|
تسونامي خدام تصيب مجلس الشعب بالحمى
احمد المعيدي
الحوار المتمدن-العدد: 1424 - 2006 / 1 / 8 - 10:27
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
يبدو أن سياسة الفعل ورد الفعل أصبحت من السمات المميزة للسّاسة السوريين، ولم يقتصر ذلك على هؤلاء السّاسة ، بل انتقلت العدوى إلى المؤسسات والإدارات، حتى وصلت إلى مؤسسة التشريع (البرلمان ) ، والكل قد لاحظ كيف أن أعضاء البرلمان في بلدنا،قد تحدثوا جميعا ًبلهجة ((الخنخنة)) وهي لهجة جديدة في اللغة العربية كلهجة ((السنسنة والشنشنة )) التي كان يتحدث فيها أجدادنا العرب سابقاً ، كان سباقا ًمحموما ًومباراة ً سبابية وشتامية إن صح التعبير وغير وديّة، بعد ظهور الرفيق أبو جال على شاشة العربية ،وحديثه عن الوضع الداخلي في سورية وعن العلاقة بين القادة اللبنانيين والقيادة في سورية ، مرورا ًبظروف اغتيال الحريري ،فنال على نسبة 99,99 % من أصوات البرلمانيين ،حيث منحوه أعلى درجات الخيانة، وهي الخيانة العظمى ، بعد نضال دام قرابة الأربعين عاماً في السلطة والحزب ، ولا تعتقدوا أن النسبة الباقية هم مع خدام ، وتتوهمون بأن هناك ديمقراطية ومعارضة في البرلمان ،لا أبدا ً فالنسبة الباقية هي نسبة الأعضاء الغائبين ،وربما سيحاكمون على ذلك ،لأن عدم الحضور والمشاركة في سب خدام يعتبر جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات السوري وقد تصل العقوبة إلى الإعدام لأن التوصيف الجرمي لهذا الفعل هو الخيانة العظمى أيضا ً. ــ بدا الرجل نضر الوجه ،يجلس على أريكة فخمة ومن حوله التماثيل واللوحات ،هاديء البال مرتاح الضمير يرجو الله المغفرة ،وحسن الختام وقد تجاوز السبعين من العمر ،قلبه يعتصرألما ً وقد ترك خلفه شعبا ً ، نصفه ميت ،ونصفه الأخر ينتظر الموت ،يبحث عن لقمة العيش في القمامة، وحفنة من أصحاب المواهب وخفة اليد،وهؤلاء ليس لهم علاقة بالنصفين السابقين مهمتهم ،حثهم على الصمود والتصدي والصبر ،وإذا ما تألم أحدهم قيل له صبرا ً آل ياسر فإن مثواكم الجنة و حصتكم فيها . تحدث سعادة النائب عن غياب الحريات والديمقراطية في سورية ،وحث الأنظمة العربية على التغيير في سياساتها ،وأن الأوطان لا تبنى إلا من قبل أبنائها ، ولا بناء بدون حرية ،واستشهد على ذلك بأسطر ٍ من كتاب قام بتأليفه مؤخرا ً،وأعترف النائب أنه كان من أصحاب القرار طيلة وجوده في السلطة وعلى مدى أربعين عاما ً في الحزب والحكومة . الكل تساءل أين كنت أيها النائب ، حين شكا الشعب من الجوع ؟ وأين كنت حين حرم الأحرار من الحرية ؟ وأين كنت عندما نهب الحرامية قوت الشعب ؟ألم تكن من ضمن الدائرة الضيقة التي أفسدت وساعدت على الفساد ،فقصة النفايات المدفونة في صحراء تدمر معروفة لدى القاصي والداني ،وبورصة بيع المناصب أيضا معروفة ،ماذا تفيدنا مقترحاتك وماذا يفيدنا برنامجك السياسي والاقتصادي الذي طرحته في مقابلتك ؟هل نسيت أيها النائب ماذا قلت عندما بدأت المنتديات السياسية والفكرية تدعوا الناس للحوار لتعميق وتطوير الوعي السياسي لدى المجتمع ألم تقل (( إن هؤلاء قد تجاوزوا الخطوط الحمراء ويجب محاسبتهم )) وعلى اثر ذلك تم اعتقال بعض المثقفين وما زالوا معتقلين حتى الآن فتحول ربيع دمشق إلى خريف دمشق،هل تريد أن تقول لنا أيها النائب ،أنك وبقدرة قادر أصبحت ديمقراطياً وتؤمن بالرأي والرأي الأخر وبالحوار . أيها النائب إن الديمقراطية لا يمكن أن تكتسب بمجرد تصريح في قناة أو صحيفة ، وليست هي وصفة طبية تؤخذ قبل الحدث أو بعد الحدث ، الديمقراطية أيها السيد هي تراكم فكر وسلوك وممارسة وأعتقد أنك لم تمارس لعبة الديمقراطية طيلة ممارستك للحكم ،أنت لم تأتي بشيء جديد فيما يخص الوضع الداخلي في سورية ،فذاكرة الشعب السوري ما زالت حية وتحتفظ بكل الأشياء والمحطات الهامة في تاريخه ،رغم محاولتكم أنت ورفاقك إفراغ هذه الذاكرة من كل الأشياء ،وكان الأفضل لك من كل هذا وذاك لو أنك امتلكت الجرأة والشجاعة ، وقدمت اعتذاراً لكلٍ من الشعبين السوري واللبناني، عما أصابهما من ضرر من