|
مظاهر الأبارتهايد في السياسات الإسرائيلية - دراسة بحثية
عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني
(Abdel Ghani Salameh)
الحوار المتمدن-العدد: 5375 - 2016 / 12 / 18 - 13:10
المحور:
القضية الفلسطينية
مقدمة
تعني كلمة "أبارتهايد" الفصل أو التفرقة، وهي مأخوذة من لغة "الأفريكانز"؛ لغة المستعمرين البيض الذين استوطنوا جنوب أفريقيا. وكان هذا المصطلح عماد سياسة وفلسفة الحزب الوطني الذي قاد البلاد منذ أن فاز في انتخابات عام 1948 وحتى نهاية نظام الفصل العنصري في مطلع تسعينات القرن الماضي. والحزب الوطني في جنوب أفريقيا، حزب يميني شوفيني عنصري يمثل المستعمرين من أصول هولندية، وقد سنَّ جملة من القوانين العنصرية التي جاءت استكمالا وتجسيدا لتلك القوانين التي وضعها المستعمرون البريطانييون عند تأسيس دولة جنوب أفريقيا عام 1910. وبموجب قوانين الأبارتهايد، حوصر الشعب الإفريقي الأصلي في مناطق متقطعة غير متصلة (بانتوستونات)، سمح لهم فيها ممارسة نوع من الحكم الذاتي، وكانت تشكل أقل من 13% من أرض جنوب أفريقيا التاريخية. وقد فرضت السلطات على الجميع حمل دفتر هوية يحدد فيه الأماكن والمواقيت المسموح للفرد أن يدخل أو يخرج منها، أو يتنقل بينها. وكان الشرطة تسجن أي مواطن لا يحمل هذا الدفتر. ربما يصح القول، بأن نظام التفرقة العنصرية الذي مورس في جنوب إفريقيا كان الأسوأ على مر التاريخ، ولم تعرف البشرية نظاما أشد ظلما منه، ولا يدانيه في بشاعته سوى نظام الرق والعبودية.. حتى صارت كلمة أبارتهايد وصفا تحقيريا لكل نظام لا يحترم مواطنيه على قدم المساواة، ويمارس عنصريته على أي فئة من الشعب..
وبداية، يجدر توضيح الفرق بين التمييز العنصري والفصل العنصري؛ حيث يتشابه المصطلحان، ويشتركان بتضمنهما كلمة العنصرية، والتي هي اعتقاد الفرد أو المجموعة بالتفوق والتميز عن الآخرين، بسبب لون البشرة أو العرق أو الأصل الإثني. التمييز العنصري ((Racism وحسب المادة 1 من الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري (1965)، يقصد به أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفصيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني، ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، أو التمتع بها أو ممارستها، على قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي، أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة.
والتمييز العنصري سلوك سلبي شائع في العديد من المجتمعات، وعادة يأتي في الأجواء غير الصحية، والمجتمعات المتحضرة تنبذ هذا السلوك. وغالبا ما يستخدم المتعصّبون العنصرية والدين لدفع الناس للحقد والكراهية، وإذكاء مشاعر العداء والخوف من كل ما هو أجنبي أو مختلف، وبالتالي فهي من أهم أسباب نشوب الحروب. وقد دأب المستعمرون على تبني العنصرية لتبرير جرائمهم وتسلطهم على الشعوب الأخرى، بحجة أنهم بدائيون وهمج، وفي مرتبة أقل من البشر.
وقد ظل التمييز العنصري سائداً في المجتمع الأمريكي حتى نهاية الستينات، حيث كان يحظر على السود ارتياد الجامعات، أو دخول المسابح والفنادق والمطاعم والمرافق العامة الخاصة بالبيض، وعند صعودهم الحافلات عليهم إخلاء المقعد للبيض، وهكذا.. واستمرت هذه السياسات إلى أن انتصرت ثورة "مارتن لوثر كينج"، وفرضت على الدولة تغيير أنظمتها وقوانينها بإلغاء كل ما له علاقة بالعنصرية، وعدم المساواة..
أما الفصل العنصري أو التفرقة العنصرية (Apartheid)، فهي فصل مجموعة اجتماعية أو إثنية عن الباقي، ومعاملتها معاملة سيئة، أي بنفس أنماط العنصرية، ولكن بعد فصل وإزاحة المجموعات المضطهدة في تجمعات منفصلة. وهي السياسة التي كانت متبعة في نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، والتي دامت حتى تحرر "نيلسون مانديلا" من السجن, وفاز حزبه في أول انتخابات حرة، وشكّل أول حكومة وطنية غير عنصرية، وأنهى بذلك العنصرية في بلاده.
الأبارتهايد في القانون الدولي
في العشرين من تشرين الثاني عام 1963 اعتمدت الأمم المتحدة الإعلان العالمي للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري (ميثاق الأبارتهايد). وفي العام 1966 أعلنت الجمعية العامة عن يوم 21 آذار اليوم العالمي لمكافحة العنصرية، وهو اليوم الذي يصادف ذكرى مذبحة شاربفيل، التي ذهب ضحيتها 69 شخصاً كانوا خارجين في مظاهرة سلمية ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
في عام 1976 قام طلاب المدارس في جنوب إفريقيا بتنظيم مظاهرات حاشدة ضد قوانين الفصل العنصري، فقتلت قوات النظام نحو 500 متظاهر، وجرحت ما يزيد عن الألف، فيما عرف بانتفاضة ومجزرة سويتو. والتي على إثرها، أصدر المجتمع الدولي في الأمم المتحدة ميثاقاً هاماً حمل عنوان الإتفاقية الدولية لمحاربة جريمة الأبارتهايد والمعاقبة عليها.
والمجتمع الدولي لا يعتبر الأبارتهايد جريمة مقتصرة على جنوب أفريقيا؛ بل هي جريمة يمكن أن ترتكبها أي دولة، وبالتالي فإن دور المجتمع الدولي في حالة أنه وجد دولة ترتكب هذه الجريمة أن يتخذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية والإقتصادية مثل فرض العقوبات والمقاطعة الشاملة ومحاكمة الجناة، حتى ينتهي ارتكاب الجريمة.
ومنذ تأسيس الأمم المتحدة، صدرت عدة مواثيق دولية هامة (مثل ميثاق روما، والميثاق الدولي لإزالة جميع أنواع التميز العنصري، وثيقة ديرأبان...) وهذه المواثيق تعتبر الأبارتهايد جريمة مثل الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، والعبودية.. وهي جرائم محظورة دوليا. وفي هذه المواثيق وُضع تعريف واضح لهذه الجريمة؛ ورغم إختلاف الصياغة اللغوية في تعريفها إلا أن القاسم المشترك بينها هو أن الدولة التي ترتكب جريمة الأبارتهايد، هي الدولة التي تسخّر قوانينها وسياساتها بهدف إبقاء أو إدامة سيطرة فئة (عرقية أو إثنية أو قومية أو دينية) معينة على الفئات الأخرى، ووبالتالي تمثل ممارساتها انتهاكا لحقوق الإنسان.
أشكال الأبارتهايد:
وفقاً للاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها، والتي اعتمدت بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3068 المؤرخ في 30 نوفمبر 1973؛ تعلن الدول الأطراف في هذه الاتفاقية أن الفصل العنصري جريمة ضد الإنسانية، وأن الأفعال اللاإنسانية الناجمة عن سياسات وممارسات الفصل العنصري وما يماثلها من سياسات وممارسات العزل والتمييز العنصريين، والمعرّفة في المادة الثانية من الاتفاقية، هي جرائم تنتهك مبادئ القانون الدولي، ولا سيما مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتشكل تهديدا خطيرا للسلم والأمن الدوليين. وبالتالي فإن الدول الأطراف في هذه الاتفاقية تجرّم المنظمات والمؤسسات والأشخاص الذين يرتكبون جريمة الفصل العنصري.
وحسب المادة الثانية من هذه الاتفاقية؛ فإن الأشكال والممارسات التالية تعتبر سياسات فصل عنصري:
- حرمان فئة اجتماعية أو عرقية من الحق في الحياة والحرية الشخصية, أو قتل أو اعتقال أعضاء من هذه الفئة، أو إلحاق أذى مادي أو معنوي بهم، أو التعدي على حرياتهم أو كرامتهم، أو إساءة معاملتهم، أو فرض عقوبات جماعية عليهم، على خلفية عرقية أو قومية. - إخضاع فئة أو فئات عرقية أو إثنية عمداً لظروف معيشية غير لائقة، أو الحط من كرامتهم، أو الانتقاص من إنسانيتهم. - إتخاذ تدابير تشريعية وغير تشريعية, يقصد منها منع فئة أو فئات عرقية من المشاركة في الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية للبلد على قدم المساواة مع بقية المواطنين, أو حرمان أعضائها من حريات الإنسان وحقوقه الأساسية, بما في ذلك الحق في العمل, والحق في تشكيل نقابات وأحزاب معترف بها, والحق في التعليم, والحق في مغادرة الوطن والعودة إليه, والحق في حمل الجنسية, والحق في حرية التنقل والإقامة, والحق في حرية الرأي والتعبير, والحق في حرية الإجتماع. - إتخاذ أي تدابير تهدف إلى تقسيم السكان وفق معايير عنصرية, بخلق معازل مفصوله لأعضاء فئة أو فئات عرقية, ونزع ملكية العقارات المملوكة لفئة أو فئات أو لأفراد منها. - استغلال عمل أعضاء فئة أو فئات عرقية لا سيما إخضاعهم للعمل القسري. - اضطهاد المنظمات والأشخاص بحرمانهم من الحقوق والحريات الأساسية لمعارضتهم الفصل العنصري.
