|
حوار صامت 27
عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 5381 - 2016 / 12 / 24 - 02:24
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
سؤال _ في العالم اليوم هناك مجموعة صراعات ومنازعات وتصادم رؤى وأفكار وأتجاهات تنبع من مباعث أساسية وهما القوة والقدرة على الفعل، السؤال هل في الإمكان في لحظة تأريخية تتحول هذه التنازعات والتصادم المتقابل إلى عمل جمعي يستهدف خير المجموعة الإنسانية ككل بعيدا عن نظرية الشيطان والرحمن؟ أنا _ أولا الشيطان ليس نظيرا ضديا للرحمن ولكنه المقابل النوعي للإنسان لأنه كما نعرف عدو مبين، الله ترك الإنسان والشيطان في صراع على تطبيق نظرية والفائز هو الذي يعلن أنتصار الإرادة، أما أننا نحلم بعالم خال من التضاد والتصارع والتنازع إنما نحلم بعالم خال من أساسيات البقاء والديمومة، سبق وإن قلت في جواب سابق المشكلة ليست في وجود الصراع والتنازع والتضاد ولكن المشكلة الأساسية والكبرى في وسائل ومسائل المواجهة، بدلا من أن نحتكم للعقل والمنطق سرعان ما تستفز للذهاب إلى أقصى القوة المؤلمة ضد الأخر، أما بالسلاح وأما بأشكال أخرى من القوة والأقتدار. أعط مثلا في حالة العراق بعد قضية الكويت مارست الولايات المتحدة وحلفائها المحليين والدوليين أقصى درجات الحصار المطبق ضد الشعب العراقي، بحجة أحتواء صدام حسين لأنه يمثل خطر دولي وإقليمي، وهي تعرف تماما أن هذا الخطر لا يساوي ولا يتساوى مع القسوة التي مورست ضد العراق، كان بإمكان أمريكا وحلفائها أن تمارس نوعا أكثر عقلانية يناسب دعوتها المستمرة والجدلية في رعاية حقوق الإنسان وعدم التدخل في الشؤون الوطنية للدول، والحفاظ على الأمن والسلم العالميين دون أن تعرض ملايين الناس لأنتهاكات مزدوجة من السلطة ومن التحالف الدولي، إنها قسوة القوة حين لا تكون ضرورية في المواجهة. إذا القضية ليست صراع بين الشيطان والرحمن بل هي صراع إثبات إرادة الأنا والأنا المتقابلة، هو في الحقيقة صراع الإنسان ضد الإنسان وق يكون الشيطان موجودا ولكنه بالتأكيد واقف مجرد مشاهد مستغربا من هذا العنف اللا إنساني الذي يمارسه الإنسان ضد نفسه، من المؤكد أن الشيطان الآن سعيد جدا وهو مسترخ ومرتاح لأن هناك من تبرع كي يلعب دوره بمهارة عالية يحسد عليها. سؤال _ إلى متى يبقى هذا الحال من صراع الإنسان ضد الإنسان بالرغم من هذا الكم الهائل من الرسالات الدينية والنظريات الأخلاقية والقوانين والقيم المثالية التي لم تفلح جميعا في ضبط هذا التنازع وتوجيهه إلى هدف مشترك؟ أنا _ الإنسان كائن معرفي يتميز بخصلتين متناقضتين الأولى الخوف والنقص والثانية الذكاء والجرأة، طالما أن عامل الخوف ليس بالضرورة ناجح في كبح جماحه ولا يستطيع الإنسان أن يسد نقصه الأزلي تبقى المشكلة متعلقة في الجانب الأخر وهو خصائل الذكاء في محاولته الدائمة التغلب على إشكاليات وجودية تسبب له القلق، هذه الملكة المسماة الذكاء بمساعدة الجرأة تطور وتنمي من حيث لا يعلم الإنسان قدرته على التمرد على نفسه، هذا التمرد فيه أيضا جوانب مهمة وهي