|
التعليم المجتمعي من رحم التجربة
عبدالرازق مختار محمود
الحوار المتمدن-العدد: 5371 - 2016 / 12 / 14 - 18:18
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
عندما تعاني بعض الدول من بعض المشكلات التي تحول دون انطلاقها في أهم ميدان وهو ميدان التعليم، ينبغي أن تنطلق راغبة؛ لتبحث عن روافد جديدة تصب في قنوات التعليم؛ ولكي تسهم هذه الروافد بشكل أو بأخر في بث الحياة في مجال التعليم، وتساعد في التغلب علي المشكلات، وتقديم الحلول، وتصبح مع مرور الوقت من أولويات النظام التعليمي. ومنظمات المجتمع المدني العاملة في التعليم، وما قدمته من تجارب ناجحة في هذا الميدان، تعد شاهدا علي أن تلك الروافد يمكن أن تحدث تغيرا، بل يمكن أن تقدم نموذجا جيدا يمكن البناء عليه، والاقتداء به، لفتح آفاق جديده لتعليم جديد. ومدارس المجتمع التي نشأت من رحم المجتمع المدني، والمؤسسات العاملة والمهتمة بالتعليم في بداية التسعينيات تعد نموذجا لتلك الروافد، وقد أقيمت هذه المدارس في المناطق الريفية المحرومة من الفرص التعليمية؛ لتقدم تعليما معادلا للمرحلة الابتدائية في النظام التعليمي المصري، وقد اشترك في إقامتها والإشراف عليها هيئة اليونيسف بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم المصرية والمجتمع المحلى، وهذه المدارس اكتسبت أهمية خاصة؛ لأنها هدفت إلي تقديم خدمة تعلمية مناسبة للأطفال الذين تجاوزوا السن القانونية المناسبة، وهم غير ملتحقين بالتعليم ، وعلى غرار مدارس المجتمع تم إنشاء العديد من التجارب المماثلة منها المدارس الصديقة للفتيات. وتبرز أهمية التعليم المجتمعي فيما يقدمه من مهارات تعلميه للتلاميذ، واكسابهم مهارات حياتية، وأيضا من خلال إسراع تعليمي يقدم للتلاميذ من خلال فصل متعدد المستويات، فإذا كان من دواعي عدم تعليم الأهالي لأولادهم وبناتهم هو كبر سنهم فإن التعليم المجتمعي يسهم في سرعة إتمام مرحلة التعليم الأساسي، وذلك حسب قدرات التلاميذ التعليمية، وأيضا بما يتناسب مع سنهم. وقد تبني هذا النوع من التعليم استراتيجيات تحد من التسرب وترتقي بنوعية التعليم منها: اعتناق فلسفة " التعلم الذاتي " ومشاركة الطفل في العملية التعليمية، والبعد عن المعاملة السيئة للطفل، وتدريب الميسرات ( المعلمات ) تدريبا جيدا حتى يتسنى لهن فرصة " تيسير " عمليات التعلم الذاتي، وكذلك الاعتماد علي نظام الفصل الواحد متعدد الأعمار، والاعتماد علي تصميم خاص لأثاث الفصل يساعد علي تحقيق هدف التعلم الذاتي والابتكارية والعمل الجماعي، وتكوين فريق يتضمن إشراف فني وميداني محكم لمساندة التعليم في هذا النوع من التعليم. وكشاهد عيان ومشارك في معظم تلك التجارب ولسنوات ليست بالقليلة فإن هذا التعليم تميز بالعديد من المزايا على الرغم من الظروف الصعبة التي يعمل فيها ومن هذه المزايا: إدارة الفصل بأسلوب فعال، تنفيذ أفكار لوسائل متنوعة وفعالة، التواصل الجيد بين الميسرات والتلاميذ، توظيف خامات البيئة لإعداد وسائل تعلمية فعالة ومناسبة، والإسراع التعليمي للتلاميذ "كبار السن والمتفوقين علمياً "، والإدارة الذاتية للتلاميذ للفصل وممارسة هواياتهم، واستخدام الأركان التعليمية الفعالة، واستخدام استراتيجيات متنوعة للتعلم النشط، وتوفير بيئة تعلمية أمنة ومدعمة للتعلم النشط. وأخيرا وفي تلك اللحظات المهمة من تاريخ الوطن، والتي نحتاج فيها إلى تعظيم كل الجهود؛ لتصب في صالح العملية التعليمية أتمني أن يأخذ هذا النمط من التعليم حظه من الرعاية، والعناية والاهتمام، وإزالة كافة العقبات التي تحول دون توسعه، وقد يكون من المناسب في هذا السياق أن يكون للوزير نائبا للتعليم المجتمعي يكون من ضمن مهامه دعم المشاركة المجتمعية في التعليم، والتمكين له بما يحقق الشمولية والاستمرارية ، والفاعلية، وتكوين اتجاهات إيجابية نحو التعليم المجتمعي، واستثمار الطاقات وتراكم السنوات الماضية، والبناء عليها، ووضع الأُطر اللازمة لنمو هذا القطاع من التعليم، ويكون من ضمن صلاحياته القدرة علي جذب وتنفيذ المزيد من التجارب الناجحة، وهذا يصب في مصلحة تجويد التعليم، والوصول به إلي قطاعات كانت تذهب ألي جبال الأمية المتراكمة، والمتنامية، والممتدة في كل مكان. وأخيرا فان التعليم المجتمعي تجربة جديرة بالاهتمام بها، والبناء عليها، واستلهام أسباب نجاحها؛ للقياس عليها في مواطن أخري تصب جميعها في نهر التربية والتعليم الراكد منذ سنوات طويلة.
#عبدالرازق_مختار_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أفيخاي أدرعي وميلاد الرسول!!!
-
وطنك فقط من يروي عطشك
-
حكايات الكلبة أناستازيا؟!
-
كلاسيكو الأرض أزمة هوية
-
قلم شريف
-
حلب الشهباء التي أحببت
-
إسرائيل تحترق وماذا بعد ؟!!
-
ما وراء مباراة مصر وغانا
-
المرضى لا يعرفون
-
شد السيفون ولا تخجل
-
مفتون أصابته دعوة سعد
-
اسم الآلة
-
للاحتكار وجوه أخرى
-
للشعب إعلام يلهيه
-
لا صوت يعلو فوق صوت المصلحة
-
وزارة واحدة تكفي
-
المسئول الفقاعة
-
أُريد: منصة عربية في زمن التغريب
-
لا تقف على ظل المعلم
-
لأننا فقراء ننفق على التعليم
المزيد.....
-
-متى لم يكن مشرفا؟-.. أمير سعودي يثير تفاعلا بشأن موقف بلاده
...
-
صحيفة ألمانية: ترامب سيسلم -أم القنابل- لإسرائيل
-
قاضٍ يوقف مؤقتاً خطة ترامب لتقليص موظفي الحكومة الأمريكية
-
لماذا يستعمل الموظفون الذكاء الاصطناعي في مكاتبهم في الخفاء؟
...
-
من هم الأكثر عرضة للنوبات القلبية؟
-
اختفاء طائرة ركاب فوق ألاسكا
-
إدارة ترامب تلغي وحدة -مكافحة التدخل الأجنبي- في الانتخابات
...
-
لا تصدقوا ما يقوله ترامب عن غزة
-
اكتشاف تأثير التأمل على مركز العواطف في الدماغ
-
اليد الحمراء.. منظمة سرية دموية رعتها المخابرات الفرنسية بعل
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|