هل إسرائيل نظام أبارتهايد؟
في الآونة الأخيرة، أخذت أصوات عديدة تصف دولة إسرائيل بأنها نظام أبارتهايد؛ مثلا الرئيس الأمريكي الأسبق "جيمي كارتر" ألف كتاباً بعنوان "فلسطين: السلام لا الأبارتهايد"، مع أنه لم يصف صراحة إسرائيل بالأبارتهايد، لكنه أشار للعلاقة بين الاحتلال والفصل العنصري. مبعوث الأمم المتحدة الخاص بالأراضي الفلسطينية المحتلة السابق "جون دوغارد" قال: "إن إسرائيل ترتكب ثلاثة إنتهاكات تتعارض مع المجتمع الدولي، وهي الاستعمار والاحتلال والأبارتهايد"، وفي يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني (29 نوفمبر من كل عام) قال رئيس الهيئة العامة للأمم المتحدة الأب "ميغيل ديسكوتو": "من واجبات المجتمع الدولي أن يعترف بحقيقة الأمر وينظر لإسرائيل كدولة أبارتهايد".
بالرغم من تباين التوجهات الأيديولوجية والخيارات السياسية بين كل من إسرائيل وحكومة جنوب إفريقيا (زمن الفصل العنصري)، إلا أنهما كمشروعين استعماريّين يتشابهان إلى حد ما؛ كما إن ممارسات النظامين تتكرر فيهما مظاهر الأبارتهايد، وتبدو في أكثر من واقعة محاولات لتقليد بعضهما البعض، وتبادل الإعجاب. وقد تميزت العلاقات بينهما واستمرت حتى في الأوقات التي كان العالم بأسره يقاطع "بريتوريا"، بل إن إسرائيل الدولة الوحيدة التي اعترفت بنظام البانتوستونات؛ وتبادلت التمثيل الدبلوماسي مع البانتوستان المسمى آنذاك بوفوتانسوانا، وافتتحت له سفارة في تل أبيب.
والغريب أنّ نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا كان يزعم أنه النظام الديمقراطي الوحيد في إفريقية، تماما كما تدّعي إسرائيل بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، رغم كلّ ما ممارساتهما الواضحة من تمييز وفصل عنصري ضد الشعب..
وبمقارنة الأشكال التي نصت عليها المادة الثانية من "الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها"، والتي اعتبرتها ممارسات فصل عنصري "أبارتهايد"، يمكن لأي مراقب موضوعي الإقرار بأن هذه الأشكال تمارسها إسرائيل وتكرسها بشكل ممنهج, إضافة إلى أشكال أخرى من القهر والإضطهاد؛ كالتعذيب والعزل في الزنازين والحرمان من النوم والعلاج للأسرى، وانتهاك حرمات البيوت, والإحتفاظ بجثث المتوفين داخل السجون, وغيرها من الممارسات, لتظهر أن إسرائيل دولة تمييز عنصري, تفوقت على نفسها في ممارسة هذه الجريمة، وابتكرت أساليب وإجراءات قاسية, لم تخطر ببال المشرع الدولي حين قام بتعداد أشكال وأنماط الممارسة التي تثبت وقوع هذه الجريمة.
ومن المبادئ الأساسية للقانون الدولي أن معاهدات حقوق الإنسان تنطبق على جميع المناطق التي تمارس فيها الدولة الطرف سيطرة فعلية عليها. وتبعاً لذلك، يترتب على إسرائيل واجب تنفيذ جميع معاهدات حقوق الإنسان التي تكون طرفاً فيها، بما فيها الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، فيما يتعلق بجميع الأشخاص المقيمين في إسرائيل والقدس الشرقية، فضلاً عن الأراضي المحتلة. وحسب تقرير منظمة العفو الدولية ترفض إسرائيل تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان على الأراضي المحتلة.
وتُلزم المادة 5 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري الدول الأطراف فيها بضمان المساواة أمام القانون للجميع بدون أي تمييز بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومي أو الإثني، لاسيما التمتع ببعض الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. ومبدأ عدم التمييز مبدأ لا يمكن الانتقاص منه، حتى في حال قيام حرب أو حالة طوارئ، فلا يجوز للدولة القيام بأعمال تصل إلى حد التمييز العنصري. وحتى عندما تواجه الدولة تهديداً لأمنها، ولا يجوز لها استهداف أعضاء جماعة عرقية معينة بمعاملة أقل إيجابية من المعاملة التي يلقاها االآخرون. وهذا يعني أن كل الإجراءات التي تتخذها إسرائيل لتقييد حقوق الفلسطينيين تعتبر انتهاكا للقانون الدولي.
وعند الحديث عن ممارسات الأبارتهايد الإسرائيلية من الخطأ حصرها في الضفة الغربية وقطاع غزة، مع أن جدار الفصل العنصري والمستوطنات وانتهاك حرية التنقل من أوضح ممارسات الأبارتهايد للتمييز بين المستوطن اليهودي والإنسان الفلسطيني، بل يتوجب طرح المفهوم على حقيقته وبشكله الأوسع: أي كل ما يشمل القوانين والسياسات والممارسات الإسرائيلية ذات العلاقة بالشعب الفلسطيني بأسره على جانبي الخط الأخضر.
وتعتبر منظمة العفو الدولية أن القضايا التالية تنطوي على انتهاكات واضحة للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري: المستوطنات، الطرق الالتفافية، عمليات الإغلاق والحواجز المقامة على الطرق وحظر التجول، هدم المنازل وتجريف الأراضي، جدار العزل، العقوبات الجماعية، تمييز العمال في إسرائيل، القوانين والأنظمة المتعلقة بالأراضي والتخطيط والبناء في إسرائيل والأراضي المحتلة، والقوانين الحالية والمقترحة القائمة على التمييز في إسرائيل والأراضي المحتلة.
الجانب الأيديولوجي للأبارتهايد الإسرائيلي
الركن الأساسي النظري من الأبارتهايد الإسرائيلي هو الجانب الأيديولوجي/ الفكري للحركة الصهيونية؛ والذي يرتكز على مقولة أن اليهود هم قوم مميز (شعب الله المختار)، وأن الله اختصهم دون سائر الشعوب، وخلق بقية البشر (الغوييم) لخدمتهم.. وبالتالي من واجبات هذا الشعب المميز أن يكون له دولة، وأن هذه الدولة لا بد أن تكون يهودية. عملياً ونظرياً الطابع اليهودي لهذه الدولة يعني أنه ينبغي على السكان اليهود فيها أن يكونوا ويشكلوا أغلبية سكانية، لها السيطرة السياسية والجغرافية والعسكرية المطلقة في بقعة الأرض التي اختارها الله لهم موقعاً لدولتهم اليهودية (فلسطين). والنظرة الصهيونية تجاه فلسطين إنطلقت أساسا من مقولة "فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض", هذا الشعار الذي لا يعترف بوجود الشعب الفلسطيني ولا يراهم حتى، إنما يظهر عمق عنصرية وعدوانية الحركة الصهيونية, وسعيها إلى الإستيلاء على كامل أرض فلسطين, وإجلاء شعبنا عنها لتحل محله جماعات مستوطنيها الذين مازالوا يعتقدون أنهم البشر الإلهيون الذين على الآخرين خدمتهم.
بناء على هذه العقيدة الإستعلائية بنت إسرائيل وما زالت تبني سياساتها تجاه الشعب الفلسطيني، حتى لو تطلب ذلك اقتراف مذابح جماعية وعمليات تهجير، كما حصل إبان النكبة، وعمليات إبعاد وهدم بيوت ومصادرة أراض وإستيطان وغيرها من الممارسات التعسفية، كما يجري الآن وبشكل شبه يومي.
مظاهر وتجليات الأبارتهايد الإسرائيلي
لم تقتصر سياسة التمييز العنصري التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين على الأوامر العسكرية التي تصدرها في صيغة قوانين منذ بدء احتلالها للضفة والقطاع عام 1967, ولا على القوانين التي كانت تقصد من خلالها التضييق على حياة وحرية وحقوق الفلسطينيين داخل مناطق 1948, بل تعدت تلك السياسة ذلك إلى الأوامر والقوانين والإجراءات والأنظمة والشروط, لتطال كل جوانب حياة الفلسطينيين, الإنسانية, والإجتماعية, والصحية, والإقتصادية, والأمنية, إضافة للملكية الخاصة التي تنتهك كل يوم بفعل الأوامر العسكرية بمصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات فوقها, وكذلك إقامة الحواجز العسكرية وعرقلة حركة المواطنين أو منعها, بما يحول دون أي تواصل إجتماعي أو اقتصادي أو تعليمي, ويحول دون إمكانية إحداث أي تطوير على أي من البنى التحتية, أو في أي المجالات الزراعية أو الصناعية أو التجارية.
ولم تكتفي اسرائيل بذلك كله, فقامت بإنشاء جدار الفصل العنصري, بهدف مصادرة المزيد من الأراضي وضمها نهائياً لإسرائيل, وبهدف فصل المناطق الفلسطينية بحيث تصبح كانتونات معزولة بعضها عن البعض الآخر, بحيث لا تبقى هناك إمكانية مستقبلية لبناء دولة فلسطينية, وتحول دون تمكين الفلسطينيين من ممارسه حقهم الأساسي والمشروع في تقرير مصيرهم.
كما أن التهجير الذي قامت به إسرائيل بالقوة المسلحة عام 1948, وتشريد الفلسطينيين في مخيمات اللجوء, وهدمها لمئات القرى, وتنفيذ المجازر الجماعية في العديد منها في تلك الأثناء, وتنفيذ مجازر مماثلة فيما بعد في قبية ونحالين وفي مخيمي صبرا وشاتيلا وفي قطاع غزة ومخيم جنين, وأعمال قتلها خلال الإنتفاضة الأولى التي اندلعت عام 1987, وخلال إنتفاضة النفق وانتفاضة الأقصى, إنما تؤكد ولوغ حكومات اسرائيل وقوات جيشها في الدم الفلسطيني, وتؤكد أن النظرة العنصرية التلمودية هي التي مازالت تحكم سلوك وتصرف حكام اسرائيل والعديد من أحزابها اليمينية المتطرفة.
والركن السياسي من الأبارتهايد الإسرائيلي هو عدم تطبيق حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، الذين شردتهم الحركة الصهيونية لإنشاء الدولة اليهودية؛ فهذا انتهاك لحقوق الإنسان يهدف لإبقاء اليهود كأغلبية ديموغرافية بغرض إبقاء السيطرة للإسرائيليين اليهود (وهي الفئة القومية الدينية التي ترتكب الجريمة من خلال أجهزة الدولة بموجب القوانين والسياسات والممارسات).
