|
تحرير سوريا من الاستبداد الذي ترزح تحته
سلطان الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 1422 - 2006 / 1 / 6 - 10:52
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
سأروي لكم هذه القصة التي حدثت معي من يومين. استوقفني أحد الأعضاء العاملين في حزب البعث، في الساحة القريبة من مكان عملي وقال: غدا لدينا اجتماع للفرقة، وسأعلن فيه انسحابي من الحزب، فالأمر أصبح مسخرة، نذهب ونحضر، ندور وندور، وفي النهاية، نسمع أن عضو القيادة القطرية حرامي، من كنا نُصغي إليه لساعات، انه لأمر مقر ف حقا.
الحقيقة شجعته. وقلت له بالحرف الواحد: أنا معك، وأتمنى أن تفعلها ولك مني أن أنشرها في كل المواقع، ستكون قدوة للآلاف من الذين يريدون أن ينسحبوا من هذا الحزب ولكن يخافون بطشه وبطش أمنه. حتى انه يمكن في هذا الزمن. الإفلات من حكم الردة. أما الانسلاخ بعيدا عن هذا الوكر فغير مسموح أبدا، لا في هذه الدنيا ولا في الآخرة.
نسيت موضوعه حقيقة، حتى جاءني إلى مكان عملي، فتذكرت الموضوع، وصرخت به: شو صار معك؟قال:
-اسمع، الاجتماع كان الساعة الخامسة، ولم يحضر أحد قبل السادسة والنصف، وقبل الدخول إلى الاجتماع، فاتحت أمين الفرقة، بما يجول في خاطري فقال: احذر، لا أريدها أن تنطبش برأسك، أعرف ما تعانيه، وكما ترى مضى أكثر من شهرين ولم نتلق لا بريد ولا من يحزنون، الأمور من سيئ إلى أسوأ ، ونحن أيضا مللنا وفاض بنا الكيل ولكن لا نريد أن نكون الضحية، فليكن غيرنا. أثناء الحديث، اقترب عضو مجلس شعب، وقيادة شعبة، فتم الحديث معه بهذا الموضوع فأجاب: بصراحة كما ترون هم أيضا لم يعودوا يهتمون، ونحن كذلك، يريدون أن نبقى، نبقى، يريدون أن نحلها نحلها، ولكن الأهم إن لا نكون نحن البادئين.
قال محدثي: فهمت علي.
- قلت: فهمت عليك، لا تريدون أن تكون طائفتكم بصراحة في بوز المدفع.
هذا الحزب أصبح ضرره أكثر من نفعه. والجميع يريد أن ينسحب ويهرب ، ولكن بأقل قدر من الخسائر، ولو أن قرارا من القيادة القطرية ، يصدر، ويسمح فيه ، لكل من يريد الانسحاب بأن يُقدم طلبا ، لما توقفت المطابع عن الطباعة مدة شهر.
هل حان الوقت لسماع صوت الشعب السوري؟ أم، أن هناك بقية خيرات على الرف السوري، وهي بحاجة إلى من يكنسها ويضعها بجيبه المثقوبة. من تهُن عليه نفسه تهون عليه محبة الأوطان، وأولئك اللصوص ، الذين فتح باب مغارتهم عبد الحليم خدام. وبدأوا يتساقطون الواحد تلو الآخر، وبدأت الفضائح تهل علينا، مذكرة برائحة النشادر في شارع مدحت باشا. باعوا شرفهم أولا، ثم باعوا ضميرهم، ثم كرامتهم. ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود، فقلة الحياء والوقاحة أصبحت سمة كل مسئول عديم الضمير.
