بيان اللجنة المركزية لحركة انبثاق حزب العمال الشيوعيين – العراق
بصدد مؤتمر المعارضة البرجوازية العراقية في لندن
قبل عدة أيام واثر عمليات كرّو فرّ والعديد من لتأجيلات واحتدام الصراعات أخيرا أنهت المعارضة البرجوازية العراقية مؤتمرها في لندن, وأصبحت محط أنظار المراكز السياسية والإعلامية في العالم.
بدون شك كان المؤتمر جزء آخر من مساعي امريكا لجمع شمل المعارضة البرجوازية العراقية بمجمل تياراتها و أجنحتها المختلفة من القومية و الليبرالية والحركات الإسلامية الرجعية وصولا إلى تلك الجهات والشخصيات التي تعتبر نفسها يسارية, بهدف تقديم غطاء سياسي شرعي لهجماتها على النظام العراقي و إشعال حرب عامة وشاملة, وكذلك للاستفادة منهم للاتيان بحكومة موالية لها عقب سقوط النظام البعثي.
ومن هذا المنطلق فان مؤتمر لندن قد حالفها النجاح. فالمشاركين فيها أيدوا الحرب الأمريكية واصبغوا عليها الشرعية وساندوا عملياً تلك المساعي, وفي نفس الوقت عبروا عن اتمة استعدادهم للمساهمة في عملية إسقاط النظام البعثي حسب المخطط الأمريكي وقراراتها.
ان مؤتمر لندن بين بجلاء بأن أمريكا والمعارضة البرجوازية العراقية ليست في جعبتهم الاتيان بإصلاحات سياسية عامة وشاملة للشعب العراقي, وتقدم قرارات المؤتمر خير دليل على شكل وماهية وجوهر السلطة القادمة من وجهة نظر امريكا وحلفائها والسائرون في ركابها.
نحن كمنظمة سياسية اشتراكية في الوقت الذي ندين تلك المؤتمر وقراراتها بإعطاء الشرعية للتهديدات والحرب الإمبريالية الأمريكية في العراق، من واجبنا توضيح النقاط الواردة أدناه للطبقة العاملة والجماهير المحرومة والمظلومة في العراق:-
1/ إذا كان المعارضة البرجوازية العراقية تسعى للوصول إلى السلطة السياسية وتسلم مقاليد السلطة في العراق عن طريق هدم وتدمير العراق وقتل جماهيره والبطش بهم فمن المعلوم بأنهم وحال تسلمهم زمام الحكم لن يتخلوا عنها دون الصراعات الدامية ودون فرض سلطانهم الديكتاتورية والميليشياتية والبوليسية على الشعب العراقي. ان هذا درس يجب ان يتعلمه جماهير العراق من مؤتمر لندن, في مؤتمر الذين وتحت ذريعة معاداة الديكتاتورية الصدامية وضعوا أيديهم في أيادي الجلاوزة البعثيين السابقين والملطخة أياديهم بالدماء أيام كانوا يقودون المؤسسات القمعية والديكتاتورية, في مؤتمر الذين يسعون إلى اقتسام ميراث السلطة البعثية والحصول على اكبر قسط ممكن منها عبر تشديد الصراعات القومية والدينية والمذهبية.
2/ ان إعلان مؤتمر لندن عن كون الإسلام الدين الرسمي للدولة المقبلة في العراق هو اعطاء امتياز جلي للحركات الاسلامية الرجعية وابتعاد تام عن كون الدولة المقبلة دولة علمانية ومدنية. ان تلك القرار الرجعي للمؤتمر هو بلا شك على نقيض مصالح وتطلعات الشعب العراقي وأمنياته في الخلاص من السلطة الدينية ومن الحملات الايمانية للنظام وسائر القرارات والقوانين الرجعية التي تم تدوينها بالاستناد على الركائز الاسلامية الرجعية. ان ذلك أيضا درس يجب على الشعب العراقي ان يأخذه. فبات واضحا بأن الدولة المقبلة في العراق من المنظور الامريكي والمؤتمرين في لندن لن تكن دولة ديموقراطية ويطمس حقوق الاقليات الدينية والحريات الأساسية مثل حرية العقيدة والبيان وسائر الحقوق الأخرى. ومن جهة أخرى فان تلك القرار يطلق العنان للرجعية الإسلامية لبسط سيطرتها على الدولة ويمهد السبيل لمحاولاتها بغية تشكيل دولة دينية او إشعال فتور حرب رجعية داخلية لهذا الغرض وفرض مذهب ديني على مذهب ديني آخر.
