أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحسين أيت باحسين - طقوس الاحتفال بالسنة الأمازيغية تقاوم الزمان















المزيد.....

طقوس الاحتفال بالسنة الأمازيغية تقاوم الزمان


الحسين أيت باحسين

الحوار المتمدن-العدد: 5403 - 2017 / 1 / 15 - 01:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تخليدا لاحتفالات رأس السنة، يطرح عدد من الاسئلة حول القضية الأمازيغية، ما العلاقة بذلك؟
في القرن الماضي إلى بداية الستينيات يتم التعامل في المغرب، وبكافة مناطق شمال إفريقيا، مع ثلاثة تقويمات زمنية هي: التقويم الهجري، التقويم الميلادي، التقويم الفلاحي والتقويم العبري؛ نظرا لتواجد وتساكن ثلاثة ديانات سماوية وهي الإسلام والمسيحية واليهودية، إضافة إلى احتفالات شعبية مرتبطة بالتقويم الفلاحي. مما يجعل المغرب بلدا يتم الاحتفال بثلاثة أنواع من الأعياد: أعياد دينية وأعياد وطنية – سياسية واحتفالات شعبية – بيئية تتمثل احتفالات "ئنّاير" التي تطلق عليها تسميات مختلفة باختلاف المناطق (حاكوزة، لحوادس، بّاشّيخ، وغيرها من تسميات أخرى كثيرة) ويتقاسمها كل المغاربة، سواء منهم الناطقون بالأمازيغية أو غير الناطقين بها.
في بداية الستينيات، اختفى التقويم العبري من اليوميات التي تصدر، وإن استمر اليهود المغاربة وكذا بعض أفراد الجاليات اليهودية المهاجرة إلى بعض بلدان أوروبا وأمريكا، في تنظيم طقوسهم في معابدهم المتبقية أو في أماكن يعتبرونها مقدسة. كما أن احتفالات السنة الفلاحية؛ التي كان المغاربة، سواء في القرى أو في المدن، يحتفلون بها في بيوتهم كأسر أو مع أسر أخرى؛ قد بدأت تتقلص كظاهرة احتفالية عامة أو من حيث عدد الأيام التي كنت تدومها (3 أو 5 أو 7؛ بل إن بعض الوثائق تشير إلى 9) وذلك حسب ما تجود به البيئة محليا أو حسب الادخار الذي توفره محاصيل فصل الصيف.
ومع دينامية الحركة الثقافية الأمازيغية، بدأ الاحتفال بالسنة الفلاحية يتحول من احتفال شعبي إلى احتفال مدني - بيئي، يتم تحديثة وتثمين عاداته وتقاليده وطقوسه وطرق الاحتفال به وإبراز مختلف رمزياته الثقافية والبيئية والبحث عن جذوره التاريخية وجوانبه التقويمية ودلالاته الاجتماعية، كما تم ربطه بالجانب الثقافي والهوياتي والحضاري للأمازيغ بالتوافق والمواضعة على حدث تاريخي موثق اتخذ كمرجعية تقويمية زمنية باعتبارها ذاكرة لمساهمة الأمازيغي في الثقافة الكونية، فاختاروا حدث إنشاء الأمازيغ للأسرة الثانية والعشرين والثالثة والعشرين في مصر الفرعونية منذ سنة 950 قبل الميلاد ودام تدبيرهم لشؤون مصر السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية لما يقرب من قرنين. حافظت قصور الكرنك، التي شيدها مؤسس الأسرة الثانية والعشرين "شيشونق"، وكذا التوراة تفاصيل مختلف الإنجازات التي حققها الأمازيغ أثناءها.

