أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ناجح العبيدي - الألمان ‘‘الكسالى‘‘ واليونانيون ‘‘المُجدون‘‘!














المزيد.....

الألمان ‘‘الكسالى‘‘ واليونانيون ‘‘المُجدون‘‘!


ناجح العبيدي
اقتصادي وإعلامي مقيم في برلين

(Nagih Al-obaid)


الحوار المتمدن-العدد: 5403 - 2017 / 1 / 15 - 13:52
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


الألمان ‘‘الكسالى‘‘ واليونانيون ‘‘المُجدون‘‘!

أثارت أرقام جديدة عن ساعات العمل في مختلف البلدان استغراب الكثيرين لأنها تهدد بقلب الكثير من الصور النمطية السائدة رأسا على عقب. على سبيل المثال يعتقد عدد لا بأس به من الألمان بأن اليونانين "كسالى" وأنهم مسؤولون عن الأوضاع الاقتصادية المزرية في بلادهم. هذا الاعتقاد ترسخ في خضم الأزمة المالية التي عصفت بعد 2008 ولا تزال تعصف باليونان والتي كادت ان تطيح باليورو. في المقابل هناك فكرة نمطية سائدة عالميا عن الألمان بأنهم شعب محب للعمل ومهووس بالانضباط بعكس شعوب أخرى، وخاصة في البلدان المحاذية للبحر الأبيض المتوسط التي تميل عادة للدعة والهدوء والتراخي في ظل الأجواء المشمسة. ولم تأتِ هذه الفكرة بالطبع عن فراغ. ولعل المعجزة الاقتصادية التي اجترحها الألمان بعد الحرب العالمية الثانية أحد المؤشرات التي تُذكر للتدليل على اجتهاد الألمان.
غيرأن الأرقام التي نشرتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) في دراسة حديثة تبدو وكأنها تتعارض تماما مع مثل هذه التصورات. في هذه الدراسة يأتي الألمان في ذيل القائمة من حيث عدد ساعات العمل في السنة متخلفين بمراحل عن اليونانيين "الخمولين". وفقا لبيانات هذه الدراسة يعمل العامل أو الموظف الألماني في المتوسط 1371 ساعة سنويا، أي 26,3 ساعة في الأسبوع فقط. في المقابل "يكدح" العامل اليوناني طيلة 2042 ساعة سنويا (39,3 ما يعادل ساعة أسبوعيا) أي بزيادة تقارب 50 في المائة عن نظيره الألماني. وبهذا تأتي اليونان في مقدمة الدول الأوروبية الـ 26 العضوة في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. فكيف يمكن أن تنطبق هذه الأرقام مع حقيقة أن اليونان تعيش عمليا منذ نحو 10 سنوات "عالة" على حزم الإنقاذ والمساعدات والقروض من الجهات المانحة وفي مقدمتها ألمانيا التي تتحمل حصة الأسد فيها؟ وهي حقيقة تدفع بعض الألمان للتصور بأن لهم الحق في انتقاد اليونانيين.
غير أن هذه الأرقام لا تعتبر دليلا قاطعا على أن الألمان أصبحوا كسالى بعد أن ذاقوا طعم الحياة الهائنة وأن ألمانيا تحولت إلى بلاد تنابلة السلطان بعد أن كانت تتميز بالجد والمثابرة. يعود ذلك أولا إلى طريقة احتساب هذا المؤشر حيث تقوم منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بقسمة العدد الأجمالي لساعات العمل المبذولة خلال العام على إجمالي عدد العاملين في البلد المعني. وبطبيعة الحال فإن هناك جزءاً كبيراً، وخاصة في أوساط النساء يعمل بدوام جزئي. فمثلا هناك أكثر من 7 ملايين ألماني يمارسون ما يدعى بالتشغيل الضئيل حيث لا يتجاوز الأجر الشهري الحد الأقصى البالغ 450 يورو. وهنا لا يزيد وقت العمل عادةعن 10 ساعات أسبوعيا. كل ذلك يساهم في تقليص متوسط ساعات العمل لكل موظف. ما عدا ذلك فإن الأغلبية الساحقة من العاملين في ألمانيا (وللأسف أنا منهم أيضا) سوف تستغرب كثيرا لو عرفت بأن متوسط وقت العمل الأسبوعي يبلغ 26,3 ساعة فقط. صحيح أن النقابات العمالية توصلت عبر نضال طويل إلى تخفيض وقت العمل والذي يبلغ في الشركات الصناعية الكبيرة عادة 35 ساعة أسبوعيا. ولكن الكثيرين يقضون عمليا ساعات أكثر في المصانع والورش والمكاتب.
أما العامل الحاسم لتفسير هذه الفروق بين البلدان فيكمن في انتاجية العمل. فمؤشر متوسط ساعات العمل لا يعكس مدى الاستفادة الفعلية من وقت العمل ولا يبين كيف يقضي العامل هذه الساعات: هل في الانتاج أم في الاسترخاء والثرثرة والمكالمات الهاتفية أو حتى في النوم! ولا يظهر الحصيلة الفعلية للعمل. وفقا لبيانات دراسة أخرى لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ينتج العامل في ألمانيا في الساعة الواحدة ما قيمته 65,5 ألف دولار من السلع والخدمات مقابل 35,3 ألف دولار في اليونان، أي أن انتاجية العمل في اليونان أقل من النصف مقارنة بألمانيا. وكلما ارتفعت انتاجية العمل، تتوفر الفرصة لخفض ساعات العمل دون أن يؤثر ذلك على الإنتاج.
ومن الملفت للنظر أن الدراسة المذكورة لمنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي تُظهر أيضا أن المكسيك تتصدر قائمة الدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية من حيث ساعات العمل والتي تبلغ 2246 سنويا، بينما يعمل الأمريكيون 1790 ساعة فقط. وهي مقارنة ذات دلالة، لا سيما في هذه الأيام التي تشهد توترا بين البلدين بسبب اتهامات الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب للمهاجرين المكسيكيين بالكسل وممارسة تجارة المخدرات والجريمة. ولكن ما ينطبق على ألمانيا واليونان يسري أيضا عند المقارنة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك.
بيد أن بيانات دراسة منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي بخصوص ساعات العمل تقتصر على الدول الأعضاء الـ35 فقط في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ولا تشمل دولا أخرى مثل العراق. ولو حاولت المنظمة احتساب هذه المؤشر في بلاد الرافدين فإنها سوف تتوصل إلى نتائج ستُحير الخبراء الاقتصاديين. من المؤكد أن العراق يحتل المركز الأول عالميا في عدد أيام العطل الرسمية وغير الرسمية. ونتيجة لفائض العمالة في القطاع العام وحالة التسيب والإنفلات الاداري وظاهرة الموظفين الفضائيين (الوهميين) فإن جزءا كبيرا من موظفي الدولة لا يعملون عمليا سوى فترة قصيرة لا تزيد أحيانا عن بضع دقائق في اليوم. أي أن العراق يمكن أن يتذيل قائمة الدول مرتين، الأولي في عدد ساعات العمل في السنة والثانية في إنتاجية العمل. وهي حالة نادرة بين الدول.