أما تجسيد وتطبيق هذه السياسات العنصرية من الأبارتهايد الإسرائيلي الممنهج، فهي كثيرة، تبدأ بالتمييز بين الإسرائيلي اليهودي والفلسطيني، في كل شيء تقريبا، بما في ذلك حق استخدام الطرق، ثم تمتد لقائمة من الممارسات التعسفية مثل مصادرة الأراضي وتهجير الفلسطينيين وتجريم النشاط السياسي الحر والتمييز الواضح في سائر مجالات الحياة من الخدمات الأساسية إلى الحرية الثقافية والدينية والسياسية والاقتصادية وفي مجالات الصحة والتعليم، والتي تهدف إلى إبقاء ما تبقى من الشعب الفلسطيني داخل الخط الأخضر وفي الضفة والقطاع في حالة ضعف، بغية إبقاء السيطرة في أيدي الفئة الإسرائيلية/ اليهودية.
من المهم تذكر أن وصف إسرائيل كنظام أبارتهايد ليس بديلا عن وصفها دولة استعمار إحلالي استيطاني، ولا يقلل من واقعها كدولة احتلال عسكري، لكن هذا الوصف يأتي استكمالا لفهمنا القانوني والسياسي للنظام الإسرائيلي، ويضع سياسات التمييز العنصري في مكانها الصحيح كحجر أساس في السياسات الإسرائيلية. الجرائم التي يرتكبها الإحتلال في الضفة والقطاع تبقى جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان، ويتضاعف فهمنا لمدى خطورة هذه الجرائم عندما نرى أنها ترتكب كجزء من جريمة أكبر تستهدف جميع أبناء وبنات الشعب الفلسطيني.
وإضافة لما سبق، تكمن أهمية وصف إسرائيل كدولة أبارتهايد بأن ذلك من جهة ثانية يعيد توحيد أجزاء الشعب الفلسطيني على المستوى المعنوي والسياسي، سيما وقد اعتاد العديد من المحللين والسياسيين على تقسيم الشعب الفلسطيني الى أجزاء وفئات: سكان الضفة والقطاع، القدس، فلسطينيو الداخل، فلسطينيو الشتات واللاجئين، طالما أن سياسات التمييز العنصري تطال جميع مكونات وفئات الشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين التاريخية.
ومن ناحية أخرى فإن تحليل إسرائيل كدولة أبارتهايد يمكّننا من فهم هذه التجزئة كجزء من الجريمة. ورؤية جريمة اسرائيل كجريمة واحدة تؤثر على كل فئة فلسطينية بطريقة خاصة، ما يعني أن واجب المجتمع الدولي إنهاء هذه الجريمة بما يتضمن إزالة شتى أنواع العنصرية الإسرائيلية؛ من العنصرية التي تمنع عودة اللاجئين، إلى العنصرية التي تمنع الفلسطيني من بناء منزل في النقب أو الجليل أو مناطق "ج" في الضفة، إلى العنصرية المتمثلة بالجدار والمستوطنات ومصادرة المياه والموارد الطبيعية، إلى عنصرية القوانين العسكرية وشبكة الحواجز والطرق الإلتفافية والهويات التي تميز بين الفلسطيني والإسرائيلي على أرض فلسطين.
أولاً: السياسات العنصرية تجاه فلسطينيي الداخل
فلسطينيّو الداخل، أو عرب الـ48، هم السكان الفلسطينيون الذين ظلوا في أرضهم بعد النكبة، أي بعد أن طردت إسرائيل نحو 85% من الفلسطينيين، ودمرت 531 قرية، واحتلت أكثر من 78% من مساحة فلسطين التاريخية؛ وهكذا أصبح أكثر من 170 ألف فلسطيني تحت السيادة الإسرائيلية المباشرة، واعتبروا مواطنين إسرائيليين. وتشير إحصاءات عام 2014 إلى أن عددهم جاوز الـ1.5 مليون، يقيمون في ثلاث مناطق رئيسة: الجليل، والمثلث، والنقب. وعلى الرغم من أنهم يمثلون نحو 21% من سكان إسرائيل، واعتبارهم ظاهرياً مواطنين متساوين في الحقوق مع الإسرائيليين، ويمارسون حق الترشح والتصويت في انتخابات المجالس المحلية والكنيست.. إلا أنهم يعانون من اضطهاد عرقي وديني، وتمييز عنصري على كل المستويات.
وتسعى إسرائيل عبر قوانين يسنها الكنيست، أو أوامر يصدرها الجيش، أو قرارات تتخذها الحكومة التضيق على هؤلاء الفلسطينيين الذين بقوا صامدين في مدنهم وقراهم، وتسعى لخنق سبل عيشهم بشتى الوسائل، مثل منع البناء, ومنع أعمال التجديد والترميم للبيوت القديمة، أو زيادة الإشتراطات والمصاعب للحصول على رخص البناء, ولجوئها إلى هدم البيوت ومصادرتها, في مدن الداخل وبالذات في مدن يافا وحيفا وعكا وصفد والناصرة وغيرها تمارس إسرائيل صور تمييز وفصل عنصري واضح, بمحاولة تهويدها وتغيير طابعها وتغيير معالمها وآثارها, في محاولة لإخفاء وطمس عروبة هذه المدن وفلسطينيتها.
ومنذ قيامها أنشأت إسرائيل ما يزيد على 700 بلدة وقرية يهودية. وفي الوقت ذاته، لم تنشئ أية بلدات أو قرى عربية جديدة. بل إن فلسطينيو الداخل يواجهون مشكلة مستعصية فيما يتعلق بالأرض. فنسبة 93% من الأراضي في إسرائيل هي أراضٍ تابعة للدولة، يدير جزءاً كبيراً منها الصندوق الوطني اليهودي والوكالة اليهودية، ولا يؤجر أي منهما أراضي إلى غير اليهود. وبالمقابل، لا يملك العرب إلا 3% فقط من الأراضي، مع أن العرب يشكلون قرابة 20% من سكان إسرائيل. وعلاوة على ذلك، لا تقبل هاتان المنظمتان غير اليهود في مشاريع الإسكان أو المجتمعات المحلية التي تؤسسها.
وقد أظهرت السياسات الإسرائيلية المتعددة التمييز الواضح بين اليهود والفلسطينيين داخل إسرائيل في كافة مجالات وتفاصيل الحياة, فاليهودي، خلافا للفلسطيني، يحق له ما يريد، حتى قتل الفلسطيني والإستيلاء على ما يملك, ويحق له العمل أينما أراد, والتنقل كيفما شاء، والإقامة في أي مدينة أو تجمع.. بينما يخضع العرب الفلسطينيين المقيمين في إسرائيل وفق القوانين والأنظمة التالية:
1) أنظمة الطوارىء العسكرية لعام 1945، الموروثة من عهد الانتداب البريطاني، وهي متعددة متنوعة تتدخل في جميع مجالات الحياة من الرقابة على الرسائل والطرود الى الاعتقال وتقييد حرية التنقل والنفي وطرد السكان. 2) قوانين أملاك الغائبين، وفقا لهذه القوانين جميع العرب الذين غادروا بيوتهم بعد قرار التقسيم ولو لفترة مؤقتة، أو الذين لهم ممتلكات في مكان ما، وقطعوا مسافة قصيرة تفصلهم عنه اعتبروا متغيبين. بما فيهم نحو ثلاثين ألف عربي فروا من مكان إلى آخر داخل (إسرائيل) 1948، ولكنهم لم يغادروا البلاد قط، وقد أعلنت ممتلكاتهم أيضاً ممتلكات متغيبين، وهؤلاء وضعت ممتلكاتهم تحت سيطرة الدولة. أي تمت مصادرتها. 3) قانون استملاك الأراضي (1953): غايته إضفاء الشرعية على مصادرة الأراضي العربية. 4) قانون التحديد 1958: ويطالب هذا القانون المالك العربي غير الحائز سندات أراض بإبراز أدلة تثبت ملكيته للأرض المذكورة لمدة لا تقل عن 15 عاماً، وإذا لم يستطع، وهو لن يستطيع، تؤول ملكية الأراضي إلى الدولة. 5) قانون العودة وقانون الجنسية، والذي يسمح لليهودي بموجبهما مهما كانت جنسيته – حق الإقامة والجنسية الإسرائيلية دون قيد أو شرط. أما العربي المولود في المناطق المحتلة فلا تشكل ولادته هذه سنداً قانونياً لمنحه حق المواطنة.
كما سنَّ الكنيست عدداً من القوانين المتعاقبة، بهدف تثبيت وتعزيز التفرقة العنصرية، وترسيخ فكرة يهودية الدولة، اعتماداً على الغالبية اليهودية، مثل قانون الجنسية الإسرائيلية، الذي يخوّل المحكمة سحب المواطنة من كل من يُدان في مخالفة تمس بأمن الدولة، وأداء القَسم لمن يحمل الهوية الإسرائيلية بيهودية الدولة، بما يهيئ لسحب الهوية ممن لا يقبل ذلك من العرب، وطرده من أرضه. وقانون خصخصة أراضي اللاجئين الذي يمكن الدولة من نقل مساحات شاسعة من الأراضي المصادرة من الفلسطينيين إلى إسرائيل. وتطول قائمة القوانين العنصرية المشابهة، أو مشاريع القوانين المقترحة، كمقترح قانون اللغات الهادف إلى شطب اللغة العربية كلغة رسمية. النائب عن الجبهة الديمقراطية في القائمة المشتركة في الكنيست الإسرائيلي، "عايدة توما سليمان" قالت إن "سياسة التمييز التي تمارسها إسرائيل لها قوانين تدعمها، فأصبح التعامل مع المواطن العربي الفلسطيني، كأنه مواطن من الدرجة الثانية".
