أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى العمري - التضحية و إشكالية المصطلح














المزيد.....


التضحية و إشكالية المصطلح


مصطفى العمري
(Mustafa Alaumari)


الحوار المتمدن-العدد: 5401 - 2017 / 1 / 13 - 09:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


التضحية و إشكالية المصطلح


عندما نطالع بجدية تراث الرواد من الفلاسفة و المفكرين الغربيين , سينكشف لنا دون عناء حجم التفوق الذي إحتفلت به اوروبا من سنين طويلة , مدعاة ذلك التفوق أن فلاسفتها و مثقفيها رسموا الخطوط العريضة لمشروع الحياة , او كيفية العيش في هذه الحياة . فتراهم دائماً ما ينظرون الى المستقبل على انه الامل دون الاخذ بالماضي الذي ينتابهم منه قلق النكوص و الرجوع . مشروع الحياة يعني ان يعيش الانسان, لا ان يضحي فيموت لكي يعيش إنسان اخر .
التضحية ,هذه المفردة التي تتجاذبها المجتمعات العربية بوعي و بدونه عادةً ما تكون مدخلاً حسناً للحديث عن الوفاء و الشهامة و دلالة على أصالة المُتحدث عنه . لم ينجز استيعابها في مجتمعاتنا العربية بقدر توظيفها لأغراض ثانوية منتحلة صفة الدفاع عن : الدين , الحزب , الطائفة , القبيلة ..
لا أنكر اني أحد الذين تجاذب كلمة التضحية يوماً ما, على أنها نافذة الانعتاق من ظلم بشري الى بوابة إشراق و مفهوم بشري اخر ! الى ان قدحت في ذهني فكرة التأمل و المراجعة , خاصة بعدما قرأت في سيرة المضحين و معاناتهم و كيفية استغلالهم و استخدامهم. قرأت عن التضحية بالنفس و بذلها في سبيل قضية او فكرة او من اجل الاخرين دون مقابل كما تكون التضحية بالمال و المصلحة , لكني لم أعثر على ترشيد او تقنين لهذه الكلمة التي يسهل إغواء الشباب بها و سوقهم كالقطيع الى الموت .
اذن نحن بحاجة الى بث وعي مغاير لمعنى التضحية لكي لا يساق العدد الاكبر من شبابنا الى مقاصل الموت او محارق السياسة .

