|
لماذا يقول الإسلاميون (فتح) ولايقولون (غزو)؟
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5377 - 2016 / 12 / 20 - 14:10
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يزعم العروبيون والإسلاميون أنّ (الفتح/ الغزو) العربى كان بهدف نشرالإسلام، بينما الواقع، كما جاء فى كتب التراث العربى/ الإسلامى، أنّ أول سؤال سأله الغزاة العرب لحكام الدول التى احتلوا أراضيها، كان عن مقدار (الجزية) وهوما فعلوه فى العراق والشام وفارس ومصر.. إلخ. ويؤكد ذلك أنّ الغزوالعربى- على سبيل المثال- كان فى عهد عمربن الخطاب، بينما تجميع القرآن فى مصحف واحد كان فى عهد عثمان. فكيف يكون الهدف (نشرالإسلام) كما يزعم المُـغالطون؟ كما يتحنــّـب العروبيون والإسلاميون وأدعياء الليبرالية وأغلب الماركسيين استخدام تعبير (الغزو العربى) على بلاد الشام والعراق والمغرب ومصر إلخ ، بينما التزم المؤرخون القدامى بالتعبير الصحيح ، فصدرتْ عدة كتب (تراثية) بعنوان (غزوات الرسول) وهو ما جاء فى (صحيح البخارى) حيث التزم بما سمعه من الرواة ومن أمثلة ذلك : عن فلان عن فلان عن أنس أنّ رسول الله ((غزا خيبر، فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس (الغلس ظلمة آخر الليل) ولما دخل النبى القرية قال ((الله أكبر.. خربتْ خيبر.. إنــّـا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المُـنذرين)) قالها ثلاثــًـا.. وقال قائد الحملة : فأصبناها عنوة.. وسبينا.. وقال دُحية للنبى : اعطنى جارية من السبى . قال : اذهب فخذ جارية. فأخذ صفية بنت حـُـيى ، فجاء رجل إلى النبى وقال : يا نبى الله.. أعطيتَ دحية صفية بنت حـُـيى سيدة قريظة والنضير، لا تصلح إلاّ لـك . قال : ادعوه بها.. فجاء بها.. فلما نظر إليها النبى قال : خذ جارية من السبى غيرها.. قال فأعتقها النبى وتزوجها.. حتى إذا كان بالطريق جهـّـزتها أم سليم فأهدتها له من الليل فأصبح النبى عروسًا (الأدق لغويًا عريسًا) وقال : من كان عنده شىء فليحيى به.. وبسط نطعـًا.. إلخ)) (حديث رقم 371) وهذا الحديث الذى سرد واقعة غزو خيبر فيه أكثر من دلالة 1- التزام راوى الحديث باستخدام كلمة (غزو) 2- التأكيد على سبى النساء بعد انتصار جيش محمد 3- السبايا من النساء يتم توزيعهنّ على أتباع محمد 4- الإنسانة التى وقعتْ ضحية (السبى) تمّ التعامل معها على أنها مثل الشاة أو الجمل ، تنتقل ملكيتها من شخص لآخر، كما حدث مع صفية ، فبعد أنْ كانت من نصيب (دُحية) انتقلتْ لتكون من نصيب النبى 5- أنّ النبى دخل على صفية وعاشرها معاشرة الأزواج قبل أنْ يتأكد من خلو رحمها من الحمل ، حيث كانت صفية مُـتزوجة ، وقــُــتل زوجها فى المعركة 6- عدم مراعاة مشاعر صفية التى يـُـقام حفل زفافها على من قتل زوجها ووالدها وباقى أفراد أسرتها ، وفى مساء نفس اليوم الذى انتهتْ فيه المعركة. وللتأكيد على أنّ هدف الغزوات الحصول على غنائم المعركة ، أورد البخارى الحديث التالى : عن فلان عن فلان عن ابن عباس قال : قدم وفد عبد القيس على رسول الله ، وقالوا : إنــّـا من هذا الحى من ربيعة. ولسنا نصل إليك إلاّ فى الشهر الحرام ، فمرنا بشيىء نأخذه عنك ، فقال : ((آمركم بأربع ، وأنهاكم عن أربع)) ثم فسّرها لهم واختتم حديثه قائلا ((وإنى رسول الله.. وأنْ تؤدوا إلىّ خـُـمس ما غنمتم)) (حديث رقم 523) ولكن هل الغزو اقتصر على الحصول على غنائم المعارك ؟ أم تسبّـب (الغزو) فى كوارث بشرية ؟ عن فلان عن فلان عن أبى هريرة أنّ رسول الله قال ((والذى نفسى بيده ، لقد هممتُ أنْ آمر بحطب فيـُـحطب ، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ، ثم آمر رجلا فيؤم الناس ، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم)) (حدث رقم 644) فلمذا حرق البيوت ؟ لم يذكر أبو هريرة السبب الذى جعل النبى يقول هذا الكلام ، ولم يهتم البخارى بتقصى هذا السبب . وتبرير الغزو- دائمًا – يأخذ صبغة ميتافيزيقية تكرّرتْ كثيرًا تحت مقولة ثابتة ((العمل فى سبيل الله)) أو ((الجهاد فى سبيل الله)) مثال ذلك حديث ((من اغبرّتْ قدماه فى سبيل الله حرّمه الله على النار)) (حديث رقم 907) وأعتقد أنّ كلمة (اغبرّتْ) غالبًا مصدرها (الغبار) الذى يكون نتيجة حركة الخيول التى تنطلق مُـسرعة فوق الرمال أثناء الغزوات. وتأكــّـد ذلك فى حديث : عن فلان عن فلان عن عائشة قالت : قال رسول الله ((يغزو جيش الكعبة ، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم)) (حديث رقم 2118) فهذا الحديث – بغض النظر عن اسم قائله – كاشف عن تلك الآلية التى اعتمد العرب عليها فى نهب موارد الشعوب المُـتحضرة ، وعلى رأسها شعوب المُـجتمعات الزراعية ، ويكون الهدف من الغزو- ليس نهب الموارد فقط – وإنما القضاء التام على تلك الشعوب ، عندما استخدم تعبير ((يخسف بأولهم وآخرهم)) وقد تأكــّـد ذلك بما جاء فى آخر الحديث ، حيث سألتْ عائشة الرسول : كيف يا رسول الله يخسف بأولهم وآخرهم ، وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم ؟)) فقال ((يخسف بأولهم وآخرهم ، ثم يـُـبعثون على نياتهم)) فما معنى تعبير ((على نياتهم)) ؟ وما جدواه بعد أنْ تمّ ((الخسف بأولهم وآخرهم)) ؟ ومع ملاحظة أنّ تعبير (أولهم وآخرهم) يعنى الابادة التامة. وارتبط بالغزو الاغراء بدخول الجنة تحت مسمى (نيل شرف الاستشهاد فى سبيل الله) لذلك جاء حديث : عن فلان عن فلان عن سعيد بن المُسيب قال ، إنّ أبا هريرة قال : سمعتُ النبى يقول ((والذى نفسى بيده لولا أنّ رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أنْ يتخلــّـفوا عنى ، ولا أجد ما أحملهم عليه ، ما تخلــّـفتُ عن سرية تغزو فى سبيل الله. والذى نفسى بيده لوددتُ أنْ أقتل فى سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل)) (حديث رقم 2797) فهذا الحديث فيه تحريض واضح على الغزو (فى سبيل الله) لدرجة أنّ (الغازى فى سبيل الله) يتمنى – بشكل ميتافيزيقى – أنْ يُـبعث للحياة من جديد بعد أنْ يُـقتل ، ولدرجة تريد تلك الأمنية ثلاث مرات ، فإذا كان قائل هذا الحديث هو نبى الإسلام ، فكيف ولماذا لا يفعل مثله المؤمنون برسالته ؟ وعن فلان عن فلان عن زيد بن خالد أنّ رسول الله قال ((من جهـّـز غازيًا فى سبيل الله فقد غزا ، ومن خلــّـف غازيًا فى سبيل الله فقد غزا)) (حديث رقم 2843) ومعنى الحديث أنّ الشخص الذى لا يستطيع المُـشاركة فى الغزو، ولكنه ساهم فى (التجهيز للغزو) فكأنه غزا مع باقى الغزاة. وهذا المعنى تأكــّـد بحديث ((الخيل فى نواصيها الخير إلى يوم القيامة)) (حديث رقم 2849، حديث رقم 2850) ثم تكرّر فى حديث ((البركة فى نواصى الخيل)) (حديث رقم 2851) وتكرّر فى حديث ((الخيل معقود فى نواصيها الخير إلى يوم القيامة الأجر والمغنم)) (حديث رقم 2852) وهذا الحديث كان أكثر وضوحا فى التركيز على (الأجر) وعلى (المغنم) أى الغنيمة كما ورد فى سورة الأنفال. وتكرّر فى حديث ((من احتبس فرسًا فى سبيل الله إيمانــًا بالله والتصديق بوعده ، فإنّ (شبعه) و(ريه) وروثه وبوله فى ميزانه يوم القيامة)) (حديث رقم 2853) أى أنّ بول الفرس وروثه سيكونان فى ميزان (حسناته) يوم القيامة. أما الحديث الذى لم يكتف قائله بالتحريض على القتال والغزو، وإنما الحط من شأن البشر، فهو حديث ((لا تقوم الساعة حتى تــُـقاتلوا التــُـرك صغار الأعين ، حـُـمر الوجوه ، ذلف الأنوف ، كأنّ وجوههم (المجان المطرقة) ولا تقوم الساعة حتى تــُـقاتلوا قومًا نعالهم الشعر)) (حديث رقم 2928) وتكرّر فى حديث رقم 2929. فلماذا ذلك التعالى المقيت اللا إنسانى ، الذى يجعل شعر الإنسان يحل محل (النعل) أو (المداس) الذى يضعه الإنسان فى قدمه ؟ بل إنّ العرب الذين خالفوا نبى الإسلام لم يسلموا من (دعوات) الدعاء عليهم مثل الحديث الذى قاله الرسول يوم الأحزاب ((ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارًا.. شغلونا عن الصلاة الوسطى حين غابتْ الشمس)) (حديث رقم 2931) فهل مجرد الانشغال عن الصلاة تستوجب أنْ يقوم (الله) بحرق بيوت وقبور من خالفوا النبى ؟ وقال أيضًا ((اللهم مُـنزل الكتاب سريع الحساب ، اللهم اهزم الأحزاب ، اللهم اهزمهم وزلزلهم)) (حديث رقم 2933) وحتى أقاربه وأبناء قبيلته قريش لم يسلموا من (الدعاء) عليهم فقال ((اللهم عليك بقريش.. اللهم عليك بقريش)) (حديث رقم 2934) ولأنّ (الدعاء) سيترتب عليه هزيمة الخصوم وبالتالى الحصول على ممتلكاتهم لذلك قال ((أحلــّـتْ لى الغنائم)) (حديث رقم 3122) وتأكــّـد فى حديث ((تكفــّـل الله لمن جاهد فى سبيله لا يُخرجه إلاّ الجهاد فى سبيله وتصديق كلماته ، بأنْ يُـدخله الجنة ، أو يرجعه إلى مسكنه الذى خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة)) (حديث رقم 3123) وقال (أحلّ الله لى الغنائم ، رأى ضعفنا وعجزنا فأحلــّـها لنا)) (حديث رقم 3124) وتحت باب (بركة الغازى فى ماله حيًا وميتــًا مع النبى) كتب البخارى حديثــًا طويلا شمل صفحة كاملة من القطع الكبير، وخلاصة ما ذكره أنه نتيجة الغزوات التى قام بها الزبير أنه اشترى ((غابة بسبعين ومائة ألف ، فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف)) (حديث رقم 3129) وللتأكيد على أنّ الغزوات كان يتبعها سبى النساء والحصول على أموال القبيلة المهزومة، ورد حديث مُـلخصه أنّ وفدًا من هوازن (مسلمين) جاء إلى النبى ، وسأل أعضاء الوفد الرسول أنْ يرد إليهم أموالهم وسبيهم ، فقال لهم رسول الله ((أحبُ الحديث إلىّ أصدقه ، فاختاروا إحدى الطائفتيْن : إما السبى وإما المال ، قالوا نختار سبينا)) (حديث رقم 3131، وحديث رقم 3132) وتحت باب (من لم يُـخمّـس الأسلاب ومن قتل قتيلا فله سلبه من غير أنْ يُـخمّـس) كتب البخارى عن فلان عن فلان عن أبى محمد مولى أبى قتادة ، أنه بعد غزوة (حنين) قال الرسول لنا ((من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه)) (حديث رقم 3141) أما من يـُــقتل من جيش (المسلمين) ولم يحصل على (غنائم الدنيا) فإنّ الأحاديث العديدة ركــّـزتْ على معنى الاستشهاد (فى سبيل الله) وأنْ ينال (الشهيد) دخول الجنة ، وهو عبّر عنه حديث : عن فلان عن فلان عن أنس بن مالك أنّ النبى قال ((ما أحد يدخل الجنة يـُـحبُ أنْ يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شىء إلاّ الشهيد ، يتمنى أنْ يرجع إلى الدنيا فيـُـقتل عشر مرات ، لما يرى من الكرامة)) (حديث رقم 2817) وفى حديث آخر قال عمر بن الخطاب للنبى : أليس قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار؟ قال النبى بلى (= نعم) وأضاف ((واعلموا أنّ الجنة تحت ظلال السيوف)) (حديث رقم 2818) وتكرّر فى الحديث رقم 2966، وتكرّر فى الحديث رقم 3025. ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أليست الآيات المتعلقة بالواقع تؤكد أنها ليست سابقة التجهيز؟
-
لماذا تحتفى الميديا المصرية بالإسلاميين ؟
-
الاعتداء على الكاتدرائية المصرية والسجل الإجرامى للإسلاميين
-
الاقتصاد واختلاف الأنظمة
-
أحادية أخناتون التى انتقلتْ للديانة العبرية
-
هل يستطيع اليسارالمصرى التخلص من كابوس العروبة؟
-
لماذا إصرار العروبيين على التزوير؟
-
لماذا لايهتم صناع السينما المصرية بمأساة ماريه القبطية؟
-
لماذا انقسم أبناء الديانة العبرية ؟
-
ثوابت الدين وتغيرالبيئة والزمن
-
هل الشيخ محمد عبده من التنويريين ؟
-
لماذا أحرق عثمان المصاحف ؟
-
حُلم الإسلاميين الطوباوى ب (تنقية) التراث
-
دور البيئة الطبيعية والتأقلم
-
ملاحظات حول مشكلات اللغة العربية
-
التطور من الخلية الواحدة إلى الإنسان
-
انعكاس الثقافة القومية على الإبداع (10)
-
زراعة الأنسجة ودور العلم
-
المواجهة بين العلم والكهنوت الدينى
-
انعكاس الثقافة القومية على الأدب (9)
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|