أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بوعلي - بحاجة إلى إسلام حداثي .. هنا والآن















المزيد.....

بحاجة إلى إسلام حداثي .. هنا والآن


محمد بوعلي

الحوار المتمدن-العدد: 5368 - 2016 / 12 / 11 - 04:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل يستطيع أحد اليوم ان يقتحم هذا الطابو المرعب، ويحدد لنا بالضبط ما المقصود بالإسلام السمح المعتدل، الذي يتعارض مع اسلام داعش واسلام الوهابية والذي بفضل البتر ودولار وماكينة اعلامية تعمل ليل نهار وانظمه يهمها اولا واخيرا البقاء متحكمة في زمام الأمور، سيصبح قريبا منصوص عليه في الدستور. كدين رسمي للدولة في المغرب وفي غيره من البلدان المحسوبة على المذهب السني.

هناك مسلمون معتدلون مسالمون يشكلون الأغلبية. وهم كذلك بالفطرة. كثيرا من هؤلاء منفصلون عن الواقع المحيط بهم. غارقون في همهم اليومي. ينظرون الى الاحداث من خلال زجاج نظريه المؤامرة، اوهكذا تقدم إليهم الاحداث من طرف اعلام رسمي وغير رسمي لم يمل من ترديد أسطوانة قديمة عن اسلام سمح معتدل تحاك ضده المؤامرات شرقا وغربا. وهو خطاب نسمعه عقب كل تفجير ارهابي هنا او هناك، او تعليقا على الاحداث المستعرة في الشرق الاوسط. حتى مفهوم التسامح، الرحمة، اسلام متسامح. يحيل على قاموس ديني يتحدث عن العفو، المغفرة، الرحمة. وهي مفاهيم تدل في الواقع عن ذات مترفعه. تفترض امتلاك الحقيقة والصواب دون الاخرين. وقد تتجاوز عنهم وتتسامح معهم كذوات مذنبه خاطئة او ناقصه من باب الرحمة والتسامح. شخص مريض عقليا يطلق النار على اناس في عاصمه أوروبية. تفتح تلفازك تجد شخص يتحدث عن دين الرحمة والتسامح. بمعنى ان هؤلاء البشر مخطئين أصلا. لكن يجب ان نغفر لهم اختلافهم عنا ونتجاوز عيوبهم، من باب ان الإسلام دين التسامح والرحمة.

هل هناك اسلام معتدل يقر بحق الاخر المختلف في التواجد أولا وفي التعبير سلوكا ومظهرا وفكرا. اسلام يتوافق ومنظومة حقوق الانسان كما هي متعارف عليها كونيا بدون تحفظ. وبدون حديث منافق عن خصوصية ثقافية حديث الغرض منه في الواقع تجزيئ تلك الحقوق وغربلتها. على اعتبار ان سكان هدا الجزء من العالم جنس بشري يختلف عن باقي البشر في هدا العالم. في احاسيسهم وسيكولوجيتهم، في رغباتهم وهواجسهم. حديث منافق لكونه يتعامل مع منظومة حقوق الانسان بشكل براغماتي ظرفي. عندما كان الحجاب مادة للنقاش العمومي في فرنسا عقب منع ارتدائه في المدارس، كانت قناة الجزيرة تدافع عن حق ارتدائه من طرف الطالبات المسلمات في فرنسا. كيف لهدا الغرب ان يتشدق بحقوق الانسان وهو يمنعها عن المسلمين؟ هده هي نبرة الخطاب على منابر قناة الجزيرة ساعتها. لم نسمع الجزيرة تفتح نقاشا على ترسانة الحقوق التي يرفضها المسلمون جملة وتفصيلا.

هل يستطيع أحد ان يوضح لنا ماهي معالم هدا الإسلام السمح المعتدل. ما موقفه مثلا من تطبيق الحدود من رجم وقطع للأيدي والرقاب. ما موقفه من دونية المرأة والتي هي تحصيل حاصل. ما موقفه من دعاة تطبيق الشريعة. ما حدود اعتداله وسماحته، وما مدى قبوله بالآخر المختلف عقائديا فكريا أو حتى جنسيا.

نريد اسلاما واضح المعالم نعتز به ونوصي به أبنائنا. لا نريد اسلاما يكبت تساؤلاتنا ويدربنا على الخضوع والخوف ثم النفاق كنتيجة حتمية. نريد اسلاما يبني مجتمعا متحضرا. إسلام نستطيع ان ندافع عنه امام الاخرين بدون مركب نقص.

