|
أيها السلفي.. أنت كافر
طارق سعيد أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 5395 - 2017 / 1 / 7 - 17:35
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
البواعث التي تحملنا على فهم العالم لا شك أنها متنوعة بل وشديدة التعقيد لدرجة أنك تجد نفسك تخاطبها ذات يوم وتسألها.. أنا مين؟، عادي وبتحصل، لكن أن تجد دولة رئيسها يتعامل على أساس أنه ملهم وخبير في كل شئ!، وجماعة سلفية وهابية تحدد من سيدخل الجنة ومن سوف يشويه الله "عز وجل" في نار جهنم في الآخرة شئ أصبح لا يحتمل اطلاقا، في الدنيا حكم علينا أن نعيش كالأموات، وبعد الموت سندخل النار جميعا، والسلف بس هم من يدخلون الجنة ويتزوجون حور العين.. هراء، ولا وسيلة عملية حتى ينفك هذا الحصار السياسي الديني إلا بمشاركة كل شرائح المجتمع لبناء دولة مدنية تحترم فكرة "المواطنة" وتؤسس مستقبلها على مكوناتها التي تفاعلت مع مجتمعات أخرى في العالم وحققت هذا التقدم الذي يبعد عنا ويكاد يكون مستحيلا الوصول إلى مواطن عالمي يحمل الجنسية المصرية، مادامت الدولة تحتضن وتتبنى وترعى البيئات التي ينمو في اجواءها الفكر السلفي الوهابي الرافض لوجود الآخر. أيام قليلة هي التي تفصل بين تفجير كنيسة البطرسية وبين بيان المتحجر الكافر بالإنسانية السلفي محمود لطفي عامر الذي أطلق عليه عنوان "الكراهية فريضة إسلامية".. تخيل!، يقول هذا الرجل نصا "مع غياب الخطاب الدينى الصحيح وكثرة الجهل بين العوام والخواص سقطت فرائض واستنكرت شعائر حتى بات التوحيد مذموما والشرك ممدوحا، والعفة والاحتشام تخلف والإباحية والخلاعة مدنية، وبات التخلف العقلى الذى نسمعه ونشاهده من أهل الفن والطرب وأهل الفكر والحداثة تقدما فاللامعقول معقول فى مصر والبديهى المعقول مرفوض"، كما قرأت.. هو يتكلم على العقل!. الكافر بالإنسانية وبالمواطنة والحضارة السلفي محمود لطفي عامر ليس أول الكافرون، وليس آخر المتخلفون عن عالم يتألف على أساس التنوع وينمو في اطار الإختلاف منتجا لحضارات شديدة الخصوصية والتعقيد، فالغارق في ظلمات الكره ليس غريبا عليه أن يضع أهل الفن والطرب وأهل الفكر والحداثة وكل ما يمثل القوة الناعمة في مصر في خانة ملوثة بالكره والدماء ويكمل كلامه البغيض في بيانه الأبغض يقول "فمن الفرائض الغائبة كراهية الشرك وأهله وكراهية الكفر وأتباعه، وكراهية المنكرات وأهلها المجاهرين بها، فواجب على المسلم فرض عين أن يكره ما عليه النصارى – الأقباط- من شرك وكفر مع شفقة عليهم تستوجب السعى لهدايتهم بالتى هى أحسن لنجاتهم من عذاب الله، كذلك كراهية المرابى أو السارق أو الزانى أو المتعاطى للمسكرات مع شفقة لما ينتظرهم من عذاب، ويكتمل ابتلاء المسلم بأنه يجب عليه كراهية ما عليه غير المسلمين من عقائد باطلة وسلوكيات منحرفة، إلا انه يجب عليه الإحسان إليهم وحمايته وعدم التعدى عليه فى نفسه وماله وعرضه وكنيسته"، وكيف لي أيها المتخلف أن أحسن وأحمي من تؤسس لكرهي