أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن مرسول محمد - مجتمع على حافة الهاوية














المزيد.....

مجتمع على حافة الهاوية


مازن مرسول محمد

الحوار المتمدن-العدد: 5395 - 2017 / 1 / 7 - 05:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مجتمع على حافة الهاوية
د. مازن مرسول محمد
عندما نتكلم عن مجتمعٍ مثل المجتمع العراقي ، ونستذكر ما جرى عليه منذ عشرينيات القرن الماضي على الاقل والى الآن من حروبٍ وانتكاسات وتناقضات واجيال بشرية اختلفت الواحدة عن سابقتها ، فلا تلوح في الذاكرة الا صورٍ مؤلمة تحيك قصص وتفسر احوال الفرد العراقي وقد مر بكل هذه الازمات ، فماذا نتوقع من مجتمعٍ انتابته كل هذهِ الكوارث ان يفعل ، وكيف يُخطط ويتعامل مع يومهِ، وكيف يستشرف مستقبله ؟ قد يكون كل ذلك هو من ضروب الخيال في ان يفعل ذلك ، وهو في حلقةٍ مُفرغة انهكته الويلات بحيث بات غير قادر على النهوض بقوةٍ، وان نهض تأتيه صعقةً أخرى تطرحه ارضاً ، فبات صريعاً لأمراض الفقر والتراجع الاقتصادي والفساد والحروب والعنصرية والطائفية والتكالبات الداخلية والخارجية .
لقد عُجنت في مخيلة الفرد العراقي سيناريوهات هذه الازمات ، وكلٌ من هؤلاء الافراد يتعاملون معها وينظرونها وفق تصوراتهم الخاصة وتفسيراتهم وتأويلاتهم النابعة من الثقافة المُعاشة ، ووفق هذه الامراض التي انهكت هذا المجتمع ، فما عاد بإمكان افراده ان يعيشوا في زمن التصنيفات ، من باب تحديد الماضي والحاضر والمستقبل، اذ اختلطت كل هذه الامور عليهم ، فاذا اتكأ الفرد على الماضي فهو يقارن بين بعض ايام النقاء والخير سابقاً مع ضياعها في الوقت الحاضر ، وحاضره هو الواقع المؤلم الذي يعيشه ويحاول الفكاك منه بأيةِ طريقة ، اما المستقبل فهو مُشوَّه وغامض وضبابي بلا معنى له مع كل هذه المحن .
استوقفتني في احدى الندوات العلمية عبارات لاحد الباحثين الذي يصف المجتمع العراقي بأنه مُتمارض وليس مريضاً ، في ردٍ على تعقيب كنت قد تحدثت به وذكرت ان هذا المجتمع بكل ما مر بهِ احاله الى مريضٍ لا يقوى على الوقوفِ والوثوب بقوةٍ، فكان الرد انه يعاني تمارضاً ، وليس مرضاً ، ولا اعرف كيف يتمارض بقصديةٍ لإحالة واقعهِ الى هذه المآسي ، بل انه أُصيب بشتى انواع الامراض التي صدَّعت اركانه وجعلته خائر القوى ، وخصوصاً في توالي الضربات الموجعة عليه من تدهورٍ سياسي وتخلَّف ثقافي وفساد مُستشري ، فكيف ينهض وواقع حاله يقول كل ذلك ؟
ان حاضر مجتمعنا بكل ما فيه من مخاضات ربما بات افضل من غدهِ المجهول الذي لا يعرف افراده ماذا يُخبَّئ لهم ، فمع كل هذه الشدائد التي يمر بها يقول الفرد العراقي ربما تكون افضل من القادم ، وذلك يُفسر ضياع الحيلة وغياب الامل في النهوض وكثرة اوجاع هذا المجتمع ، الى الحد الذي جعلت منه مُعطَّل التفكير في حلولٍ جدية قد تنقذه مما هو عليه الآن .
وبهذا الحال ، لا يمكن لنا ان نذكر ان مجتمعنا بيئة صالحة للعيش والتفكير والتخطيط وتحقيق الانجاز للحاضر والمستقبل مع كل هذه الهفوات ، وانما بيئة طاردة نوعاً ما جعلت من الفرد مُشوَّش الفكر والعقل في كيفية مواجهة الحياة وتسليمه لكل ما يجري على انه القدر الذي سيق اليه ، ليجعله يمر بكل هذه الهزَّات التي اقضَّت مضاجع حياته واحالتها الى خرابٍ ، وجعلت منه مجرد كيان تدور حوله الكوارث من كل حدبٍ وصوب ، الامر الذي قوَّض دور هذا الفرد في محاولة التفكير ببناءِ حياتهِ بالشكلِ المطلوب وبالتالي بناء مجتمعه الذي يعيش فيه .
يقيناً اصبح مجتمعنا على حافةِ الهاوية مع كل ما مر بهِ ، ولا يمكن القول غير ذلك، ونخشى من الانزلاقِ بعمقٍ في هذه الهاوية التي ستحرق الاخضر واليابس وستُجرَّد الفرد العراقي من كل مقومات ما تبقى له في هذا المجتمع ، الا في حالةِ النهوض والتعافي من كل هذه الامراض والتي تحتاج الى عملٍ مضني يُسهم فيه كل افراد هذا المجتمع للتخلص من الازمات وتجذَّرها والمعوقات التي كبَّلت هذا المجتمع وانهاء الدوغمائية في الافكار ، التي جرَّته لما هو عليه الان من انقسامٍ وتفككات ، حينها ممكن ان نُحقق درجات تعافي قد تتطور مستقبلاً اذا استمر العمل على نفس المنهج ، وممكن مع ذلك ان يسترجع الفرد قابلياته على التخطيط للمستقبل والتفكير به وانقاذ المجتمع واخراجهِ من هذهِ الهاوية و الابتعاد عنها كثيراً ، وتجفيف منابع صناعة الازمات التي عصفت به واحالته الى صورِ اليوم .



#مازن_مرسول_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هويةٌ في مأزق
- مأساة مجتمع
- اغتراب الذات
- فن السوسيولوجيا
- عقلنة العقل
- هل من عودةٍ للعقل ؟


المزيد.....




- بالفيديو.. منصات عبرية تنشر لقطات لاشتباكات طاحنة بين الجيش ...
- Rolls-Royce تخطط لتطوير مفاعلات نووية فضائية صغيرة الحجم
- -القاتل الصامت-.. عوامل الخطر وكيفية الوقاية
- -المغذيات الهوائية-.. مصادر غذائية من نوع آخر!
- إعلام ألماني يكشف عن خرق أمني خطير استهدف حاملة طائرات بريطا ...
- ترامب يدرس تعيين ريتشارد غرينيل مبعوثا أمريكيا خاصا لأوكراني ...
- مقتل مدير مستشفى و6 عاملين في غارة إسرائيلية على بعلبك
- أوستن يتوقع انخراط قوات كورية شمالية في حرب أوكرانيا قريبا
- بوتين: لدينا احتياطي لصواريخ -أوريشنيك-
- بيلاوسوف: قواتنا تسحق أهم تشكيلات كييف


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن مرسول محمد - مجتمع على حافة الهاوية