جراء الممارسات التي قمت بها أنت ورفاقك . المحطة الأهم في مقابلتك هي أنك أصبحت شاهداً على العصر ، عصر البلطجية ،لأنه وكما يقال:فقد شهد شاهد من أهلها ، ولا أريد أن أهضمك حقك فهذه نقطة تسجل لصالحك لأنك بذلك كشفت جانبا ً مهما ً من تركيبة نظام ،جثم على قلب الشعب والوطن طيلة أربعة عقود مضت وهذه شهادة غير عادية . ــ النقطة الثانية المستفادة من هذه المقابلة أننا اكتشفنا مجموعة من الشعراء والفلاسفة والقانونيين يقبعون تحت قبة مجلس الشعب ،لم يسمح لهم في يوم من الأيام بإسماع صوتهم خارج هذه القبة وبالبوح عن مكنونات صدورهم ،حتى أطللت أنت عبر قناة العربية ، فاجتمع الجمع وتسابق الكل لاستلام المايكرفون ،وأصر الكثير منهم على الاشتراك في مسابقة السب والشتم بانتظار أيهم الأكثر جمعا ًً للنقاط ومن سيفوز برضا الأجهزة الأمنية ، فيكون بذلك أكثر وطنية وإخلاصا ً ويضمن ترشيحه لدورة قادمة ، فقد كان الأمر أشبه بعرض لحفلة سيرك . هل أصبح من مهام مجلس الشعب الحلول محل وسائل الإعلام، للرد على كل من يريد أن يتحدث عن النظام عبر وسيلة إعلامية ،هل أصبح من مهام مجلس الشعب تصنيف الناس من منهم الخائن ومن منهم الوطني المخلص . أين كان مجلسكم الموقر عندما كان عبد الحليم خدام على رأس السلطة يعيث فسادا ً بالطول والعرض ؟ أين كنتم عندما ارتكب أولاده جريمة دفن النفايات في صحراء تدمر ؟ أين أنتم الآن من المفسدين أمثال عبد الحليم خدام ؟ من كان منكم يجرؤ على اقتراح طرح اسم عبد الحليم خدام على جدول أعمال المجلس قبل عدة أشهر، بل قبل إجراء المقابلة معه ،ألم يكن أكثركم يطلب رضاه ويخطب وده عندما كان في السلطة ، الم يتسابق الكثير من طالبي الولاية إلى السيد النائب حاملا ً معه ما غلا ثمنه وخف وزنه من أجل أن يمنحه منصبا معينا ًفي جوقة السلطة ليصبح بعدها من عصابة علي بابا ،السؤال الذي يطرح نفسه علينا وبإلحاح ،هل السيد عبد الحليم خدام وأمثاله هم من نتاج فكر حزب البعث الحاكم ؟إذا كانوا كذلك فتلك مصيبة ،وإذا كانوا هم من يكتبون أدبيات ونظريات الحزب فالمصيبة أعظم . ـ هنيئا ً لكم على اكتشافكم المبكر لخيانة السيد النائب !!! ـــ هنيئا ً لكم لسرعة استجابتكم ومواكبتكم للحدث وتجشمكم لعناء السفر للمشاركة في حفل سب وشتم السيد النائب وقد عودتمونا سرعة الاجتماع في القضايا المصيرية فهذه المرة الثانية التي يجتمع فيها المجلس بعد الحدث بساعات قليلة ، وكانت المرة الأولى عندما اجتمع المجلس بسرعة لا تقاس إلا بالزمن الضوئي عندما تم تعديل المادة (83) من الدستور لتتناسب مع سن رئيس الدولة الجديد حيث لم يستغرق ذلك كله أكثر من ساعة . ـــ عطوفة السادة أعضاء مجلس الشعب المحترمين : لقد طلبتم في جلستكم التاريخية فتح ملفات السيد النائب ومحاكمته على جميع أعمال الفساد التي قام بها هو وأولاده وحاشيته ،لا بأس في ذلك فإن كنتم تمثلون الشعب حقا ًفعليكم المطالبة بفتح ملفات جميع الفاسدين في الحزب والحكومة بدءا ًمن الذين عاصروا عبد الحليم خدام وحتى تاريخه كائنا ً من كان وأن تفتح جميع الملفات الاقتصادية والسياسية والأمنية وملفات صحراء تدمر النووية والبشرية، فمن يجرؤ منكم على الكلام ؟
#احمد_المعيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رجل يُترك ملطخًا بالدماء بعد اعتقاله بعنف.. شاهد ما اقترفه و
...
-
وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده و
...
-
مايوت: ارتفاع حصيلة ضحايا الإعصار شيدو إلى 39 شخصا وعمليات ا
...
-
2024.. عام دام على الصحافيين وعام التحديات الإعلامية
-
رصد ظاهرة غريبة في السحب والعلماء يشرحون سبب حدوثها
-
-القمر الأسود- يظهر في السماء قريبا!
-
لافروف: منفتحون على الحوار مع واشنطن ولا نعول كثيرا على الإ
...
-
زيلينسكي يدين ضربات روسية -لاإنسانية- يوم عيد الميلاد
-
بالأرقام.. في تركيا 7 ملايين طفل يعانون من الفقر وأجيال كامل
...
-
استطلاع: قلق ومخاوف يطغى على مزاج الألمان قبيل العام الجديد
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|