|
تشريع قانون هيأة الحشد الشعبي وتداعياته على مسيرة التسوية والمصالحة
صبحي مبارك مال الله
الحوار المتمدن-العدد: 5372 - 2016 / 12 / 15 - 14:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تشريع قانون هيأة الحشد الشعبي وتداعياته على مسيرة التسوية والمصالحة نبدأ مقالنا ، بطرح أسئلة ونقول هل كان من الضروري تشريع القانون في هذا الوقت بالذات ومعركة تحرير الموصل لازالت مستمرة ؟ ما هي الدوافع والأهداف لتشريع القانون ؟ هل جاء القانون منسجماً مع الجهود المبذولة لتسوية الخلافات والأزمات بين الكتل السياسية ؟ ماهي أبرز الخلافات حول تشريع القانون ؟. بداية نؤكد بان الحشد الشعبي ، كان له دورفي معارك تحرير المدن والمحافظات المحتلة من قبل الدواعش ولازال الآن يشارك في معركة تحرير الموصل ، إسوة بالحشد العشائري والبشمركة و القوات المسلحة للجيش العراقي والقوات الأمنية وقوات مكافحة الإرهاب والشرطة المحلية ، فالجميع شاركوا في الحملة الوطنية .كما أن حفظ حقوق المقاتلين وحقوق الشهداء لايقتصر فقط على الحشد الشعبي بل لكل من شارك في عمليات التحرير . إن الحشد الشعبي جاء تشكيله إستجابة لنداء المرجعية الدينية ضمن موضوعة الجهاد الكفائي في عام 2014 بعد أن قامت عصابات داعش بإجتياح المدن وإقترابهم من حدود بغداد العاصمة ، وتدمير كل من يعيق تقدمهم بإساليب وحشية دموية مما دفع مئات الاف من السكان إلى النزوح والفرار فضلاً عما جرى من تعاون وخيانة من داخل هذه المدن إشترك فيها عشرات العناصر من الإداريين والعسكريين بحيث سقطت الموصل بساعات قليلة . لقد كانت الدعوة واضحة ومخصصة لفترة معينة بإعتبار الحشد الشعبي مكون من المتطوعين ، واجبه المشاركة في تحرير المدن والقضاء على داعش ، لقد كانت الفوضى تعم صفوف هذا التشكيل في البداية خصوصاً بعد دخول مليشيات الأحزاب الأسلامية والمنظمات المسلحة المتعددة على الخط ، كما كان يراد لهذا الحشد أن يكون ممثلاً لجميع مكونات الشعب العراقي . ولكن حساسية الوضع بين الكتل السياسية حسب نظام الطائفية والمحاصصة ، إعتبر الحشد بأنه يمثل الشيعة فقط نتيجة الحملة الإعلامية المحلية والعربية والدولية ، والذي زاد الطين بلة التصريحات غير المسؤولة من قيادات حزبية طائفية من كل الأطراف ، ولكن الحشد أثبت موقفه الوطني العام ورأى الجميع بأنه قوة فعالة ومضافة بحيث إقتنع الجميع به وقبيل البدأ بمعركة تحرير الموصل جرى التنسيق بين الجميع (الجيش العراقي والقوات الأمنية والشرطة والحشد الشعبي والبيشمركة والحشد العشائري والمتطوعين ). ثم بعدها إنطلقت الأصوات لجعل الحشد الشعبي ضمن إطار قانوني ويرتبط بالقيادة العامة للقوات المسلحة لغرض التقليل من التجاوزات والأخطاء أثناء عملية التحرير وكذلك لغرض التحرر من المادة التاسعة للدستور الدائم (الباب الأول المبادئ الأساسية : المادة التاسعة أولاً الفقرة ب التي تنص : يحظر تكوين مليشيات عسكرية خارج اطار القوات المسلحة)، ولتكييف وضع الحشد الشعبي بعد تحرير الموصل وجعله مستمراً ككيان معنوي وعسكري .والسؤال الذي طرحناه بانه هل كان من الضروري تشريع قانون الحشد الشعبي في هذا الوقت والمعارك لازالت محتدمة ؟ بالرغم من الموافقة المبدأية من جميع الكتل السياسية على ضمان حقوق الحشد الشعبي وتقدير الجهود التي بذلها ، إلا أنه لم يتم التوافق على تفاصيل مشروع القانون ، والتخوف بأن يكون الحشد أداة قمعية خارج إطار القوات المسلحة بالرغم من إرتباطه مع القائد العام للقوات المسلحة ، ولكن التسرع والعجالة في تشريع القانون وفي هذا الوقت غير موفق بسبب تصاعد الخلافات والعودة للإصطفاف الطائفي من جديد ، وبوادر الإنقسامات على مستوى الكتل السياسية .لننظر في وصف القانون ، صوّت مجلس النواب على مشروع القانون بأغلبية 170 نائباً من أصل 208 نائباً من الحضوربتأريخ 26/11/2016 علماً أن عدد أعضاء المجلس 328 نائباً، اتحاد القوى العراقية قاطع الجلسة أو ممثلي المكون السني ، وكذلك مشاركة صغيرة من المكون الكردي ، يعني ذلك عدم وجود موافقة أو توافق على مشروع القانون الذي لعب دور كبير فيه التحالف الوطني بإعتباره يمثل المكون الشيعي . القانون سمي :قانون هيأة الحشد الشعبي ، مكون من ثلاثة مواد ، المادة 1 مكونة من أربعة فقرات ، وقد نصت المادة 1 أولاً على (تكون هيأة الحشد الشعبي المعاد تشكيلها بموجب الأمر الديواني المرقم (91) في 24/2/2016 تشكيلاً يتمتع بالشخصية المعنوية ويعد جزءً من القوات المسلحة العراقية ، ويرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة ، وثانياً من المادة 1 مكونة من سبعة فقرات(وهي ماورد في الأمر الديواني المرقم (91) . هذا القانون هو منفذ لإخراج الحشد الشعبي من صفة المليشيات التي تنطبق عليها المادة التاسعة ب من الدستور . وكما لاحظنا هناك الكثير من النقاط لم يعالجها القانون الدليل على العجلة في تشريعه فالقانون مكون من ثلاثة مواد رئيسة فقط ، ولم يدرج فيه السياق القانوني للقوات المسلحة في وزارة الدفاع أو وزارة الداخلية ، فهو مكون مستقل وإرتباطه بالقائد العام دون أي علاقة بوزارة الدفاع ، ولم يبين كيفية التنسيق والتوزيع ، والمخصصات المالية لمن يكون مرجعها ؟، تنص الفقرة ثالثاً من المادة 1 :تتألف قوة الحشد (الشعبي ) من مكونات الشعب العراقي وبما يضمن المادة (9)من الدستور.وبعد تشريع القانون ، أخذت الخلافات تطفو على السطح ، حيث رد أتحاد القوى العراقية والوطنية العراقية مثلاً النائب رعد الدهلكي يقول (لاأفهم الحاجة لبديل عن الجيش العراقي أو القوات الأمنية حسب صيغة القانون الحالية وسيكون مايشبه الحرس الثوري الإيراني )، والنجيفي في رد إنفعالي يقول أن القانون يخل بمبدأ الدولة والتوازنات في المؤسسات الأمنية ، ثم أكد لاتسويات ولامصالحات بعد اليوم ، كما يؤكد النجيفي القانون طعناً إضافياً لمبدأ الشراكة ونسفاً للعملية السياسية . ونتيجة للخلافات كان يفضل التريث في تشريع القانون ومعالجة نقاط الخلافات التي كانت أحد الأهداف في التسوية الوطنية أو المصالحة ، أما عن سؤال الدوافع والأهداف ، لقد كان التحالف الوطني الممثل للمكون الشيعي متحمس لتشريع القانون قبل أن تنتهي المعارك ، وذلك لضمان وضع المليشيات ، كقوة إحتياطية حامية للنظام ورد المؤامرات كما تذكر الأسباب الموجبة لتشريع القانون ، ولكن من يضمن أن يتوافق هذا التشكيل مستقبلاً مع القوات المسلحة ولاتكون مرتبطة بالأطر السياسية المذكورة في الفقرة 5 من المادة 1ثانياً على أساس فك الإرتباط مع كافة الأطر السياسية والحزبية والأجتماعية ولايسمح بالعمل السياسي في صفوفه . ولكن لم يمنع الأدلجة والفكر الديني ذات التوجهات الطائفية والمذهبية .