لقد مللنا من خطاب مزدوج يتحدث عن الاصالة والمعاصرة. الاصالة بمعنى التشبث بقيم الاسلام، ومعاصرة بمعنى الانخراط في روح العصر. خطاب تربينا في أحضانه وتردد على مسامعنا كل مرة يثار فيه نقاش الهوية: مواطن متشبع بقيم دينه منفتح على العصر.. هدا الانسان كنا نجده فقط في المقررات الدراسية بنصوصها واشعارها وصورها ولم يكن موجودا على ارض الواقع. انسان معتز بانتمائه الثقافي منفتح على العصر ومنخرط فيه. فشلت المدرسة ومن ورائها الدولة في خلق هدا الانسان المنسجم في تفكيره. انسان حداثي عقلاني متشبع بقيمه وانتمائه الحضاري. لكنها بالمقابل نجحت في افراز نموذج آخر: "فرانك شتاين". يأخذ من المعاصرة جوانبها المظلمة. من ليبيرالية متوحشة، وثقافة الاستهلاك، وفردانية انانية. وفي نفس الوقت انسان تقليدي محافظ، ان لم يكن رجعيا ماضويا. يرى مستقبله في ماضيه. ويحن الى عصر "السلف الصالح". انسان معاد للعقل وللمنطق. لكنه لن يتوانى عن استعمال الأيباد لتصوير مشهد السياف وهو يقيم الحد على رقبة "افسدت في الأرض". هدا هو النموذج الدي يعيش بيننا اليوم ويزداد ويتكاثر. نموذج يستطيع ان يكيف متناقضات بداخله. ويجبرها على التعايش. حتى لباسه ومظهره الخارجي يدل على حالة سكيزوفرينيا. انسان منافق منحط أخلاقيا بدون قيم ثابتة لكنه لا يدري دلك، بل يعتقد العكس، وينظر بنظرة دونية للآخر المختلف عنه عقائديا.

سؤال الهوية في ميثاق التربية والتكوين في غاياته الكبرى بقي حبيس هدا الخطاب الانشائي الفضفاض. عن خلق متعلم مواطن متشبع بقيم دينه وثقافته منفتحا ومنخرطا في عصره، دون ان يحدد ماهي هده القيم وما شكل هدا الانخراط. والنتيجة غياب مشروع مجتمعي واضح المعالم يمكن ان تستند اليه المدرسة. فتحولت الى حلبة صراع مفتوحة لمن يستطيع ان يصرخ عاليا. ولأن أصحاب الفكر الماضوي يجيدون الصراخ عاليا، فلا غرابة ان تتحول المدرسة العمومية الى بوابة للفكر السلفي يعبر من خلالها الى فئات عريضة من المجتمع. ويفرض وجهة نظره المتخلفة كسلوك ونظرة للعالم وأسلوب حياة لأجيال قادمة.

لكن هل يعني دلك انه يتوجب علينا ان نختار بين الاصالة أو المعاصرة وليس هدا الخليط الهجين اصالة معاصرة؟ اقصد بالأصالة هنا التقليد والمحافظة، وثراتنا الثقافي في شكله الخام. والمعاصرة بمعنى الحداثة والعقلانية والعلمانية. اعتقد شخصيا ان الامر يتعلق بخطين متوازيين، او حتى متنافرين نحاول قدر جهدنا الجمع بينهما. والصورة كما نراها اليوم: مجتمع اشبه بعربة تجرها جياد الى الامام، وأخرى الى الخلف والنتيجة مراوحتها لمكانها لأجيال واجيال. ولا أستطيع ان أرى في الواقع أي بديل عن ثورة فكرية من داخل ثراتنا الثقافي. نحن بحاجة الى تجديد الخطاب الديني من داخل الحقل الديني نفسه. خطاب ديني متوافق مع روح العصر ينفد إعلاميا الى كل شرائح المجتمع.

لمادا استطاعت دول في شرق آسيا كاليابان ان تصبح دولا حداثية علمانية، دون ان تشكل خصوصيتها الثقافية عائقا امام دلك رغم ان العلمانية والحداثة هما نتاج للفكر الغربي؟ لان هده الثقافات فهمت ان الحداثة والعلمانية فكر كوني يخاطب الانسان أينما كان. بينما نحن لم نستطع دلك. واعتقدنا ان الحداثة والعلمانية أفكار غربية معادية لخصوصيتنا، بل تستهدفنا نحن بالضبط ..لان هؤلاء البشر في شرق آسيا لا يعتبرون أنفسهم "خير امة أخرجت للناس" في كل زمان ومكان. وبالتالي لا يحتاجون الى هدا الآخر، لأنهم أفضل منه. بمعنى لم يكن لديهم دلك الأنا المضخم الدي يصاحبنا في كل زمان ومكان. حتى ان البعض يتحدث عن اسلمة الحداثة ,وليس تحديث الإسلام. بمعنى ان الحداثة هي من يجب ان يتماشى مع الإسلام وليس العكس. واعتقد شخصيا ان اسلمة الحداثة لا يعدو ان يكون أكثر من صورة لمجموعة من الأشخاص، يحملون هواتفهم الذكية ليصوروا مشهدا للرجم او لقطع يد سارق. وفي أحسن الأحوال تحميل تطبيقات على هواتفهم لأدعية دينية ومواقيت الصلاة ورنات بأناشيد إسلامية. أي صورة مشوهة عن حداثة مشوهة.

وسنظل ندفن رؤوسنا في الرمال كلما حاصرنا سؤال الهوية، تحت ضغط الأزمات والمتغيرات المتسارعة اقتصاديا سياسيا تكنولوجيا وعلميا. وسنتحدث عن عظمة الإسلام وتسامحه، عندما تنطق الوقائع عكس ذلك على ارض الواقع. لأن جهلنا المركب، وانفصالنا عن واقع العالم المحيط بنا، وكبريائنا وانانيتنا تجعلنا نعتقد اننا نحمل سبل الخلاص لهذا العالم. كل دلك سيجعلنا عاجزين عن فعل أي شيء. ما دمنا لا نستطيع ان نحدق في تشوهاتنا امام المرآة.



#محمد_بوعلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرمجدون الشرق المتوسط
- ابو هريرة الامريكي


المزيد.....




- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بوعلي - بحاجة إلى إسلام حداثي .. هنا والآن