الإحساس بالمسؤولية، ليس صفة انفرد بها اللصوص، ولكنها للأسف، أصبحت سمة الشعب السوري بأكمله، لأن القمع الأبدي الذي مارسه عليهم البعث، حفر في وجوههم أخاديد، لن يمحوها زمن ولا زمنان، بل هي بحاجة إلى جموع من الأزمنة. الشعب السوري. فقد حيويته، فقد كرامته، فقد عنفوانه، أحالوه على الحاويات، يمضي حياته، متلويا من الفقر والجوع والألم، ينظر إلى حيث تسكن آلة قمعه، فيرى القصور الفاخرة، والأحياء النضرة، والسيارات الخرافية. ويعود إلى حيه الفقير المحفور المتصدع، إلى غرفته المظلمة. لأن( ولسخرية القدر)الكهرباء لا تنقطع إلا عن أحياء الفقراء والمعوزين، لأن نور طهارتهم وبؤسهم كافيا، كما يقول رجال الدين المتحالفين مع رجال القمع والفساد.
اتصل صديقي من بلدته المجاورة للصحراء قائلا: يا صديقي ، أنتم في دمشق، لا تشعرون بنا هنا، حقيقة الناس تموت من الجوع. الشباب العاطل يسرح في الطرقات، الحمص والفول والفلافل، الأغذية التي لا بديل عنها، ولا وجود لغيرها. الأنيميا تغزو الثغور الشامية، والحمصية والحلبية. قريبا سنبدأ بتشكيل عصابات للسرقة والنهب، فالعصابات عندكم ليست أفضل منا. سنسرق ونقتل ونسبي وننهب، من أجل إطعام أطفالنا، وسترة بناتنا. لقد طفح الكيل. ونحن سمعنا عن حجم السرقات التي سطت عليها عصابات المافيا الكبيرة عندكم.
ولن يهتم أحد بعد اليوم لا باسمه ولا بسمعته. فلديكم لصوص من الوزراء ورؤساء الوزراء والضباط القادة والأمراء، وأعضاء قيادة قطرية وقومية وتكويمية.
يا صديقي الجميع هنا أصابه الذهول، فأنا وأخي وأغلب أقرباؤنا، طوال القامة كما تعلم، فكيف إذا استطاع شخص قصير القامة، عضو في القيادة التكويمية لحزب البعث، أن يسرق كل هذا.؟ أين شرف اللصوصية؟ الذي انتهكه، نحن أطول، ولكننا اخترنا طريق الشقاء والشرف والعرق، واختار هو طريق النعيم والبعث والو سكي.
إحساس الشعب السوري، مات ولم يبك عليه أحد، دُفن مع نفايات أولاد خدام، ومروا بنعشه من شارع أولاد كنعان، وغسلوه أولاد الميرو، وألبسوه أولاد الزعبي، وصلى عليه المفتي صهيب. وعلى أنغام علي الديك فاضت روحه الطاهرة، وسرت في الخلاء مع خطوط سيرتل.
طبعا هناك الكثير من أولاد الأفاعي، من من ساهموا بحفر قبره وطمره وحرقه وذر رماده. ولكنني مثلي مثل أعضاء مجلس الشعب، لن أذكر إلا الأموات، والخارجين عن الطاعة، ومن يأتي اسمه، ويُطلب شتمه.
على ذمة صديقي نبيل، أن أحد أعضاء المجلس، ومن شدة وطنيته، وسرعة تلبيته للنداء، وصل إلى المجلس مرتديا (بجامته)، وحين نبهه الحرس استفاق من هول الصدمة، وأخذ يبربر بينه وبين نفسه: إيه شو أنا صاروخ، بدون ياني أجي بسرعة، واشتم بسرعة. والله ماني عرفان مين بدي اشتم؟ قالوا في واحد خلين ملقوط بباريس ولازم نسبوا قبل ما يفيق ويغسل وشو.
ماذا يريد الشعب السوري اليوم ؟
الشعب السوري يريد استرجاع ممتلكاته و أمواله و شرفه و كرامته.
الشعب السوري يريد حل مجلس الشعب، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
الشعب السوري يريد الحرية والحرية والحرية.
الشعب السوري، يريد اعترافا واعتذارا من كل من أخطأ في حقه. الاعتراف بالخطأ يعني أن المسئول يقرأ حياته بأحداثها وظروفها، ويقيم سلوكياته ومواقفه، مما يسمح له بأن يتحمل مسؤولية تاريخه، وأفعاله وأقواله.
