|
دولة ألضفادع ... بين حسين كامل وعبدالحليم خدام!
كفاح محمود كريم
الحوار المتمدن-العدد: 1423 - 2006 / 1 / 7 - 10:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في أواسط التسعينات من القرن الماضي هرب قرصان من قراصنة بغداد المقربين من رأس النظام آنذاك الى عمان، ليوهم العالم بأنه إنما هرب من أجل سواد عيون العراقيين ومأساتهم باحثاً عن (الحرية !) والخلاص من نظام ( السيد الرئيس ) وحينها توهم البعض ممن إستمعوا( لنقيقه) بأنه يمثل شيئاً مهماً في مقاومة نظام الرئيس صدام حسين ، الا إن معظم _ إن لم أقل جميع _ قوى المعارضة الحقيقية أدركت تفاهة وسذاجة هذا القرصان الذي تم تصنيعه منذ نعومة أضافره في مدارس النظام ومؤسساته ، كما كان يعرف العراقيون جيدا من هو حسين كامل في المؤسسة الحاكمة في العراق .
حسين كامل لم يكن أكثر من عنوان عائلي لطبيعة حكم الأسرة في النظم العربية إجمالاً ، وهو إن غضب أو فرح لا يمثل الا العائلة التي تحكم، ولن يكون معارضاً وطنياً كما يتوهم البعض لنظام أسرته وينقلب ضد مصالحه لأجل مصالح الآخرين ، وهكذا سرعان ما عادت المياه الى مجاريها بعد أقل من سنة ليعود الى أحضان أسرته التي قررت إرساله الى ( جنان الخلد ) بعد منحه وأخيه ( شارة شهيد الغضب ) ليستكمل تمتعه بالحواري هناك في عالم الخلود !!
إن إمبراطوريات القبائل العربية منذ الامويين وحتى إنهيار ألعباسيين أنتجت فيما بعد سقوط بنو عثمان مجاميع من دول العوائل التي إمتدت من الخليج الى المحيط لتعيد هذه الشعوب الى ما قبل ظهور الاسلام ، أيام كانت القبيلة والاسرة تمارس دورها كدولة في حدودها ، وحينما كان أحد أفرادها (يزعل لأي سبب كان ) يطلب اللجوء الى القبيلة الاخرى (دخيل) ألتي تقوم هي الاخرى باستقباله ومن ثم مصالحته مع اسرته التي ( زعل ) منها .
وفي كل هذه ( الزعلات ) لم يكن الشعب طرفاً فيه لسبب بسيط الا وهو إن ( الزعلان ) لم يكن يمثل إرادة سوى ارادته التي عادة ما تنحصر بين المال والسلطة والنساء، وفي كل الاحيان كانت المياه تعود الى مجاريها بخسائر طفيفة بالنسبة للقبيلة أو الاسرة الحاكمة وخسائر كبيرة لحواشي (الزعلان) من غير أبناء الاسرة أو القبيلة .
وعادة كانت ( الزعلات ) تتميز بنقيق عالٍ وضجيج يصم الآذان من الاتهامات والتهديدات وكشف الاسرار وفضح المستور من الفضائح التي كان( الزعلان ) بالتأكيد واحد من المشتركين الأساسيين فيها والا كيف كان يعرفها بهذه الدقة والتفاصيل .
العراقيون جميعا ممن كانوا مع النظام أو ضده أو على الحياد يعرفون جيدا من هو حسين كامل وبالتأكيد السوريون أدرى من غيرهم ماذا كان يمثل عبدالحليم خدام عبر ما يقارب الاربعة عقود متصلة ، ولماذا ( صحوة الضمير) الان بعد أكثر من ربع قرن ؟
دولة ألنقيق التي أنتجها ميشيل عفلق في سوريا والعراق منذ ما يقارب الاربعين عاما ، كانت أفضل ما يمثل ذلك الفلكلور السياسي في الجزيرة العربية قبل ظهور الاسلام وبعد أنهيار حكم الراشدين على أيدي ورثة هذا الفلكلور ، وأسوء ما يمثل من نظم سياسية لحد الان .
