|
حثالات تُثير الفتن
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 5376 - 2016 / 12 / 19 - 17:34
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هناك مايثيرني ويدعوني للكلام ووضع النقاط على الحروف وتسمية الأشياء بمسمياته من غير تزييف وخديعة أو تضليل ، وأقول إن هناك حثلات تُثير الفتن في مجتمعاتنا مدفوعة بأنانية وحقد وفشل وقلة مرؤة وخيبة أمل ، ولهذا تدفع في إتجاه التضليل والتعمية وزيادة منسوب الجهل والتخلف ومن تلك الحثالات مايلي :
الحثالة الأولى : هو القمص زكريا الذي كان السبب هو وامثاله من المتخلفين والجهلة ، في ما حدث للكنيسة المرقسية بالعباسية من تفجير وقتل وجريمة نفذها معتوه رداً على ما يقوم به هذا القمص المشبوه ، فهذا الحثالة ما فتئ يُنكئ الجراح من خلال العمل الممنهج في التطاول على النبي محمد سباً وشتماً وتسفيهاً ، هذا الفاسد المنحرف تشعر من كلامه ويكأنه يحمل كل الحقد وكل الكراهية لكل ماهو مختلف ومُغاير ، وتشعر كم إنه مبتعد عن روح المحبة والسلام التي نادى بها رسول السلام عيسى عليه السلام ، هذا القمص الذي لا نعرفه في سجل المؤمنيين ، ولا نعرف من أين جاء ، نعتبره هو المسؤول مسؤولية كاملة ومباشرة لما حدث ويحدث من أعمال قتل وتدمير وكراهية ضد أقباط مصر ، وإني في ذلك أحمل الكنيسة وبابا الكنيسة ما يقوم به هذا الحاقد المأجور ، لأنه يضع الكنيسة وبما تحمل من أرث حضاري وروحي في موضع الشك والريبة ، كما يضعهم في معرض الهجوم من قبل أناس مؤمنيين بنبيهم ، الذي يعمد هذا الحثالة على التطاول عليه بالسب والشتم وسوء الأدب ، وأنا من موقعي هذا أدعوا راعي الكنيسة القبطية لكي يتخذ ما يرآه مناسباً بحق هذا المأفون ، ولما يسببه للقبط والأقباط من أضرار كبيرة يكون أثرها واضح على روح التعايش المجتمعي والوطني ، وإني وإن كنت أحاول الإبتعاد عن الكلام فيما هو ديني ومذهبي محض ، لكني أجد نفسي مضطراً لمعالجة مايمكن ، وبعدما تعرضت الكنيسة لإعتداء غادر من إرهابيين محترفيين ، أجدني ملزم بتذكير من يهمهم الأمر في الحكومة والكنيسة لخطورة ما يقوم به هذا المدعو وبما يسببه من أذى للجميع ، هذا مع إيماني بالإختلاف وإيماني بأن ذلك الإختلاف لا يجب أن يكون سبباً في التطاول على ما يعتقد به الغير ويؤمن به ، فمقولة لا إكراه في الدين أجدها خير شعار يجب ان يعمل به الجميع ، كما أجد أن روح لكم دينكم ولي دين تساهم في عملية التعايش وإحترام إيمانات وعقايد الأخرين ، وإن أرادت مصر العيش بسلام وأمن فالتتابع هذا الهارب عبر الطرق القانونية لكي يرتدع من إثارة الفتنة التي هي - أشد من القتل - ، ومُعترف بأن من يسبب للناس أذى فيما يؤمنون ويعتقدون مفسد في الأرض يجب محاسبته والقضاء على شروره ، لأنه في ذلك يتساوى مع الإرهابيين والقتلة ومثيري الفتن المتابعين والمرصودين من كل الأحرار والداعين لحُسن التعايش والسلام بين الناس وبين الفرقاء .
الحثالة الثانية : المُثيرة للفتنة هي قناة صفا الفضائية تلك التي تحترف الشتيمة وسوء الخلق والأدب ، والتي تُصبحنا وتُمسينا بلعن وشتم وتحريض المؤمنيين بعضهم على بعض ، وهي تتعمد ذلك في تطاولها على الشيعة : ذلك المذهب الحق وعلى رجالات الشيعة أولئك الحريصين على الوحدة ، تقوم بذلك من غير وازع أخلاقي ورادع ديني وهي أي القناة مسؤولة مع غيرها في تأجيج نار الفتنة في بلادنا العربية وبين أبناء الوطن الواحد ، هؤلاء السفلة من مشايخ السوء يحرضون الناس على بعضهم معتمدين على مقالات التراث لوعاظ السلاطين وخلفاء السوء ، مع علمهم : إن الشيعة في اللفظ والمعنى هي الجماعة التي تعبر عن الإيمان و الإتباع الصحيح للنهج المحمدي الغير مزيف والغير ممسوخ ، ويعلمون جيداً إن الشيعة هي الأصل المعبر عن الإتباع للرسالة السماوية وليس هناك من أسم أدل أو مواز لها في التعبير والدلالة عن ذلك ، هذه القناة المسخ التي ترتبط جدلاً وأكيداً بهؤلاء القتلة من أرهابيي القاعدة وداعش وأخواتهن ، حديثها يدل عليها من غير لبس ، نعم هناك خلاف بين الشيعة و السنة في الفقه وفي الإجتهاد وفي السياسة ، لكن هذا الخلاف لا يجب أن يكون مدعاة للتفرقة والفتنة والحروب والدمار والقتل والكراهية ، كما يجري ونشاهده في العراق والشام ومصر واليمن وليبيا ، إن كل جريمة ترتكب في العالم اساسها ما يُبث من هذه القناة وأمثالها ، فعلى الخيرين من هذه الأمة كبح جماحها وجماح رعاتها ، وقطع بثها وما تنشره فجميعه مفاسد وفتن وكذب وتحريض وقول فاحش داعر ..