وأضافت "سليمان": "بالنسبة إلى الميزانيات المخصصة للتعليم أو للسلطات المحلية أو للتطوير، أو لخلق أماكن عمل، فإن التمييز الذي يمارس ضد العرب واضح، كأن تمنح القرى أو المدن الإسرائيلية ميزانيات ومنحاً إضافية تسمى ميزانيات تطوير، ليست جزءاً من الميزانية الأساسية"، دون أن تقدم للبلدات العربية أي منح إضافية. وأكدت "سليمان" أنه "لم تتم إقامة مستشفى عربي واحد في أي قرية أو مدينة عربية، منذ عام 1948. والمستشفيات الـ3 الموجودة في الناصرة، تعاني من تضييق الخناق عليها، وعدم تمرير الميزانيات لها بالشكل الكافي. وبالتالي عدم تطوير تلك المراكز في قرانا ومدننا يعد شكلاً من أشكال التمييز".
وحسب أحدث الإحصاءات، بحسب ما تؤكد "سليمان"، فإن "نحو 53% إلى60% من العائلات العربية تعيش تحت خط الفقر، بينما لا تتجاوز النسبة 35% لدى الإسرائيليين، وقد قدمت الحكومة الإسرائيلية منحاً للعائلات الفقيرة لإخراجها من دائرة خط الفقر، عبر إعطاء فرص عمل أكبر. فاتضح أن إضافة مخصصات للعائلة الفقيرة رفعت العائلات اليهودية إلى ما فوق خط الفقر، بينما العائلات العربية لم تجتز ذلك الخط".
وكتطبيق عملي لسياسات مصادرة الأراضي، قررت حكومة "رابين" في عام 1976، مصادرة 20 ألف دونم من أراضي المواطنين العرب في الجليل؛ فرد المجتمع العربي على القرار بإعلان إضراب شامل ومظاهرات في أنحاء القرى والبلدات العربية في الثلاثين من آذار، وخلال تلك المظاهرات أطلق الجيش الإسرائيلي النار على المواطنين، وقتل ستة منهم، وجرى تخليد ذكراهم وإحياء هذا اليوم تحت اسم يوم الأرض.
النقب، والقرى غير المعترف بها
تبلغ مساحة النقب نحو 14,000 كلم2 ويقطنه حاليًّا، نحو 120,000 مواطن عربي. ووفقًا للمعطيات التي جمعتها جامعة بن غوريون، يعيش نحو 56% من بدو النقب في سبعة قرى معترف بها، إلا أنها تفتقر إلى البنية التحتيّة الملائمة، وتحصل على خدمات حكومية غير كافية، شأنها شأن القرى العربية الأخرى. فيما يعيش بقية فلسطيني النقب (44%) في قرى غير معترف بها. ووفقًا لسجلات الانتداب البريطاني، كانت العشائر العربية تمتلك 12,600,00 دونم من أراضي النقب. ويكافح البدو اليوم للاحتفاظ بملكية 240,000 دونم من الأرض التي لا يزالون يمتلكونها. وطالما شكل النقب الفلسطيني بمساحته الواسعة وتعداد سكانه المرتفع نسبيا معضلة أمام المخططات الصهيونية الرامية لاستيطانه وتهويده. وقد جاء في مذكرات "بنغوريون" في إحدى رسائله الموجهة لابنه "عاموس" في تشرين أول 1937: "أرض النقب محفوظة للمواطنين اليهود، متى وأينما شاؤوا ذلك. ويجب علينا طرد العرب لنحلّ مكانهم، ولو تطلّب ذلك استخدام القوة، ولدينا من القوة ما يكفي ليس لطرد العرب وترحيلهم فحسب، إنما لضمان حقنا في الاستيطان في هذه الأماكن".
وقد جاءت عملية هدم قرية العراقيب الفلسطينية للمرة المائة في منطقة النقب (حزيران 2016)، لتكشف حقيقة المساعي الإسرائيلية المتواصلة لتهويد ما تبقى من الأرض الفلسطينية المحتلة، وتحديداً في منطقتي الجليل في الشمال، والنقب في الجنوب. وذلك بهدف خلخلة الوجود السكاني العربي وحشره في نقاط جغرافية وعلى مساحات محدودة، وترك المساحات الواسعة من الأرض لعمليات التهويد والاستيطان، ومصادرة الجيش الإسرائيلي لما تبقى من الأراضي العربية. وقد ترافقت هذه الخطوة الصهيونية، مع مصادقة اللجنة الوزارية الإسرائيلية لما يسمى «تطوير النقب والجليل»، على مخطط لتوطين 300 ألف يهودي في منطقتي النقب والجليل، في مشروع عرضه "سلفان شالوم" الذي شغل منصب وزير تطوير النقب.
ونتيجة لسياسات نقل البدو القسرية إلى بلدات دائمة، ومنعهم من العمل بالزراعة، وإتلاف محاصيلهم، وبسبب غياب البنى التحتية للصناعة في البلدات البدوية، وعدم السماح لهم بتطوير مصادر بديلة، وكنتيجة للوضع الاقتصادي، يعتبر السكان البدو في النقب السكان المصنّفين في المركز الأخير في التسلسل الهرمي الاجتماعي - الاقتصادي في إسرائيل.
ومع أن عرب النقب يحملون الهوية الزرقاء الإسرائيلية، ويخضعون للقوانين الإسرائيلية؛ إلا أنهم يعيشون في ظروف حياتية مأساوية، حيث تنظر إسرائيل إليهم، كما تنظر لكل الجماهير العربية، من خلال منظور "الخطر الديمغرافي" وضرورة التخلص من هذا الخطر الداهم. وقد شهدت القرى العربية غير المعترف بها في النقب في السنوات الأخيرة، هجمات سلطوية عنصرية، تعكس أحد المظاهر البارزة في تعامل الحكومة الإسرائيلية ضد الجماهير العربية، والتي هي جزء لا يتجزأ من المشروع الصهيوني الاسرائيلي للاستيلاء على فلسطين.
وفي سياق سياساتها العنصرية سنّت إسرائيل جملة من القوانين أدت إلى خلق ما يعرف بالقرى غير المعترف بها، والتي يشكل سكانها حوالي 5% من مجمل المواطنين العرب في إسرائيل، وقد بدأت حكاية القرى غير المعترف بها في النقب منذ عام 1951 حين أصدرت اسرائيل قانون ‘الحاضر الغائب’ ثم قانون ‘أراضي إسرائيل’ عام 1953 لتمنع رد الملكية إلى أصحابها الحقيقيين؛ فحولت بموجب هذه القوانين حوالي 13 مليون دونم إلى ملكيتها في منطقة النقب لوحدها. ثم اعتمدت عام 1965 قانون ‘التخطيط والبناء’، وبموجب هذا القانون أصبحت منطقة السياج منطقة زراعية يمنع فيها البناء؛ فأصبحت كل البيوت والمباني في هذه المنطقة غير قانونية.
وفي عام 1969 بدأت الحكومة الإسرائيلية خطتها لتركيز عرب النقب في تجمعات سكنية منطلقة من إستراتيجية "تركيز أكبر عدد ممكن من العرب في أقل مساحة ممكنة من الأرض، ونشر أقل عدد ممكن من اليهود على أكبر مساحة ممكنة من الأرض". بناء على ذلك أقامت سبعة تجمعات سكانية لتركيز العرب فيها (تل السبع- راهط – عرعرة النقب– كسيفه- شقيب السلام- حوره-اللقيه)، لكن الخطة فشلت في تركيز كل عرب النقب في هذه التجمعات. ومع استمرار التشريعات اعتمدت إسرائيل في أواخر السبعينيات قانون السلام، والذي بموجبه صادرت ما يقارب 85,000 دونم من عرب النقب.
وما بين عام 1979-1980 قامت اسرائيل باستغلال معاهدة كامب ديفيد، فنقلت المعسكرات والمستوطنات الإسرائيلية من سيناء إلى النقب، ثم أطلقت العنان ‘للدوريات الخضراء’ لملاحقة وإرهاب البدو وطردهم من الأرض، حيث أعلنت الدوريات الخضراء مناطق شاسعة من أراضي النقب كمناطق عسكرية مغلقة، مما أدى إلى طرد عشرة آلاف نسمة من بدو النقب من أرضهم إلى داخل نقاط التوطين القسري التي حددتها الحكومة الإسرائيلية. وفي هذه الفترة قامت المؤسسة الإسرائيلية أيضا بمصادرة 80,000 دونم من أراضي البدو ومنعتهم من الدخول إليها أو زراعتها. في عام 2004 صدر قانون طرد الغزاة؛ وقد اعتبرت إسرائيل أن العرب البدو في النقب "غزاة يجب طردهم". وهناك أيضا ما يعرف بمخطط "برافر"، الرامي إلى تهجير سكان هذه القرى وتجميعهم في تجمعات سكانية محددة، ومصادرة أرضيهم وإقامة شوارع ومدن يهودية فوقها. وتقضي الخطة بترحيل ما يقارب 45 ألف بدوي، بينما تحدثت ملفات ويكيليكس عن ترحيل 65 ألف بدوي، يعني كل سكان القرى غير المعترف بها، يتضمن مشروع "برافر" تسوية الخلاف بين الدولة والبدو بخصوص ملكية الأراضي، ويقترح منح المطالبين بملكية الأرض تعويضا ماليا أو تعويضا بالأراضي بنسبة تصل حتى ربع مساحة المطالبة الإجمالية. والجدير ذكره هنا أنه لم يسبق أن ربح أحد البدو دعاوى قضائية لامتلاك أرضه من بين الدعاوى التي وصل عددها إلى 3000 دعوى قضائية رفعت للمحاكم الإسرائيلية عبر العقود الماضية.
وكنتيجة لهذه التشريعات والقوانين فقد ظهر لدينا ما يعرف بالقرى غير المعترف بها. أخذت هذه القرى التسمية من عدم اعتراف الحكومات الإسرائيلية بها لأسباب سياسية، وذلك بالرغم من أن هذه القرى شرعية من الناحية التاريخية وقائمة قبل قيام إسرائيل نفسها.