ما هي العادات التي دأب الأمازيغ على القيام بها احتفالا بيوم رأس السنة الأمازيغية؟
يمكن أن نجمل العادات والتقاليد والطقوس التي كانت ترافق احتفالات السنة الفلاحية في خمسة أنواع من الطقوس، هي: "طقوس تحضيرية" حيث يتم التحضير لكل ما تستلزمه تلك الاحتفالات؛ و"طقوس تطهيرية" تستهدف التخلص من كل قديم وغير نافع بوسائل وأدوات وأشياء يتم التفاؤل معها بحلول سنة ميمونة؛ و"طقوس تغذوية" تتمثل في تهيئ أطباق متنوعة بتنوع المناطق وتنوع ما يتوفر عليه المحتفلون من محاصيل تتيحها البيئة المحلية في فصل الشتاء أو تم ادخارها للمناسبة؛ "طقوس صيدلية" أساسها حمع أنواع بعينها من النباتات المتوفرة في ذلك الفصل وغسلها وتجفيفها وتيبيسها وتهيئ أدوية منها بواسطة مزجها بسوائل طبيعية كالعسل أو غيره يتم اللجوء إليها حين يستدعي الأمر ذلك؛ و"طقوس تجميلية" متعلقة باستعمال السواك والأتمد والتزين بالحناء والوشم وارتداء ما جد من الملابس وغير ذلك مما تستدعية المناسبة.
إضافة إلى ذلك تمارس طقوس رمزية كثيرة في تناول مختلف الأطباق التي تهيأ بالمناسبة وكذا في التعامل مع بيئة المحيط ومع مختلف ليالي الاحتفال ومع الأطفال. وكل هذه الطقوس مرتبطة بالأرض وبأشغال الفلاحة وبتحولات وتغيرات الطبيعة والأرض، ومن أجل مواساة الطبيعة في تحولاتها تلك وتضامنا مع الآخرية في فصل تندر فيه محاصيل الطبيعة.

وما الذي جعلهم يتخلون عن هذه العادات بعد التغيرات التي طرأت على حياتهم؟
نظرا لكون الاحتفالات قد اتخذت صبغة تحديثية، إذ تم إخراجها من داخل أسوار مساكن الأسر إلى مقرات الجمعيات وإلى فضاءات المؤسسات والفضاءات العمومية تحديثا لأشكال الاحتفال بها، أصبح الاحتفال يستدعي تقويما زمنيا محددا، وتنويعا للأنشطة التي تقام بحلول السنة الجديدة؛ فإضافة إلى تهيئ الأطباق التي تهيأ بالمناسبة، تقام أنشطة اجتماعية – خيرية وأنشطة ثقافية وفنية. كما أن الندوات واللقاءات التي تقام بمناسبتها تعمل على تثمين دلالاتها التاريخية والثقافية والبيئية؛ وذلك من أجل جعلها مناسبة لإبراز أهمية قيم التضامن والعيش المشترك والتحفيز على الحفاظ على التوازنات البيئية التي انخرط فيها بلدنا، لما لهذه التوازنات من ضمانات على جعل أجيالنا المستقبلية، هي أيضا، تتمتع بثروات بيئتنا.


في مقابل ذلك، هل ترى أن الدولة المغربية قامت بإجراءات من أجل المحافظة على هذه العادات وتعزيز المكون الأمازيغي؟
بما أن الدولة لا تقف مانعا عن تنظيم هذه الاحتفالات، فذلك يمكن اعتباره موقفا إيجابيا من طرفها. وتجدر الإشارة هنا إلى أن جميع الدول والشعوب تحتفل، إضافة إلى أعيادها الدينية والوطنية – السياسية، بأعياد بيئية؛ كما أن المغرب قد انخرط في استراتيجية محاربة التغيرات المناخية والحفاظ على التوازن البيئي، وما كوب 22 الذي تم تنظيمه في أواخر السنة الماضية في مراكش ببعيد؛ والاحفال برأس السنة الأمازيغية يعتبر احتفالا بيئيا بامتياز. وبذلك تعتبر ترسيم هذا الاحتفال جزءا من تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية الذي، وإن نص عليه دستور 2011، لا يزال مشروطا بتفعيل القوانين التنظيمية.