يقول سليم الجبوري رئيس مجلس النواب من أتحاد القوى إن الإشكال دار حول بنية القوات وتشكيلة الحشد ووظيفتها وإعدادها وماهو دورها بعد تحرير الموصل ، وذكر بأنه جرت مفاوضات مارثونية لغرض تمرير القانون في مجلس النواب . عمار الحكيم رئيس التحالف الوطني ورئيس كتلة المواطن أعتبر التصويت على القانون خطوة وطنية وتمهيد للتسوية الوطنية وأن الحشد يمثل العراق ولايمثل مذهباً أوجماعة وأيده في ذلك العديد من أعضاء التحالف بل إرتفعت النغمة بإتجاه التهديد لكل من يقول عن الحشد بأنه مليشيات كما ذكر موفق الربيعي ، والنائبة عن كتلة الوطنية جميلة تقول إن قانون الحشد الشعبي مخالف للدستور والمرجعية . المخاوف كثيرة عند الأطراف المتصارعة ، ومنها ، أن يصبح الحشد قوة مسلحة ضاربة رديفة للجيش العراقي أو يستخدم كقوة حامية للتحالف الوطني ومكوناته بسبب وجود تشكيلات وفصائل الحشد الشعبي بأعتبارها كيانات قانونية تتمتع بالحقوق وتلتزم بالواجبات ومنها مساندة للقوات الأمنية العراقية والأهم من ذلك تحتفظ بهويتها وخصوصيتها .كما يعتبر البعض بأن تشريع قانون الحشد هو بالضد من تأسيس الدولة المدنية والديمقراطية ، لأن لايمكن التحكم به . وآخرين يعتبره صيغة منقولة من النظام الأيراني ، وكذلك من المخاوف ما يتعلق بالتوازن وتوزيع النسب بين مكونات الشعب العراقي ومشاركة جميع المحافظات في الدفاع عن مدنهم . المتوقع أن تعود الكتل السياسية من خلال رؤسائها إلى الإجتماعات والمفاوضات حول نقاط الخلاف . ولكن الرأي المعتدل أن يصبح الحشد الشعبي والعشائري قوة إحتياطية تُطلب عند الضرورة مع فسح المجال للشباب بالإندماج بالقوات المسلحة وأن يكون السلاح بيد القوات المسلحة ، مع ضمان حقوق جميع من شارك في معارك التحرير.
#صبحي_مبارك_مال_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة ...هل هو يوم للإحتجاج
...
-
تقاطع الحسابات الإقليمية مع الوطنية في التسوية التأريخية وال
...
-
نتائج الإنتخابات الأمريكية وتداعياتها على منطقة الشرق الأوسط
...
-
دور النُخب السياسية الحاكمة في عرقلة الإصلاح والتغيير المطلو
...
-
إشكالية تشريع القوانين مع الدستور وقابلية التطبيق!
-
الوحدة الوطنية ضمانة للإنتصار وتحقيق التغييروالإصلاح الشامل
...
-
تحرير الموصل بين الأطماع الإقليمية والصراعات السياسية!
-
السلطات الثلاث ومعظلة الفساد !
-
إستعصاء تشريع القوانين وإتخاذ القرارات في مجلس النواب العراق
...
-
إستجواب وزير الدفاع في مجلس النواب ......تحليل وإستنتاج !
-
الخصخصة وتداعياتها على الإقتصاد الوطني العراقي
-
الواقع السياسي بين الإرتداد والطموح !!
-
ماهي الدوافع والأهداف لمؤتمر باريس ؟!
-
تحية للطفل في يومه العالمي
-
إتفاقية صندوق النقد الدولي الأخيرة مع العراق من وجهة نظر سيا
...
-
هكذا ترى الحكومة والكتل السياسية حل معاناة الشعب العراقي ومش
...
-
تداعيات سياسية مستمرة وإصطفافات جديدة في الكتل السياسية !
-
الشعب لن يتراجع عن مطاليبه في الإصلاحات والتغيير!
-
فشل الرئاسات الثلاث في حل الأزمة السياسية والجماهير الغاضبة
...
-
إنقسام في مجلس النواب العراقي وتداعيات سياسية خطيرة !!
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|