بلغ عدد القرى غير المعترف بها في النقب 45 قرية ويقطنها ما يقارب 75,000 ألف نسمة، وحسب الإحصائيات تبلغ مساحة الأرض التي هي بحوزة هذه القرى أكثر من 180,000 دونم. ولا تظهر عدم المساواة بين اليهود والعرب في أي مكان في إسرائيل بهذه الحدّة التي تظهر بها في القرى غير المعترف بها. ونظرًا إلى اعتبار هذه القرى غير قانونية من وجهة النظر الإسرائيلية، يتم استثناؤها من الخرائط الرسمية، وتحصل على القليل من الموارد الحكومية، ولا يوجد لديها دوائر حكم معترف بها رسميًّا ومنتخبة محليًّا، وتفتقر هذه القرى إلى الحد الأدنى من البنية التحتية، الكهرباء، خطوط الهواتف، الصرف الصحي، الشوارع، العيادات الصحية والنقص الكبير في المدارس ومياه الشرب، وتعيش أكثرها في ضائقة، وتعاني من البطالة والفقر.. ويعيش معظم سكان القرى غير المعترف بها في أكواخ، خيم أو مبانٍ غير ثابتة، مع القليل من الحماية من الظروف الصحراوية الصعبة. ولسبب اعتبار هذه المباني غير قانونية، تقوم السلطات الإسرائيلية- في الكثير من الأحيان- بهدمها. ووفقًا لتقديرات جامعة بن غوريون، تم تسليم أوامر هدم بحق 16,000 مبنًى في القرى غير المعترف بها. ولتتضييق عليهم، تقوم السلطات بإبادة المحاصيل الزراعية في القرى غير المعترف بها. فقد أتلفت منذ العام 2002 وحتى آذار العام 2004 نحو 24,500 دونم من المحاصيل الزراعية التي زرعها السكان، وذلك عن طريق استخدام الرشّ الجوّي للمبيدات. وتكرر هذا الإجراء بشكل سنوي. وبالرغم من هذا يصمد سكانها ويتمسكون بالأرض ويرفضون الإغراءات السلطوية والأساليب التي تحاصر هذه القرى اقتصاديا وإنسانيا حتى تجبر سكانها على الرحيل إلى تجمعات التوطين القسري.
ثانياً: التمييز العنصري في الأراضي المحتلة
بعد احتلالها الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 هدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 25 ألف منزلا تعود ملكيتها لمواطنين فلسطينيين، إما بحجة البناء دون ترخيص، أو كعقوبة على قيام أحد أفراد العائلة بعمليات مقاومة ضد الاحتلال، إضافة إلى إلحاق أضرار جسيمة بنحو تسعين ألف منزل خاصة بسبب القصف.. كما دمرت ما يقارب 14 ألف مبنى عام، ما بين دور عبادة، ومراكز صحية، وجمعيات أهلية، وأندية رياضية وثقافية، ومراكز شرطة، ومقرات حكومية ووزارات ومرافق عامة وبُنى تحتية..
وصادرت ما يزيد عن 10% من مساحة الضفة الغربية، ومنعت استخدام حوالي 30% منها، إضافة إلى نحو 10% من الأراضي التي وقعت خلف الجدار، وأقامت منطقة عازلة على طول الحدود مع قطاع غزة بمساحة تبلغ نحو 87 كم²، كما صادرت حوالي 3.5% من مساحة الضفة الغربية للمعسكرات والطرق الالتفافية والمستوطنات، والتي بلغت حوالي 150 مستوطنة، يقيم فيها ما يزيد عن النصف مليون مستوطن، وهذه بحد ذاتها جريمة حرب، يعاقب عليها القانون الدولي.
وما زالت سلطات الاحتلال تتحكم بحركة الناس عبر مئات الحواجز، (بلغت 615 حاجزا في فترة انتفاضة الأقصى)، وتخصص شوارع لليهود وأخرى للعرب، أو مسارب معينة من الشوارع الرئيسة، بحيث تمنع الفلسطينيين من استخدامها.. وتمنع المواطنين من دخول القدس، وتشترط حصولهم على تصاريح، وهذه التصاريح لا تُمنح بسهولة، وحتى أيام الجمعة وفي شهر رمضان، لا تسمح للفلسطينيين بالتوجه للصلاة في الأقصى إلا لمن هم فوق ال55 عاما، أو للنساء، وأحيانا تمنع الجميع دون استثناء..
وفي المجال الاقتصادي، تهيمن إسرائيل على الاقتصاد الفلسطيني، وتخنقه وتمنعه من النمو والتطور، عبر تقييد حركة الاستيراد والتصدير، والتحكم في المعابر والحدود، والسيطرة على الموارد الطبيعية، فضلا عن الإغراق السلعي للسوق الفلسطيني بببضائع المستوطنات المعفاة من الرسوم والجمارك، ما يضعف قدرة المنتجات الوطنية على المنافسة. وتسيطر على 85% من المياه الموجودة في الخزان الجوفي، وتسرقها، وتخصص للمستوطن تسعة أضعاف حصة الفلسطيني من المياه، وهناك 200 قرية وتجمع سكني فلسطيني محرومين من خدمات المياه. وهذه الإجراات العنصرية أعاقت نمو القطاع الزراعي أيضا، وجعلته مقيدا..
خلال انتفاضة الأقصى، اعتقلت إسرائيل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وتمت مقاضاة الآلاف بمدد تصل إلى السجن المؤبد، واحتُجز مئات آخرين إداريا، بدون تهمة أو محاكمة. وخلال الفترة ذاتها، قتلت إسرائيلي أكثر من 3300 فلسطيني، بينهم أكثر من 600 طفل، وقُتل أكثر من نصف الضحايا بواسطة عمليات إعدام خارج نطاق القضاء ونتيجة الاستخدام المفرط للقوة. ولم تتم مقاضاة ولو جندي إسرائيلي واحد بتهمة القتل. وأُدينت حفنة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة بتهم مثل "الاستخدام غير القانوني للسلاح". وفي الحالات النادرة جداً التي عوقب فيها جنود إسرائيليون، كانت العقوبات خفيفة. وأشارت منظمة "بتسيليم" الإسرائيلية إلى أن الشرطة الإسرائيلية لم تحقق إلا في 131 حالة فقط تتعلق بإطلاق نار من جانب جنود إسرائيليين، وأدى 18 تحقيقاً فقط من هذه التحقيقات إلى توجيه تهم رسمية. وخلصت المنظمة إلى أن نحو 1722 فلسطيني من الذين قُتلوا لم يشاركوا في اي أعمال قتالية، بينهم أكثر من 500 طفل.
القوانين الإسرائيلية القائمة على التمييز
إليكم عينة من القوانين التي اعتمدها إسرائيل في السنوات الأخيرة للتمييز بين اليهود والفلسطينيين تحديداً:
1. قانون الجنسية والدخول إلى إسرائيل، الذي يمنع جمع شمل عائلات الإسرائيليين الذين يتزوجون من فلسطينيي الأراضي المحتلة. حيث يميز هذا القانون صراحة ضد الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويميز صراحة ضد فلسطينيي الداخل، وضد السكان الفلسطينيين في القدس، لأنهم هم الذين يتزوجون في أغلب الأحيان من فلسطينيي الأراضي المحتلة. وبالتالي يرسخ القانون رسمياً شكلاً من أشكال التمييز العنصري القائم على العرق أو القومية. وعمليا، منذ العام 2000 جرى وقف العمل بإجراءات جمع شمل العائلات الفلسطينية. وصرح بعض المسؤولين علناً أن السبب الحقيقي للقانون هو رغبة إسرائيل في تخفيض عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل، للحفاظ على الطابع اليهودي للدولة. كما يمنع القانون الإسرائيلي الإسرائيليين (بما فيهم العرب طبعا) من الدخول إلى منطقة (أ) في الأراضي المحتلة. ويشترط عليهم الحصول على أذون خاصة لزيارة أقربائهم هناك. أما المقدسيون الفلسطينيون الذين يغادرون القدس للانضمام إلى أزواجهم في الأراضي المحتلة فإنهم يخسرون هوياتهم، وبالتالي يفقدون حق الإقامة في القدس. 2. قانون الجرائر المدنية (مسؤولية الدولة) للعام 2005. والذي يحرم الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة من الحق في التعويض على أية إساءات ارتكبتها ضدهم قوات الأمن الإسرائيلية، بما في ذلك الوفاة أو الإصابة بجروح أو إلحاق الضرر بممتلكاتهم. ويمنعون من إقامة أية دعاوى مدنية طلباً للتعويض. وبالتالي، فإن أية إصابة تلحق بالفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة، وحتى القتل، لم تعد موضوعاً مشروعاً للتقاضي المدني في المحاكم الإسرائيلية. ويميز القانون ضد الفلسطينيين، لأنه ينطبق عليهم فقط. فالمستوطنون الإسرائيليون الذين يقيمون في الأراضي المحتلة في انتهاك للقانون الدولي يستثنون من تطبيق هذا القانون. 3. قانون الاعتقال (النصوص الخاصة للتحقيق في الجرائم الأمنية التي يرتكبها غير المقيمين)، ويميز هذا القانون ضد جميع غير المقيمين في إسرائيل. ويهدف إلى توفير مستوى من الحماية في الاعتقال لغير المقيمين في إسرائيل المتهمين بارتكاب جرائم تتعلق بالأمن يقل كثيراً عما يتمتع به مواطنو إسرائيل والمقيمون فيها الذين يُشتبه في ارتكابهم الجرائم ذاتها. وباعتراف الحكومة نفسها، يستهدف القانون المقترح بصورة رئيسية فلسطينيي قطاع غزة. وتتضمن الجوانب القائمة على التمييز في القانون: تمديد فترة الاعتقال، حرمان غير المقيمين من الحق في حضور جلسات المحكمة التي تُعقد للنظر في تمديد فترة اعتقالهم بمعزل عن العالم الخارجي، وينطوي القانون على خطر حقيقي في تعريض المعتقل للتعذيب.