يجب إعادة هيكلة و بناء مفهوم دقيق لمعنى التضحية و تعزيز وعي الشباب بالتحديد و ترسيخه في أذهانهم , لا شيء يستحق الفناء في هذه الحياة . و كإنموذج للتضحية غير المقننة , تكون الاحزاب العراقية بشكل خاص و الشعارات الاسلامية بشكل عام مثالاً حياً
للإستخفاف بأرواح الناس وعدم الاكتراث بما يعقب موت الافراد او الجماعات .
و كما يقول الفيلسوف الالماني ألبرت شفايتزر, الانسانية هي ألا يتم التضحية بإنسان في سبيل غاية .
قدمت الاحزاب الاسلامية و اليسارية في العراق جحافل من الشباب , قدمتهم قرباناً لكي يرفع شعار او لكي تنتصر فكرة على فكرة مغايرة ! صراع سياسي غلف أحياناً باسم الدين فزهقت به ارواح و انتهكت به انفس و كرامات, الخاسر الوحيد هو الانسان ( المقتول ومن يلوذ به ) الرابح, هو المتخفي خلف الجحافل ثم يظهر لكي يتسلق على جثث الموتى فيرتقي و يصعد على اجسادهم لكي يقدم خطابه المجحف و كلما كثرت الجثث كلما صار للخطاب دوي و اتساع و شياع اكثر .
لا اريد الخوض في التجربة العربية او العراقية و كيفية استغلال الشباب و جعلهم مشاريع موت تارة ًباسم الله و تارة ًباسم ماركس او عفلق , بقدر ما أريد ان أكتب تجربتي لعل هنا من يستفيد منها او من يرد علينا و يصحح لنا ما اعتقدناه .
فأقول بخطوة الواثق , ان التضحية معنىً نسبيا فهي تحتمل المرونة أكثر مما تحتمل التصلب, و ليس هناك من فكرة او عقيدة او مشروع او طائفة يستحق التضحية بالنفس . لا شيء اغلى من النفس البشرية او اثمن منها , مفردة التضحية التي سيق بظلالها الشباب يجب ان تكون حدودها النفس الروح وان لا تتعدى ذلك أبداً .
كل شيء خلق من أجل الانسان فلماذا يموت الانسان من اجل غيره . دققوا في أعمار المنتحرين الذين يفخخون اجسادهم لكي يقتلوا الناس , لاحظوا ان معدل أعمارهم الخامسة و العشرين فما دون , تم إغرائهم و تحويلهم الى مشاريع موت , بكذبة اسمها التضحية من اجل الدين !
كذلك الحال عندما كان يُعتقل الشباب في سجون الحكومات العربية , يُمارس بحقهم التعذيب و الجلد و الاهانة و غالباً ما يكون الموت هو النهاية الحتمية , لكنهم عندما يخرجون من المعقل يفتخرون بما نالوه من تعذيب و يمتدحون رفيقهم الذي ضحى بنفسه لكي لا يبوح بسر ! ولا أعرف مدى خطورة هذا السر الذي اودى بحياة انسان و يتم أطفال و رمل نساء . ذكر احد الاشخاص الذي كان ينتمي الى احد الاحزاب الاسلامية العراقية , انه كان يعرف أحد المسؤولين الحاليين و انه كان يعمل معه إبان حقبة المعارضة , كان يخطب بهم و يحرضهم على الجهاد و الاستشهاد و التضحية وان النفس يجب ان تكون تواقة للعروج الى السماء أكثر من مكوثها في الارض, يدعوهم لكي يستقطبوا الشباب من جيلهم , مرت السنين و إلتقى صاحبنا بصاحبه , واذا به مسؤول و ثري جداً , لكنه يرغب المكوث في الارض مفضلاً دفع الشباب الى السماء ! مهزلة استخدام الناس كقرابين للتضحية مهزلة قديمة حديثة لا يمكن الخلاص منها الا عندما نوجد معنىً حقيقياً لقيمة الانسان و النفس البشرية عموماً. ذكرت ان التضحية مرنة , لكن هذه المرونة تتوقف عند حاجز الموت او القتل . مهما كانت الفكرة التي في ذهنك لا يجوز قتلك بسببها ولا يجوز إعتدائك على الاخر المختلف معك مهما كان حكم الاختلاف .اذن الفكرة الرئيسية ان النفس البشرية هي أقدس وجود في هذا الكون و لا تستحق اي ايدلوجيا التغلب على دماء الناس او استباحتها .



#مصطفى_العمري (هاشتاغ)       Mustafa_Alaumari#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روح شيوعية بثقافة إسلامية
- قراءة في كتاب / ذكريات الزمن القاسي
- جدلية الانسان و الدين .. المسلم أهم من الاسلام
- المسلمون و محنة الانتماء للوطن !
- اشكالية التماهي بين المثقف و المجتمع ..
- أسباب الفشل .. المسلمون و ظاهرة الدعوة
- تأثير الفلسفة العربية في إحياء عقل المسلم
- وهم المعرفة
- غياب العقل النقدي يُحيل العقل الى صخرة ..
- لماذا تقدم الغرب و تأخر المسلمون
- المجتمع العربي و الاندماج مع القديم
- أزمة الأديان بين الدعوة الكونية و الخطاب الضيق .. ج2 مرحلة ا ...
- أزمة الاديان بين الدعوة الكونية و الخطاب الضيق .. ج1
- قراءة نقدية ... لتأريخ اسلامي مخيف
- الاحزاب الاسلامية بين جهاد النكاح و الخدمة الجهادية
- الحديث النبوي و تمزيق الامة … القيود الفكرية في الفكر الاسلا ...
- القيود الفكرية في الفكر الاسلامي 4
- روافد عراقية .. من محافظة الناصرية . مصطفى جمال الدين
- روافد عراقية .. من محافظة الناصرية علي الشرقي 2
- روافد عراقية .. من محافظة الناصرية علي الشرقي 1


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى العمري - التضحية و إشكالية المصطلح