أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - هل كان الإنسان الأول عاقلا كاملا؟ ح2















المزيد.....

هل كان الإنسان الأول عاقلا كاملا؟ ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5403 - 2017 / 1 / 15 - 01:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هذه المقدمة كانت أساسية جدا لتأسيس تصورات الإنسان عن عوالمه الأفتراضية المتوازية وساعد في ذلك محدودية الحواس على قدرتها على النفاذ من خلال المادة، لذا فأقترح أول شيء أن هذه العوالم أما أنها تتركز في البعد البعيد المسمى غيبا أو في البعد القريب الذي يختفي خلف المادة وكثافتها الطبيعية، مثلا الجن يفترض الإنسان أنه موجود ولطبيعته الشفافة التي لا تسمح لطبيعة الحاسة البصرية التي ترى المادة ولا ترى ما قبلها ولا ما بعدها فهي لا تراه لأنه في حالة تسمى ما قبل المادية (الشفافية) التي ليس لها أبعاد شيئية ممكنة الإدرام الحسي، كذلك فعل مع أجناس من المعرفة نسبها للغيب البعد الخارج عن قدرة الحس الطبيعي أن ينالها بالتحديد فقال ليس كمثلها شيء تمييزا وحسما لإشكالية المشابهة والتجسيد الذي يحتاج إلى برهان مادي.
بعد أن نجح في تفصيل الشكلية المناسبة التي لا تتعارض مع منطق العقل ولا تحتاج إلى أسئلة أضافية باشر العقل في الشروع بالكيف العملي الذي من خلاله تتحرك هذه العوالم في التأثير على الواقع عموما وعليه خصوصا وبالأخص ما يتعلق منها به ذاتيا، حاول أن يربط هذه العوالم به ويرتبط معها في سلسلة من العلائق المتشابكة التي تتعداه إلى عالم أكبر عالم الواقع الوجودي كله، وحاول أيضا أنم يربط بين الأسئلة القديمة والإشكالات المزمنة التي لم تجد لها حلول بهذه الوالم على أنها من نتاجها ومن قدرتها المطلقة على التحريك، كانت هذه النقطة الأساسية التي أصابت العقل بعد فترة نشاط حاسمة جدا وقادته إلى التسليم بما أنتج على أنها مفردات حقيقية وأصيلة ونسي العقل أنه هو من خلقها وتوصل إليها من خلال الأفتراض التأملي وهيأ لها من قبل أن تولد، لقد خدع العقل نفسه بهذه النتيجة وبدأ في التراجع مستسلما لأفكاره الخاصة خارجا من الواقع وداخلا في المتوقع.
بالتسليم أنتهت مرحلة العقل الخالق وبدأت مرحلة العقل المخلوق العقل الذي أباح للخيال والتأمل أن يتحول إلى واقع بدلا أن يمتحنه كما كان يفعل سابقا، وتراجع دور العقل لمصلحة العالم المواز وأصبح التفسير والتعليل متعلقا بقدرة العوالم الموازية وليس بقدرة قوانين الواقع الوجودي ولا خضوعا للمعايير المادية التي تحكم حركة المادة والطاقة، لقد فرط الإنسان من خلال تسليمه وخضوعه لفكرة العوالم الموازية بحرية العقل كما فرط بحريته الشخصية، وأصبح يدور في ثانائية جديدة هي ثنائية الصراع بين الواقع المادي والواقع المفترض، وتحول من مكافح لأجل أن يجيب على أسئلته القديمة متى وكيف ولماذا وأين إلى أنتظار أجابات جاهزة تأتيه من عالم الغيب عالم أفترضه وخلقه وصنعه ورمزه هو، فلا مندوحة أمامه في كل مرة أن يقبل أي فكرة تفسر أو تعلل أو تخبره عن أجابة أو عن رؤية طالما أن صاحبها زعم أنها جاءته من عالم الغيب أو عالم المرموز المواز.
من الطبيعي أنه لا يمكنه نكران ما تسالم يقينيا عليه ومن الطبيعي أن لا ينكر أي فكرة خارج نطاق الواقع تحمل له تصور متسق ومتلائم وموافق لطريقة البناء الأولى التي أعتمدها في خلق العالم الأخرى، لا يريد العقل أن يقول أنه خدع ذاته ولا يمكنه في كل مرة أن يجري البرهان على موضوع أصلا قرر أنه غير خاضع للبرهنة لا على مستوى الكيف ولا مستوى الكون لأنه أغلق باب الكيف والكون على مماثلة الشيئية الواقعية، هذه إحدى إشكاليات العقل اللاحقة والتي لم يحسب لها حساب حين أفترض نظريته هذه ولم يجد لليوم تبريرا مقنعا يسد فيه أبواب التناقض بين قانون المادة والطاقة وبين فكرة العوالم وكلاهما في حساب التقدير لديه يتمتعان بقدر واحد من القبول والتمسك.