الحثالة الثالثة : ما يقوم به المدعو ياسر حبيب من لعن وشتم بحق أزواج النبي واصحابه ، في عملية خسيسة مكشوفة النوايا والدوافع ، إذ ما علمت إن من يوالي علياً حقاً يكون شيمته السب والشتم ، لأني أعلم إن هذه اللغة لغة الضعفاء وقليلي الحيلة ، ومن ليس في يدهم ما يدافعون عنه بالحجة والبرهان والدليل ، ثم إن الخلاف على السقيفة هو خلاف سياسي وليس ديني ، ومحله كتب الماضي والنبش فيها وبما يعتريها من شبهات وتزييف مُخالفة صريحة لكتاب الله الذي يقول - تلك أمة خلت لها ما كسبت وعليها ما أكتسبت - ، إذ لا فائدة منها تُرجى غير زيادة في منسوب الكراهية والحقد والتوتر وإعطاء المبررات للإرهابيين فيما يفعلونه من قتل وتدمير وجريمة بحق الأبرياء ، إن هذا المُزيف المسخ لم يرع للمؤمنيين إلاً ولا ذمة ، ولم يرع حدود ما أمر الله به أن يوصل ، فقد تجاوز هذا الحثالة على كل مقدس من غير ان يستحي وذلك لفساد خلقه ومنشأه ..
وليعلم الناس كل الناس إني لست مُدافعاً على أحد ، لكن ضميري وإيماني وخوفي على ما تبقى من الإنزلاق في أوهام الفتن وشرورها ، وبعدما أنكشف للناس خيبة أمل مثيري الفتن وما يسببون من ألم وحزن ودمار ، رأينا هذا في العراق والشام ومصر واليمن ونجده هناك في ليبيا ، لهذا كان لزاماً عليّ أن أقول : إن الشيعة هم أقل الناس ضرراً على الناس لأنهم دُعاة وحدة وجمع نرى ذلك في سلوك قادتهم ، وإن أختلف الناس في تقييم ذلك ، فهذا الإمام الخميني كان يدعوا أتباعه ومناصريه جميعاً للصلاة خلف أمام الحرمين في مكة أيام الحج ، بل ودعاهم ليقفوا معهم في يوم واحد على عرفات مع إن ذلك ليس شرطاً لأنه أمر فقهي إجتهادي خلافي ، ورأينا الشيخ المنتظري في دعوته للوحدة بين المسلمين في أسبوع ولادة النبي محمد ، ورأينا ذلك عند الشيخ الركابي في دعوتة لجواز العمل وفق المذاهب السنية ، ووجدنا ذلك عند السيد فضل الله ولدى السيد الخامنئي في فتوآه المشهورة ، وكذا عند السيستاني في تحريمه لسب أزواج النبي وأصحابه ، وهذا غيض من فيض ذكرناه طلباً للفائدة وتعميماً للفضيلة .
من هنا نقول إن إثارة الفتنة بين المسلمين والمسيحيين وبين السنة والشيعة ، له أيد خبيثة تعمل بالخفاء لتضليل الناس وحرفهم عن العمل الصالح في التنمية والبناء والإعمار وتطوير مافات في ظل الحقب السود التي مرت ، ولنعترف إن هذه الحثالات قد أساءت كثيراً ، وتمادت في غيها وجعلتنا جميعاً في أعين العالم مكروهين غير مرغوب فينا ، لكننا مؤمنيين بأن شعوبنا ستنتصر على هذا الزيف وعلى تلك الحماقات التاريخية ، لأن الأمل بالحياة والبناء لديها أكبر ، وتلك هي الحقيقة التي نرآهن عليها في مشروع العدل والحرية والسلام ...
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قانون الحشد الشعبي
-
بدعة صيام عاشوراء
-
تصحيح الإعتقاد في معنى ثورة الإمام الحسين
-
لماذا لا ينجح العراقيون ببناء دولتهم ؟
-
تجذير مشروعية عمل الحشد الشعبي
-
غضب فاشل في تركيا
-
ما بعد العيد
-
بيان صادر عن الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي بمناسبة الإن
...
-
تحرير الفلوجة
-
قبح الله إسلامكم
-
رسالة مفتوحة للأخ رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي
-
أوهام المصطلحات
-
بين إسلام مكة وإسلام المدينة
-
سلاماً شهداء الناصرية
-
تدمر حرة
-
هي آمال
-
عن التغيير والإصلاح
-
سوريا الفدرالية
-
الفدرالية في مواجهة التقسيم
-
في الطريق لليبرالية الديمقراطية ومفهوم الإيمان
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|