المستوطنات الإسرائيلية
منذ احتلالها الضفة الغربية، انتهجت إسرائيل سياسة الاستيطان في الأراضي المحتلة. وهذه المستوطنات تعتبر انتهاكها للقانون الإنساني الدولي، وتمثل شكلا من التمييز القائم على الجنسية والعرق والدين؛ فالمستوطنات هي لليهود فقط، ويخضع المستوطنون الإسرائيليون للقانون الإسرائيلي، بينما يخضع الفلسطينيون لأوامر عسكرية تقدم لهم قدراً أقل من الحماية ويخضعون للولاية القضائية للمحاكم العسكرية الإسرائيلية. ويتلقى المستوطنون الإسرائيليون مجموعة من المزايا والخدمات (مثل النقل والتعليم والمرافق الطبية الخ) المخصصة حصراً للمواطنين الإسرائيليين. ويتمتعون بحرية التنقل، بينما يُمنع على الفلسطينيين الدخول إلى المستوطنات. ولا يُسمح للفلسطينيين باستخدام الطرق الالتفافية التي بنيت من أجل المستوطنين على أراضٍ فلسطينية تمت مصادرتها. والمستوطنات الإسرائيلية والمساحات الواسعة من الأراضي المحيطة بها هي للاستخدام الحصري للمستوطنين. ولا يمكن للفلسطينيين أن يبنوا على هذه الأراضي أو يزرعوها أو يستخدموها على نحو آخر. كذلك تستخدم المستوطنات في الأراضي المحتلة كمية كبيرة من الماء، وبذلك تحرم الفلسطينيين من مصدر نادر وضروري. كما أن جميع الأفعال الأخرى المتعلقة بالاستيطان تقوم على التمييز العنصري مثل: القيود الصارمة المفروضة على تنقل الفلسطينيين؛ وشبكة الطرق "الالتفافية" الخاصة بالمستوطنين؛ وفرض حظر التجول والإغلاق والحصار ونقاط التفتيش؛ وتدمير المنازل والأراضي والممتلكات الأخرى؛ والمصادرة والاستيلاء غير القانونيين على الممتلكات؛ وبناء الجدار. وتزعم إسرائيل أن هذه الأفعال تأتي رداً على تهديد أمنها. بيد أنه في الواقع، تتسم هذه الأفعال والقيود بطبيعة قائمة على التمييز، لأنها تُطبق على كامل السكان الفلسطينيين لأنهم فلسطينيون. ولا تنطبق على المستوطنين اليهود.
جدار الفصل العنصري
فكرة الجدار الفاصل بين إسرائيل والضفة الغربية فكرة قديمة حديثة، ظلت الحكومة الإسرائيلية في الماضي تؤجلها لأسباب سياسية تتعلق باختيار التوقيت والظرف المناسب، وقد طرحت الفكرة بشكل قوي بعد حرب الخليج الثانية عام 1991، وقد أعلنت حينها ولأول مرة إغلاق الضفة الغربية وقطاع غزة، وتحديد دخول العمّال الفلسطينيين إلى إسرائيل، والبدء بالتفكير عمليا بعزل المناطق المحتلة، في إشارة لتغيير الإستراتيجية الإسرائيلية من فكرة الضم والاحتواء، إلى فكرة العزل.. ثم طرحت من جديد بعد العمليات الفلسطينية المكثفة داخل إسرائيل في الأعوام 1993~1997، ثم بدأت بالإعداد والتنفيذ الفعلي للجدار بعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، وفي حزيران 2002، وعلى إثر تصاعد العمليات داخل مدن الخط الأخضر، باشرت الحكومة الإسرائيلية بالبدء بتنفيذ الجدار العنصري بعد اعتدائها الموسع على الضفة الغربية بما سمي آنذاك بعملية السور الواقي". وهذا يدل على أن مشروع الجدار الفاصل لم يأت نتيجة الانتفاضة ولا بدوافع أمنية كما تدّعي إسرائيل؛ وإنما أتى ترجمة لأفكار صهيونية طُرحت منذ عقود وحالت أسباب سياسية دون تنفيذها.
جدار الفصل، عبارة عن جدار إسمنتي يصل ارتفاعه 8 م، يمتد بشكل متعرج على طول الخط الأخضر، وفي أغلب الأحيان يدخل إلى عمق أراضي الضفة الغربية، ويتضمن إضافات أخرى حسب المقاطع التي يمر منها، مثل: أسلاك شائكة، خندق بعمق 4 م، طريق ترابية مغطى بالرمال لكشف الأثر، سياج كهربائي، طريق معبد مزدوج لتسيير دوريات المراقبة، أسلاك شائكة، أبراج مراقبة مزودة بكاميرات وأجهزة استشعار. ومن المقرر أن يبلغ طول الجدار في مراحله النهائية حوالي 728 كلم.
وقد وضعت قوات الاحتلال بوابات حديدية على امتداد الجدار في القرى والبلدات التي يعزلها خلفه، وتفتح هذه البوابات بمواقيت معينة، ما يزيد من معاناة المواطنين وعذابهم، خاصة مع تباعد البوابات عن بعضها البعض، فأحيانا يضطر المزارعون الفلسطينيون السير لمسافات قد تصل إلى 50 كيلو متر للوصول إلى أراضيهم التي لم تكن تبعد عنهم سوي كيلومتر أو اثنين، وكذلك الحال بالنسبة للطلاب والموظفين والعمال, وتطالب قوات الاحتلال المواطنين بالحصول على تصاريح للمرور عبر هذه البوابات للوصول إلى أراضيهم وقراهم.
وفي إطار ممارساتها العنصرية الهادفة لإذلال المواطن الفلسطيني ابتكرت قوات الاحتلال بطاقات إلكترونية جديدة لتشخيص المواطنين الفلسطينيين الحاصلين على تصاريح دخول وعمل في إسرائيل, وقالت مصادر إسرائيليه أن هذه البطاقة هي جزء من جهاز تشخيص (بيومترمي) موجودة في معابر الجدار وتعمل على تشخيص الإنسان عن طريق صورة كف اليد وبصمات الأصابع، ويتم إصدار هذه البطاقة عن طريق مكاتب الارتباط والتنسيق المدني في الضفة الغربية، ويتوجب على المواطنين الفلسطينيين تجديد البطاقة مرة كل عامين.
تتذرع إسرائيل بالعامل الأمني في بناء الجدار؛ فيما يؤكد مراقبون بأن الجدار سياسي، وأن سير خطه المتعرج يدل على أطماع مائية، فحيث توجد مصادر مياه جوفية فإن الجدار يلتف ليقضم الأرض الواقعة فيها. وما يدل على أن الجدار غير ذات جدوى في البُعد الأمني، أو في الحيلولة دون عمليات المقاومة، أن المستوطنات التي ستبقى خارج الجدار ستكون هدفاً متاحاً للمقاومة، وبالنسبة للقدس، فإن الجدار لا يقدم حلاً أمنيا لسكانها اليهود، وكذلك بالنسبة للمناطق المكتظة والمختلطة، خصوصاً أن إمكانية تجنيد شبان فدائيين هناك ستبقى واردة. وتدل معطيات الأمن أن 95% من منفذي العمليات قد اجتازوا الخط الأخضر عبر المعابر وليس عبر الحقول المفتوحة. ومن جهة ثانية فإن المقاومة لن تواصل استخدام نفس الطرق العادية للدخول، بل قد ستعمد إلى أساليب جديدة مثل استخدام الشبان الفلسطينيين من عرب 48، أو حفر الأنفاق، أو استخدام الهويات المزيفة، أو وسائل الطيران الخفيفة.
الدلالات العنصرية في بناء الجدار
يتسم إنشاء لجدار بطبيعته بالتمييز العنصري؛ فهو لا يخدم غرضاً أمنياً مشروعاً، إذ يتم بناؤه بأكمله تقريباً على أراضٍ فلسطينية تقع داخل الضفة الغربية، وتترتب عليه عواقب سلبية جداً بالنسبة لمئات الآلاف من الفلسطينيين. ويمنع الفلسطينيين من ممارسة حقهم في حرية التنقل بين منازلهم وأراضيهم وأعمالهم ومرافق رعايتهم الطبية ومدارسهم، لكي يخدم مصالح المستوطنين اليهود الذين يعيشون في الضفة الغربية في انتهاك للقانون الدولي.
وأثناء توليه وزارة الدفاع، صرح "شاؤل موفاز" لصحيفة "الجارديان" البريطانية في مارس 2003 بأن الحكومة الإسرائيلية تبلور رؤية لدويلة فلسطينية مقسمه إلي سبع كانتونات في المدن الفلسطينية الرئيسية، كلها مغلقة من قبل الجيش الإسرائيلي ومعزولة عن باقي أراض الضفة الغربية التي ستصبح تابعة لإسرائيل. وبالفعل فإن مشروع الجدار العازل سيقسم الضفة الغربية إلى كانتونات منفصلة عن بعضهما البعض وعن باقي أراضي الضفة، كما سيؤدي بناء الجدار إلى مصادرة مساحة كبيرة من الأراضي الفلسطينية وضمها لإسرائيل. وقد أدى بناء الجدار إلى خلق خمسة جيوب من التجمعات السكنية الفلسطينية، تقع بين الجدار الرئيس والخط الأخضر.
وقد أدى بناء الجدار إلى إحداث تغيرات كبيرة على خريطة الضفة الغربية، وأوجد واقعاً جديداً على الأراضي التي يمر منها، وبالتالي أثّر بشكل مباشر على قضايا الوضع النهائي المتمثلة في الحدود والقدس والمياه والمستوطنات. بالنسبة لقضية المياه، سيكون للجدار العازل تأثيراً بالغاً على حرمان الفلسطينيين من مصادر المياه؛ حيث أن الأراضي التي تمت مصادرتها في المرحلة الأولى من بناء الجدار العازل تضم ما يزيد على 50 بئراً من المياه الجوفية، توفر هذه الآبار 7 ملايين متر مكعب من المياه. ما يعني حرمان الفلسطينيين منها، أو على الأقل سيكون حصولهم عليها صعبا، كما يفصل الجدار العازل ما بين مصادر المياه وشبكات الري من ناحية وبين الأراضي الزراعية.
