الآخر أن يستقوي لكي يميل الكفة لصالحه، ثم ما يلبث الجانب الأخر أن يعيد الكرة ويعدل الميل المرجح، وهكذا دواليك منذ الأزل وإلى ما شاء الله من الزمان.
إن هذه الصورة المقربة لجدلية المتناقضات هي إلى حد كبير تعبر عن تراكم خبراتنا في مجال المتناقضات، فلا يمكن أن تتعمق معرفتنا بالخير إلا إذا تعمقت معرفتنا بالشر، ولن تتعمق قدرتنا على النصر إلا إذا تعلمنا الدروس من الهزيمة، وهكذا نرى أن الأضداد ضرورية لبعضها البعض.
وقديما قال الأستاذ عباس العقاد في مقدمته لكتابه ( إبليس ) [حينما عرف الإنسان إبليس كانت فاتحة خير ]، بما يعني أن إدراكنا أن هذا الفعل هو شر ينتقل بنا الذهن إلى نفي هذا الفعل، ونفي السالب هو موجب ، كما تعلمنا في الرياضيات ( سالب × سالب = موجب )
المشكلة في الذهن البشري، أننا إذا لم ندرك أن ما نحن بصدده هو شر أو هو خطأ أو يحمل أية صفة سلبية، في هذه الحالة، فإن الذهن لن يفتش عن النقيض، ما دام غير شاعر بالخطأ، لذلك فإننا سنستمر في قبول هذا الخطأ، وهو موافق للمنطق الرياضي حسب المعادلة الجبرية التالية ( سالب × موجب = سالب )
إذن فإن اكتشاف الخطأ من قبل الذهن هو القاعدة الأساسية لكي نكتشف الصواب، لأن ذلك نابع من الشعور بالضرر أو الشعور بعدم الرضا أو الشعور بعدم الكفاية أو الشعور بعدم تحقيق الهدف، إنها جميعها مشاعر سلبية تقودنا حتما إلى العمل على تجاوزها والتفتيش عن إزالة مثل هذه المشاعر السوداء الممضة .
ونكون بذلك قد ارتقينا إلى منهج الصواب الذي يجب أن نسلكه في حياتنا ، وهكذا فالصواب لم يكن ميسرا للذهن قبل أن نكتوي بنار الخطأ ، ومن هنا نجد أن الخطأ هو سابق على الصواب،
بهذا نكون قد وضعنا قاعدة ذهنية ترى الخطأ سابقا على الصواب ، وإذا ما كانت هذه القاعدة صحيحة فيغدوا من الصواب أن نجعل همنا, هو البحث عن الخطأ. لكي نهتدي على ضوئه إلى الصواب، وأن نكون سيئي النية مسبقا حيال كل الأفعال والأفكار، لكي نجد موضع الخلل والخطأ والخطل، ثم نقوم على إصلاحه أو تبديله أو نبذه، إذ لا يوجد خطأ دون فعل إنساني، ولا يوجد تصويب إلا بفعل إنساني.
وما دمنا قد استنتجنا أن الصواب لا يكون إلا ابنا شرعيا للخطأ، فإن جلسات الوعظ، والنصائح، وإيراد الأمثلة والحكم ليست إلا كلاما لا يلصق بالذهن، ولا يكون له تأثير على النفس البشرية طالما هي لم تستشعر الخطأ استشعارا حقيقيا، فإن المواعظ ستفقد قطبها السالب، وبالتالي ستفقد تدفق التيار بين القطبين، وتفقد الطاقة اللازمة والأمل المرجو.
وعلى هذا الأساس من التصور عن العلاقة بين الخطأ والصواب، وأن لا صواب إلا بخطأ ملموس، فإننا نستطيع أن نقرأ بعض ما نعاني منه من تخلف وفكري ومعرفي وحضاري :
1-إن الحصانة التي نسبغها على كثير من المعتقدات والأفكار والتصرفات بحيث نرفعها فوق تناول النقد والتمحيص، هو شيء مضر، بل هو الشر بعينه، ذلك أن تعود الذهن على أفكار معينة ومعتقدات معينة، هي مرحلة الوقوف التي تمهد نحو التراجع والسقوط.
2- إن الأفكار المضادة لأفكارنا هي أكثر ضرورة لنا من الأفكار المؤيدة، ذلك أنها تجعلنا دائمي النظر إلى أنفسنا وإلى أفكارنا وتوجهاتنا، فهي كالمرآة التي نرى فيها صورتنا مقلوبة، ولكنها تمنحنا فرصة التحقق من ذاتنا.
3-إذن نحن بحاجة إلى من يوجه لنا النقد السلبي، وليس النقد السلبي شرا مستطيرا دائما، فلا بد أن يكون فيه إشارة إلى مكون سلبي في أفكارنا.
4-إذا استطعنا أن نكون بهذه الروح العالية فإننا نغدو بلا أعداء، وبلا منافسين لأننا نرى في منتقدينا أصدقاء يهدون لنا عيوبنا, وتصبح قدرتنا على المنافسة وتقبل النقاش والمحاججة أكثر، ونكون كالمحاربين الديناميكيين لا يرى ضيرا من التراجع لكي يعيد الكرة مرة أخرى.
