|
آرا خاجادور والنأي بالنفس عن الأسئلة القاتلة؟ (5/20)
خسرو حميد عثمان
كاتب
(Khasrow Hamid Othman)
الحوار المتمدن-العدد: 5402 - 2017 / 1 / 14 - 19:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كما رأينا في الحلقة الماضية، لم يلتزم بهاءالدين نوري، في تصوري، بالأمانة في تدوين شهادته والموضوعية في روايته وتناسى كلياً في مذكراته قراره الفردي الذي نشره في أول عدد من جريدة القاعدة التي أعاد إصدارها في شباط 1950, ولم يُحدد ملامح «نفوذ العدو الطبقي»، ومن كانوا مشمولين بما جاء في التعميم الحزبي الداخلي في 12 أيار 1950، ب "ضعفاء الإرادة والانتهازيين والعناصر التافهة الأخرى » وما هي الجهة التي حاول هؤلاء على إقامة الصلات معها وكيف عرف بأنهم يحاولون إقامة تنظيمات لهم خارج تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي. قد يكون (عقدة الإستعلاء)* السبب الذي دفع ببهاءالدين نوري النأي بنفسه عن هذا الموضوع ودرأً لإتهامه بالإنتهازية، بعد أن توضحت عنده الصورة، أثناء كتابة مذكراته، حيث تبين له إن من بين الذين من نعتهم بالإنتهازية والتفاهة في شباط 1950 كانوا إلى جانبه في قيادة الحزب الشيوعي العراقي بعد تموز 1958 والأعوام اللاحقة. ولكن شعار« إحياء مباديء الرفيق فهد» الذي رفعه بهاءالدين نوري من خلال أول عدد من جريدة القاعدة التي قام باصداره في شباط 1950 لابد أن يثير بعد أكثر من سبعة عقود العديد من الأسئلة: ماذا كانت مباديء الرفيق فهد؟ وهل كانت هذه المباديء ميتة عند آستلام بهاءالدين للقيادة؟ من هم مرتكبوا الجريمة؟ وكيف أحياها مجدداً؟ بإستثناء ما كتبه حنا بطاطو في الفصل الرابع عشر المعنون « فهد، والأممية الشيوعية، والسوفيت، والشيوعيون السوريون، وحزب الشعب»من كتابه «العراق، الكتاب الثاني - الحزب الشيوعي »لم أطلع من خلال المصادر التي تمكنت الوصول إليها على أية محاولة لتوصيف مباديء فهد وتصوراته حول الحركة الشيوعية في العراق بجوانبه المختلفة....الخ، أزعم بأن هذا الفراغ مقصود...... لكي ننهي هذا الموضوع ننقل الفقرتين الأخيرتين من الفصل الذي أشرنا إليه من كتاب حنا بطاطو ص 254: (ولكن النزاع الذي استمر ثلاث سنوات بين فهد من ناحية، وبكداش وعزيز شريف من ناحية، لم ينتهِ، بل هو عاد إلى الحياة بعد أشهر قليلة قصيرة من «الوثبة» عندما عاد عزيز شريف من سورية، وعاود حزب الشعب الى الظهور، ووقف بكداش مرة أخرى في الجهة الخطأ من الحاجز، في رأي فهد. ومما يثير الاهتمام أن فهداً-نزيل سجن الكوت الآن- أخذ يشك في «بلشفية» بكداش على الرغم من أنه - واستناداً الى مصدر شيوعي عراقي داخلي- منع توجيه أي انتقاد الى زعيم الحزب الشيوعي السوري أو أية إشارة الى «انحرافه». وعلى العموم ، فعندما اعترف بكداش في العام 1948 بوجود «ميل إنتهازي في الحزبين الشيوعيين في سورية ولبنان»، وردّ جذوره إلى «بعض المواقف التكتيكية الخاطئة التي اتخذها الحزبان في مسائل سياسية هامة»، وبعد نقل إعتراف بكداش بالذنب إلى فهد في سجنه، التفت هذا إلى رفاقه وقال بهدوء «لقد قدم الرفيق بكداش البرهان على بلشفيته».)
