|
كارثة تهريب اموال العراق
حسن كريم عاتي
روائي
(Hasan Kareem Ati)
الحوار المتمدن-العدد: 5403 - 2017 / 1 / 15 - 21:26
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
كارثة تهريب أموال العراق حسن كريم عاتي
المقدمة : مثلت حقوق الشعوب في استرداد أموالها المهربة إلى خارج حدودها الوطنية ، واحدة من أبرز المعاضل التي ظهرت بعد إتضاح الوشائج بين تهريب هذه الأموال ، وجرائم بشعة ترتكب ضد حياة مواطني الدول ، وصحتهم ، وممتلكاتهم ، وفرصهم بحياة كريمة . إبتداءً من تجارة المخدرات ، وحتى الاتجار بالبشر أو بالأعضاء البشرية . إضافة إلى الصلة المؤكدة بين تلك الأموال والإرهاب الدولي . لذلك أصبح الصوت عالياً لمعالجة أية أموال تأخذ صفة غسيل عند إنتقالها بين البلدان . بل إن الحدود السياسية للدول تُعد أهم قنوات تحويل تلك الأموال من سوداء إلى بيضاء. إن الغاية الأساسية من غسيل الأموال ، هي تمكين من وضعوا اليد عليها ، من استخدامها في العلن ، بعد أن حصلوا عليها بالخفاء ، وبطرائق غير قانونية ، أو نتيجة لجرائم ارتكبوها. ومن المعروف إن مثل تلك الأموال ، على الأعم الأغلب ، تمثل أموالاً عامةً ، أو أنها تمثل رأسمال وطني يتم الاستحواذ عليه وتهريبه . أو متأتية من جرائم ترتكب على إقليم تلك الدول. فالأموال المهربة في الدول التي تهرب منها ، تمثل جسد الجريمة في غسيل الأموال ، وتمثل أيضا بيئة إجرامية يتواصل تثبيتها ، وتؤدي إلى الإفقار وتفشي الجريمة ، وهي بالنسبة للدول التي تهرب إليها ، تمثل بيئة إجرامية جديدة من خلال غسيلها ، ولا تمثل إثراءً حقيقياً لها . فالدولة التي تتهاون أو تساعد على انتقال أموال الجريمة ، ومن بينها الأموال المتأتية من جرائم الفساد ، وغسيلها فيه ، تكون حلقة ضعيفة في منظومة مكافحة الفساد ، وستكون محطة وسطية لانتقال تلك الأموال منها . وتتعزز شروط تفشي الجريمة في محيطها ، لتنتقل ، فيما بعد ، أموالها هي إلى خارجها. إن تجسيد هذه الحقائق ، والعمل على معالجة آثارها ، جاء متأخراً في المنظومة القانونية الدولية ، وإن كانت بعض ملامحها قد أشرت في فترة مبكرة ، من خلال مكافحة الأنشطة المتعلقة بالمخدرات ، أو الاتجار بالبشر أو الأعضاء البشرية أو الجريمة المنظمة ، كونها لا تمس القوى السياسية النافذة في الدول عموماً . لذلك تأخرت اتفاقيات كثيرة ، وبعد مخاض عسير ليتم وضعها في إطار قانوني ملزم للدول . ومن بينها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد . التي شرعت في العام 2003 وانضم العراق لها بالعام 2007. والتي على منوالها تم صياغة الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد أيضاً. إن هذه الاتفاقية معنية بمكافحة الفساد ، وترتبط بشكل واسع بالجرائم التي تقع على المال العام ،وان كانت تتناول الجرائم التي تقع في القطاع الخاص ، غير أنها تعتمد على العلاقة ، في تلك الجرائم ، التي تقع بين القطاع الخاص والمال العام . إن شيوع مفاهيم تلك الاتفاقية ، شجع الشعوب على مراقبة إدارة دولها ، وساعد الإعلام ومنظمات المجتمع المدني على اعتماد معاييرها في