وفي حقيقة الأمر فإن الجدار العازل رسم حدودا فعلية لإسرائيل، على الرغم من نفى المسئولين الإسرائيليين لذلك، إلا أن التكلفة الهائلة للجدار، وحجمه الضخم يتنافى مع فكرة أنه إجراء مؤقت وسيتم إزالته بعد التوصل إلى تسوية بشأن الحدود في مفاوضات الوضع النهائي، كما أن شكل الجدار وما سوف يضمة من مستوطنات داخل إسرائيل وما به من أبراج مراقبة وأجهزة إنذار إلكترونية ودوريات للشرطة والأمن ونقاط تفتيش ومعابر ووحدات عسكرية على طول الجدار يمنحة بالفعل صفة ومظهر الحدود الفعلية.
التأثيرات السلبية للجدار
يمر الجدار العازل بأراض الضفة الغربية، مما يعني أنه يؤثر على حياة أكثر من 210,000 فلسطيني يسكنون 67 قرية ومدينة قريبة منه، حيث أن الجدار جعل من 13 تجمعا سكانيا يسكنها 12.000 فلسطيني أشبه بالسجن، في المنطقة ما بين الخط الأخضر والجدار العازل. كما أن الأهالي المقيمين بالقرب منه تأثروا مباشرة وبشكل سلبي، جراء فصلهم عن أراضيهم، وهؤلاء يقيمون في 36 تجمعاً سكنياً يقطنها 72.000 نسمة، كما أوجد الجدار منطقة حزام أمني، الأمر الذي جعل من 19 تجمعا سكانيا يسكنها نحو 130.000 فلسطيني محاصرين في مناطق وبؤر معزولة. الأمر الذي يعيق حرية حركتهم وقدرتهم الوصول إلى حقولهم أو الانتقال إلى القرى والمدن الفلسطينية الأخرى لتسويق بضائعهم ومنتجاتهم، أو وصولهم إلى المستشفيات والمدارس والجامعات.
كما ترك الجدار آثار اجتماعية سلبية على النسيج الاجتماعي، خاصة على المقيمين غربي الجدار، وفي دراسة صادرة من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني تبين أن 9,6% من الأسر الموجودة غربي الجدار، لم تتمكن من زيارة أقاربها، مقابل 63,5% من الأسر التي تعيش شرقي الجدار، كما أصبح الجدار عقبة أمام الزواج بين أفراد يعيشون على جانبي الجدار بالنسبة ل 50,4% من الذين شملتهم الدراسة الاستقصائية، 50,9% ممن يعيشون غربي الجدار صاروا مفصولين فعلياً عن أقاربهم. (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني" أثر جدار العزل على الظروف الاجتماعية والاقتصادية تشرين أول/2003 ص5).
ومن ناحية أخرى، أعرب فلسطينيون عن شعورهم بفقدان الأمل لمستقبل قراهم، وعن مشاعر الاكتئاب والشعور بالقلق والقنوط والعزلة وأعراض الاضطراب النفسي الناتج عن الإجهاد بعد الصدمة. لأنهم أصبحوا محصورين في بيوتهم، مع زيادة البطالة والفقر. (مركز الاستشارات النفسية الفلسطيني تشرين ثاني/2003 ص6).
أما الآثار الاقتصادية للجدار فربما تكون الأخطر، إذ يحرم الجدار الفلسطينيين من مواردهم الاقتصادية ومن قدرتهم على استخدامها، مثل الأراضي والمياه واليد العاملة والمهارات، كما صار السوق الفلسطيني مقسما إلى مجموعة من الأسواق غير المتصلة نتيجة لجيوب معزولة غير متجاورة، مما قلل من القدرة على الاتجار بالخدمات والسلع أو البحث عن وظائف، كما يعيق الجدار عمليات التنمية والتخطيط الاقتصادي؛ لأن مسار الجدار يصادر ويعزل موارد الاقتصاد الفلسطيني ويجزيء السوق الفلسطينية، ويضعف الزراعة ، حيث تتاثر نحو 40% من الأراضي الزراعية في الضفة الغربية. (تقرير فريق تنسيق المساعدات المحلية أيار/2003 ص43).
بالمختصر، أدى بناء الجدار إلى أربعة عواقب اقتصادية رئيسية هي: فقدان الموارد الاقتصادية، نتيجة عمليات المصادرة الدائمة للموارد، أو اتلافها، أو تعذر استخدامها. ضياع الاستثمار المحتمل بسبب الشكوك التي تحف بمستقبل المناطق الواقعة خارج الجدار. زيادة تكاليف الإنتاج الزراعي. وارتفاع معدلات البطالة خاصة في المناطق المعزولة.
التمييز العنصري ضد المقدسيين
يقيم في القدس الشرقية 350.000 فلسطيني، وهؤلاء يتعرضون لأشكال عديدة من التمييز العنصري، فمثلا من أجل إنجاز معاملاتهم المتعلقة بالهوية يلجئون لمكتب وزارة الداخلية الوحيد في المدينة، الأمر الذي يتسبب بازدحام شديد ومعاناة كبيرة لهم، ويضطرون للإنتظار الطابور لساعات طويلة، وذلك فقط لدخول المبنى، وبعد دخوله يقضون بضع ساعات أخرى حتى يأتيهم الدور لمقابلة المسؤول، الذي يبحث عن أي وسيلة لإيقاع المراجعين في الفخ بدلاً من مساعدتهم. ولا يمكنهم استخدام ثلاثة مكاتب أخرى للوزارة موجودة في المدينة مخصصة لليهود والمستوطنين. تقريباً جميع موظفي الداخلية هم يهود إسرائيليون، وهؤلاء يتحكمون في مصير مواطني القدس، إذ بوسعهم سحب الهوية من أي أحد بسهولة، وتحت ذرائع غير مقنعة، وعلى ما يبدو أن هدفهم الرئيسي هو إيجاد سبل لسحب الهويات من أكبر عدد ممكن من المقدسيين.
ويقضي المقدسيون حياتهم كلها وهم لا يملكون جنسية، غير بطاقة الهوية الإسرائيلية الزرقاء، التي تؤكد أنهم مقيمون دائمون في القدس. وهم أيضا لا يحملون جوازات سفر فلسطينية من السلطة الوطنية، التي حُرمت من أي حق لتمثيلهم أو التحدث نيابة عنهم. بينما أي مهاجر يهودي بمجرد أن يصل المطار يحصل على الجنسية الدائمة. وحتى في الدول الأخرى فإن إقامة أي شخص لفترات طويلة بهدف العمل أو لأي سبب آخر يمكن أن تكون سبباً لمنحه الجنسية، أما المقدسي المولود في البلاد والمقيم فيها منذ أجيال لا يستطيع الحصول على الجنسيةـ
وفي شهادة للكاتب "داود كُتّاب"، يقول فيها: "نجد هنا عنصرية وتمييزاً حقيقيين يمارسان يومياً وفي كثير من الأحيان في مكتب وزارة الداخلية في وادي الجوز. بالتأكيد، فإن البيروقراطيين الذين يعملون هناك يصرون على أنهم ينفذون القانون - الذي وضع إقامة شعب بأكمله تحت التساؤل - ولكن هذا لا يجعل عملهم يكون أي شيء أقل من تمييز ضد العرب الفلسطينيين".
وبالإضافة لمعاناة الهوية والإقامة، يتعرض المقدسيين لأشكال أخرى من التمييز العنصري، خاصة فيما يتعلق برخص البناء، أو ترميم البيوت أو امتلاك عقارات؛ ففي الوقت الذي تسمح فيه بلدية القدس لأي مستوطن يهودي الإقامة في القدس، وتمنحه رخص البناء بكل سهولة، ودون أي عراقيل، بل بتشجيع وتسهيلات من كافة مؤسسات الدولة، يعاني المواطن الفلسطيني المقدسي أشد المعاناة قبل أن يحصل على رخصة بناء، حيث تضع البلدية شروطا تعجيزية، وتفرض رسوما باهظة تعادل أو تزيد عن تكلفة البناء، وفي أغلب الأحيان لا تتم الموافقة، أو تظل مؤجلة لعشرات السنين.
خاتمة
تُظهر هذه الدراسة العديد من أشكال وعناصر الأبارتهايد في سياسات وممارسات إسرائيل، ليس على مستوى الشارع وممارسات الجيش وحسب، بل وفي القوانين والسياسات الرسمية. وفي مخاطبتنا للعالم، من المفترض أن يشكل هذا التوضيح نوعاً من الحافز الأخلاقي لدى الشعوب والمؤسسات والحركات الإجتماعية والمنظمات الدولية وحتى الحكومات لإنهاء هذه الجريمة، ولإدانة إسرائيل، ومعاملتها نفس معاملة جنوب أفريقيا في عهد نظام الأبارتهايد. لذلك، كانت أكثر حركات التضامن مع فلسطين فاعلية هي التي فهمت اسرائيل كنظام أبارتهايد. في نهاية الثمانينات، صعدت حركة التضامن الدولية مع جنوب أفريقيا من نشاطاتها حتى تمكنت أخيرا من فرض مقاطعة حكومة الفصل العنصري، وسحب الاستثمارات منها، وفرض العقوبات عليها على أعلى المستويات المؤسساتية والدولية، مما ساعد المقاومة في جنوب أفريقيا على تحقيق الجزء الكبير من مطالبها السياسية، وأهمها إزالة الابارتهايد السياسي في تلك البلاد.
هنا في فلسطين، يجب أن نؤمن بقدرتنا، وأن لا نفقد ثقتنا بالمجتمع الدولي، مهما تمادت إسرائيل في ممارساتها ومخالفتها للقانون الدولي. بالرغم من الاختلافات العديدة بين التجربتين الفلسطينية والجنوب إفريقية، حيث لكل منها خصوصية معينة؛ فحكومة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا لم تكن تتمتع بنفس المكانة في المعادلة السياسية العالمية التي تتمتع بها إسرائيل، خاصة بسبب موقعها في الشرق الأوسط، وفي قلب المنطقة العربية، كما أن الظروف السياسية التي كانت تحكم النظام الدولي إبان فترة النضال الجنوب إفريقي مختلفة كليا عن المرحلة الحالية، ومن غير المتوقع أن تتخلى أمريكا عن إسرائيل، وتتركها في مواجهة العقوبات الدولية، ومع ذلك يجب أن نستمر في كفاحنا، لأن إسرائيل لا تختلف بطبيعتها العدوانية والعنصرية عن نظام الأبارتهايد في جنوب إفريقيا، وهذه حقيقة يجب أن تتوضح للعالم، ولدينا إرثنا النضالي، واليوم عندنا حرمة BDS، وقد قطعنا شوطا مهما في هذا الإتجاه.
