|
كل خدام وأنتم بخير!
خالد محمد
الحوار المتمدن-العدد: 1425 - 2006 / 1 / 9 - 09:56
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
بينما كان النظام السوري على أبواب العام الجديد ، مسترخ ويلوك اسطورة (انتصاره) في مجلس الأمن ، إذا به يفيق على صفعة قوية من خدام ! عراب السياسة السورية لأكثر من ثلاثين عاماً ، ومهندس سياستها الخارجية ومن كان ملف لبنان بيده ، يتكلم الآن من المنفى الباريسي ، مقدماً هدية رأس سنة ( محرزة ) لبشار الأسد ، رئيسه سابقا ، بشهادته ضده بخصوص قضية الحريري ، وفتحه جميع ملفات النظام المجرم داخلياً وخارجياً . إن إزاحته الستار عما يجري في ظل هذا النظام من إنتهاكات فاضحة لحقوق الأنسان ، ربما معروفة لجميع المواطنين في سورية ، فلم يأتي بجديد في ذلك . ولكن بما أن خدام من أعمدة النظام وتحمل حتى الأمس القريب مسؤوليات هامة في صناعة القرار الرسمي على صعيد السياسة الخارجية ، فإن شهادته خطيرة للغاية وسيكون لها تداعيات مصيرية قريباً .
وفي وقت ينسحق النظام السوري بين سندان الوضع الداخلي المتدهور نتيجة مافيا الفساد ، وبين مطرقة الخارج بسبب سياسة الرئيس الرعناء ، المتحدية للمجتمع الدولي والداعمة للإرهاب في المنطقة ، يأتي ( إنشقاق) السيد خدام ليزيد أزمة هذا النظام الديكتاتوري المافيوي منذ تسلطه على رقاب الشعب بعد إنقلاب عسكري أسمي ( حركة تصحيحية ) وليس إنتهاء بتوريث العهد إلى إبن الديكتاتور الذي لاخبرة له إطلاقاً في السياسة داخلياً وخارجياً . وقد تجلى رد فعل النظام البائس في (حفلة رأس السنة البعثية ! ) في مجلس الشعب ، التي تبارى فيها النواب بترديد خطب مضحكة مبكية عن الفساد والديمقراطية وحتى المنتديات السياسية المغلقة ! وإذا استمتع الشعب من خلال (نوابه) بحفلة نشر الغسيل الوسخ للنظام ، وما في جعبتهم من الشتائم اللا اخلاقية وعدم تأدبهم في الكلام عن (المارق الهدام القزم الخ) ! وهو الذي كان مايزال يحمل عضوية القيادة القومية لحزب السلطة ( القائد للمجتمع والدولة) ، وتخوينه والمطالبة برأسه عبر مذكرة قضائية ، وحتى المطالبة بسحب جنسيته السورية ! وكل ذلك من خلال نقل حي مباشر للتلفزيون السوري ، في سابقة له وهو الذي لا يذيع حتى مقابلات الرئيس الأسد مباشرة ، بل يقتطع منها في رقابة الأجهزة الأمنية المسيطرة على الحكم !!
ومما يعطي مصداقية لحديث السيد خدام ، ليس فقط كونه مسؤولاً بارزاً في النظام السوري ، بل وأيضاً من ردة فعل النظام المباشرة والهستيرية على كلامه . كل ذلك يدل على إعترافهم بالفساد الفاضح وإفقار الشعب وترك معظمه تحت خط الفقر وقمعه عبر شبكة أمنية عنكبوتية وإغلاق أي منفذ لصوته دستورياً وسياسياً ، والأخطر من ذلك إعتراف النظام من خلال ماكينته الإعلامية وأبواقه في (مجلس الشعب) بحقيقة النهب المنظم للدولة الذي أتاح لأفراد معدودين تكديس الثروات بالمليارات من العملات الصعبة لمجرد الإنتماء لعائلة الأسد أو لطائفتهم ، وبشكل لا مثيل له في تاريخ سورية القديم والحديث . كما أن دخول الرئيس الأسد شخصياً على خط الهجوم على نائبه السابق ، لهو دليل آخر وأكثر ثباتاً على تورطه في جريمة إغتيال الحريري ومساندة الإرهاب تحت إسم ( المقاومة ) ، وإستعداده لأي صفقة مع امريكا تحفظ رأسه وتديم تسلطه على رقاب الشعب . وهو ما ترفضه واشنطن بقوة بمطالبتها بإستمرار التحقيق الدولي في قضية إغتيال الحريري ، وتصعيدها ذلك الموقف بعد تصريحات خدام من خلال المطالبة هذه المرة بالتحقيق مع بشار الأسد ووزير خارجيته الشرع ، والضغط أكثر فأكثر على النظام مستفيدة من إنشقاق رجاله ، والذي يبدو كالمسبحة المنفرطة ستكر حبة حبة !
هذا ما كان من رد فعل النظام البعثي على إنشقاق أحد أعمدته ، فماذا كان موقف المعارضة السورية من ذلك ؟ إن المتتبع لبعض تصريحات المعارضين للنظام السوري ، المتحدثة عن (توقيت) تصريحات السيد خدام وعن ضلوعه في الفساد والى آخره من هذه المعزوفة التي تكرر ما تردده وسائل إعلام النظام .. يصيب المرء بالدهشة لقصر النظر عند هؤلاء المعارضين وعدم إستيعابهم خطورة إنشقاق رجال من الصف الأول على هذا النظام وما قد يسهم به من التعجيل في طي صفحة التحقيق الدولي بخصوص إغتيال الحريري وغيره من الشهداء في لبنان ، وصولاً إلى إدانة عالمية للنظام تسهم في عزله دولياً وعربياً وتقويضه وإسقاطه . لقد تحدث أقطاب المعارضة السورية طويلاً عن الدخول في حوار مع النظام الديكتاتوري ( بهدف أنقاذ البلاد والعباد !) ، وعن إستعدادهم لطي صفحة الماضي الدموي لممارسات النظام وأجهزته الأمنية ضد تلك الأحزاب طوال عشرات السنين . والسؤال الذي يطرح نفسه : أليس من المنطقي (والأخلاقي أيضاً) أن تفتح المعارضة السورية حواراً مع رجل بمثل أهمية السيد خدام ، بعد إعلانه الإنشقاق عن النظام وإدانته العلنية له ودعوته لإسقاطه ، على الأقل من أجل مشروعية الهدف المعلن لهذه المعارضة في إنقاذ سورية وشعبها ؟
#خالد_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشيخ البوقي
-
حكايت شاهد كردي
-
!على نفسها جنت براقش
-
* لماذا قتلتم شاها رمو؟
-
الطلقة الأخيرة- تخطأ !
-
من ابو حمزة المصري الى ابو زكريا الجزائري
-
تفجيرات دمشق المفتعلة وبإخراج فاشل
-
الأكراد سورين ..... ولكن !
-
الأستاذ والتلميذ
-
النظام السوري ومعا رضوه
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟
...
-
حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان
...
-
زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
-
صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني
...
-
عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف
...
-
الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
...
-
غلق أشهر مطعم في مصر
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|