التعامل مع الإدارة التي تتولى صرف الأموال ، وخلقت بيئة مشجعة على المحاسبة والشفافية . وجوه كارثة تهريب أموال العراق: يُعد العراق الأنموذج للبلد الذي يتم إهدار أمواله بكثرة وتواصل ، وعبر عقود كثيرة . ومرد ذلك إلى أسباب كثيرة متباينة ، ومن بين أبرزها : حجم الأموال الكبيرة التي تحققها العائدات النفطية ، وطبيعة الأنظمة السياسية التي تولت الإدارة فيه ، وانعدام الفرصة في محاسبتها بجدية . وهو بذلك يمثل التجربة الأكثر وضوحا في تاريخ دول المنطقة في الزمن الحديث ، والذي تهدر أمواله عبر تاريخ متواصل من اللامبالاة ، وعدم الاهتمام الحقيقي بالمال العام ، أما عن قصد مباشر تمثله الأنظمة الاستبدادية التي تعمل في ظلمة كثيفة ، أو نتيجة أخطاء الإدارة الضعيفة ، التي لا تقوى على المحاسبة ، أو عدم الكفاءة ، التي يمتنع عليها اختيار الآليات الملائمة للصرف والمراقبة والمحاسبة . تلك من بين الأسباب التي أدت إلى إفقار الدولة العراقية ، كان من نتائجها انعدام التنمية ، وضياع فرص العمل ، والزيادة في إفقار الشعب ، وإرباك الأمن الأهلي ، واستفحال القوى التي تمول من جرائم الفساد ، إلى قوة تزاحم الدولة في سيادتها ، لتبني لها دولتها البديلة ، أو الموازية. إن لكارثة تهريب أموال العراق أكثر من وجه ، لا يقتصر على ما حدث بعد التغيير في عام 2003 ، بل يمثل ما سبقه الوجه الأكثر بشاعة لهذه الكارثة ، كونه بإدارة القوى السياسية المتسلطة في حينه ، وبعلمها وإرادتها. مصادر تهريب الأموال العراقية: الأموال العراقية المهربة قبل عام 2003: مثلت حقوق العراق باستعادة أمواله المهربة إلى خارجه ، صورةً من صور استعادة كرامة شعبه ، مقابل صورة الاستهتار للعابثين بتلك الأموال . بوصفه شكلاً من أشكال الاستخفاف والاستغلال لنفوذ تلك القوى أو الأشخاص ، الذين تصرفوا بحاضر الشعب ومستقبله ، وعرضوا راهنه إلى هزات بالغة الخطورة والحساسية. إن الصورة الأوضح عن أموال العراق المهربة ، لدى المواطن ، والسلطة السياسية الجديدة ، ولدى العالم ، مُعبر عنها بانتهاكات النظام قبل عام 2003 ، واستهتاره بأموال الشعب ، من خلال استيلائه عليها والتصرف بها بما يحقق أغراضه السياسية ، وأحيانا الشخصية . ويمكن عد قرار البعث ، الذي صاحب تأميم النفط ، بجعل حصة (كولبنكيان) التي أممت في حينه ، من نصيب الحزب الحاكم ،بحجة حماية الثورة الفتية ، التشريع الأول الذي عمل على منح الفساد بالمال العام صفة قانونية . وقد تواصل الاستيلاء طيلة عقود حكمه ، وكانت الأكثر أثرا تلك التي تصرف بها طيلة المدة التي صاحبت الحصار الاقتصادي على الشعب العراقي .تلك المنافية للقانون والوطنية ، وتحت غطاء كثيف من السرية . أدت إلى تبديد هذه الثروات ، صاحبها توافق كبير من (دول وأشخاص) مستفيدة منها ، عملت على التستر على مصادرها ، والاستيلاء عليها فيما بعد ، والتصرف بها بوصفها ممتلكات تلك الأطراف. كان للمتغيرات السياسية ، السريعة والكبيرة ، في نظام الدولة في عام 2003 ، أثر سلبي على المال العام . إذ لم يصاحبه استلام وتسليم لموارد الدولة بطريقة تدعوا للاطمئنان