د. ناجح العبيدي



#ناجح_العبيدي (هاشتاغ)       Nagih_Al-obaid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيتكوين: عملة جديدة تتحدى الدولار؟
- السعودية: العمالة الأجنبية كبش فداء الأزمة المالية!
- ألمانيا تحلم بوراثة -التاج- التايلندي!
- 10 أسباب للاحتفاء بجائزة أمير قطر لمكافحة الفساد!
- جائزة نوبل بين اليهود والمسلمين
- البرلمان العراقي يُكشر عن أنيابه: على من سيأتي الدور بعد زيب ...
- مكة تستعد لمرحلة ما بعد النفط!
- 4 سبتمبر: بدء تقويم هجري جديد أم فرصة للاندماج؟
- النقود لا تسجل الأهداف!
- الهوس بالمليارات وحرب الإشاعات في العراق!
- النفط سلاح في المعركة!
- وثيقة سرية ألمانية تكشف وجه أردوغان الحقيقي
- السعودية وسلاح النفط في ظل التوازنات الإقليمية الجديدة
- شبح أردوغان يخيم على ألمانيا!
- القرآن وتراكم رأس المال
- هل ستتحطم طموحات أردوغان على صخرة الاقتصاد؟
- هل يسير أردوغان على خطى هتلر؟
- تركيا: هُزم الانقلابيون ولم تنتصر الديمقراطية!
- حروب -الربيع العربي- وحرب الثلاثين عاما في أوروبا!
- المال والسياسة: المؤلفة قلوبهم في العراق!


المزيد.....




- البنك المركزي: سنطلق آلية جديدة لتحويلات السفر أو العلاج
- بيانات تظهر أكبر شريك تجاري لروسيا في الاتحاد الأوروبي
- وزير الاقتصاد الايراني يغادر طهران متوجها إلى الرياض
- مصر تطلب دعما بربع مليار دولار
- بالأرقام.. السياحة الإسرائيلية تحتضر
- -بلومبرغ-: أوروبا على حافة أزمة طاقة جديدة
- رب ضارة نافعة.. صادرات الصين تتجه نحو رقم قياسي بسبب ترامب
- السفير الروسي يقود شاحنة -أورال- الجبّارة في ليبيا معلنا دخو ...
- توقعات بتباطؤ وتيرة خفض الفائدة في آسيا بعد فوز ترامب
- أكبر 10 دول تنتج الجزر بالعالم.. الجزائر والمغرب يتصدران الع ...


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ناجح العبيدي - الألمان ‘‘الكسالى‘‘ واليونانيون ‘‘المُجدون‘‘!