أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - مشروع عقلنة الوعي العربي بين حلم التحقيق وحالية الأضطراب














المزيد.....

مشروع عقلنة الوعي العربي بين حلم التحقيق وحالية الأضطراب


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5401 - 2017 / 1 / 13 - 22:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مشروع عقلنة الوعي العربي بين حلم التحقيق وحالية الأضطراب

لعل المشكلة الأساسية التي تعاني منها عملية أستعادة الوعي للذات العاقلة العربية المتمثلة بتجديد مرحلة الشروع بالعقلنة، هي التعارض المبدئي بين المشروع النهضوي وقوة الواقع المتخلف عن مسايرة الضرورة الحتمية، العقل العربي من حيث كونيته الأساسية عقل إنساني يطمح لتجاوز مرحلة الركود والأنتكاسة والأنطلاق نحو عالم التجديد والحداثة، المشكلة الأساسية ليس في العقل بقدر ما هي في الواقع المعاش ومقدمات التغيير، فمن أضطراب تفصيلي في توافقات المنهج وضروريات النهوض الحتمي والتغيير إلى محاولة الخلط والتشويش على المشروع من خلال أفتراض تنازع بين الثوابت التي يقدمها البعض وبين المتحول الوجوبي الصالح للتفعيل والمعطل بقرار حازم.
التجديديون أو ما يطلق عليهم أصحاب مشروع التنوير العقلاني يجابهون حائط وأسوار عالية تحرسها ألهة التقديس وأرباب مسلحون بكل القوة اللازمة لردع العقل من حتى التطلع إلى رؤية أو أستكشاف الحقيقة المجردة، هؤلاء حراس الواقع يجدون في مصدرية الدين وقوة التأريخية المترسبة بالعقول قوة أضافية تساعد في إثبات ركائز الواقع بكل سيئاته تحت شعار(الشر الذي تعرفه خيرا لك من الخير المجهول)، هذه النظرية المحمية بالخوف من أقتحام المجهول لا تجد في عقول الكثيرين رغبة في أقتحام مكمن المجهول وإن كان خيرا ونقيضا للواقع الفاسد وهو يترنح يوميا أمام أستحقاقات الزمن وقضايا التجديد والتطور والتحولات الكبرى.
المشروع التجديدي الإصلاحي المطروح الآن ليس إنقلابا على الواقع بصيغة عنفية تدمر أساسيات الواقع وركائز السلام فيه، بقدر ما هي محاولة لإزالة أثار وتراكمات وترسبات مراحل حياتية عاشها العقل العربي مخدرا ومستلقيا في زاويا حرجة لا تسمح له حتى في أبداء الضروري من الحركة الوجوبية، هذه الصيغية تسمى بالمنهج التطهيري الذي يعتمد على تحفيز العقل وأعطاءه المرونة الطبيعية لكي يمارس حيويته الطبيعية دون إدخاله في مشروع الأنقلاب الوجودي، الذي قد لا نضمن سلامة مجرياته على الإنسان والواقع وعلى المشروع التجديدي أيضا من أثر الأهتزازات والأضطراب والفوضى المصاحبة لعمليات الأنقلاب العنفي.
المنهج التطهيري منهج عقلاني يمارس عملية التجديد من خلال تجريد العقل من الكوابح والحدود والقيود لتحريره، الجوهر العملي الذي تبتنى عليه نظرية التطهير أن الواقع هو صناعة الوعي وأن الوعي مبعثه حرية العقل، والعقل حين يكون مستعدا لتجديد بنيان الوعي عليه أن يكون حرا ومخلصا لنفسه وقادرا بالقوة والفعل على العمل، هذه النظرية تأخذ بالواقعية المنطقية في تحريك عملية التجديد وتترك العامل الموضوعي يتغير من خلال العامل الذاتي القادر على فرض شروطه، بذلك نجنب المجتمع صدمات التغيير ونسير به إلى بداية خط الشروع بأقل التكاليف ومن خلال منهج مدني سلمي لكنه يمتلك الديناميكية الحقيقية التي تمارس وظيفتها بموجب العوامل الذاتية ومنها تنتقل للخارج الموضوعي.