على تلك الموارد . إنه انهيار كامل لمنظومة استبدادية بمنظومة مناقضة لها ، لها توجه ديمقراطي . مما جعل تلك الموارد في حكم المجهول . وعملت الأطراف المستفيدة من ذلك على زيادة الغموض في أصلها ، وتصرفت بها بما ينسجم مع غاياتها ، وكانت من بين الموارد المهمة في زعزعت الأمن الداخلي للعراق ، وتمويل الأعمال المسلحة ضد الشعب ، وتمويل الحركات الإرهابية ، والحركات السياسية الموالية له. تمثل هذه الأموال: أولا: أموال العراق التي استولى عليها أزلام النظام السابق . وتتنوع أشكالها ، بين منقولة وغير منقولة ، مسجلة بأسمائهم أو بأسماء مستعارة ، داخل العراق أو خارجه. ثانياً: الأموال العراقية المهربة إلى خارجه بأسماء أشخاص أو بأسماء شركات وهمية ، أو واجهية . وتظهر بوضوح في الأموال التي تصرف بها جهاز المخابرات المنحل ، سواء كانت منقولة ، أم غير منقولة ، عقارات أو أسهم في شركات ، أو حسابات مصرفية . موزعة على مساحة واسعة من العالم . ثالثاً: أموال المؤسسات العراقية في الخارج . عقارات ، حسابات مصرفية ، سيولة نقدية ، تابعة للحكومة العراقية ، مثل : وزارة الثقافة ، وزارة الخارجية ، جهاز المخابرات المنحل . أصبح من الصعب الاستدلال عليها ، ومن ثم استردادها . وتصرفت بها الأطراف واضعة اليد عليها ، بما يوحي امتلاكها لها. رابعاً: الممتلكات والأموال السرية التي كانت تتعامل بها الأجهزة الأمنية العراقية في الخارج ، والتي لها نشاط واسع في الدول الأوربية والمنطقة العربية ، والتي استخدمت لأغراض النظام المباد في الترغيب والترهيب ، واستخدمت أيضا من قبل أطراف غير عراقية . ومن أمثلتها (كابونات النفط). خامساً: لقد كان النظام السابق يعمل على تمويل نفسه في سنوات الحصار ، وللتحايل على العقوبات الدولية ، وفي ظل مذكرة التفاهم ( النفط مقابل الغذاء ) ، على الاستغلال البشع لهذه المذكرة على حساب الشعب العراقي ، وبما يحقق الموارد الكبيرة والمهمة لتمويل أدواته القمعية ، وتبديد الثروة الوطنية ، للحفاظ على نفسه ، وتحقيق غاياته ، وقد تمثل ذلك في : (1)العقود غير المنفذة من قبل أطراف دولية (دول وشركات وأشخاص) ، دفع العراق ما يترتب عليه من التزامات مالية كلها ، أو بعض منها. (2)أن تلك العقود لا تقتصر على الغذاء أو المستلزمات الأساسية التي تبنتها مذكرة التفاهم ، وهي الغاية من المذكرة ، وإنما إمتد إلى عقود سرية في مواضيع أخر . سواء كان ذلك مع دول أو شركات أو أشخاص. (3)العمولات المدفوعة من الجانب العراقي لأطراف دولية ، لغرض توفيرالموارد المالية للنظام في غفلة عن المراقبة الدولية ، والتي تتسم بالسرية التامة من قبل جميع الأطراف المشتركة بها ،ويصعب الوصول إليها ، والتي تتعلق بعقود وهمية استغلالا للمذكرة. سادساً .