أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عبدالرازق مختار محمود - قهر الاختبارات














المزيد.....

قهر الاختبارات


عبدالرازق مختار محمود

الحوار المتمدن-العدد: 5378 - 2016 / 12 / 21 - 11:35
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


في هذه الأيام تقترب ساعات الاختبارات لملايين الطلاب في كل مراحل التعليم، في كل ربوع وطننا العربي الكبير، ومع هذا الاقتراب تتحول البيوت إلى ساحات، معارك نفسية، يتقاذف فيها الجميع سهام الضغوط والألم، وربما القهر، وتصبح تلك الأيام في عداد أيام المحن والبلايا، وربما أسهمنا عن قصد، أو بدون قصد في قتل العديد من المزايا التي وضعت لها هكذا اختبارات، بل وضعناها في طور المستحيلات، فمن المفترض أن يفرح الطالب بقدوم هذه الأيام، كما يفرح الزارع باقتراف قطف ثماره، وكما يفرح الصانع برؤية كامل إنتاجه، وكما يفرح التاجر بربح تجارته، أما وقد بارت أرضنا العلمية، وتعطلت ماكيناتنا المعرفية، وكسدت بضاعتنا العقلية، فقد تحولت تلك الأيام الي ساحات من الصراخ المتواصل، والشد المتبادل، وتحول الأبناء إلي مخازن؛ لتكديس بعض المعارف البالية، التي تستدعي في ساعات العسرة، على أرصفة الممتحنين، في قاعات مكدسة بالأجساد المنهكة فكرياً ونفسياً واجتماعياً، فالجميع يتمني الخلاص على عجل من تلك البضاعة فالطالب وكأنه يحمل أوزار، وأولياء الأمور يتمنون خلاصا، ومعلمون قد زكمت أنوفهم من هكذا بضاعة.
نعم فقد تحول الفكاك، والذهاب إلى الإجازات طوق حياه ينتظروه الأبناء؛ لينتشلهم من أمواج الكتاب العقيمة، وصراع المعرفة البالية، واختناق المدرسة الرتيبة، ونظرات المعلم المنهك، وضغوط أولياء الأمور المحملة بكل الآمال والآلام.
وهؤلاء الطلاب ومع كل هذا يخرجون من تلك الأيام راغبين أو مرغمين صفر اليدين - إلا من رحم ربي- فيذهبون إلي النوادي، أو تتلاقهم أرصفة الشوارع، أو تستعد لهم مقاهي الألعاب الالكترونية، والمواقع الغاية في الحنو والإنسانية، والضاربة بعنف في جذور العاطفية، وهم لا يحملون سلاحا من قيم المقاومة لتلك الساحات، ولا يملكون زادا من المعرفة النافعة للتعامل مع كل تلك المغريات؛ فيصلون إلي الحد الذي يتمني فيه الكثير من أولياء الأمور لو لم يتعلم هؤلاء، وتفرغوا لاكتساب القيم والأخلاق، فلا الطلاب في غالبيتهم نهلوا من المعارف ما رسخ في بنيتهم المعرفية وصارت أثاره باقية؛ تبلغهم وتبلغ بهم ساحات التخصص النافع، وما تَرَكُوا لينالوا من القيم والأخلاق ما يجعلهم راسخين في أرض تموج بأسباب الانحراف، والانحلال، والتسيب في كل مكان.
نعم في هذه الأيام العصيبة للجميع وعلى الجميع، وحتي لا يفلت منا الزمام، أتمني علي الجميع علي من طلاب، ومعلمين، وأولياء الأمور، ووسائل إعلام، وكل المهتمين أن يجتهدوا لتوضع الاختبارات في مكانها الصحيح، فهي وضعت لقياس ما لدى الطلاب من إمكانات؛ ولتقومه، وترعاه، فهو إن أحسن زادته إحسانا من التقدير، ومن رفع لإمكاناته، وقدراته، وثقل لمهاراته، وإن بدا عليه بعض الخلل سارعت؛ لسد الخلل؛ وجبر الضرر؛ ومد يد العون حتي ينطلق بكامل طاقته، يحصل كأقرانه السابقين، فلا يتأخر عنهم، ولا يتخلف عن ركب معرفتهم، ونحن على هكذا حال أعيننا جمعيا مسلطة على مستقبل هؤلاء؛ حتي يخرجوا في ساحات المعارف، وتنمية الاتجاهات، وإثراء المهارات، وقد أخذوا بطرف خيط في سوق عمل يموج بالمتغيرات، ويطيح بمن فيه يوميا بثورات من الاختراعات، تزيح تلك الجيوش الهادرة من الخريجين؛ لتحل محلها الآلات.
وأخيرا فإن أمة تتحول أيام الحصاد، وساعات الربح فيها إلي أوقات أشبه بتشيع الجنائز، والتسرية في المصائب، هي أمه تحتاج إلي إعادة صياغة لمصانع العقول، وخطوط إنتاج المهارات، وتحتاج إلى جهد مضاعف لزراعة المعارف النافعة، و القيم الراسخة، والمهارات الضاربة بقوة، وتمكن في سوق العمل الملتهبة، لتحصد ثمارها السليمة والناضجة النابتة في تربة خالية من قهر الاختبارات.



#عبدالرازق_مختار_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعليم المجتمعي من رحم التجربة
- أفيخاي أدرعي وميلاد الرسول!!!
- وطنك فقط من يروي عطشك
- حكايات الكلبة أناستازيا؟!
- كلاسيكو الأرض أزمة هوية
- قلم شريف
- حلب الشهباء التي أحببت
- إسرائيل تحترق وماذا بعد ؟!!
- ما وراء مباراة مصر وغانا
- المرضى لا يعرفون
- شد السيفون ولا تخجل
- مفتون أصابته دعوة سعد
- اسم الآلة
- للاحتكار وجوه أخرى
- للشعب إعلام يلهيه
- لا صوت يعلو فوق صوت المصلحة
- وزارة واحدة تكفي
- المسئول الفقاعة
- أُريد: منصة عربية في زمن التغريب
- لا تقف على ظل المعلم


المزيد.....




- مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا ...
- وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار ...
- انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة ...
- هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟ ...
- حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان ...
- زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
- صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني ...
- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف ...
- الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل ...
- غلق أشهر مطعم في مصر


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عبدالرازق مختار محمود - قهر الاختبارات