أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالحق رحيوي - محنة العقل والدين














المزيد.....

محنة العقل والدين


عبدالحق رحيوي

الحوار المتمدن-العدد: 5381 - 2016 / 12 / 24 - 23:17
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


محنة العقل والدين
ساهمت الحضارة الإسلامية بقسط وفير في الفكر الإنساني، ورسم معالم فكر علمي، يقطع مع التفسيرات الأسطورية للعالم، خصوصا في العصر الوسيط، سواء في المشرق أو المغرب الاسلامي. فلا يمكن أن ننكر أبدا اسهامات ابن الهيثم، وابن سينا، الخوارزمي، وابن رشد، وابن خلدون ..الخ. ولولا بعض المناورات على هامش الفكر، وتبادل الاتهامات وسوء الفهم للعلم والدين، لكان للحضارة الإسلامية دورا بارزا في صناعة التراث العلمي والفكري ورسم معالم عالم جديد، ومن الأمم التي يقتدى بها في القول والفعل.
الوضع الآن لم يعد كما كان، فالعالم الاسلامي تحول الى عالم مستهلك لما أنتجه العلم والغرب وتخلف عن قطار التقدم، فساء وضعه وهجرت أرضه لولا تلك الصدفة الجيولوجية "البترول"، لكان الوضع أسوء مما هو عليه.
أمام هذا الوضع المقلق والقلق، خصوصا في ظل تنامي العنف الطائفي والتخلف الحضاري، سواء على مستوى الاقتصاد والسياسة والعلم، لا بد من طرح أسئلة جذرية حول أسباب هذا التخلف لعلنا نجد وصفة تعيد لهذه الحضارة المتهالكة، الروح العلمية، لتطهر بها عقلها من جهل مقدس.
حتى لا نردد ما يردده العامة ونكتفي بالقول أن أهل الإسلام تخلفوا لسبب واحد، يتمثل في تخليهم عن الإسلام، وكأن هناك من سرق منا الإسلام وهرب، أو وضعه وراء ظهرنا فلم نعد نراه. لنفترض هذا الطرح صحيح، فما سبب تقدم الحضارات الأخرى التي لا تدين بدين الإسلام ؟
اذا كان الغرب هجر دينه كما تهاجر الطيور بعد أن يجف المكان، فإنه مع ذلك يبقى الغرب متقدما علينا بسنوات ضوئية، سواء على مستوى الاقتصاد، والسياسة، والرياضة، والفن ..الخ، وهو الآن يصدر لنا ما أنتج وما نستهلكه بأغلى الأثمان. هذا التقدم لا يمكن أن نفصله عن تقدم العلم ويقظة العقل الغربي، ونبشه في أسرار الطبيعة، فهو عقل متأمل، وفاعل، ومنتج...فمنذ أن تم تحرير العقل الغربي من سلطة الكنيسة، وسلطة الكتاب المقدس، وهو يمارس وظيفته التأملية ينظر الى خلق الله من نبات، وحيوان..ويسافر عبر الفضاء لعله يتمكن من فك لغز الوجود، هل هو في حالة تمدد أم انكماش؟ ومستقبل الحياة فوق الأرض وباقي الكواكب القريبة منها، ومكونات الذرة، وعملية التكون والخلق، دون الاكتفاء بالنظر وإنما ابتكر آلات يرى بها ما لا يرى بالعين المجردة وأعاد تركيب الأشياء.
إن الفاصل بيننا وبين الأمم المتقدمة يبقى في الأساس أن العقل الإسلامي تم سجنه في أمور بسيطة ولم يغادر جسد المرأة، وشروط الوضوء، وكيفية الصلاة، وتقسيم الإرث... بمعنى آخر تم سجن العقل الإسلامي في الفقه وأصول الدين دون أن يقترب من الطبيعة أو الكون فوقف موقف المتأمل المنبهر، ولم يخرج من هذه النظرة الجمالية، فالطبيعة لا ترى بالعين المجردة فقط، وإنما الطبيعة مركبة وترى بالبصيرة لا بالبصر، وتحسب بالرياضيات، كما قال جاليلي "الطبيعة مكتوبة بحروف رياضية لا يقرأها إلا من كان رياضيا". فلم نستطع محاكاة الطبيعة في شيء، مستسلمين أمامها ومن تكيف مع شروطها نجى ومن استسلم حملته الطبيعة الى باطنها. مع العلم أن الإسلام هو دين التأمل والعمل، دين العقل.