لكي نتعرف أكثر على بعض الملامح الشخصية لبهاءالدين نوري ندرج أدناه شهادتين: الأولى عندما كان سكرتيراً للحزب، والثانية عندما كان سجيناً في نقرة السلمان:
الشهادة الأولى: عندما كان بهاءالدين نوري سكرتيراً للحزب: (وبعد أيام شرعوا بنقلنا على وجبات إلى سجن بغداد والكوت ولكنهم في آخر لحظة استبقوا خميرة من السجناء السياسيين في سجن نقرة السلمان. وصلت مع وجبة حميد عثمان إلى سجن الكوت فوجدنا الوضع فيه أحسن الى حد كبير من السجن الصحراوي وقبل أن نتم دور النقاهة من الإضراب الأول الطويل المنهك تلقينا فجأة أمراً من «باسم» بهاء الدين نوري سكرتير اللجنة المركزية، يلزمنا مجدداً بالاضراب وعلى الفور من أجل إطلاق سراح زوجته مادلين الموقوفة والمهددة بالابعاد. ومن دون واقتناع أي واحد منا آضربنا في الحال عدة أيام وقد أساء هذا الاضراب الاضافي إلى صحة جميع المضربين القادمين من سجن نقرة السلمان لأنه جاء بعد إضراب طويل منهك............. وبعد فترة وجيزة بوشر بحفر النفق من داخل السجن إلى خارجه وطلب حميد عثمان من بهاءالدين نوري أن يساعدنا على الهرب من السجن والالتحاق بالحزب بتهيأة واسطة لنقل الهاربين الى بغداد. فأعتذر بأن الحزب غير قادر على إسعافنا بواسطة نقل ولا على إخفائنا في بيت من بيوت الكوت ريثما يتمكن من نقلنا. والاغرب من ذلك كله، أن بهاءالدين أصدر بيانا سياسيا حزبيا بصدد اتفاقية النفط قرر توزيعه في نفس الليلة التي أخبرناه إنناسنهرب فيها. ومبعث الغرابة هو علمه بأن توزيع أي بيان يؤدي عادة الى استنفار الشرطة والعسس وترصدهم للمارة. كان واضحا انه يعلم بما يطمح إليه حميد عثمان من وراء هروبه، يعني منافسته على زعامة الحزب. وعندما استجوبناه بعد ذلك في سجن نقرة السلمان عن سبب تخييبه آمالنا في الهروب أجاب: ماكنا نعرف أهمية الهروب! على توقيته توزيع البيان مع وقت الهروب أجاب: ما كنا نعرف أهمية الهروب! . ولم يحر جوابا على توقيته توزيع البيان مع وقت الهروب. وكان واضحاً وقوع لفيف من الكوادر الحزبية بيد العدو على نجاتهم ومشاركتهم له في قيادته الإنفرادية للحزب) زكي خيري «صدى السنين في ذاكرة شيوعي عراقي مخضرم»ص159:
الشهادة الثانية عندما كان بهاءالدين سجيناً في سجن نقرة السلمان الصحراوي: (في سجن الكوت سمعنا الكثير عن باسم وعظمته وقيادته وثقافته وهذا جعلنا ننتظر ان نرى كل هذه الصفات التي سمعنا عنها ولكننا اصبنا بالذهول من هذه الشخصية التي رايناها في بهاء الدين نوري. راينا به شخصا عاديا غريب السلوك في حياته اليومية جاهل في النظرية الماركسية الدليل الضروري للقيادة الشيوعية وجاهل في التاريخ الوطني للشعب العراقي. وبعد مدة وجيزة اصبحت انتقده بصورة دائمة على سلوكه وعلى اشياء اخرى. وكان اول انتقاد شديد وجهته اليه هو عدم اعترافه بزوجته وابنه المولود في السجن. كان بهاء يكاتب زوجته بدون ان يعترف بها او بابنه. كان يملي رسائله على احد السجناء، منشي يعقوب عبدالله، لان خطه جميل ويوقعها منشي على انها قريبته. لم يظهر على بهاء اي شعور ضد اليهود في هذه الفترة ولكننا كنا نشعر بانه دائم الانزعاج من وجوده مع اليهود وكان يريد ان يجد اول فرصة للانتقال الى بعقوبة مع سائر السجناء. ومن الوسائل التي استخدمها لهذا الغرض اعلان الاضرابات عن الطعام. فقد اعلن الاضراب العام عن الطعام ست مرات ولكني ابطلتها جميعا على انها خاطئة وغير مفيدة لانها تجري بدون معرفة الحزب وتاييده لها. وقد ابطلت احدى هذه الاضرابات في اليوم الثالث وليس في جعله اضرابا ليوم واحد كما في الحالات الاخرى......... .......