أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - الجن حقيقة دينية ومشكلة قانونية















المزيد.....

الجن حقيقة دينية ومشكلة قانونية


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 5368 - 2016 / 12 / 11 - 00:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كتب الاستاذ عبد العزيز السماري مقالا يستحق التأمل عن أهم تحديات العقل في المجتمع السعودي ومنها الإشكال القانوني للجن. وورد في مقاله "ويأتي ذلك بسبب إصرار الإعلام والخطاب الشرعي على تقديمهم كعضو فاعل في عالم الجريمة في المجتمع؛ وهو ما يجعل من تحديد هويتهم القانونية أمرًا ملحًّا؛ وذلك حتى لا نحكم على أبرياء لجرم ارتكبته الجن باسمهم". ويتابع الاستاذ السماري "فالجميع تابع على قناة إعلامية كيف يدعي راقٍ علاج بعض الحالات لفتيات من الجامعة، قادهن التلبس لارتكاب جريمة الزنا، وكيف يصدّق المشاهدون ادعاء بعضهم أن الجن أيضًا تسرق الأموال من المنازل. وهذه اتهامات جنائية خطيرة. والمشكلة في هذا الانفصام العجيب أن المدعي يتمتع بحصانة رجل دين، بينما من المفترض أن تتم محاكمته في اتهاماته غير الثابتة للجن، إذا لم يكونوا خلف الجريمة".
يقول الاستاذ السماري "التفسير الآخر أن علاقتنا بالجن تدخل في نظرية المؤامرة؛ لأن فيها منافع كثيرة ومصالح جمة؛ فاستمرار حضورهم الطاغي في المجتمع يستفيد منه بعض الإنس المتنفذين، سواء كانوا رجال دين أو رجال إعلام، وربما يفسر ذلك الحملة الأخيرة ضد نشر التعليم الجامعي والاستثمار في العقل والبحث العلمي، وأن الجامعات ترف لا نفع فيه؛ فتغييب العقل يصبُّ في مصلحة المستفيدين من حضورهم".
ويتابع الاستاذ السماري "وسيؤدي ارتفاع مستويات التعليم والانحياز للعقل التجريبي إلى خسائر هائلة عند هؤلاء المتآمرين. وإلى اليوم لا توجد تقديرات اقتصادية لحجم الأموال التي تدور في الصرف على محاربة الجن في المجتمع، وقد تكون بالمليارات، وربما يكون ذلك مدخلاً مقنعًا للعودة إلى أهمية الاستثمار في العقول، ثم حضهم على التفكير وتحقيق الإنجازات؛ لما فيه من توفير للهدر المالي في محاربة المجهول".
ثم ختم الاستاذ السماري مقاله بقوله "بكل تجرد أطالب بفتح الحوار حول علاقتنا القانونية بالجن على هذه الأرض، وهل هم مواطنون أم وافدون، وهل مشاركتهم في حياتنا العامة حقيقة؟ ثم الدخول معهم في مفاوضات للوصول إلى اتفاق سلام دائم؛ فقد وصل العداء إلى شهادة الجن ضد إنسي أمام القضاء، وإلى التغرير بقضاة مشهود لهم بالعدالة، والآن قد وصل التلاعب بعقول الجامعيات والدكتورات، وإلى سرقة أموال الإنس من بيوتهم؛ فالأمر تجاوز حده، والله يستر على البنوك. وإذا كان لهم حق مغتصب فعلينا إعادته لهم قبل أن نصل إلى مراحل أكثر شراسة وتدميرًا في صراعنا الوجودي والمزمن مع الجن. والله ولي التوفيق".
اصول الجن
حسب الأديان والأساطير الاشورية وهي أقدم من أشار إلى هذه الكائنات في حضارات شرقي البحر المتوسط، الجن مخلوقات تعيش في عالمنا لكن لا يمكن رؤيتها لأنها خارقة للطبيعة. لا اجساد لها كأجسامنا لكن لها عقول، فالثورالمجنح "شيدو لاموسو" ورد في الكتابات الآشورية، وأصل كلمة "لاموسو" هو من "لامو" في اللغة السومرية، وكانت تستعمل لأنثى من الجن مهمتها حماية المدن والقصور ودور العبادة، أما الجن الذكر الحامي فكان بالسومرية يعرف باسم آلادلامو.
لا وجود للجن عند الفراعنة لكن هناك "اللعنة" غير المرئية التي تصيب أي شخص يزعج مومياء لفرعوني، خصوصا لو كان الفرعون نفسه. وهذه اللعنة مصدرها كتابات وُجدت مع الاموات الفراعنة تحذر من يسرق المقبرة او يزعج الميت. وبسبب حوادث وفيات غير مفهومة حدثت للصوص وعلماء آثار نبشوا قبور فراعنة مصر سواء للبحث أو السرقة، ناقش كثير من الكتاب والاطباء والكيميائيين تلك اللعنة، وفسروها بأسباب علمية مثل البكتيريا أو الإشعاع.
الشجرة العائلية
ورثت الادبيات الابراهيمية هذه المعتقدات وأعادت صياغتها بطريقة تناسب هيكلية تفسيراتها للحياة المرئية وغير المرئيات والشر والموت، فجاء إبليس في قصة الخلق بصورة قوية جدا لدرجة إنه تمرد على الله، وبدا حتى أبعد نظرا منه لأنه حذره من الانسان الذي خلقه، ويبدو انه لم يجد أي جواب حاسم لأنه قرر زرع الصراع الأبدي بين الله والمخلوقات التي جبلها بيده. ثم تطورت طموحات إبليس في حكم سكان الكوكب واخترع سياسة "فرق تسد" التي استفاد منها الاستعمار في ما بعد، فزرع الصراع الابدي بين البشر وبدأ بهابيل وقابيل.
ثم ورد إبليس في قصة نوح، وبعدها حاول زرع الشقاق بين الله وخليله إبراهيم، ثم شكك إبليس صراحة في ثقة الله في أيوب وطلب منه ان يسمح له باغراء رجله الذي يعتقد انه فاضل وكان له ما اراد. كما ورد الجن في قصة سليمان، وأعمال الشياطين لخدمته بعدما روضهم، وكان سليمان كما يبدو يعرف الغيب والسيطرة على الجن. ناهيك عن إبليس وقتل زكريا.
ورغم ان المسيح هو القدوس كلمة الله المتجسد، اغراه إبليس وحاول ان يجعله يسجد له ليعطيه العالم ليحكمه مكافأة على سجوده، وقصص اخراج الشياطين بواسطة يسوع المسيح كثيرة في الانجيل، وكانت خشيتهم منه عظيمة وناداه بعضهم إبن الله.
تميز الاسلام بأن رسوله جاء لهداية الانس والجن معا، واعطاء محاولة أخيرة لتوبة إبليس ومجموعته المتمردين الذين كانوا اساسا ملائكة "وإذا قال ربك للملائكة: إني جاعل في الارض خليفة، قالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟ قال:إني أعلم ما لا تعلمون". نظريتا "الصبر الاستراتيجي" و"القيادة من الخلف" اللتان استخدمهما الرئيس أوباما مع إيران والرئيسين بوتن وبشار الاسد.
يعتبر بعض الفقهاء ان الجن الذين آمنوا بالرسالة المحمدية من الصحابة لأن تعريف الصحابي عند أهل الفقه "هو من لقي النبي مؤمنا به ومات على ذلك" . وورد في القرآن نجاح محاول هداية بعض الجن وإعلان العصيان على رئيس المتمردين إبليس " قُل أُوحِيَ إِلَيَّ أنه اسْتَمَعَ نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا. يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نُشرك بربنا أحدا".
الجن من ثمة امر واقع في الاديان الابراهيمية، ومجموعة من مجموعات الماورائيات الفاعلة جدا، ويستحيل عدم الايمان به او بقدراته الفائقة المذكورة فيها، ومنها انه عضو فاعل في الشرك بالله والجرائم الانسانية ونظرية المؤامرة بين الانسان والله اولا ثم بين البشر انفسهم ثانيا، وكان امرا طبيعيا ان يؤمن السحرة والرقاة الشرعيين المنتمين للآدبيات الابراهيمية كافة بوجود وقوة الجن ومن ثمة محاول تسخيره لمصلحة زبائنهم، والذين درسوا ظاهرة السحر يعلمون ان السحرة يستخدمون المزامير وبعض مقاطع الانجيل ورؤيا يوحنا وبعض سور القرآن لدرء الحسد وجلب الرزق وعلاج المرض وإعادة الحبيب الذي هجر حبيبته ووضع الوفاق بين زوجين مختلفيّن ومساعدة المرأة العاقر على الحبل وضرب المندل لكشف المستور بواسطة الجن.
استحالة المأمورية
يبقى الشكر للأستاذ السماري على جرأته في طرح هذا الموضوع، مع التمنيات بعدم اتهامه بازدراء الاديان بواسطة محام ناشط في الماورائيات؛ لأن فتح العلاقة القانوينة بين الجن والناس في المجتمعات إياها، لابد ان تنتهي إلى أصول ومراجع وجود الجن في الادبيات الابراهيمة، تتبعها، إذا كانت نتائج البحث علمية، حالة وعي جماعي تنتهي بمحاكمة الذين اصابوا اهل المجتمع بانفصام جعلهم غير قادرين على التمييز بين العلم والاساطير حتى في العصر الرقمي، رغم وضوح منابع كل الاساطيرتماما واتكالها على بعضها بعضا ظناً عند من اقتبس الاساطير بخلود عصر التنقل بين المدن على ظهور الدواب إلى ما لا نهاية، ومن ثمة عدم وصول المعرفة المدونة على الحجر والجلود والورق إلى جميع سكان الكوكب بسبب جن يسير داخل ألياف ضوئية إسمه الانترنت.