في الوقت الذي لم يكن هناك قوانين علمية صارمة ولا معرفة حقيقية بواقعية الوجود كان العقل البشري ينسب أي حدث أو فكرة أو تغير إلى تلك العوالم وتم تركيم وتجميع الكثير من هذه الأحداث والأفكار المتشابهة في العلة المفترضة أو تخضع للغيبية في كل مرة لتشكل له منظومة معرفية تنتسب إلى الغيب تقيد بها وأحترمها وأطرها في نطاق موحد أسماه معرفة فوقية أسرة ومؤثرة وخالقة وصانعة لكل التحولات الخارج الإرادة البشرية المختارة، ومنحها تفويضا من العمل والفعل لشعوره الذاتي أنها لا تقاوم، فخضع شيئا فشيئا لها وأطاعها دون أن يتمكن من مواجهتها بالواقع، هذا الخضوع والتسليم قاد لفكرة الدين بأعتباره إرادة قاهرة إرادة تفعل من غير سؤال وأحيانا كثيرة من غير توقع، كان على الإنسان هنا أن يتجاوب معها ويسترضيها ويفعل كل ما يمكن من طقوس كي يكسبها لصفه وأنتصارا على كل التضادات والتناقضات التي يعيشها على مستوى الفرد والجماعة.
هنا جعل الإنسان من هذه المنظومة المخلوقة خالق وفاعل والهدف دائما كان البحث عن أنتصار، لم يبحث الإنسان المتدين الأول عن الفضيلة وعن المثل العليا بقدر ما كان يبحث عن الأنتصار وعن القوة والقدرة في المواجهة والمقاومة ضد الأخر، ضد نفسه وضد واقعه ليتمتع بقدر أكبر من أشتراطات الأنا وأشتراطات العيش المريح، عندما أبتكر الطقوس أبتكر فكرة المصلحة أو سخر فكرة المصلحة لفكرة التدين باشر من حيث لا يعلم بممارسة التحريض وأستعداء هذه القوى ضد خصومه وضد من يشكل له خطر أيا كان شكل الخطر هذا، فأخذ يهره لرموز هذا العالم في أنتظار تدخلها لمصلحته أو أنتظارا لأجوبة محددة، كلما زادت ثقة الإنساس بالعالم الأخر كلما تخلى عن العقل ونظامه الخالق والمنشيء وركن إلى أن القوة ليست ذاتية أبدا بل هي من مصدر خارجي غير مدرك الحدود وغير واضح المعالم في التعامل، وهكذا أنتقل من مرحلة القوة الفاعلة إلى مرحلة الضعف المفعول وفقد حريته وجزء كبير من عقلانيته الأولى.
من المؤكد أن ثمن التحولات الأولى لم يكن هينا مع هذا التدرج في عدم العقلانية التي أعقبت كون الإنسان الأول كان عاقلا بما يكفي لنسميه إنسان كامل، قد لا يجد البعض سببا وجيها بهذا التحول وان الكمال لا يمكن أن يرتد نكوصا طالما أن الكمال بمعناه الفلسفي هو عدم الإنجرار وراء النقص أو حتى حدوث تصوره، الجواب أن الكمال الفلسفي يعني أرتقاء الإنسان بفعله العقلي القمة الهرمية التي ليس من بعدها أي تطور، أي وصوله للنهائية في التعقل التي تقوده لأختراق ما حول الهرم الوجودي، هذا الأختراق يقوده للتساؤل لماذا وكيف ومتى وأين تسكن حوهرية ما بعد واقع الهرم، ومن هنا بدأ التحليق عاليا وخروجه من عالم الكامل إلى حالية أخرى لا تنتمي للكمال بل بداية جديدة في مرحلة مستجدة قادته إلى تسليمات جديدة في عالم أخر سميناه عالم مواز وهي عالم ما حول الهرم الطبيعي.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيد دونالد ترامب رئيس دولة الولايات المتحدة الأمريكية المح ...
- مشروع عقلنة الوعي العربي بين حلم التحقيق وحالية الأضطراب
- المعرفة التأريخية المرموزية وإشكالات الأنتقال لمرحلة الحداثة ...
- إشكاليات العقل العربي من منظور ذاتي
- لا تلعن الريح ...... ولا تلعن الخطيئة
- سؤال وجواب
- الدخول إلى قلب المدينة ح 9
- الدخول الى قلب المدينة ح8
- الدخول الى قلب المدينة ح7
- الدخول الى قلب المدينة ح6
- الدخول إلى قلب المدينة ح5
- الدخول إلى قلب المدينة ح4
- الدخول إلى قلب المدينة ح3
- الدخول إلى قلب المدينة ح2
- الدخول إلى قلب المدينة ح1
- أزمة الهوية الدينية ... الألحاد والتكفير
- رسالة من الفرات إلى النيل النبيل
- الخوف والتردد في نقد التابو (المحرم المقدس) ودوره في تحرير ا ...
- حوار صامت 33 الأخير
- حوار صامت 32


المزيد.....




- وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
- مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
- -تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3 ...
- ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
- السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - هل كان الإنسان الأول عاقلا كاملا؟ ح2