كان للانهيار السريع للنظام المباد في عام 2003 ، وما رافقه من انهيار كامل لمؤسسة الدولة ، أدى إلى أن تكون تلك الأموال بعيدة عن الرقابة ، وسهل لمن كانت بيده ، التصرف بها بشكل ، ظاهره قانوني ، خلاف الواقع الفعلي لطبيعة تلك الأموال وأصولها ، عبر وضع اليد عليها ، وبذلك تم أخراجها من أموال الدولة العراقية ، وهو ما نتج عنه إفقار للشعب العراقي ، وتبديد صريح لثرواته . والأدهى ، إنها تستخدم ضده منذ بدء التجربة الديمقراطية فيه، وتعمل على انهيارها ، وان لم تتمكن ، تعمل على إعاقة بناء تجربتة جديدة. سابعاً. كان لإدارة الدولة العراقية ، من قبل جهات غير عراقية في عام 2003 ، وما تلاه ، قبل تشكيل الحكومة العراقية ، أثره في إضعاف الرقابة على تلك الأموال . ووفر فرصة ( قد تكون مقصودة أو غير مقصودة ) ، على عدم معرفة حجم تلك الأموال ، والجهات واضعة اليد عليها ، والمتصرفة بها ، ومصيرها . مما زاد من غموض حجمها ومآلها. وقد وضع ظرف مثل هذا ، الحكومة العراقية (على افتراض توفر حسن النية)، التي تشكلت بعد ذلك ، والحكومات المتعاقبة عليها ، أمام معضلة حقيقية في المطالبة بتلك الأموال لمجهولية حجمها ، والأطراف المستولية عليها ، والتصرفات التي أجريت على أصولها ، ونتيجتها ، وأماكن تواجدها. الأموال العراقية المهربة بعد عام 2003: أولا. حظي العراق بتأييد دولي كبير لمعالجة الأزمات التي واجهها بعد 9/4/2003. وعمل المجتمع الدولي على توفير الفرص الملائمة لتجاوز تلك الأزمات ، وبمعالجات سياسية واقتصادية . من أبرزها صدور قرارات الأمم المتحدة /مجلس الأمن الدولي . موضوعها تجميد الأموال العراقية المستولى عليها من قبل أزلام النظام السابق ، أو من أي طرف ، والعمل على إعادتها إلى الشعب العراقي. وبالمقابل ، فأن المجتمع الدولي ، والمؤسسات المالية الدولية ، عملت على التخفيف عن كاهل العراق ، من خلال إسقاط الديون المترتبة عليه ، نتيجة التزامات النظام المباد. وهي مبالغ ضخمة ، لا قبل لخزينة الدولة في حينه من الوفاء بها، لكي يبدأ العراق تجربته الجديدة بقيود قليلة . إضافة إلى توفير مساعدات دولية سخية لبناء مؤسسات الدولة العراقية ، على أمل بناء الدولة الديمقراطية التي تعاطف كثير لأجل إنشائها . وكذلك رفع القيود على تصرفات الحكومة العراقية في المحيط الدولي . إن هذه الأموال تُعد من بين موارد الدولة العراقية الفتية ، وساعدت بدرجات متفاوتة على انجاز أعمالها . غير إن جزءاً غير ضئيل منها كان مآله في اتجاهات غير صحيحة أو فاسدة . والصعوبة الحقيقية في الوقوف على إيراداتها والتصرفات التي اُجريت عليها ، كون معظمها كان يدار من قبل أطراف غير عراقية ( الدول المانحة ). أو من قبل جهات عراقية لم تحسن التصرف بها ، ولم تتبع الإجراءات الكفيلة لاستخدامها بالطريقة المثلى لتحقيق الغايات من صرفها . من بينها وأبرزها ، المساعدات الأمريكية (صندوق اعمار العراق ). وقد أشارت تقارير المفتش العام الأمريكي إلى حجم الفساد الذي صاحب صرف تلك الأموال من قبل الأطراف الأمريكية . إضافة إلى ما رافقها من تصرفات بعض الأطراف العراقية المدانة بالفساد أو المتهمة به. ثانياً. ساعدت موارد الدولة العراقية ، والمساعدات الدولية ، والحماية التي فرضها المجتمع الدولي ، على تنامي الميزانية العامة ، ومثلت تصاعداً مضطرداً في كل سنة حتى عام 2014، وهو ما وفر فرصة لتراكم الثروة بشكل غير اعتيادي ، قياساً بالزمن الذي تحققت