أربعون سنة من جرائم الأبارتهايد في جنوب إفريقيا العنصرية كانت كافية لإنهاء ذلك النظام الفاشي العنصري، حيث وقف العالم بأسره في بداية التسعينات وقال له كفى.. كم سنة سيحتاج الفلسطينيون ليحس العالم بأوجاعهم؟! كم سنة يحتاج العالم ليرى بوضوح جرائم إسرائيل، التي فاقت جرائم البيض في روديسيا وجنوب إفريقيا؟! كم سنة تحتاج العدالة لتنتصر على الظلم؟! كم سنة من العذاب والمعاناة تكفي لإيقاظ الضمير الإنساني؟!
هذه الدراسة نشرت في مجلة شؤون فلسطينية الصادرة عن مركز الأبحاث في منظمة التحرير الفلسطينية - رام الله - العدد الأخير، ديسمبر 2016.
الهوامش
1. حازم جمجوم، من جنوب أفريقيا إلى إسرائيل: القديم والجديد في نظم الأبارتهايد، جريدة حق العودة - العدد 29-30، http://www.badil.org/phocadownload/Badil_docs/publications/haqelawda-29-30.pdf 2. الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري (1965)، مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان- الصفحة الرسمية. http://www.ohchr.org/ar/ProfessionalInterest/Pages/CERD.aspx 3. جعفر فرح، العنصرية .. دليل تربوي مجتمعي، إصدار مركز مساواة، حيفا، 2009. ص 10 ~ 22. 4. حازم جمجوم، من جنوب أفريقيا إلى إسرائيل: القديم والجديد في نظم الأبارتهايد، جريدة حق العودة - العدد 29-30، http://www.badil.org/phocadownload/Badil_docs/publications/haqelawda-29-30.pdf 5. الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها، والتي اعتمدت بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3068 المؤرخ في 30 نوفمبر 1973- مكتبة حقوق الإنسان - جامعة مينيسوتا. http://hrlibrary.umn.edu/arab/b011.html 6. حازم جمجوم، من جنوب أفريقيا إلى إسرائيل: القديم والجديد في نظم الأبارتهايد، جريدة حق العودة - العدد 29-30، http://www.badil.org/phocadownload/Badil_docs/publications/haqelawda-29-30.pdf 7. تيسير خالد، إسرائيل: "دولة أبارتهايد على وقع تحولات نحو الفاشية"، الحوار المتمدن، 26-11-2010. http://m.ahewar.org/s.asp?aid=236299&r=0&cid=0&u=&i=771&q= 8. عبد الجبار البرغوثي، اسرائيل دولة أبارتهايد من الطراز الأول، جريدة أخبار القدس، 4-3-2014- http://www.imcpal.ps/news/?p=20077 9. تقرير منظمة العفو الدولية إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري، رقم الوثيقة ,MDE 15/002/2006المصدر: م.ت.ف http://www.nbprs.ps/page.php?do=show&action=wall86 10. تقرير منظمة العفو الدولية إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري، رقم الوثيقة ,MDE 15/002/2006المصدر: م.ت.ف http://www.nbprs.ps/page.php?do=show&action=wall86 11. حازم جمجوم، من جنوب أفريقيا إلى إسرائيل: القديم والجديد في نظم الأبارتهايد، جريدة حق العودة - العدد 29-30، http://www.badil.org/phocadownload/Badil_docs/publications/haqelawda-29-30.pdf 12. عبد الجبار البرغوثي، اسرائيل دولة أبارتهايد من الطراز الأول، جريدة أخبار القدس، 4-3-2014- http://www.imcpal.ps/news/?p=20077 13. حازم جمجوم، من جنوب أفريقيا إلى إسرائيل: القديم والجديد في نظم الأبارتهايد، جريدة حق العودة - العدد 29-30، http://www.badil.org/phocadownload/Badil_docs/publications/haqelawda-29-30.pdf 14. حازم جمجوم، من جنوب أفريقيا إلى إسرائيل: القديم والجديد في نظم الأبارتهايد، جريدة حق العودة - العدد 29-30، http://www.badil.org/phocadownload/Badil_docs/publications/haqelawda-29-30.pdf 15. هيثم الشريف، عنصرية إسرائيل ضد عرب ال48، مجلة رصيف 22، 20-9-2015- http://rrr.re/zqu0 16. تقرير منظمة العفو الدولية إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري، رقم الوثيقة ,MDE 15/002/2006المصدر: م.ت.ف http://www.nbprs.ps/page.php?do=show&action=wall86 17. الموسوعة الفلسطينية، التمييز العنصري ضد العرب، http://v.ht/fosR 18. هيثم الشريف، عنصرية إسرائيل ضد عرب ال48، مجلة رصيف 22، 20-9-2015- http://rrr.re/zqu0 19. عامر دكة،5 حقائق عن القرى غير المعترف بها في إسرائيل، جريدة المصدر، 30-3-2015، http://www.al-masdar.net/5 20. علا التميمي، اعرف أكثر عن القرى “غير المعترف بها” في النقب، قدس برس، 20-4-2013. http://www.qudsn.ps/article/9964 21. علي بدوان، القرى الفلسطينية في مواجهة التهويد، وكالة فلسطين اليوم الإخبارية، 13-7- 2010، https://paltoday.ps/ar/post/88094 22. عامر دكة،5 حقائق عن القرى غير المعترف بها في إسرائيل، جريدة المصدر، 30-3-2015، http://www.al-masdar.net/5 23. حسن مواسي، القرى العربية غير المعترف بها في النقب نموذج الضحايا للسياسة العنصرية الإسرائيلية، 16-3-2004- موقع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، http://www.aljabha.org/?i=4759 24. علا التميمي، اعرف أكثر عن القرى “غير المعترف بها” في النقب، قدس برس، 20-4-2013. http://www.qudsn.ps/article/9964 25. عامر دكة،5 حقائق عن القرى غير المعترف بها في إسرائيل، جريدة المصدر، 30-3-2015، http://www.al-masdar.net/5 26. تسميم أراضي البـدو الفلسطينيين في قرى "عبدة"، تقرير صحفي من المجلس الإقليمي للقرى الفلسطينية غير المعترف بها – النقب،6 -3-2003. : http://www.arabhra.org/rcuv/index.ht 27. تسميم أراضي البـدو الفلسطينيين في قرى "عبدة"، تقرير صحفي من المجلس الإقليمي للقرى الفلسطينية غير المعترف بها – النقب،6 -3-2003. : http://www.arabhra.org/rcuv/index.ht 28. علا التميمي، اعرف أكثر عن القرى “غير المعترف بها” في النقب، قدس برس، 20-4-2013. http://www.qudsn.ps/article/9964 29. تقرير منظمة العفو الدولية إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري، رقم الوثيقة ,MDE 15/002/2006المصدر: م.ت.ف http://www.nbprs.ps/page.php?do=show&action=wall86 30. تقرير منظمة العفو الدولية إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري، رقم الوثيقة ,MDE 15/002/2006المصدر: م.ت.ف http://www.nbprs.ps/page.php?do=show&action=wall86 31. تقرير منظمة العفو الدولية إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري، رقم الوثيقة ,MDE 15/002/2006المصدر: م.ت.ف http://www.nbprs.ps/page.php?do=show&action=wall86 32. دراسة خاصة حول جدار الفصل العنصري، المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيط م.ت.ف، http://www.nbprs.ps/page.php?do=show&action=wall85 33. دراسة خاصة حول جدار الفصل العنصري، المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيط م.ت.ف، http://www.nbprs.ps/page.php?do=show&action=wall85 34. تقرير منظمة العفو الدولية إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري، رقم الوثيقة ,MDE 15/002/2006المصدر: م.ت.ف http://www.nbprs.ps/page.php?do=show&action=wall86 35. دراسة خاصة حول جدار الفصل العنصري، المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيط م.ت.ف، http://www.nbprs.ps/page.php?do=show&action=wall85 36. دراسة خاصة حول جدار الفصل العنصري، المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيط م.ت.ف، http://www.nbprs.ps/page.php?do=show&action=wall85 37. دراسة خاصة حول جدار الفصل العنصري، المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيط م.ت.ف، http://www.nbprs.ps/page.php?do=show&action=wall85 38. داود كُتّاب، العنصرية في مكتب الداخلية في القدس، لموقع عربي 21، وطن للأنباء، 6-10-2016. http://www.wattan.tv/news/188397.html 39. داود كُتّاب، العنصرية في مكتب الداخلية في القدس، لموقع عربي 21، وطن للأنباء، 6-10-2016. http://www.wattan.tv/news/188397.html
#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)
Abdel_Ghani_Salameh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن التغير المناخي، مرة أخرى
-
لنرحم الطفولة
-
صور من التخلف التعليمي
-
داعش، مرت من هنا
-
رحلة الحياة .. البدايات، والنهايات..
-
الموصل.. المعركة الأشرس والأخطر
-
المرأة والرجل.. ورد الاعتبار
-
المجاهدون الأجانب
-
هيلاري، الحرب والأنوثة
-
حقيقة داعش
-
تسع سنوات من حكم حماس
-
موجات متواصلة من العنف الطائفي
-
تاريخنا المؤدب
-
ماذا يريد راشد الغنوشي ؟!
-
عمدة لندن الجديد
-
في حنان الحرب على حلب
-
حفلات التوبة في مدارس غزة
-
دوافع العمليات الانتحارية
-
خطوط عريضة لإستراتيجية فلسطينية بديلة
-
لماذا يكرهون عيد الحب؟
المزيد.....
-
آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد
...
-
الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي
...
-
فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
-
آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
-
حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن
...
-
مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
-
رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار
...
-
وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع
...
-
-أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال
...
-
رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|