أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد محسن عامر - عن مأزق الليبيرالية التونسية














المزيد.....

عن مأزق الليبيرالية التونسية


محمد محسن عامر

الحوار المتمدن-العدد: 5402 - 2017 / 1 / 14 - 19:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كما هو معلوم أن حداثة أروبا المريضة الآن قامت على قاعدة تراث تنويري طويل قام بتكوين الأسس الأولى للأخلاق و المجتمع ثم الدولة و السياسة ، وصولا لتجسيدها تاريخيا في ثورات أربعينات القرن التاسع عشر و التغيرات العميقة التي طرأت على بنية الدولة في كل القارة الأوروبية . ينضاف لهذا تحولات عميقة في التراكم و التقسيم الإجتماعي للعمل الذي خلق قوى اجتماعية معنية "طبقيا " بالتغير ،أي إعادة ترتيب السلطة وفق موازنات الهيمنة الإجتماعية . هذه المسيرة الشاقة نحو الحداثة التي انطلقت منذ عصر الأنوار حتى انقلاب نابليون على الثورة الفرنسية وصولا إلى سقوط الاتحاد السفياتي و دخول الألفية الجديدة . دوما كانت الحداثة بتفريعاتها الثقافية و السياسية لا تتوقف عن المسائلة .

تونس كجزأ من العالم العربي و العالم الثالث ، ككتلة جغرافية كبح تكون هويتها الحديثة تحت وطأة التفتيت الاجتماعي و السياسي الإستعماري مرت بأربع مراحل مهمة في تاريخ تكوين مجالها السياسي :
مرحلة إعلان إفلاس نهضة محمد علي باش و خفوت إشعاعها العربي ؛ لم تستطع نخبة أواخر القرن التاسع عشر و القرن العشرين ممثلة في عبد العزيز الثعالبي و حزب الدستور في ترجمة تطلعاتها النهضوية لمشروع سياسي ليبيرالي في مضونه الفكري و تحرري في مستواه السياسي البرنامجي ، و انتهى المطاف به للتحول لحالة مهادنة للسائد السلطوي و الأفول .
نخبة فجر الإستقلال ممثلة في بورقيبة و حزب الدستور الجديد التي صقل حسها الوطني المعادي للاستعمار الفرنسي تكوينها الليييرالي الأوروبي و التي ما فتأت أن حسمت تناحرها مع بداية الإستقلال على السلطة و تتراجع عن منطلقاتها الليبيرالية نحو شمولية دولتية و دكتاتورية سياسية مع بعض قنعة "حداثية " كانت تنثر في أثير التلفاز عن نمط اللباس و السفور و الأوربة التي طبعت جو السبعينات .
التكوينات السياسية المناهضة لنظام بورڨيبة التي تكونت في جيل السبعينات مع احتدام الأزمة الإقتصادية بعد فشل تجربة التعاضد و سقوط الوجه التقدمي لبورقيبة الذي بدأ العجز يدب في أوصاله و أوصال حكمه المريض . قد تكون تجربة الديمقراطيين الإشتراكيين التي عرفت باختصار mds هي الوجه السياسي الذي حاول عبر انشقاقه من الحزب الإشتراكي الدستوري الحاكم إلى المطالبة بالتعددية السياسية في الوقت التي كان الحزب الشيوعي يعاني من الحظر . تجربة الديمقراطيين الإشتراكيين افتقدت لأمرين مهمين : التجانس الفكري و الأهم البرنامج السياسي . اذ حوت داخلها أساسا كوادر و مثقفي عهد الإستقلال ذوي الميول الليييرالية و ماركسيين و "لاجئين "باحثين عن محال للنشاط (المجال الذي افقده اليسار المعني بالعمل التنظيمي السري ) . سرعان ما خسر هذا الحزب الذي يشابه حزب الوفد المصري وزنه امام الإسلاميين الذين بدوا أكثر راديكالية في معادات بن علي و انتهى بزعيمه الأخير محمد مواعدة لمهادنة نظام بن علي و دخوله متحف السياسة .
التكوينة الأخيرة و الأهم هي الأحزاب الليبيرالية التي ولدت في جو انفتاح الحريات العامة و حق التنظم بعد فرار بن علي . حالة الاسهال الحزبي بعد الثورة كانت معطى طبيعيا بين عن حالة تعطش شعبية للعمل السياسي و الأهم مرحلة ترتيب المجال السياسي و نقاط النفوذ من أجل طرح الزوائد التي لا تملك الأسس الموضوعية للحياة .
الأحزاب ذات المشاريع الليبيرالية التي نشأت في جو يسار القرن الماضي بدى عجزها السياسي في كون أساس وجودها معادات استبداد بن علي فقط ! لا برنامج للتغير . بالتالي وجدت هذه الأحزاب نفسها مرغمة على الاندماج في صيرورة صناعة الهيمنة الجديدة بنفس أداوت النظام القديم ( عدد لا بأس به من الأحزاب التقليدية مثلا تلقى دعما ضخما من رؤوس أموال نظام بن علي ) . بمعنى محاولة اقتسام تركة بن علي الاجتماعية عبر تقاسم بارونات المال الباحثين أنفسهم على قناع جديد مدافع عن مصالحهم الاقتصادية .
لم يترافق هذا التغيير السياسي مع الثورة مع محاولة طرح نقاط ديمقراطية حقيقية أساسها المحاسبة و تفتيت المنظومة الإستبدادية الأساس الحقيقي للتغيير الديمقراطي ، هكذا قضت الإستعدادت المحمومة على الانتخابات و السلطة بقواعدها "الليبيرالية جدا" على إمكانية محاولة تفتيت النظام القديم الحامي لمراكز القوى التقليدية أو على الأقل حسر نفوذها .
لم يكن غياب التركة الفكرية و السياسية للليبيرالية التونسية شفيعا لها في إخفاقها ، و لا أزمة تكوينها السياسي الشبه يساري في طبيعة تكوينه التنظيمي عديم الفائدة . لحظة الثورة لم تكن مغرية للليبيرالية التونسية لتبدأ مسيرة العمل بدل التهليل للتغير ثم قضم الأصابع المتقيحة ندما على سطو عصابة بن علي مجددا و بالآليات الليبيرالية على السلطة من جديد مع الإسلاميين الأعداء التقليديين للديمقراطية .. إنها ليبيرالية كالماء ..بلا لون و لا رائحة و الأهم بلا مستقبل



