شادية الأتاسي
الحوار المتمدن-العدد: 5395 - 2017 / 1 / 7 - 13:37
المحور:
سيرة ذاتية
غربة
فارغة المدينة تبدو اليوم ،فارغة وحزينة ، بلا قطرة مطر ، وكأن كل ذلك الزحام ، كل اولئك الناس ، كل اولئك الضاحكون،ارتدو طاقية الإخفاء واختفوا فجأة بلا صوت ، جرس كنيسة الساعة الخامسة دوى بعيدا وضاع صوته دون أن ينتبه له أحد ، وحدها شجرة الميلاد الضخمة المزروعة على افريز الطريق في كامل ابهتها ، وحدها من أومأت لذلك الجالس وحيدا على كرسي البحيرة العتيق ، يرنو الى العمر الذي تبخر ، ناسيا طريق العودة الى حيث كان .
مالذي يفعله البرد فينا حين تعرش الوحدة على حدائق العمر ، مالذي يفعله المطر ، مالذي يفعله الغياب ، مالذي تفعله تلك المسافة التي تقطعها بين اللهفة والفقدان ، بين الحضور والغياب ، بين الموت والولادة ،بين الشوق والضجر ، بين أن تكون هنا او تكون هناك ، على أرصفة المنافي ، أو في وحل الوطن المنهوب بين أن تتفتت وجوه أحبابك ، داخل المرايا المكسورة ، وبين أن تضيع خلف المسافات . وأنت في عربات الغربة .
هناك شيء يشبه الحب ، حدث ، عندما أقبل ذلك الشتاء ، كنا الربيع في قحط الصقيع ،كنا توأم الروح في حقول الشوق ، كنا القاطنين على حدود البعد ، كنا المسافرين عبر المسافات ،كنا المتأرجحين على خط الحلم ،كنت تذكرني دائما بجذوري وتعيد لي وطفولتي
لماذا اذا كل هذا الحزن ... .
لماذا يبددو الزمن كأنه مثقوبا بإزميل الفراغ ، يهرب منه رمل العمر رويدا رويدا ، لماذا يبدو الأمر وكأن نملة احترفت أكل القلوب ، ضبطتها متلبسة ، بجرم التهام ماتبقى مني ، يوما إثر يوم .
هل كل ذلك لأنك حزمت حقائبك وقررت الرحيل ، قررت وأنت البعيد أصلا ، أن تقترب أكثر ،
#شادية_الأتاسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