|
الحاجة الى العصا الغليظة في العراق
جواد كاظم غلوم
الحوار المتمدن-العدد: 5369 - 2016 / 12 / 12 - 16:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحاجة الى العصا الغليظة في العراق
في ظل الوضع العراقي الغريب الاطوار بكل مآسيه وتغريبه واسوداده وفوضاه التي فاقت الانفلات بأشواط بعيدة بحيث حلّ اكثر من ديكتاتور هنا وهناك وكلٌ يقول انا السيد الأوحد وانا ظل الله وناصره وانا السيد الرأس وبيدي صولجان العرش الاعلى ، اينما تذهب ترى دكتاتورا أرعن يقود مليشيا او يمتطي تيارا او يعتلي ظهر حزب غارق في الاثنية والعمى لايبصر سوى منافعه لايعرف شيئا عن الديمقراطية الاّ في همهمات لسانه وتهويمات عقله . هنا في بلادي بعد ان سُدّت كل منافذ الحل والخلاص يتطلع جموع من ابناء شعبي ممن اصابه اليأس والاحباط بسبب انقطاع حبل الامل الذين استمسكوا به وهماً وخديعة تماما مثلما كان فولتير يؤمن بان الاستبداد المنير كما كان يسميه قد يكون بارقة وضوءا كاشفا للخلاص من هوّة ظلماء حشر فيها الناس حشرا في كيِّ جهنم كان يسمى وطنا وملاذا . قد يكون فولتير محقا ورأيه عين الصواب حينما يفقد ثقته بالديمقراطية ويهجسها انها تشيع البذاءات والحماقات والسوءات اذا مسك زمامها معتوهو السياسية والغوغاء وأخلاط الاثنيين والموتورين والنرجسيين من رعاة ترويج الدين والعرق من ضيقي الافق الذين لايتطلعون الى آفاق الحداثة والتنوير ومدارج التقدم والنهوض وهل اكثر حزّا للنفوس عندما ارى قطاعات واسعة من الشعب في بلادي ومنهم مثقفون يشتدّ فيهم الحنين الى دكتاتور يطمحون فيه عدلا وكأن اربعة عقود من الدكتاتورية لم تكن كافية لتنتج لنا هذا الحال والمآل كي يتخلصوا من هذا الوضع الكارثي الذي لم يعد يطاق حتى دبّ فيهم الامل والاستنجاد بدكتاتور منقذ عادل ومستنير وفق تصوّرهم . وقديما صرخ الاغريق ، كل الاغريق بملء افواههم حينما عاثت الكليبتوقراطية " لصوص السياسة " ببلادهم فسادا ونهباً وهم الذين اسسوا الديمقراطية مرتعا جميلا للحياة السياسية والاجتماعية وتمنّوا مرغمين حتى أسافل القوم وأكثرهم وحشية وهمجية كي يحكموهم وذلك في صرختهم المدوية : " تعالوا أيها البرابرة الأوغاد الأسافل ؛ فلتنقذونا من هؤلاء اللصوص الماكرين " حقا كانت دعوة ونداء الاغريق صائبة فلابد من منقذ يجئ لينتشل الملأ المنهك في بلاد غرقت بفوضى النهب والانفلات ، وشرّ الزمان حينما يجتمع الرعاة والراعي على شرعنة المفاسد والتلذذ بالسرقة واعتبارها حنكة وجرأة وبطولة مثلما يحدث الان في بلادي التي يتوزعها الدنيء والبذيء والجاهل والسافل وترخص فيها الضمائر وتتدنى السرائر وانعدام الحياء وتفاقم الرياء وشيوع الجرائم المنظمة ( الخطف والقتل والابتزاز المالي والسطو المسلح وقطاع الطرق والتحايل العشائري بقصد دفع الديّات والفصل --- الخ مما لايحصى من اساليب دنيئة وماكرة للاستحواذ على اموال الناس بطرائق غريبة ومفزعة لم نألفها قبلا حتى في أعتى الدكتاتوريات التي عشناها عقودا طويلة ) . ومن البداهة اذا اردت ان