|
حلب وافول عالم القطب الواحد والمضي في التقسيم الطائفي للعراق
سمير عادل
الحوار المتمدن-العدد: 5382 - 2016 / 12 / 25 - 21:57
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ليس انتهاء الحرب في مدينة حلب وطرد العصابات الاسلامية التي يسميها الاعلام الغربي بالثوار منها يعني انتهاء الحرب في سورية، ولا يعني ان القوى الدولية الداعمة لتلك العصابات والتي ذاقت مرارة الهزيمة في حلب مثل الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وبريطانيا، الى جانب القوى التي تسعى للهيمنة الاقليمية مثل السعودية وقطر وتركيا ستستسلم بسهولة. ولكن الانتصار في حلب لصالح روسيا وايران والنظام السوري، يعني ان العالم الاحادي القطب بقيادة الولايات المتحدة الامريكية وصل الى عتبة النهاية، وقد بدأت تطوى صفحاته منذ تولي باراك اوباما الادارة الامريكية. المرحلة الانتقالية التي يمر بها العالم عبر الصراع بين الاقطاب الامبريالية لإعادة تقسيم العالم، هي الاخرى بدأت تشرف على نهايتها بعد حسم المعارك في حلب. وبات الان معروف لكل تلك الاقطاب ان الشرق الاوسط ليس ساحة لعب دون منافسة للولايات المتحدة الامريكية والتي تريد بريطانيا ان تحل محلها، وباتت تتلون مناطق النفوذ وتفرز حدودها. وكل ما قيل على لسان المسؤولين في الاتحاد الاوربي وفي البيت الابيض وفي الكرملين، بأنهم لا يريدون ان يدخلوا مرحلة الحرب البادرة من جديد منذ دخول الجيش الروسي الى جورجيا في ٢٠٠٦ وضم جزيرة قرم الى الاتحاد الروسي عام ٢٠١٤، فلقد دخلوها جميعا عشية معركة حلب، وستتجلى بشكل أكبر بعد الانتصار في حلب. وهكذا نجد مثلما كان قبل سقوط الكتلة الشرقية، المنافسة في جميع الميادين الاعلامية والدبلوماسية والفنية والرياضية. الخ، نجدها اليوم بعد حسم المعركة لصالح روسيا وحلفائها في حلب. فالحرب الاعلامية لا تقل سخونة عن الحرب العسكرية التي وصلت مدياتها في حلب، الحرب الدبلوماسية والتفنن في استخدام المفردات والمقولات والعبارات لتعبئة الراي العالم مثل تصنيف الارهابيين الاسلاميين، كاحرار الشام وجيش الفتح على سبيل المثال بالثوار والمعارضة المعتدلة، والعزف في البكاء على المدنيين في حلب بينما يغض الطرف عن القتلى الذي يسقطون يوميا بالعشرات في اليمن بيد التحالف العربي المدعوم امريكيا، ويصدح ترديد "الحرب على الارهاب" في معسكر انتصار حلب، بينما يصدح الطرف المهزوم بالعويل على سقوط الضحايا من المدنيين. الانتصار في حلب ثلم الحلف المسمى بأصدقاء سوريا، وبات كل طرف يبحث عن مصالحه بعيدا عن المظلة الامريكية. فتركيا باعت العصابات الاسلامية بالجملة بما فيها عملاء السعودية وقطر في حلب الى حلفائها الصاعدين الجدد روسيا وايران، وذهبت الى روسيا بوتين للتوقيع على اعلان موسكو الذي يتضمن "الحفاظ على وحدة سورية وصيانتها كدولة علمانية". وفرنسا وبريطانيا تندبان حظهما وتعلنان هزيمتهما في حلب بكل روح رياضية عالية، وينتظران مع بقية دول الاتحاد الاوربي المفاجأة بعد تولي ترامب الادارة الامريكية في العام القادم. اما السعودية وقطر اكبر الخاسرين في حلب، وقنواتهما الفضائية "العربية" و"الجزيرة" تلطمان ليل نهار من وحشية جرائم نظام الاسد تجاه شعبه، في حين ترقص قنوات "الميادين" و"المنار" و"الاخبارية" فرحين بالتخلص من العصابات الاسلامية. لا شك ان الحرب في سورية كانت منذ البداية حرب الوكالة الدولية، حتى ان تحولت الى حرب مباشرة بعد انخراط روسيا فيها في ايلول عام ٢٠١٥. وكان المرسوم الروسي الاخير بعد الانتصار في حلب الذي وقعه بوتين قبل يومين، في توسيع قاعدة طرطوس العسكرية وزيادة عديد القوات الجوية الروسية، هو لترسيخ وتقوية النفوذ العسكري الروسي في المنطقة، والاستعداد لتكملة خطوات المرحلة الانتقالية، وترسيخ حدود مناطق النفوذ. في