في 1954او 1955 حدث اضراب لعمال النفط في البصرة فجلبوا عددا من السجناء المضربين الى سجن القلعة القديم ولم يجلبوهم معنا في السجن الجديد. وانتهز بهاءالدين هذه الفرصة لفرض اضراب طويل الامد عن الطعام هدفه الانتقال الى بعقوبة. ولكي يتحاشى ابطالي للاضراب كما جرى في الاضرابات السابقة اعلن ان الاضراب الجديد هو بامر من الحزب وعلينا ان نعلنه في تاريخ محدد مع جميع السجناء في السجون الاخرى. كنت اشعر منذ البداية بان هذا الاضراب كالاضرابات السابقة لا فائدة ترجى منه ولكني لم استطع ابطاله لانه حسب ادعاء بهاء اضراب مقرر من الحزب. فابطال الاضراب يعني تحديا لقرار حزبي وخذلانا لاضراب السجون الاخرى. جرى الاضراب واشترك به عمال النفط الموجودون في سجن القلعة القديم. ودام الاضراب سبعة وعشرين يوما. منذ اليوم الحادي والعشرين اصبت باضطرابات شديدة كالقيء المتكرر والحاجة الى الذهاب الى المراحيض مرات عديدة كل يوم بحيث كان يبدو كأني على وشك الموت. كنت اشك في ان السجون الاخرى مشتركة في الاضراب ولذلك كنت رغم كوني طريح الفراش اسأل ممثلنا كامل عما اذا كان الاضراب مستمرا في السجون الاخرى وحتى اليوم السابع والعشرين حين جاء بعض الاقرباء للمواجهة اكد لي كامل بان الاضراب مستمر في السجون الاخرى. وفي اجتماع للجنة القيادية في احد هذه الايام الاخيرة من الاضراب وبحضور موشي اخي كعضو فيها قال بهاء عبارته العظيمة "مع الاسف ان تكون اول جنازة مال يهودي ردناها من عمال النفط". ولا اريد التعليق على هذه العبارة لانها لا تحتاج الى شرح وتفسير. . . ويبدو ان الزوار الذين جاؤوا في اليوم السابع والعشرين من الاضراب نصحوا بانهاء الاضراب او حتى جاؤوا بامر من الحزب بذلك...فانهينا الاضراب حتى بدون ان تتنازل الادارة بمفاوضتنا على انهائه.) حسقيل قوجمان- ذكريات شخصية1 http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=212051&r=0
* "إن عقدة الاستعلاء هي إحدى الطرق التي يستخدمها الشخص الذي يشعر بمركب الدونية للإفلات من الصعوبات التي يواجهها. فيدعي أنه أكبر من ذلك وهو في الحقيقة ليس كذلك، وهذا النجاح الكاذب يعوض حالة الدونية التي لا يمكنه تحملها. ولا يشعر الشخص الطبيعي بعقدة الاستعلاء، ولا ينتابه أصلاً الشعور بالاستعلاء. بل هو يسعى ليحقق مرتبة عالية من حيث معنى الطموح الذي نشعر به جميعًا لتحقيق النجاح؛ ولكن طالما خرج هذا السعي في صورة عمل فهذا لا يؤدي إلى تقييمات خاطئة، التي هي أساس المرض العقلي."الفرد آدلر (7-2-1870-28-5-1937) https://ar.m.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D9%82%D8%AF%D8%A9_%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D9%84%D8%A7%D8%A1 (يتبع)
#خسرو_حميد_عثمان (هاشتاغ)
Khasrow_Hamid_Othman#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آرا خاجادور والنأي بالنفس عن الأخطاء القاتلة ؟ ( 4/20 )
-
آرا خاجادور والنأي بالنفس عن الأسئلة القاتلة؟ ( 3/20)
-
آرا خاجادور والنأي بالنفس عن الأسئلة القاتلة؟ (2/20)
-
آرا خاجادور والنأي بالنفس عن الأسئلة القاتلة؟ (1/20)
-
آرا خاجادور والنأي بالنفس عن الأسئلة القاتلة؟ (20)
-
روايتان مختلفتان عن معركة جبل هندرين وحيثيات بيان 29حزيران 1
...
-
روايتان مختلفتان عن معركة جبل هندرين وحيثيات بيان 29 حزيران
...
-
روايتان مختلفتان عن معركة جبل هندرين و حيثيات بيان 29 حزيران
...
-
آرا خاجادور والنأي بالنفس عن الأسئلة القاتلة؟ (7/19)
-
آرا خاجادور والنأي بالنفس عن الأسئلة القاتلة؟(6/19)
-
آرا خاجادور والنأي بالنفس عن الأسئلة القاتلة؟ (5/19)
-
أرا خاجادور والنأي بالنفس عن الأسئلة القاتلة ؟ (4/19)
-
آرا خاجادور والنأي بالنفس عن الأسئلة القاتلة؟ (3/19)
-
آرا خاجادور والنأي بالنفس عن الأسئلة القاتلة؟ ( 19/ 2)
-
آرا خاجادور والنأي بالنفس عن الأسئلة القاتلة؟ (19)
-
آرا خاجادور والنأي بالنفس عن الأسئلة القاتلة؟ (2/18)
-
آرا خاجادور والنأي بالنفس عن الأسئلة القاتلة؟ (18)
-
آرا خاجادور والنأي بالنفس عن الأسئلة القاتلة؟ (17)
-
آرا خاجادور والنأي بالنفس عن الأسئلة القاتلة؟ (16)
-
آرا خاجادور والنأي بالنفس عن الأسئلة القاتلة؟ (15)
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|