تطيح بوطنٍ وتعيقه فما عليك الاّ ان تثقله بالحروب الداخلية والديون معا مع ضياع الامل بالخلاص وفي هذا الحال المزري يبدأ التعلّق بمنقذ ولو كان وهماً وربما عدوّاً اخر أخفّ وطأةً لعلنا نجد مستبدّا مستنيراً بدلا من حلكة الظلام الدامس الطاغية فينا وفق منطق " حنانيك بعض الشرّ أهون من بعض " . هل كان لزاما علينا ان نستجير بالطغاة والدكتاتورية والعساكر المنفوخين بالبطولة الزائفة لنتخلص من لصوص السياسة الذين افرغوا بلادي من كل ثرواتها وجعلوها تستجدي ديونا مرهقة ستثقل كاهلها أمدا قد يطول حتى ينوش الاجيال اللاحقة ؟؟ انا عن نفسي أجيب بملء فمي : نعم فالرمضاء أهون كثيرا من النار التي نكتوي بسعيرها الان ؛ واحيانا لابد لنا من طغاة حتى نبرر حاجاتنا التوّاقة الى الحرية ، حرية الخلاص المؤقت من اللصوص والساسة الرعاع . فما الذي يعمله شعب مثل شعب العراق تظاهر سنوات واحتجّ واعتصم دون ان يلمس ايّ تغيير او اصلاح او تحريك الى الامام حتى ولو قيد أنملة سوى ان يلوذ بما يتخيله منقذا وناجيا ونوحا عاصما من فيضان الدماء واتساع الموت وانتشار اجواء الكراهيات المذهبية والعرقية بكل روائحها المقيتة ، ومن يوقف الفوضى العريضة والانفلات على القانون الذي يداس الان بالأحذية سوى حاكم جائر يمارس دكتاتوريته بكل ما أوتي من قوة ليسلّط سيفه وسوطه على رقاب وظهور تلك الشرائح الكبيرة في مجتمعنا المنفلت . نحن الان نؤجل طموحاتنا من اجل مجتمع مدني متحضر ونظام حكم ديمقراطي فهذا المسعى بعيد المنال حاليا في بلادي ( لانريد عنبا ؛ نريد سلّتنا ) ، وكل مانصبو اليه في مرحلتنا الحالية عودة دكتاتور سليط اليد واللسان ، قويّ الشكيمة ولا يتورع من بسط قوته وقانونه مهما كان بالغ الصلافة ؛ فقد بلغت القلوبُ الحناجرَ من اشتداد الاسى والقهر والغضب الكامن في النفوس والبائن في الوجوه حتى بدأت تحنّ الى منقذ كيفما يكون . رحبا وسعة بك ايها الدكتاتور ، فمتى تجئ الينا بعصاك الغليظة ؟؟
جواد غلوم [email protected]
#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكتابة الصحفية ومعاييرُها
-
وفَينا وفي بعض الوفاء سعادةٌ
-
قصيدة بعنوان - عمياً ، بكماً ، صُمّاً لقداستِكم -
-
هل تحتاج العراقة التاريخية الى تحديث ؟؟
-
ديمقراطيون أم كليبتوقراطيون ؟؟
-
بين الإعلام الحرّ والإعلام التأطيري
-
والجهالة إذا شاعت
-
قصيدة بعنوان - عشقٌ من طرفٍ واحد -
-
باقةُ وردٍ في يديك ياناديا مراد
-
رأفةً وهوناً بنسائنا فلاتكيلوا الفواحش عليهنّ
-
خطابٌ الى شباب وفتية وطني
-
إشعال الحرائق بأشكالها في بلادنا العربية
-
نحن ، كما يقيّمنا مستعرب ياباني
-
شيء من أيام المطاردات بُعيد انحلال الجبهة الوطنية
-
قصيدة بعنوان - قطافٌ من شجرة الفتوّة -
-
هل من مغازلة بين العلمانية والإثنية ؟؟
-
قصيدة بعنوان - وطنٌ مشنوقٌ بحبلِ غسيلٍ قذر
-
قصيدة بعنوان - لذائذُ ومرارات -
-
اتساع التطرّف العقائدي دمويّا
-
الوجوه المتلوّنة تتلبّس حياتنا
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|