3/ تملص مؤتمر لندن عن الاعتراف الصريح بحق الشعب الكردي في كردستان العراق بتقرير مصيرها والاقتلاع التام لجذور الظلم القومي المفروض عليهم منذ عشرات السنين وذلك عبر تنظيم استفتاء شعبي عام, وقام المؤتمر بدلا عن ذلك بتأييد المطلب المبهم المسمى بالفيدرالية. و الاسوء من ذلك اقر المؤتمر بتلك المطلب تحت ضغط الأحزاب الكردية ولارضاء الحزبين الكرديين (البارتي والاتحاد) (وليس لارضاء الجماهير في كردستان)، وسلم بها في شكلها الإداري وبعد سقوط النظام البعثي والاتفاق على كيفية تنظيم السلطة المقبلة في العراق. عليه فان الدرس الثالث والاساسي من مؤتمر لندن هو ان الشعب العراقي وبخاصة الجماهير الكردية يجب ان لايعلقوا آمالهم، في سعيهم لإنهاء الظلم والتناحر القومي بصورة جذرية، على امريكا وحلفاءها ومناصريها وعليهم كذلك ان لا يربطوا مصيرهم بمصير الاحزاب الكردية القومية، الأحزاب التي بينوا بجلاء بأنهم لا يملكون الجرأة والمقدرة الكافية لاتخاذ القرار الصائب وتمثيل الجماهير في كردستان العراق, الذين يسعون الى جعل القضية الكردية وسيلة لبسط هيمنتهم والمساومة مع امريكا والاحزاب القومية والاسلامية بغية جني المكاسب والحصول على الامتيازات السياسية والحكومية لأحزابهم.
4/ بدلا من التطرق الى المشاكل والمعظلات السياسية والاقتصادية التي تعصف بالعراق, انشغل المؤتمرين في لندن بمسائل عقيمة وبالية وتافهة مثل كون شكل الحكم في العراق جمهوريا او ملكيا! واحالة البت في هذا الأمر الى استفتاء شعبي ينظم لهذا الغرض, ان ذلك دليل على مدى بعد المؤتمرين عن معاناة الشعب العراقي وعن تطلعاته, فالملكية عندهم في طي النسيان أما المؤتمرين فيذكرونهم بذلك!
لاشك بأن مؤتمر لندن حلقة ضمن سلسلة الأحداث التي من المقرر ان يحدد مصير العراق الحالي والمستقبلي. ان الأحداث المقبلة أحداث جذرية وشاملة وهو بداية لتاريخ جديد في العراق. ان الطبقة العاملة والجماهير المسحوقة في العراق، وعلى نقيض مآرب امريكا و أرادتها وميل وارادة أعوانها الساعين إلى الحيلولة دون دخول الجماهير الحلبة السياسية و اعطاء أي دور لها, عليهم في هذا الظرف بالذات ان يمعنوا النظر في خطورة تلك الأحداث وحساسيتها وسبل التصدي لها. وإذ يتربصون للنظام البعثي ويسعون لانتهاز الفرص للانتقام من سلطته القمعية وقلع مؤسساتها, عليهم ان يعرفوا ايضا بأن القوى الأخرى (الاسلامية، الليبرالية والقومية) الذين يناط بهم مهمة حكم العراق برعاية امريكا، سيسعون الى فرض سلطانهم وحكمهم دون رغبتهم وارادتهم وعبر فرض انفسهم على مقدراتهم, لذلك عليهم مواجهة تلك القوى وسد الطرق أمامها والحيلولة دون إحلال بديل رجعي آخر محل النظام الحاكم في العراق. يجب عليهم الالتفاف حول برامج و أهداف الشيوعيون واليساريون ويرفعوا راية أهدافهم ومطاليبهم ويسعوا إلى تحقيقها.
20/12/2002