#محمد_محسن_عامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعترافات -يسارية- في ذكرى الثورة المغدورة
- إشكالية الأخلاق عند -العضو- اليساري
- الأمزغة ..العربنة ..التونسة
- عفى المجتمع عن من اغتصب
- الموساد ضيفا في تونس
- إلى روح الزعيم فرحات حشاد
- المراهقة الرسطمية و الشيخ الستيني المشهور
- يسار مهلل -للترامبية-
- الخيار الديمقراطي في المغرب
- -جمنة غراد- و غزالة الشيبانية ..
- المرأة -المفهوم - على منصة الإعدام : إعلام شريك في الإغتصاب
- كمونة بمتاريس من ورق : جمنة و تنميط السياسة
- ثنائية السيد و العبد مقلوبة : تضامنا مع الفتاة السمراء صبرين
- إعادة صناعة التوحش
- فكرة الله الثوري و الربيع العربي
- أن نقرأ عبد الناصر لآن
- جبهة الضدّ ضدّ نظام الضدّ : أي جبهة شعبية نريد
- حكومة يوسف الشاهد : توحيد الفشل و تفتيت المعارضات
- شباب -مانيش مسامح- في مواجهة -النومونكلاتورا- التونسية
- عن سؤال ماذا بعد؟


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد محسن عامر - عن مأزق الليبيرالية التونسية