أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - عن أشكال العبودية الجديدة














المزيد.....


عن أشكال العبودية الجديدة


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5406 - 2017 / 1 / 18 - 04:45
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


عن أشكال العبودية الجديدة
عبد الحسين شعبان
أكاديمي ومفكّر عربي
إذا كان المجتمع الدولي قد اتّجه في القرنين الماضيين لإلغاء العبودية، فإن ثمّة أشكالاً جديدة أخذت بالظهور ترافقاً مع موجة التعصّب، والتطرّف، والإرهاب، التي ضربت العالم في العقود الثلاثة الماضية، والتي اتّخذت شكلاً تكفيرياً وتدميرياً، بل وإبادياً في السنوات الأخيرة، لا سيّما بعد ظهور تنظيم "القاعدة"، وربيبه تنظيم "داعش" في العراق والشام.
وفي ظلّ العولمة، وبفعل التطوّر العلمي والتقني، خصوصاً في تكنولوجيا الإعلام، والمعلومات والاتصال والمواصلات والطفرة الرقمية "الديجيتيل"، فإن ظاهرة العبودية بشكلها القديم الذي أخذ العالم كلّه يتبرأ منها، ويسنّ القوانين لمكافحتها، بدأت بالظهور عبر أشكال جديدة، مثل الاتجار بالبشر، وتجارة المخدّرات، وتجارة السلاح، وتبييض الأموال، والاتجار بالأعضاء البشرية، أو غيرها من أنواع التجارة التي تلحق ضرراً بليغاً بالإنسان، وكرامته وآدميته.
وإذا كانت العبودية بشكلها القديم مظهراً مستهجناً في عالمنا المعاصر، لدرجة أنه كاد ينقرض، فإن ظهورها بحلّة جديدة ليس فقط أمراً لا أخلاقياً ولا إنسانياً فحسب، بل إن ضرره وخطره على المجتمع ككلّ، أصبحا أشدّ بأساً بما لا يقاس، فضلاً عن أنه جريمة دولية بحق الإنسانية، خصوصاً حين يتعلّق الموضوع باستعباد فئات، أو مجاميع بشرية، أو أشخاص من خلال قيود وإجراءات من شأنها التحكّم فيهم، وإخضاعهم لظروف وأوضاع تكاد تقترب من سلب حريّتهم، بتوظيفهم واستغلالهم بما يعود بالنفع المادي على الجهات التي تستخدمهم.
لعلّ مناسبة هذا الحديث، هو ندوة مهمّة نظّمها مركز جامعة الدول العربية في تونس، بمرور 170 عاماً على إصدار أمر المشير أحمد باي يقضي بـ"إلغاء الرّق وعتق العبيد" وذلك في العام 1846، وإذا كان هذا القرار المتقدّم يأتي من دولة صغيرة قياساً بجيرانها من جنوب وشمال البحر المتوسط، إلاّ أنها كبيرة بما قدّمته للبشرية في السابق والحاضر بريادتها وحجم تأثيرها.
والشيء بالشيء يُذكر - كما يُقال - فإن تونس بعد ثورة 14 جانفي (يناير - كانون الثاني 2011) أصدرت قانوناً جديداً يقضي بـ"منع الاتجار بالبشر ومكافحته"، في 3 أغسطس (آب) 2016، بهدف منع جميع أشكال الاستغلال التي يمكن أن يتعرّض لها الأشخاص، وخاصة النساء والأطفال ومكافحتها بالوقاية من الاتجار بهم، وردع مرتكبيه وحماية ضحاياه ومساعدتهم.
إن أشكال العبودية الجديدة التي يواجهها العالم تحتاج إلى بحث معمّق للظاهرة من جوانبها المختلفة، التاريخية والقانونية والفكرية والثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية وغيرها، حيث لا يزال هناك نحو 45 مليون إنسان تشملهم ظاهرة الاتجار بالبشر، وتبلغ قيمة هذه التجارة نحو 150 مليار دولار. وقد ساهمت الحروب والنزاعات الأهلية، إضافة إلى ظواهر الإرهاب والعنف والهجرات والنزوح، وتمزّق الروابط الاجتماعية والعائلية، في تعريض الملايين من النساء والأطفال للابتزاز والاغتصاب وتجارة الجنس والمخدّرات وتبييض الأموال وتجارة السلاح وغيرها، وجميعها تشكّل انتهاكات سافرة لحقوق الإنسان وكرامته.
وقد أقدم "داعش" على عمليات استرقاق جديدة، وعبودية مستحدثة، لا سيّما إزاء أتباع الأديان الأخرى، من المسيحيين والإيزيديين والصابئة المندائيين، حين اشترط عليهم الدخول في الإسلام على طريقته، أو بدفع الجزية أو الرحيل، وإلاّ فإن القبور سوف تنتظر الرجال، ويكون مصير النساء السبي والبيع في سوق النخاسة، وهو ما حصل لمئات النساء الإيزيديات بعد احتلال "داعش" للموصل في 10 يونيو (حزيران) 2014.
