|
أليست الآيات المتعلقة بالواقع تؤكد أنها ليست سابقة التجهيز؟
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5375 - 2016 / 12 / 18 - 13:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أليست الآيات المتعلقة بالواقع تؤكد أنها ليست سابقة التجهيز؟ طلعت رضوان يتجاهل العروبيون والإسلاميون وأغلب الماركسيين باب (أسباب النزول) وهوالباب الذى كشف ووضــّـح أنّ الآيات التى تناولتْ الواقع الاجتماعى والمعيشى، كان سببها الأسئلة التى كان ناس الجزيرة العربية، يتوجـّـهون بها إلى محمد ، خاصة من أتباع نبى الإسلام. مثل الحيض و(النفاس) وماذا يـُـنفقون، وكيفية دخول البيوت ، وضرورة الاستئذان قبل الدخول.. إلخ وهوما يدل على تلك العقلية شديدة السذاجة وتحتاج لمن (يـُـنوّر) لها أسلوب حياتها، ولكن الأهم أنّ تلك الآيات فيها التأكيد الذى يصعب نفيه بأنها (إجابة عن الواقع) وليست سابقة التجهيز. وفى هذا الباب تأكيد على أنّ العرب كانوا فى بداية الدعوة الإسلامية يتحاورون مع صاحب الدعوة ، ويستفسرون منه عن بعض ما ورد فى القرآن ، مثل الحديث عن (نار جهنم) فكان من أطلق القرآن عليهم (المشركين) يطلبون التأكد من عذاب الآخرة ، وبسبب ذلك نزلتْ آية ((أفبعذابنا يستعجلون)) (الصافات/176) وعن تلك الآية كما جاء فى تفسير السيوطى قال : أخرج جويبر عن ابن عباس قال : قال المشركون : يا محمد أرنا العذاب الذى تــُـخوّفنا به ، عجـّـله لنا)) فنزلتْ الآية المذكورة . وهذا الحديث ورد عند البخارى ومسلم، ويراه كثيرون أنه (حديث صحيح) وعن تلك الوقعة يجب ملاحظ ما يلى : أولا: تطابق لفظ (التعجل) مرة على لسان (المشركين) ومرة فى القرآن، ومع ملاحظة أسبقية وروده على لسان (المشركين) ثانيــًـا : يتبيـّـن من كلام (المشركين) أنهم كانوا يتشكــّـكون فى موضوع (الآخرة وعذابها) وكانت لهجتهم فى الحديث صارمة (يا محمد أرنا العذاب الذى تـُـخوّفنا به) بل ومُـستهزئة (عجـّـله لنا) فكان الرد المُـختصر والمُـبتسر من السماء (أفبعذابنا يستعجلون) 000 وعن أسباب نزول آية ((أجعل الآلهة إلهـًـا واحدًا إنّ هذا لشىء عـُـجاب)) (سورة ص/5) عن تلك الآية أخرج أحمد والترمذى والنسائى والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : مرض أبوطالب فجاءته قريش وجاءه النبى فشكوه إلى أبى طالب فقال : يا ابن أخى ، ماذا تريد من قومك؟ قال : أريد منهم كلمة تدين لهم بها العرب، وتؤدى إليهم (العجم) الجزية. كلمة واحدة ، قال : ما هى ؟ قال : لا إله إلاّ الله. فقالوا : إلهـًـا واحدًا ، إنّ هذا لشىء عجيب فنزلت الآية المذكورة وتبعتها عدة آيات منها ((أءُنزل عليه الذكر من بيننا بل هم فى شك من ذكرى بل لمـّـا يذوقوا عذاب)) (سورة ص/8) وتلك الواقعة تستوجب ملاحظة : أولا: تطابق تعبير (إنّ هذا لشىء عجيب) مرة على لسان القرشيين ومرة فى القرآن (عـُـجاب) ومع ملاحظة أسبقية تعبير القرشيين. ثانيـًـا : سؤال أبوطالب لابن أخيه : ماذا تريد من قومك ؟ حـدّد النبى هدفه وما تمناه بصورة قاطعة : تبعية (العجم) للعرب ، وبذلك يحصل العرب على (الجزية) أما السبيل إلى ذلك فهو كلمة واحدة : لا إله إلاّ الله. ثالثــًـا : التوقف أمام كلمة (عجم) التى تعنى فى قواميس اللغة العربية : العجم ضد العرب . والعجماء البهيمة. والمرأة عجماء (مختار الصحاح- المطابع الأميرية بمصر- عام1911- ص440) أى أنّ (كل) الشعوب بهائم باستثناء العرب ، وحتى المرأة العربية (بهيمة) رابعـًـا : هل (لا إله إلاّ الله) أتى بها القرآن (فقط) أم كانت سابقة على الإسلام؟ كتب السيوطى عن أسباب نزول آية ((فبشـّـر عباد)) (الزمر/17) أخرج جويبر بسنده عن جابربن عبدالله قال : لما نزلتْ آية ((وإنّ جهنم لموعدهم أجمعين)) وآية ((لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم)) (الحجر/43، 44) أتى رجل من الأنصار إلى النبى وقال : ((يا رسول الله إنّ لى سبعة مماليك (أى سبعة من العبيد) وإنى قد أعتقتُ لكل باب منها مملوكــًـا)) فنزلتْ آية ((فبشـّـر عباد)) وأخرج ابن أبى حاتم عن زيد بن أسلم أنّ هذه الآية نزلتْ فى ثلاثة نفر كانوا فى (الجاهلية) يقولون لا إله إلاّ الله : زيد بن عمرو بن نفيل ، وأبى ذر الغفارى وسلمان الفارسى)) وجاء فى السيرة النبوية لابن هشام – مكتبة الكليات الأزهرية بمصر- ج1- ص206، أنّ زيد بن عمروبن نفيل لم يقبل اليهودية والنصرانية. وفارق دين قومه. واعتزل الأوثان وحرّم الميتة والدم والذبائح التى تــُـذبح للأوثان، ونهى عن قتل (الموءودة) وقال ((أعبد رب إبراهيم)) وأكثر من ذلك فإنه استخدم لفظ (الإسلام) فى شعره قبل الدعوة المحمدية، ولكنه لم يـدّع النبوة. أما أمية بن أبى الصلت (وهو من الطائف) فكان ((يتوقع النبوة لنفسه ، فلما اصطفى لها (الله) النبى محمدًا نفس عليه (= حقد عليه) ذلك)) وقبل الدعوة المحمدية كذلك كان شخص اسمه (أبوقيس بن أنس) الذى ترهب ولبس المسوح وفارق الأوثان واغتسل من الجنابة وتطهر من الحائض من النساء وقال فى شعره : فأوصيكم بالله والبر والتـــــــقى وأعراضكم ، والبر باللـه أولُ وإنْ قومكم سادوا فلا تحسدونهم وإنْ كنتم أهل الرياسة فاعدلـوا وقال أيضـًـا : سبحوا الله كل صبـــــــــــــــــاح طلعتْ شمسه وكل هـــــــــــــلال عالم السر والبيان لدينـــــــــــــــا ليس كل ما قال ربنا بضـــــــــلال يا بنى : الأرحام لا تقطعوهـــــــا وصلوها قصيرة من طـِـــــــــــوالِ واتقوا الله فى ضعاف اليتامـــــــى ربما يستحيل غير الحـــــــــــــــلالِ واجمعوا أمركم على البر والتقوى وترك الخنا وأخذ الحــــــــــــــــلالِ (سيرة ابن هشام – المصدر السابق – ص113، 114) وكان قبل الدعوة المحمدية شخص اسمه (عمروبن لحى) من خزاعة. وقد ذاعتْ سيرته فى العرب حيث الشرف ما لم يبلغه عربى قبله. وذهب شرفه فى العرب كل مذهب حتى صار قوله (دينــًـا) مُـتبعًـا لا