وبعد خمس سنوات على الدستور الذي رسم الأمازيغية، هل ترى انعكاسات هذا الترسيم على الواقع؟
إذا أخذنا بعين الاعتبار علاقة الهوية بالعيش المشترك الذي يضمن السلم الاجتماعي والأمن الثقافي، فإن عدم المصادقة، بعدُ، على القوانين التنظيمية المتعلقة ب"تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية" وب"إحداث المجلس الوطني والثقافة المغربية"، يجعل كثيرا من الآمال المنعقدة على هذه المصادقة تعرف نوعا الفتور وتثير تساؤلات عن عدم تفعيل تلك القوانين التنظيمية، كما نصت عليها مختلف الخطب الملكية في افتتاحات الدورات البرلمانية مباشرة بعد المصادقة على الدستور، وتبعا لما تقتضيها مقتضيات الدستور نفسه، أي في ظرف الولاية الحكومية. لكن ينبغي الاعتراف بأن ترسيم الأمازيغية مكسب، ليس فقط للأمازيغية بل لكل المغاربة، فهو من بين الملفات السيادية الذي سننتقل، بتفعيل مقتضياتها الدستورية، من الهوية المعطاة إلى الهوية المبنية وإلى المواطنة الحقة وإلى دولة الحق والقانون وإلى تكريس مبادئ حقوق الإنسان وإلى تمتيع المغاربة بالمساواة والكرامة والحرية والديمقراطية.
وبحلول السنة الأمازيغية الجديدة 2967 الموافقة لسنة 2017 ميلادية و 1438 هجرية و5777 عبرية، سنة سعيدة لكل المغربيات وكل المغاربة.

حوار السيد الشيخ اليوسي، صحافي في موقع هسبريس؛ نشر على شكل تصريح (انظر الرابط التالي: http://www.hespress.com/tamazight/335462.html)
مع الحسين أيت باحسين الحسين
باحث في الثقافة الأمازيغية
الكاتب العام للجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي بالنيابة



#الحسين_أيت_باحسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السنة الأمازيغية: ظاهرة احتفالية، بُعدٌ بيئي، حدث تاريخي، بُ ...
- الأمازيغية وقطبية الدفاع عنها والمعاداة لها
- الأمازيغية بين -الحفاظ على البيئة- و-التغيرات المناخية- (حوا ...
- ي تدبير استراتيجي لمأسسة الأمازيغية بعد ترسيمها في دستور 201 ...
- أي تدبير استراتيجي لمأسسة الأمازيغية بعد ترسيمها في دستور 20 ...
- أي تدبير استراتيجي لمأسسة الأمازيغية بعد ترسيمها في دستور 20 ...
- الأمازيغية بالوسط الحضري في المغرب بين -مثلثات برمودا- و-شوا ...
- حين تُصقَل الموهبة بالتكوين الأكاديمي والعلمي (تكريم الفنا ...
- سوس والبحر من خلال أعلام سوس البحرية
- كفى من التمييز ضد المرأة !
- عموري مبارك المبدع والمجدد للأغنية الأمازيغية (1)
- أية مقاربة تشاركية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية ؟
- الأمازيغية المُرَسَّمَة وسؤال تأجيل تفعيل قوانينها التنظيمية
- الاحتفال ب-السنة الأمازيغية- من أجل تجديد الارتباط بالأرض وب ...
- السنة الأمازيغية : بعد احتفالي، حدث تاريخي ومطلب سياسي
- رحيل الحنجرة الشاعرية الجذابة أو الراحل – الحاضر: المرحوم ال ...
- مسار المطالبة بترسيم الأمازيغية بالمغرب
- الهوية الأمازيغية (مفهوما وواقعا) (1)
- «بيان» العلامة محمد المختار السوسي حول ضبط الأعلام الأمازيغي ...
- الرحيل في زمن المحرمات الثقافية الكبرى بالمغرب (تكريما للمرح ...


المزيد.....




- وزارة الصحة في غزة تكشف عن آخر حصيلة للقتلى خلال 295 يوما من ...
- قتلى وعشرات الجرحى في هجوم صاروخي بالجولان.. وإسرائيل تتهم ح ...
- الرئيس الإسرائيلي: حزب الله -قتل بوحشية- أطفالا في الهجوم عل ...
- حزب الله ينفي ضلوعه باستهداف مجدل شمس الذي أدى لمقتل وإصابة ...
- إيطاليا: إعادة فتح -طريق الحب- في الأراضي الخمس بعد سنوات من ...
- هل كانت أوكرانيا تخطط لضرب العمق الروسي دون علم أمريكا.. اتص ...
- إسرائيل تتوعد برد قاس وحزب الله ينفي مسؤوليته عن استهداف مدن ...
- أردوغان: تركيا تنتظر اعتذارا من محمود عباس
- وزير الداخلية الإسرائيلي: الرد على قصف مجدل شمس لن يكون أقل ...
- مجازر غزة..هل يسعى نتنياهو لإطالة الحرب؟


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحسين أيت باحسين - طقوس الاحتفال بالسنة الأمازيغية تقاوم الزمان