الجانب المجاور من سورية وهو العراق، تحاول الولايات المتحد الامريكية تعويض ما خسرته في حلب، وقد جاء على لسان اشتون كارتر وزير الدفاع الامريكي قبل اسبوعين ان قواته لن تخرج من العراق بعد التخلص من داعش. واذا كان الانتصار في حلب يتمكن في تقويض مشروع التقسيم الطائفي في سورية، لكن في العراق يجد الوجود الامريكي صعوبة في ازاحة الوجود الايراني ونفوذه. وهذا يعني ان الانتصار في حلب وخسارة النفوذ الغربي في سورية، يعني الاصرار على التقسيم الطائفي للعراق وشرعنه التقسيم لضمان النفوذ الامريكي والاقليمي السعودي والقطري والتركي في المنطقة. بعكس ما يتفاءل عدد ليس قليل ان العالم المتعدد الاقطاب هو أفضل من العالم احادي القطب، فأن المرحلة القادمة هي أكثر دموية وأكثر لا امن في العالم. فقد شهدنا ان الحرب الباردة كانت أكثر سخونة من اية حرب مرت على البشرية في التاريخ الحديث. واذا كان القطب الغربي الرأسمالي ابان الحرب الباردة قدم التنازلات لصالح الطبقة العاملة عموما واللاجئين والنساء والاطفال من ارباحها لتشديد المنافسة امام القطب الشرقي الذي عرف بالاشتراكية، وتسويق النموذج الرأسمالي الديمقراطي في العالم امام النموذج السوفيتي-الاشتراكي، فأن العالم المتعدد الاقطاب الرأسمالي الجديد والمؤمن بشكل مطلق باقتصاد السوق، وليس هناك اي تشويش او ديماغوجية حول رأسمالية الدولة على انها اشتراكية، وكما رأيناه وعشناه منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، في شن حملات تلو الاخرى ضد الطبقة العاملة والذي توج بعد الازمة الاقتصادية في عام ٢٠٠٨، فأن الرأسمالية ليس لديها ما تتملق لاجله او تقدم التنازلات حوله، فأن تشديد الهجمة على العمال والنساء واللاجئين ستأخذ مديات اوسع. وهذا ما نعيشه هذه الايام في صعود اليمين العنصري في الدول الغربية، والهجمة على المهاجرين واللاجئين، واجراء اصلاحات هيكلية في بنية النظام الرأسمالي التي في الحقيقة تحت عنوان الاصلاح، التي هي تقويض المزيد من حقوق الطبقة العاملة عن طريق سياسة التقشف ليس على صعيد الدول الغربية فحسب بل على الصعيد العالمي برمته. أن العالم المتعدد الاقطاب الامبريالية، سيشهد صراع ومنافسة شديدة على مناطق النفوذ والاسواق التي باتت اضيق وأصغر ولا تتحمل فائض الرساميل والانتاج البضاعي للدول الامبريالية المتصارعة، وستدفع ثمنها الطبقة العاملة وعموم البشرية الكادحة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي وعلى صعيد السلم الدولي والاقليمي.
#سمير_عادل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الزيف والتعمية الاعلامية في حلب والموصل
-
ماذا يقول العمال الشيوعيون عن موازنة ٢٠١
...
-
المدنيون في حلب والمدنيون في الموصل
-
-الحشد الشعبي- ومستقبل التحالف الشيعي
-
الاقاليم السبعة وموقف الشيوعيون
-
تحضير ارواح سياسة البعث الفاشي في كركوك والموصل
-
التسوية التاريخية بين عمار الحكيم والعمال الشيوعيين
-
سرك الفضائح الجنسية والخيار بين الطاعون والجدري
-
حثالة البرجوازية والموازنة
-
هل هو التملق ام الخوف من الاسلاميين؟
-
الاوغاد لا يقضون على داعش
-
سكان الموصل ومصير دولة الاسلام الشيعي
-
الاوضاع السياسية في العراق.. ملاحظات اولية حول تقسيم العراق
...
-
فاشية الدولة التركية والاستحقاق السياسي في العراق
-
انهم يذرفون الدموع على حلب! ما امس الحاجة اليوم الى اممية ما
...
-
سمير عادل -عضو في المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي العرا
...
-
الطبقة العاملة وحرامية الخضراء ومناسبة العاشوراء
-
تقسيم العراق نحو تقسيم الكعكة
-
مجلس السياسات الاستراتيجية بين معركة الموصل وصك الاسنان
-
مجلس النواب ودكتاتورية الحرامية
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|