يـُـخالف. وذكر برهان الدين الحلبى أنّ البعض قال عنه أنه صار ربـًـا يبتدع لهم بدعة ليتخذوها شرعة)) وكان الحـُـجاج (قبل (الإسلام) يطوفون حول الكعبة مُـهللين ((لبيك اللهم لبيك.. لا شريك لك لبيك)) وقيل عن عمرو هذا أنه كان له تابع من الجن يوحى إليه (السيرة الحلبية- دار إحياء التراث العربى – بيروت – لبنان – ج1 – ص10) ومن بين نماذج الشعر السابق على الدعوة المحمدية شعر امرؤالقيس (المُـتوفى سنة565م) الذى قال ((تلك السحاب إذا الرحمان أرسلها / روى بها من محول الأرض إيباسـًـا / تلك الموازين والرحمان أنزلها / رب البرية بين الناس مقياسـًـا)) أما حاتم الطائى (المُـتوفى سنة605م) فقال ((أأفضح جارتى وأخون جارى ؟ معاذ الله أفعل ما حييت)) وقال ((أتانى من الديـّـان أمس رسالة / وعذرًا بحى ما يقول مراسل)) وقال (فلما رأى أنّ ثمر الله ما له/ فأصبح مسرورًا وسدّ مناقره/ ولما وقاها الله ضربة فأسه / وللبر عين لا تغمض ناظره/ فقال تعالى نجعل الله بيننا / على ما لنا أو تنجزى لى آخره / فقلتُ معاذ الله أفعل إننى / رأيتك مسحورًا يمينك فاجره)) ومن أشعار قس بن ساعدة (المتوفى سنة600م) قال ((الحمد لله الذى / لم يخلق الخلق عبث)) وشاعر آخر اسمه (الملتمس- توفى سنة564م) قال ((لتنقبنّ عنى المنية إنّ / الله ليس لحكمه حكم)) أما ورقة بن نوفل ( ابن عم خديجة بنت أسد زوجة محمد الأولى وهو الذى أيـّـد وبارك وشجـّـع على هذا الزواج ، عندما كان محمد شابـًـا صغيرًا ويعمل فى خدمة خديجة) قال ورقة فى أشعاره ((بدينك ربـًـا ليس ربـًـا كمثله / وتركك الجبال كما هيا (مكتوبة هكذا من أجل القافية) وإدراكك الدين الذى قد طلبته / ولم تك عن توحيد ربك ساهيا / أدين لرب يستجيب ولا أرى/ أدين لمن لا يسمع الدهر داعيا / أقول إذا صليتُ فى كل بيعة/ تباركتَ قد أكثر باسمك داعيا)) وقال ((لأعطاه رب العرش مفتاح بابها / ولو لم يكن باب لأعطاه سلما)) ومن شعر المثقب العبدى (المتوفى سنة587م) قال ((وأيقنتُ إنْ شاء الإله بأنه / سيبلغنى أجلادها وقصيدها)) ومن شعر عدى بن زيد (المتوفى سنة 587م) قال ((سعى الأعداء لا يألون شرًا / عليك ورب الكعبة والصليب)) وقال ((ناشدتنا بكتاب الله حرمتنا / ولم تكن بكتاب الله ترتفع)) ومن شعر عنترة العبسى (المتوفى سنة615م) قال ((قسمًـا بالذى أمات وأحيا / وتولى الأرواح والأجساما)) وقال ((إذا حمى الوغى نروى القنا / ونعف عند تقاسم الأنفال)) مع ملاحظة أنّ عنترة استخدم لفظ (الأنفال) قبل الدعوة المحمدية ، ثم جاء القرآن وإذا به السورة ب ((يسألونك عن الأنفال)) ومن شعر الحارث بن الكلزة ((وفعلنا بهم كما علم الله/ وما إنْ للخائنين دماء)) وقال الشاعر (مويلك المزموم) يرثى زوجته ((صلى الله عليكِ من مفقودة/ إذْ لا يلائمكِ المكان البلقع)) وقال شاعر آخر ((صلى الإله على صفى مدرك/ يوم الحساب ومجمع الأشهاد)) ومع ملاحظة أنّ حسان بن ثابت بعد وفاة نبى الإسلام قال يرثيه ((صلى الإله ومن يحف بعرشه/ والطيبون على المبارك أحمد)) ومن شعر أمية بن الصلت (المتوفى سنة 624م) قال ((كل دين يوم القيامة عند / الله إلاّ دين الحنيفة زور)) وقال ((إله العالمين وكل أرض/ ورب الراسيات من الجبال/ بناها وابتنى سبعـًـا شدادًا / بلا عمد يـُـرين ولا رجال/ وسوّاها وزينها بنور/ من الشمس المضيئة والهلال)) ومع ملاحظة أنّ القرآن وردتْ به نفس المعانى والألفاظ بعد ذلك (انظرسورة لقمان/10) وقال ((إلى الله أهدى مدحتى وثنائيا / وقولا رصين لا ينى الدهر باقيا / إلى الملك الأعلى الذى ليس فوقه / إله ولارب يكون مُـدانيا / ألا أيها الإنسان إياك والردى / فإنك لا تخفى من الله خافيا)) ومن شعر لبيد (المتوفى سنة671م) قال ((ألا كل شىء ما خلا الله باطل/ وكل نعيم لا محالة زائل)) وقال ((وكل امرىء يومًـا سيعلم سعيه/ إذا كــُـشفتْ عند الإله الحصائل)) وقال ((إنّ تقوى ربنا خير نفل/ وبإذن الله ريثى وعجل/ أحمد الله، فلاندّ له/ بيديه الخير ما شاء فعل/ من هداه سبيل الخير اهتدى/ ناعم البال ومن شاء أضل)) الأمثلة كثيرة جدًا من الشعر المكتوب قبل الدعوة المحمدية، ويحمل – كما كتب المستشار محمد سعيد العشماوى - ((ألفاظــًـا دينية وتعبيرات دينية مثل : الوحى، الشريعة، النذير، خليل الله، البر، مكارم الأخلاق، قصد السبيل، جبريل وميكال.. إلخ)) وضرب مثالا بشعر قاله زهيربن سلمى (المتوفى سنة627م) حيث قال ((لمن الديار غشيتها/ كالوحى فى حجر المسيل المخلد)) (الخلافة الإسلامية- سينا للنشر- عام1990- من ص40- 44) ومن كل ما سبق يتبيـّـن صــِـدق ما كتبه السيوطى من أنّ الآيتين 17، 18 من سورة الزمر نزلتا فى ثلاثة نفر كانوا فى (الجاهلية) يقولون لا إله إلاّ الله)) ومع ملاحظة أنه ذكر: زيد بن عمروبن نفيل، وإبا ذرالغفارى وسلمان الفارسى، وتجاهل كثيرين. ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا تحتفى الميديا المصرية بالإسلاميين ؟
-
الاعتداء على الكاتدرائية المصرية والسجل الإجرامى للإسلاميين
-
الاقتصاد واختلاف الأنظمة
-
أحادية أخناتون التى انتقلتْ للديانة العبرية
-
هل يستطيع اليسارالمصرى التخلص من كابوس العروبة؟
-
لماذا إصرار العروبيين على التزوير؟
-
لماذا لايهتم صناع السينما المصرية بمأساة ماريه القبطية؟
-
لماذا انقسم أبناء الديانة العبرية ؟
-
ثوابت الدين وتغيرالبيئة والزمن
-
هل الشيخ محمد عبده من التنويريين ؟
-
لماذا أحرق عثمان المصاحف ؟
-
حُلم الإسلاميين الطوباوى ب (تنقية) التراث
-
دور البيئة الطبيعية والتأقلم
-
ملاحظات حول مشكلات اللغة العربية
-
التطور من الخلية الواحدة إلى الإنسان
-
انعكاس الثقافة القومية على الإبداع (10)
-
زراعة الأنسجة ودور العلم
-
المواجهة بين العلم والكهنوت الدينى
-
انعكاس الثقافة القومية على الأدب (9)
-
انعكاس الثقافة القومية على الأدب (8)
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|