لهم؟. ولتكتمل الصورة والأسلوب الذي نستنكره كلما صادفنا وهو ذكر ما يراد توصيله في الرسالة السلفية الكافرة بالإنسانية أساسا في سياق يذكر فيه قال الله"عز وجل" وقال الرسول"صلى الله عليه وسلم" ليثقل السلفي خطابه ويعمقه في عقل ونفس المتلقي برسالته الملوثة بالكره، كما تابع الكافر بالإنسانية السلفي محمود لطفي عامر في بيانه البغيض "الحب فى الله والبغض فى الله من أوثق عرى الايمان، ولا يتأتى ذلك إلا بالتعرف على أحكام الإسلام والدعوة إليها والعمل بها"، أعتقد أنه بدت واضحة أمامك "الحبكة" التي وصل إليها البيان في هذه المرحلة، الرجل يريد أن يقول أن ما قاله هو كلام الله "عز وجل" ومن أحكام الإسلام التي لا مفر من تطبيقها كأسلوب حياة أن تكره كل آخر غير مسلم!. وطبعا، لم يفوت عامر هجومه الحاد على وسائل الإعلام الداعية للمواطنة، وقيام الدولة المدنية وشعار الدين لله والوطن للجميع قائلاً في بيانه البغيض الكافر بالدولة المدنية كأمثاله "فما يروجه الإعلام بعدم الكراهية وإسقاط التمايز العقدى والدينى بين المسلم وغيرهم ويساعدهم فى ذلك قلة من عمائم الضلالة إنما هو أقرب للكفر منه للإيمان بقول الله تعالى: "لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ"، وحبك الفقرة بأية قرآنية "المتخلف" رغم بعد مراد الأية الكريمة عن غرضه البغيض. هؤلاء الكافرون بالآخر يعيشون في أفكارهم الضيقة الكريه فلم يصل لهم أن هناك في القدس رجال يهود سمر البشرة ملتحفين بشال الصلاة الذي كان يلبسه أجدادهم في الصحراء يترنحون للإمام وللخلف وهم يتلون التوراة، وآخرون لهم بيوت قابعة على ضفاف نهر "الغانج" في سفح جبال هيمالايا يواصلون عبادة الصمت، وغيرهم جالسين القرفصاء بلا حراك حتى الساعة الحادية عشر ليلا طالبين سبر طبيعة بوذا الكامنة في مركز وجودها بواسطة الاستغراق والتأمل.
هامش: محمود لطفي عامر داعية سلفي الكافر بالإنسانية أطلق بيان يحض على الكره ويبغض الأقباط تحت عنوان "الكراهية فريضة إسلامية" يحث به من يتابعه على كره أفعال الأقباط وطقوسهم
#طارق_سعيد_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-تماثيل خشب- نصوص.. إياك أن تطمئن إليها
-
لماذا يُصر “السيسي”على الفشل؟
-
سلسلة مقالات منشوره (6)
-
سلسلة مقالات منشورة (5)
-
سلسلة مقالات منشوره (4)
-
سلسلة مقالات منشوره (3)
-
سلسلة مقالات منشوره (2)
-
سلسلة مقالات منشوره (1)
-
من سيحكم العالم؟.. ورطة يسعى إليها هؤلاء
-
تاريخ الأديان.. وحكاية النبي الكذاب
-
الخطاب الشعري عند نجيب سرور.. الشاعرية المتوحشة
-
-قلق غزالة- إنعكاسات على مرآة الشعر
-
خطابات ضد الحرب يرسلها العجوز-تيتزيانوتيرتساني-
-
التحدي لمجابهة التطرف.. رؤية ثقافية
-
تحريض
-
حواري مع الأديب عمار علي حسن
-
تذويب الثورة 2
-
حواري مع الدكتور شاكر عبد الحميد
-
خام الكوميديا السوداء.. وأشياء أخرى
-
تذويب الثورة -1-
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|