به. إن غياب الرقابة الدقيقة عليها ، والافتقار إلى ملاكات ملائمة لإدارة هذه الأموال ، وتناقض التشريعات التي تنظم إدارتها من دولة مركزية ، بل شديدة المركزية ، إلى دولة تتسم بالتوجه الديمقراطي ، وتعتمد نظام السوق ، أدى ذلك إلى التصرف بهذه الأموال بطريقة أدت إلى تبديدها ، والاستيلاء عليها من قبل ( دول أو شركات أو أشخاص ) ، عبر مجموعة واسعة من إجراءات التحايل . كان من نتيجتها إفقار الدولة العراقية . لذلك فان الميزانية الكبيرة للدولة ، صاحبها فساد كبير بالتصرف بتلك الأموال من قبل أطراف أدينت بالفساد أو متهمة به ، أو يجري التحقيق معها فيه ، أو لم تظهر بعد من الأدلة ما يكفي لتتبعها . وشكلت ازدواجية الجنسية أحد المعاضل التي تواجه عملية التحري والتحقيق والاسترداد. ملامح كارثة تهريب الأموال العراقية: مما تقدم تتضح بعض ملامح الكارثة التي تواجهها الأموال العامة العراقية ، والتي يصعب ، بل يستحيل ضمن هذه المرحلة ، من إحصائها ، فضلاً عن المطالبة بها واستردادها . فقد اتسم الفساد فيها على : أولا. طول الفترة التي تعرضت بها تلك الأموال إلى الاعتداء والاستيلاء بدون وجه حق. ثانياً.تغير النظام السياسي بطريقة لا تسمح بمعرفتها ، أو الرقابة عليها ، أو تدقيقها . أو محاكمة النظام المباد على تبديدها . ولم تتخذ القوى المهيمنة بعد التغيير من الإجراءات ما يكفل تتبع تلك الأموال أو تدقيقها أو معرفة مصيرها. ثالثاً.تدخل إطراف دولية بإدارة تلك الأموال ، والتي تكون في الغالب مرتبطة بأهداف تتعلق بها. وليس بالضرورة مع الأهداف المرجوة من رصد هذه الأموال. رابعاً. إدارة تلك الأموال من قبل ملاكات عراقية غير ملائمة ، وغير كفوءة . إن لم يكن لبعض منها غايات الإثراء منها على حساب الأموال العامة. خامساً. تناقض التشريعات النافذة مع التوجهات الديمقراطية التي تعتمد على نظام السوق ، والذي صاحب الانتقال من نظام استبدادي إلى نظام ذي توجه ديمقراطي. إحصاء أموال العراق المهربة واستردادها: يُعد التوجه الدولي الحالي ، بعد عام 2003 ، والذي رافق إقرار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ، مشجعاً ، وعقيدة قانونية ، وقناعة أخلاقية ، للدفاع عن حق الشعوب باستثمار أموالها بالطريقة المثلى ، ومحاسبة المتنفذين في السلطة على تبديد هذه الثروات . وهو ما خلق بيئة دولية مشجعة على مطالبة الشعوب بأموالها المسروقة. أ.نقاط قوة ملف العراق باسترداد أمواله المهربة: أولا. تميز العراق عن جميع دول العالم ، بوجود قرارات من مجلس الأمن الدولي ، تهدف للمحافظة على أمواله ، وتوفر الحماية القانونية والسياسية الدولية لها. وتحث الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة على إعادتها للدولة العراقية (قرار مجلس الأمن الدولي 1483/2003 و 1511/2003). ثانياً. التعاطف الدولي مع الشعب العراقي في محنته التي يحاول النهوض منها ، والمتمثل بإعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية مع العراق . والتعامل معه ليس بوصفه وريث النظام السابق ، وإنما ضحية له. ثالثاً. مصادقة العراق بالقانون رقم 35/2007 على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد . وإيداعه صك التصديق لدى الأمين العام للأمم المتحدة . مما أتاح للعراق فرصة واسعة للتعاون الدولي واستردار الأموال والمدانين على وفق هذه الاتفاقية. رابعاً.