أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - وتسأل أن هل قام فينا العراق ؟














المزيد.....


وتسأل أن هل قام فينا العراق ؟


زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 395 - 2003 / 2 / 12 - 05:27
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

  ستشرق الشمس كعادتها ، غير أن أشعتها تختلف هذه المرة ، وستزحف أيام نيسان تتداخل مع أيام آذار تدعو الطبيعة للاحتفال السريع الذي يتزامن مع احتفال الأرض والورود والأشجار ،  وتزداد البلابل تغريداً والعصافير رقصاً  .
وتنطلق زغاريد ممتلئة بالفرح الممزوج بالحزن والدموع ، أنها دموع الفرح التي اختزنتها نسوة أهل العراق دهراً من الوجع الآدمي وزمنا من القهر والعذاب والصمت والخوف والرهبة والغياب والحزن  والسكون .
زغاريد تختلط ببعض تشق عنان السماء لاتقف عند حد و لا تطغي عليها أصوات  رصاص الفرح والابتهاج ، عباءات تتطاير فرحاً ونسوة يرقصن في الشوارع  وظفائر تهتز كما تهتز أجساد الشابات اليافعات وشيوخ تتلاقى لحاها بالقبلات العراقية الحارة والتهاني والدعاء والجلوس على حافة الشوارع نتمتلأ بالنحيب العجيب .
أين كانت هذه الجموع ؟ وأي شيء وحدها وجمعها في وقت واحد ؟ الهواتف كلها تعلن فرحها فلا تكاد تسمع غير نحيب العراق وهلا هل الفرح والرقص الذي أحال الرجال الى قطع من العرق والتعب الأسطوري ، وشابات يوزعن الماء العراقي الذي عاد صافياً من دجلة والفرات ، ونقياً مثل سماء العراق ، أضرحة الأئمة والأولياء التي أمتلأت بالنذور المنذورة لساعة الخلاص من الطاغية لا تتسع لها ساحة الصحن ولاباحة البنايات ، الأدعية والزيارات صارت بصوت عالي يختلف عن سابقتها ، رحماك يا الله ياكاشف الضر وقالب الشر ومنزل الخير ، يا من تعز من تشاء  وتذل  من تشاء ، صلاة غير محدودة الركعات  ، وسجدات طويلة ممتلئة بدموع النذر والشكر على الخلاص من الزمن المرير الطويل والغمة الكبرى والليل الذي كان لابد أن ينجلي .
شموع أستمرت تجري فوق تموجات ضفاف دجلة والفرات ليلاً ونهاراً  فوق كرب النخيل والخشب وفوق أقراص روث الحيوانات المتيبس ، ثمة من ينذر يرمي حبوب الرز والشعير للطيور والأسماك ، أستحالت الأنهر الى أعراس ضوئية تزاحم القدرة الكهربائية التي ما أنطفأت فوق سماء المدن ،  ثمة من يرش ماء الورد على رؤوس الناس الرائحة كأنها عطر أجنبي ، أين كانت هذه العطور والعبقات قبل الآن ؟
بيوت تنادي على عابري السبيل لحضور مآدب الطعام ثواباً ونذراً ، الناس تهيم في شوارع المدن تريد أن تعبر عن فرحها واندهاشها ، شلة تستمع الى من يتحدث عن تفاصيل نهاية الطاغية ، شلة أخرى تستمع الى تفاصيل يبثها التلفزيون ، ومواطن فقير قرر أن يوزع ما يملكه من حاجيات على الناس مجاناً ،  وسط الشوارع امتدت الحلويات والبسكت العراقي وبجانبها عصير الفواكه مجاناً لعابري السبيل .
رجل يفتح ذراعيه للهواء ويقبل كل من يلتقيه ، وثمة من يشعل كل ملابس الحروب  التي جمعها الناس بأكوام مشتعلة وسط الحارات الشعبية  ، وأمراءة تركض مشياً على قدميها الى قبور النجف تريد أن تهنيء أولادها المعدومين بعيد النصر على الطاغية !! فتقول لها الناس : ولكنها بعيدة يا خالة !! تقول ومع هذا نذر علي أن أصل حتى ولو في الرمق الأخير لأكون أول من يخبرهم بالبشارة فقد أخذت ثأرهم وردت عافيتي وحيلي .
فوق السطوح ومع النسمات الباردة يتواصل دعاء الشكر وصلاة الشكر وهلاهل الأمهات والأخوات ،  وصحف مختلفة ممتلئة بالعرق  يحتفظ بها الناس ،  وثمة من يدعو للتفرج على أقبية دائرة الأمن في المدينة  التي أصبحت مفتوحة للناس لأول مرة ودون بطاقات دخول .
أجراس الكنائس ترقص على غير عادتها ودون توقف  وتنطلق مكبرات الصوت بالآذان تدعو الناس بفرح للصلاة  ، كيف أستحال العراق لبيت واحد وعائلة واحدة  ؟ كيف عادت الحياة في عروق العراق ومفاصل أيامه التي نشفت من الظلم والقهر وغياب الوطن عن الدنيا وتوقف عجلة الحياة في العراق ، أزدحام كبير وأرواح هائمة ترفرف فوق الرؤوس تسألنا هل قام فيكم هذا العراق ؟ فنقول لهم بلغة الواثق من نفسه هذه المرة :  أجل قام فينا العراق !!




#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل أسألكم أين مجلس السلم العالمي ومجموعة عدم الانحياز ؟
- إشكاليات لم تزل بحاجة لحلول عراقية
- تغيير الاسم لن يغير الحال في العراق
- أيها الناس أسمعوا وعوا
- أما لليل العراق من آخر ؟
- عبد الكريم قاسم …. الحاضر الغائب
- نداء من قاضي عراقي مستعجل الى جميع المنظمات الأنسانية لأنقاذ ...
- جاسم المطير ….. سلاماً
- حاجتنا الى المجتمع المدني في العراق
- إثبات النفي
- الحكومة تضحك على حلفائها
- ليس دفاعاً عن سعد البزاز
- لترتفع الأصوات عالياً مطالبة بحياة العلامة الجليل السيد جعفر ...
- نقطة ضوء من أجل الحقيقة
- ماذا تعني الحملة من أجل المجتمع المدني وحقوق العراقيين
- نداء من قاضي عراقي
- من المسؤول عن غياب الأيزيدية عن المؤتمرات
- رسالة من ضمير عراقي الى ضمائر الأخوة العرب
- قرار اللحظة الأخيرة
- تطبيقات الإعلان العالمي لحقوق الأنسان في العراق


المزيد.....




- ليس الإكثار فقط.. مخاطر صحية قد تنتج عن خفض استهلاك الملح بش ...
- التبرع بالدم يقدم فائدة غير متوقعة لصحتك وحياتك
- دراسة تكشف العلاقة بين مشاهدة التلفزيون وأمراض القلب
- مفاوضون أمريكيون في موسكو وترامب يأمل بموافقة بوتين على وقف ...
- مصادر دبلوماسية للجزيرة: مجلس الأمن يقر مشروع بيان يندد بالع ...
- شرخ في جدار الغرب.. الطلاق بين الولايات المتحدة وأوروبا
- جنود على الخطوط الأمامية في أوكرانيا يصفون محادثات السلام مع ...
- زاخاروفا: تصريحات بودولياك حول موقف روسيا في الاتفاق مع الول ...
- حريق بطائرة تابعة لأميركان إيرلاينز بمطار دنفر
- انقسام في مجموعة السبع حول البيان الختامي


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - وتسأل أن هل قام فينا العراق ؟