وكانت الندوة قد سلّطت الضوء على موضوع التعامل مع الرق والعبيد في الحضارة العربية - الإسلامية، وعلى الرغم من عدم وجود نص تحريمي في ذلك الزمان، إلاّ أن الإسلام دعا منذ وقت مبكر إلى "معاملة الأسرى والعبيد معاملة حسنة والرفق بهم"، ونهى الرسول محمد (ص) على تسميتهم بالعبيد، خصوصاً أن الإسلام ساوى بين البشر في الكرامة الإنسانية، وكان النبي محمد (ص) يشجّع على عتقهم، وبهذه المناسبة نستذكر الفاروق عمر بن الخطّاب الذي قال: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا"، وهو نصّ ورد ما يشابهه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 والذي جاء في مادته الأولى: "يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق...".
وبالتدرّج، وبحكم قوانين التطوّر وتوقيع العديد من البلدان العربية على الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، فإن دساتيرها وقوانينها أخذت تنحو منحى تحريم تجارة العبيد، بل والمساءلة على من يقوم بها، وقد يكون مناسباً ليس فقط التوقيع على الاتفاقيات الدولية ذات الصلة في هذا المجال، بل تغليظ العقوبات لمن يرتكب جريمة الاتجار بالبشر بمختلف أشكالها وفروعها.
وإذا كانت العبودية بشكلها القديم قد انتهت ولم يعد لها وجود في عالمنا، فإن الأشكال الجديدة من الاستعباد تشكّل خطراً حقيقياً على الإنسانية جمعاء، وهي تمثّل انتهاكاً صارخاً لقواعد القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، وللاتفاقيات والمعاهدات الدولية وللشرعة الدولية لحقوق الإنسان، ولا بدّ من التعاون على المستوى الدولي لوضع حدٍّ لهذه الظاهرة المشينة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من وحي مؤتمر فكر - 15: -بصرة الإمارات-
- عن حكم القانون
- سؤال وستفاليا العربي: الخرائط الجديدة ما بعد داعش
- في نستولوجيا المثقف اليساري
- حوار الأمم الأربع
- ميانمار: أية تجربة تنتظرها؟
- كلمة د. عبد الحسين شعبان في ندوة حوار مثقفي الأمم الأربعة
- التكفير والتفكير
- (فكر - 15) والتكامل الثقافي
- بوصلة الباحث وشعار الداعية
- علمتني الشام حب الصباح
- ثلاث عقد قانونية لإسرائيل
- خير الدين حسيب: الرياضة النفسية والمثقف الكوني والكتلة التار ...
- في التنوع الثقافي وملحقاته
- حكيم الحكام من قاسم إلى صدام: ثلاث لقطات مثيرة في مذكرات فرح ...
- ترامب وسقف الموجة الشعبوية
- ترامب -الشرق أوسطي-!!
- مأزق العدالة الدولية
- نزع سلاح الآلهة: المسيحية والإسلام من منظور فريضة اللاعنف
- ترامب بين الشعبوية والنخبوية!!


المزيد.....




- نتنياهو يأمر بتأجيل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين
- قيادي لدى حماس: قرار نتنياهو بحق الأسرى الفلسطينيين غير مقبو ...
- حماس: الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين الساعة 5 بالتوقيت المحلي ...
- مئات آلاف النازحين يعودون إلى شمال غزة.. عودة للديار ولو كان ...
- يتهم إسرائيل بالعنصرية ويجمع المساعدات لغزة.. روبوت مخصص لدع ...
- إسرائيل تتسلم 8 رهائن وتعلق الإفراج عن معتقلين فلسطينيين
- مكتب إعلام الأسرى: الإفراج عن الأسرى الفلسطينين في الساعة ال ...
- إعلام عبري: وقف إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من السجون حتى ...
- اعتقال خمس أشخاص للاشتباه فيهم بمقتل سلوان موميكا
- -الأونروا-: مضطرون لنقل موظفينا من القدس بعد دخول قرار إغلاق ...


المزيد.....

- الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق / رابطة المرأة العراقية
- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - عن أشكال العبودية الجديدة