انضمام العراق إلى الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد ، ودوره الفاعل فيها. خامساً. فاعلية العراق في المحافل الدولية والإقليمية في محور الاسترداد ، وعبر: (1). توقيعه مذكرات تفاهم ثنائية مع بعض الدول الإقليمية (إيران مثلاً). (2). انتخاب العراق عضواً في فريق الخبراء الاممي (فينا). (3). انتخاب العراق نائباً لرئيس الدورة الحالية للاتفاقية العربية لمكافحة الفساد . (الرئيس ممثل دولة الكويت). (4). عقد العراق مؤتمرين دوليين في بغداد (ملتقى بغداد الأول والثاني)، عامي 2013و2014. وبحضور دول عربية وأجنبية ، موضوعهما الاسترداد. (5). الصحافة العراقية والإعلام الحر ، والرأي العام ، الرافض للفساد ، والذي يحث على محاربته. (6). لدى العراق صرح علمي ( الأكاديمية العراقية لمكافحة الفساد)، والتي تُعد الثالثة على مستوى العالم ، والأولى على المستوى العربي والإقليمي ، والتي تتولى تهيئة ملاكات متخصصة في مجال مكافحة الفساد . ب. نقاط ضعف ملف العراق باسترداد أمواله المهربة: (1). صعوبة إحصاء وتدقيق الأموال العراقية المهربة إلى خارجه. (2). ضعف التشريعات العراقية التي تتناول الأموال العامة ، أو الاسترداد. من خلال: (أ). تعدد الجهات المعنية بتدقيق تلك الأموال ، أو بتعقبها، أو باستردادها . بحيث أصبح لكل نوع مال ، أو نوع جريمة ، جهة معنية باسترداده. (ب). ضعف التنسيق بين الجهات المعنية باسترداد الأموال العراقية المهربة. (ج). ازدواجية الجنسية للمدانين أو المتهمين بالفساد الهاربين . والذي يصطدم لدى الدول المطلوب منها الاسترداد ، بقيود دستورية أو قانونية في تعقب الأموال واستردادها. والذي يتطلب من الدولة العراقية تفعيل المادة الدستورية (18/رابعاً) ، والمتعلقة بالتخلي عن الجنسية الأجنبية لمن يتولى منصباً سيادياً أو أمنياً. (ء). إفتقار قوانين الأجهزة الرقابية (أو بعض منها) ، إلى آليات واضحة للمطالبة بالأموال المهربة. (3). انعدام الدور السياسي للرئاسات الثلاثة في الدولة العراقية ، في استثمار تأثيرها في العلاقات الدولية لمطالبة الدول التي تأوي أموال فساد عراقية ، أوتتعثر معها ملفات استرداد الأموال. الخلاصة: إن نقاط الضعف في ملف العراق لاسترداد أمواله المنهوبة والمهربة ، يؤشر منحاً خطيراً ، كونها باجمعها تتصل بالداخل العراقي ، وقدرته على تنظيم إمكانياته بما يسمح باستثمار القرارات الدولية ، والتعاطف الدولي ، وعلاقاته الدولية ، لتحقيق هدفه باسترداد كرامة شعبه ، عبر استرداد أمواله المنهوبة والمهربة إلى خارجه. وهي على مجملها تأخذ ثلاثة محاور أساسية : الأول : في المحور التشريعي: تعديل القوانين العراقية ، أو تشريع قوانين جديدة تتناول موضوع الاسترداد بوضوح كافٍ ، وتمنح الصلاحيات المناسبة للأجهزة الرقابية المعنية بالاسترداد ، وتضع الآليات