السؤال الأهم هنا ما هي قيمة نظرية التطهير مقابل الكم الهائل من النظريات الفكرية والسياسية والاجتماعية التي تدور حول مفهوم الثورة والتجديد والأنقلابية، وما هي ضمانات نجاحها مقابل ما تراكم من تجربة إنسانية تاريخية صنعت التحولات وقادت للتغيير، في قراءة موضوعيى عامة لكل التحولات الكونية هنام مساقان ومساران جديرين بالأهتمام يمكن من خلالهما الأجابة على التساؤلات أعلاه، مسار الإصلاح الذاتي والذي تمثل دوما بالعقلانية والذاتية وأبرز من قاد هذه التحولات هم الأنبياء والمصلحون والفلاسفة والمفكرون بدأ مثلا من رسالة إبراهيم النبي وأنتهاء بالثورة الصناعية والفكرية والفلسفية التي قادت للحداثة والتطور وتجديد الأفكار بأصلاح أدوات أنتاجها، والمدرسة الأخرى التي يمثلها العنف الموضوي والقوة المسارعة في تحطيم هيكليات التخلف في الواقع.
المنهج الثاني قد يكون مناسبا للحالات التي يكون فيها الوعي الذاتي على درجة عالية من الجاهزية والوعي الذي يتفاعل مع العامل الموضوعي فيشارك في عملية التحول الجذري وينجح في التغيير والتحول، أما في غير هذه الحالة وفي غياب القدرة الواعية على مساندة التغير الثوري والتأخر في الأستجابة فيتحول التغيير إلى نقمة أجتماعية تكون أرتداداتها أعظم شرا من بقاء الحال كما كان، الوعي الحاضر أساسي في صناعة التغير، ومن هنا تركز نظرية التطهير على مقدمات صنع الوعي وتفعيله لضمان نجاح عملية التحول في أنساق متصاعدة وإيجابية تنفي أحتمال التقهقر والعودة إلى الحال مع قبل التغيير.
إذا ما نشاهده واقعا من أضطراب وتخلخل وتشويش في الواقع لا يمكن معالجته خارج موضوع الوعي الفردي الأساسي الذي يتشكل من خلاله وعي جماعي ورغبة ضرورية في التغيير، وإلا بقى مشروع التغيير في مواجهة مزدوجة بين تخلف الوعي عن المواكبة وبين جدران ومصدات التغيير الأجتماعية في ثالوثها الدين والتأريخ والقيم الأجتماعية المتوالدة في ضل تنازع بين المصالح والضرورات، على أصحاب المشروع التغييري التركيز على محفزات الوعي وتجهيز القوة المعنوية التي يمكنهم من خلالها التصدي للواقع ومحاولة تجاز معرقلات التغيير الذاتية، ففيها سر النجاح والضمان على أن المشروع سيلاقي قبولا نخبويا يتدرج في مفاعليه وصولا إلى القاعدة الإنسانية الأوسع، والتي هي صاحبة المصلحة الكبرى في التغير وهي التي تحميه وتقف بوجه أركان ورموز الواقع المتخلف وتحت أي عنوان أو مسمى.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعرفة التأريخية المرموزية وإشكالات الأنتقال لمرحلة الحداثة ...
- إشكاليات العقل العربي من منظور ذاتي
- لا تلعن الريح ...... ولا تلعن الخطيئة
- سؤال وجواب
- الدخول إلى قلب المدينة ح 9
- الدخول الى قلب المدينة ح8
- الدخول الى قلب المدينة ح7
- الدخول الى قلب المدينة ح6
- الدخول إلى قلب المدينة ح5
- الدخول إلى قلب المدينة ح4
- الدخول إلى قلب المدينة ح3
- الدخول إلى قلب المدينة ح2
- الدخول إلى قلب المدينة ح1
- أزمة الهوية الدينية ... الألحاد والتكفير
- رسالة من الفرات إلى النيل النبيل
- الخوف والتردد في نقد التابو (المحرم المقدس) ودوره في تحرير ا ...
- حوار صامت 33 الأخير
- حوار صامت 32
- بين الحرية السياسية وحقوق الإنسان نقتل مرتين
- صوت الصمت العالي


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - مشروع عقلنة الوعي العربي بين حلم التحقيق وحالية الأضطراب