محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 1424 - 2006 / 1 / 8 - 10:43
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
الفصل الأول : الانتهازية المهنية :
و الانتهازي، يعلن عن نفسه مباشرة، و لا ينتظر أن يتعرف عليه الناس، و يكشفوا أمره، و ينكشف، هو بدوره، بممارسته الملتوية، التي لا يمكن أن تبقى غير مفهومة ابد الدهر، و عند جميع الناس. فالمعاملة اليومية كافية للكشف عن ممارسة الانتهازي في أوساط المجتمع، لأنه من خلال التعامل معهم، يستبلدهم، و يعتبرهم، مجرد مجال، لتحقيق تطلعاته الطبقية.
و أهم ما يتميز به الانتهازي في معاملته اليومية، هو استبلاد الغير، من غير المؤسسة المخزنية، و من غير الطبقة الحاكمة، و سائر المستفيدين من الاستغلال، الذين يتخذهم مثالا له. و هذا الاستبلاد، و الاستغلال، الذي يمارسه الانتهازي على الجماهير الشعبية الكادحة، هو الذي يجعله في محترفه، أو في متجره، أو في وظيفته، أو قسمه الدراسي، أو في مدرج الكلية، يستغل نفوذه، و يخضع كل المتعاملين معه، بحكم الضرورة، إلى الابتزاز الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و السياسي. فهو يرتشي، كموظف، و يبتز تلامذته كمعلم، و كأستاذ جامعي، و يغش كتاجر، و كحرفي، من أجل تحقيق المزيد من التراكم الرأسمالي، الذي ينقله إلى مستوى البورجوازية المتوسطة، في الحدود الدنيا، أو إلى مستوى البورجوازية الكبرى. لأن الانتهازي ليس لديه شيء اسمه الأخلاق، و لو كان كذلك، لما لجأ المدرس إلى ابتزاز تلاميذه، و تلميذاته، عن طريق الدروس الإضافية، المؤدى عنها، و لما لجأ الصحفي إلى الكتابة، في مواضيع محددة، لإرضاء الطبقة الحاكمة، أو لإرضاء جهة حزبية، أو شخص معين، أو مسؤول معين، مقابل ما يتلقاه من عطاءات، لا حدود لها، من اجل تحقيق تطلعاته الطبقية.
فالانتهازية، إذن، هي مصدر كل المصائب، و الكوارث، التي يعرفها المجتمع المغربي، و تعرفها الإدارة المغربية، و هي التي تقف وراء الإرشاء، و الارتشاء، و هي التي تدفع إلى ابتزاز المدرسين لتلاميذهم، وهي التي تنتج الدعارة، وبيع الضمائر، وتزوير إرادة المواطنين، في مختلف المحطات الانتخابية، وهي التي تقف وراء ممارسة التهريب، وانتشار الاتجار في المخدرات، وهي التي تدعو إلى ممارسة النفاق الاجتماعي، المنحط، بين الطبقات المتناقضة، وهي التي تدعو إلى استغلال النفوذ، وإرشاء المسؤولين من أجل التمتع بحق العمل، و هي التي وقفت وراء ما صار يعرف عندنا هنا في المغرب بالمغادرة الطوعية، و هي التي وقفت وراء أخذ الثمن عن أيام " النضال"، و تقف وراء دفع الملفات المفبركة، إلى هيأة "المصالحة و الإنصاف"، من أجل جني المزيد من ثمار "أيام النضال"، و "السجون"، و "التعذيب".
فكل صاحب مهنة، أو حرفة، أو وظيفة، إلا و نجده ينتهز الفرص، من أجل تنمية ثرواته، وبطرق غير مشروعة، لا على المستوى الأخلاقي، و لا على المستوى القانوني، و لا على المستوى الديني. فكل شيء بالنسبة للانتهازيين، قابل للبيع، من أجل ممارسة التسلق الطبقي، الذي يرفع الانتهازيين إلى مستوى الطبقات المستفيدة من الاستغلال المادي، و المعنوي، بمن فيهم الانتهازيون النقابيون، الذين يتاجرون بالنضال النقابي، و يستفيدون المزيد من العطاءات، على حساب السكوت عن تعميق استغلال الكادحين، بالموافقة على ما صار يعرف بالسلم الاجتماعي.
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