الكفيلة بالنهوض بهذه المسؤولية ، وبما يساعدها على أن تكون فاعلة فيه . وكذلك معالجة ازدواجية الجنسية للمناصب السيادية والأمنية. الثاني:في المحور التنفيذي: أن تأخذ الرئاسات الثلاث دورها المأمول منها بتفعيل تأثيرها الدولي ، وعلاقاتها الدولية لحث الدول التي للعراق أموال على أراضيها للتفاعل مع مطالب العراق المشروعة بإعادتها ، والعمل معها على تذليل الصعوبات التي تواجه ملفات استرداد أموال العراق. في ظل غياب الآليات المشتركة للأجهزة الرقابية فيما بينها ، والذي يوهن ملف الاسترداد ، فأن التنسيق بين هذه الأجهزة في المرحلة الحالية يوفر فرصة أكبر لوضوح الصورة ، مما يسمح بعقد اتفاقات تعاون بين هذه الأجهزة في موضوع الاسترداد ، من دون التداخل في الصلاحيات ، أو ترك فراغ يسمح للفاسدين الهرب من خلاله. الثالث:في المحور القضائي: يُعد القضاء الحلقة الحيوية في ملف الاسترداد، لأنها تعتمد على القرارات الصادرة عنه. وبالمقابل فأنه هو المعني بتنظيم تلك الملفات ، وهو ما يتطلب أن يكون رد فعله سريعا باتجاه إصدار القرارات التي موضوعها المال العام ، وتنظيم الملفات للمطالبة بها.
#حسن_كريم_عاتي (هاشتاغ)
Hasan_Kareem_Ati#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ورق النعناع/ قصة قصيرة
-
تبادل الادوار تبدل الدلالات في مسرحية (الخاتم) لمحيي الدين ز
...
-
قصة قصيرة قماشة الجنفاص
-
سارسم موتي على ثوبها
-
النزاهة مؤسسة وقضية
-
قصة قصيرة/ (م...)
-
وثيقة مشروع شرف دفاعية عن حق المثقف العراقي
-
حماية حق المؤلف في القانون العراقي...الجزء الاول
-
قانون حماية حق المؤلف العراقي...الجزء الثاني
-
حماية حق المؤلف العراقي ....الجزء الثالث
-
الموروث المعماري العراقي في خطر
-
المواطنة بين الدولة والحكومة
-
هناك من يستذكر للملك
-
أثر مناهج التعليم في المدارس العراقية على ثقافة المتعلم
-
كرة صوف في خوذة
-
اثر الزمن في خلق البنية الدلالية في رواية سابع ايام الخلق
-
وجوه حجر النرد
-
الملكية الخاصة في الدساتير العراقية
-
ميليشيات متعددة الجنسيات
-
المحتل في عون المستبد
المزيد.....
-
مكتب إعلام الأسرى يعلن عن أسماء الفلسطينيين المقرر خروجهم في
...
-
البيت الأبيض: في ظل ترامب لن يكون للمهاجرين غير الشرعيين أي
...
-
بريطانيا تغيّر قواعد التأشيرات للاجئين الأوكرانيين
-
محللون: الأونروا تواجه تحديات وستعمل بكامل طاقتها بمجرد فتح
...
-
رغم محاولة طمس الحقائق... محققو الأمم المتحدة يؤكدون وجود -أ
...
-
قلق أممي من تدهور الوضع الإنساني في جنين نتيجة العدوان الإسر
...
-
مكتب إعلام الأسرى: الاحتلال يفرج غدا في إطار الدفعة الرابعة
...
-
الأمن السوري: اعتقال رئيس فرع الأمن السياسي السابق في درعا ع
...
-
نائب أوكراني سابق يتهم جهاز الأمن الأوكراني بإنشاء معسكر اعت
...
-
-بينهم محكومون بالمؤبد-..مكتب إعلام الأسرى يكشف أسماء الفلسط
...
المزيد.....
-
الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق
/ رابطة المرأة العراقية
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|