من هنا يمكن أن نعرف كيف وصل العلماء الى الفضاء، وصنعوا الطائرات والسيارات والهواتف وثبتوا الأقمار وسط زحام الكواكب، ورصدوا كل صغيرة وكبيرة، وزرعوا الأعضاء في جسد الإنسان. فالسبب هو أن الغرب لم يتخلى عن العقل ولم يسجنه معلنا الحرب على العلم والفلسفة. بل ترك العقل يسبح في الكون العميق، يصيب العقل أحيانا ويخطئ، لكن في كل مرة يصيب يصنع شيء يفيد الإنسان إن أحسن توظيفه، ونكتفي نحن بشراء ما وصل إليه الغرب ولو دفعنا الأمر الى الاقتراض أو شراءه بالتقسيط، فيحقق فائض في الخزينة ونعيش نحن على ايقاع الديون.
العقل في العالم الاسلامي لا زال يعاني من تركة الفقهاء والفتاوى بين محرم للعلم ومجرم للتفكير والتعبير، مع قلة قليلة من الفقهاء التي قرأت التراث الإنساني والديني، ودافعت عن حرية العقل والإنسان.
هكذا هو حال الدين في عالمنا، حدوده مرسومة مسبقا، سواء بقصر نظر الفقهاء، أو سلطة السياسي والحاكم.. وساء حاله كما يبيع بعض الأطباء شواهد طبية بأغلى الأثمان أو لمن يدفع أكثر، ضاربين بعرض الحائط القسم والأخلاق التي من المفترض أن تتوفر في كل الإنسان، يبيع بعض الفقهاء فتواهم كذلك.
ويمكن أن نختزل وضع الدين الإسلامي اليوم كوضع التقنية تماما، ففي الدول المتقدمة تقتات الناس من التقنية وتتعلم وتضيف الى رصيدها المعرفي والمهاري ما كان لا يمكن أن يتحقق في غياب التقنية، لكن حال التقنية عندنا مختلف، في الغالب وبعيدا عن الاستخدامات الإدارية للتقنية، فإنها توظف في الحياة اليومية للبحث عن أجساد النساء وفي تصريف الرغبات أو البحث عنها، وتسويق الوهم الجنسي. والعيب ليس في التقنية وإنما في عقلنا الذي أساء استخدامها، الأمر نفسه يمكن أن يقال على الدين، فالدين نعمة أنعم بها الله على الإنسانية ولكن هناك إمكانية اساءة استعماله، سواء عن قصد أو غير قصد.
لذلك يمكن أن نقول أن الدين يعيش محنة في أرض المسلمين، نظرا لسوء فهمه وتأويله وغالبا ما نستمعل الدين كوسيلة للتبرير، تبرير فشلنا وسوء حالنا،وسياستنا غير العادلة، فنبرر بالقدر ظلم من ظلمنا، وما أرسل الله أنبياءه إلا لرفع الظلم عن عباده لا لتبريره. عندما نتخلى عن الدين باعتباره دفاعا عن العقل ودعوة الى التفكير نكون منطقيا قد تخلينا عن العقل، فالعقل ليس أعدل قسمة بين الناس فقط، وإنما العقل هو الوحيد الذي يمكن أن يحل لغز الكون، فوضع حدود للعقل وهجرة السؤال وعدم استخدامه هو السبب الحقيقي في تخلفنا لا نهضة بدون عقل. فكل ما علينا فعله هو إحياء القلق الفكري في الإنسان، ولا يمكن إحياءه إلا من خلال القدرة على السؤال والتساؤل، فالسؤال كما يقول هايدغر هو تقوى الفكر.



#عبدالحق_رحيوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين السياسة الفرنسية والمواطن الفرنسي
- العدالة والتمنية والمصباح في مؤخرة السفينة
- أزمة الديموقراطية وصعود الحركات الدينية
- السوفطائية نسبية المعرفة ووهم الأنطولوجيا
- ارهاب ما بعد 11 من شتنبر
- المطر وحده من يتولى المعارضة السياسية في المغرب
- داعش والنازية
- عندما يتخبر الحق في المرض ....تتحول الحياة الى كابوس
- الحرب على غزة او عندما يتم التطبيع مع الموت
- النقابي والسياسي في عيد العمال
- التصور الهيجلي للحداثة
- الحداثة واشكالية الراهن
- الخطاب السياسي للحداثة وميلاد الدولة الحديثة
- هيجل والوعي الفلسفي بالحداثة
- الثورات العربية على ضوء كتاب -سيكولوجية الجماهير- جوستاف لوب ...
- الدرس السقراطي والمدرسة الخصوصية
- الجنس والجنسانية من وجهة نظر تاريخية


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالحق رحيوي - محنة العقل والدين