الشعب السوري يريد، مسئولين يضعون نصب أعينهم خدمة حقوق الأفراد لا قمعها، احترام الدستور، لا خرقه، وقصه، ولصقه، وأكله، وبصقه. . احترام القانون والسلطات التشريعية والقضائية. . وليس استعمال سلطتهم (آخر طبعة موجود في باريس اليوم) السياسية في خدمة مصالحهم الخاصة، ومصالح أبناؤهم وأحفادهم.
الشعب السوري في غالبيته نشأ في جو يميل الى الالقاء باللائمة على الآخرين من جراء ما يحدث من قمع واستبداد وانتهاك للكرامة الانسانية ، ويبدو من الصعب علينا جميعا أن ننظر الى الوراء ونعترف بأن مسؤولية ما يحدث لنا اليوم ، نتحمل مسؤوليته أيضا نحن وليس فقط الآخرين ، وبالتالي نحن في طريق عبور الخط الذي يفصل بين الذين يلقون اللائمة فقط على الآخرين في كل المصائب والنكبات، والذين قرروا أن يتحملوا مسؤولية تخاذلهم وخنوعهم المستمر . فمواجهة واقعنا اليوم على حقيقته بصدق وشجاعة يبقى السبيل الوحيد الى تحرير سوريا من الاستبداد الذي ترزح تحته، والانطلاق من جديد في طريق بناء حضارة انسانية سورية جديدة.
#سلطان_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جماعة الأمن السياسي أم جماعة مجلس الشعب؟؟؟؟؟؟؟؟
-
خدام بلا السيد-المسرح السوري-الكوميديا السوداء
-
اعلان التجمع الليبرالي العلماني الديمقراطي -السلمية 1-1-2006
-
من باسل الأسد الى جبران التويني مع حفظ الألقاب
-
البراغماتية---القضية الكردية، المعارضة السورية
-
لوطن علماني ليبرالي ديمقراطي--اجمل
-
خيمة الوطن---وبقرة الوطن
-
المنهج---1
-
من القلب الى الحوار المتمدن
-
الائتلاف السوري من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان
-
دمعة على خد الوطن------
-
تاريخ الحزب الاحمر---3
-
ليس من الديمقراطية وضع الرقاب تحت قبضة السياف----
-
تاريخ الحزب الشيوعي الاحمر---2
-
تاريخ الحزب الأحمر السوري ---1
-
قانون جديد يسمح بفحص جينات كل بعثي.والعمل على الحد من تكاثره
...
-
معارض وطني --موديل 2005
-
فلم سوري طويل---رسائل من تحت وفوق
-
من يصدق الادارة الأمريكية بعد هذه الكذبة؟
-
برزان التكسوري؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
المزيد.....
-
-غير أخلاقي للغاية-.. انتقادات لمشرع استخدم ChatGPT لصياغة ق
...
-
بالأسماء.. مقاضاة إيرانيين متهمين بقضية مقتل 3 جنود أمريكيين
...
-
تحليل.. أمر مهم يسعى له أحمد الشرع -الجولاني- ويلاقي نجاحا ف
...
-
مكافأة أمريكا لمعلومات عن أحمد الشرع -الجولاني- لا تزال موجو
...
-
تفاصيل مروعة لمقابر سوريا الجماعية.. مقطورات تنقل جثث المئات
...
-
يقدم المعلومات الكثيرة ولكن لا عاطفة لديه.. مدرسة ألمانية تض
...
-
الجيش الإسرائيلي يستهدف مستشفيي كمال عدوان والعودة شمال قطاع
...
-
قلق من تعامل ماسك مع المعلومات الحساسة والسرية
-
ساعة في حوض الاستحمام الساخن تقدم فائدة صحية رائعة
-
ماكرون يزور القاعدة العسكرية الفرنسية في جيبوتي ويتوجه إلى إ
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|