أن هذا التنظير الذي يراه الكثير بديهيا فإن تطبيقه ليس ميسرا كما في المجالات التالية:
1- كان تعاملنا مع إسرائيل تعامل عدو، بل تعاملنا مع وحش مفترس، المهم هو ضربه بأي شيء، وإقصائه إلى أبعد مدى، وعدم محاولة فهمه كعدو لديه أفكار عدوانية، توطئة لكيفية معالجة عدوانه وصده، ومع أن إسرائيل أكثر تكتما وحرصا على خصوصيتها ومشاريعها في المنطقة، فنحن أيضا عزفنا عن محاولة التجسس عليها ومعرفة أسرارها وما تخبئه ومقدار قوتها، وتعاملنا معها على أنها ليست بذات شأن إلى أن كانت الكارثة عام 67 فوجدنا أننا بواد وهي بواد آخر، وأن عنصر الشر والخطيئة التي جسدتها إسرائيل حيالنا، لم يجعلنا نتفقد أنفسنا ونستفيد من هذا البلاء الذي أصابنا.
2- وفي ذات المساق كان تعاملنا مع المد الشيوعي، والذي لم يكن عداءنا معه عداء وجوديا، ذلك أننا لم نكن رأسماليين كما هي أوروبا وأمريكا، ونحرص على بنيتنا الاقتصادية، إنما كان عداءً عقائديا بان الشيوعية مبدأ كافر صنعه اليهود ، ولم ندر أننا نحارب في معركة غيرنا، ذلك أن أحدا من المناوئين للشيوعية لم يكلف نفسه عناء قراءة الفكرة الشيوعية قراءة استطلاعية، بل كان الجميع معتمدا على الأفكار التي سربتها الدوائر المناوئة للشيوعية على أنها ضد الدين، بالإضافة أن مؤسسات الرقابة كانت تمنع أي كتاب يتكلم عن الشيوعية، أنا لا أقول هذا دفاعا عن الشيوعية، إنما أقول إن أحدا لم يكلف نفسه عناء دراسة الشيوعية كما يجب, ومناوأتها كما يجب، إن فهم عدوك فهما صحيحا، قبل أن تبدأ في عدوانك عليه أو صد عدوانه عنك.
3- في حياتنا الإسلامية استسهلنا فرز البشرية إلى كفار ومسلمين، وامتدت فكرة الفرز إلى عصرنا الحديث، إن شتم الآخرين بالكفر والإلحاد هو إيجاد سدود أو مسافات يصعب اجتيازها بيننا وبين الآخرين، وهذا جعل منا أناسا يرونهم خطرا على ديننا دون التمعن في ما يحمد عندهم، وهنا كان مجال التأثر بهم بطيئا، ذلك لاعتقاد الكثير منا في مطلع القرن الماضي بأن هناك حضارة كفار وحضارة مسلمين، لذلك لم يكن الاستفادة من عدائنا لحضارتهم، بأن استثاروا ملكاتنا وقوانا لمقاومتهم ودفعهم وبالتالي طورنا أنفسنا وأفكارنا ومواقفنا وأثرينا حضارتنا، ولا نحن صادقناهم وتعلمنا منهم وبالتالي أثرينا حضارتنا بقبس من حضارتهم.



#سعادة_أبو_عراق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين والفكر الديني 3
- الدين والفكر الديني ( 2 )
- الدين والفكر الديني ( 1 )
- مفاهيم خاطئة في تلاوة القرآن وقراءته
- تقارب
- سيناريوهات عذاب القبر
- هل أقر الله بالسحر أم نفاه
- هل قوة الدولة من قوة دينها؟
- سكيولوجيا الحروب
- قصة قصيرة - وقفة
- مصطلح الأنتصار( 2 ) تبعات الاعتقاد بان النصر من عند الله
- مصطلح النصر في العقيدة الإسلامية( 1)l
- قصة قصيرة / خذوني معكم
- ذكرى
- ما يمنع احتفال المسلمين بميلاد المسيح
- ملاك الشعر
- هل المعجزة ضرورية للإيمان؟
- من أين نبعت فكرة الإعجاز العلمي للقرآن الكريم؟
- أين الإعجاز في القرآن الكريم
- رحلة


المزيد.....




- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- من هم المسيحيون الذين يؤيدون ترامب -المخلص-؟
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال ...
- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...
- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعادة أبو عراق - جدلية الفكرة ونقيضها