التي تتعلق بسعيه للخروج من واقعه ارتيب والتجديد في كل مرة ولأجل أكثر من هدف، وأيضا في جانبه السلبي تحمل له الفرصة ليمارس النكوص والأنتكاس عن ما سجل من تطور، هذه الثنائيات الملازمة للوجود البشري قد تنفع معها ما ذكرت من دين وأخلاق وقد تحدد بعض النزوع والنزوغ عنها، ولكن ليس في كل مرة، الإنسان كما يقول النص الديني أكثر جدلا، بمعنى شديد التحيير في فهم ما يريد وما لا يريد، لذا أمكنني أن أقول إن الإنسان هو الكائن التائه الوحيد في الوجود. سؤال _ هل من الممكن أن ينتصر الإنسان السوي في النهاية على ظله الشرير المتمرد، أم أن الصراع لا ينتهي عند نقطة ما حتى يقضي على كل فرص الوجود الممكنة له؟ أنا _ في علم الفيزياء هناك ما يسمى بالنقطة الحرجة، تلك التي تنعدم فيها الخيارات فتنقلب السيرورة من نقيض إلى عكس النقيض المقابل، هذه النقطة أعتقد عندما يصلها الإنسان ويفقد خياراته كلها أظن أنه سيتخلص من نصفه وليس ظله الشرير ويعود ليستدرك ما يمكن أن يكون الفرصة الأخيرة للتراجع قبل القيامة بمعناها التلاشي أو الفناء، ولكنه سيتذكر ضخامة الثمن الذي سيدفعه والذي دفعه دون أن يراع نفسه، ستكون النهاية أكثر مأساوية مما نتصور ولكن قد تنجح في دفع الإنسان مرة أخرى للأستواء. سؤال _ من خلال كل الحديث والحوار الصامت أصبح لدينا متهمين أثنين تحملهم كل المسئولية في هذا الخراب الكوني وهما العقل والإنسان، هل من متهم ثالث يمكن أن نحمله جزء من المسئولية؟ أنا _ عندما أتهم الإنسان فالطبيعي أتهم الإنسان العاقل وليس الإنسان الذي تعرض كيانه العقلي للضعف الطبيعي أو العضوي نتيجة حدث أو طارئ ما، فإدانة الإنسان هنا ليس عمومية بل خصوصية عامة لعقل الإنساني الذي لا يرتق بوجوده للوظيفة الأساسية له، وهذه الإدانة ليست أكتشاف جديد ولا أختراع مني بل هي واحدة من مؤشرات الحقيقية الدينية عندما تصف الإنسان ظلوما جهولا. سؤال _ لو سلمنا جدلا أننا أقنعنا الإنسان الفرد والمجموع أنه على خطأ في الكشف عن أقصر وأسرع وأسلم الطرق لسيرورته الطبيعية، هل من ضامن أنه لا يتمرد في لحظة زمنية ما على هذه القناعة؟ أنا _ بالتأكيد لا ضامن مع نظرية فرض الأحتمال ومثاليتها، الإنسان كما قلت كائن عاشق للتمرد وبالذات الإنسان الأكثر قدرة على أكتشاف حافات الطريق، والذي تدفعه نوازعه النفسية دوما للبحث عن خطوط موازية لخط السير الذي يسلكه، لذا أنا أكرر هناك أستحالة أن نمشي جميعا على الصراط المستقيم كما يريد الله لأننا من ماء والماء مكون طبيعي غير مستقر وإن كان محبوس داخل التراب.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زهرة مدائن النور
-
حوار صامت 25
-
حوار صامت 26
-
حوار صامت 24
-
حوار صامت 23
-
نستنسخ خيبتنا لنموت
-
حوار صامت22
-
حوار صامت21
-
حوار صامت 20
-
حوار صامت 19
-
حوار صامت 18
-
حوار صامت 17
-
حوار صامت 16
-
حوار صامت 15
-
حوار صامت 14
-
حوار صامت 13
-
حوار صامت 12
-
حوار صامت 11
-
تلة القرابين اللعينة
-
حوار صامت 10
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|