في دولتهم بالعراق ، يتذكر العراقيون جيدا كيف كانوا يغيرون ألوانهم مع الوقت والضروف كالضفادع ، فحينما أتوا نهاية الستينات ،كانوا شيوعيون أكثر من لينين وخليفته ستالين في الظاهر والمعلن وجزارين للشيوعيين العراقيين أكثر من ( خليفة اندونوسيا وفيما بعد خليفة السودان النميري ) ثم غيروا ألوانهم حينما إنقلبوا على الكورد فتحالفوا مع ضحاياهم من بقايا الشيوعيين ، حتى تمكنوا ممن تبقى منهم فزاد وارتفع نقيقهم وما لبثوا أن غيروا الوانهم ثانية ليكونوا (سلفيين ) أكثر من الشيخ محمد عبالوهاب ، فيكفروا كل من يتحدث خارج مفاهيمهم الانتهازية ويحِلوا ارساله الى الجحيم أو الجنة كما يشاؤون هم .
ومع مطلع التسعينات أصبحوا من ألد أعداء ألسلفية الدينية أو ما أسموها هم بالوهابية وما لبثوا في تغيير ألوانهم وأفكارهم ، فنشروأ الصوفية وطرقها حتى تبوء الرجل الثاني في دولتهم موقع الخليفة في الصوفية وطرقها ، وتمادى أبن الرئيس ألبِكر في طموحاته لنيل واحدة من درجات العلم لدى الشيعة ! .
وقبل سقوطهم بدأوا بمغازلة (أعداء الامة العربية من الامبرياليين) فدعوا الولايات المتحدة لتشاركهم في خيرات العراق وثرواته مقابل الابقاء على نظامهم ولكن الامور أخذت مجرى آخر غير الذي كانوا يخططون له ، فالامريكان لم يرضوا بالشراكة بل كانوا يريدون كل شيئ .
وفي سوريا التي عاشت نفس هذه الذكريات مع حكم دولة الضفادع ، فغيرت ألوانها وأشكالها ومستويات نقيقها دونما وجل أو خوف من شعب أو أمة أو قانون أو عرف ، أدخلت هي ألاخرى شعبها في أتون حربٍ تافهة غير مبررة كما حدث لدى شقيقتها في العراق فأدمت قلوبا في لبنان كما أدمت بغداد قلوبا في الكويت .
لاندري من منهم كان مرآة للآخر ، فأولئك سحقوا حماة ( بالتأكيد كان عبدالحليم خدام واحد من الفرسان)
والاخرين في بغداد أحرقوا حلبجة بالاسلحة الكيمياوية ( وبالتأكيد كان حسين كامل واحد من الفرسان ) وما فعلت ضفادع دمشق بالوطنيين والكورد زادت عليه شقيقاتهم في بغداد وأكثرت حتى تحول نصف العراق الى مقبرة جماعية ونصفه الاخر الى محاصرين حتى الموت .
والكل يعرف من هو حسين كامل المجيد وعبدالحليم خدام وما يمثلان في دولة الضفادع الآيلة للسقوط ، فلا إبن كامل ولا الخدام جديران بأن يحملا لقب مقاومة دولة الضفادع لأنهما يمثلان بالتأكيد بشيراً لسقوطها وعنواناً لأفولها .
#كفاح_محمود_كريم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأردن.. ماذا نعلم عن مطلق النار في منطقة الرابية بعمّان؟
-
من هو الإسرائيلي الذي عثر عليه ميتا بالإمارات بجريمة؟
-
الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة
...
-
إصابة إسرائيلي جراء سقوط صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل
...
-
التغير المناخي.. اتفاق كوب 29 بين الإشادة وتحفظ الدول النامي
...
-
هل تناول السمك يحد فعلاً من طنين الأذن؟
-
مقتل مُسلح في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في الأردن
-
إسرائيل تحذر مواطنيها من السفر إلى الإمارات بعد مقتل الحاخام
...
-
الأمن الأردني يكشف تفاصيل جديدة عن حادث إطلاق النار بالرابية
...
-
الصفدي: حادث الاعتداء على رجال الأمن العام في الرابية عمل إر
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|