#عادل_صوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السرقة والاقتباس الادبي والفني
- -الجمهور- بين عصر انفتاح وزمن توَّحد
- من الذي يسيء للذات الإلهية والانسانية؟
- السرقة الادبية والفنية تعد جزءا حيا من الثقافة (3)
- السرقة الادبية والفنية تعد جزءا حيا من الثقافة (2)
- السرقة الادبية والفنية تعد جزءا حيا من الثقافة (1)
- الذات الإلهية لم تطلب من احد الدفاع عنها
- الاغتيال العقائدي والاغتيال السياسي
- الهوية وقانون الحريات والعلمانية
- المواطنة المتساوية وانفصام الشخصية
- البوركيني وثقافة الملابس
- عالم كيمياء وفقيه كلام
- البابا فرنسيس يؤسس اخلاقيات تخالف الموروثات الابراهيمية
- أتنادون باالخلافة وتبخلون على خليفة رسولكم بجزيرتين؟!
- في معضلة تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم
- يعيش يعيش حكم المرشد
- هل أفلست الاديان شكلا ومضمونا؟
- افراط البطش الذي يتجاهل القرآن والاحاديث
- تعدي مؤسسة على صلاحيات الله المطلقة
- -موال الهوى-: رواية تعبق بثقافات البحر المتوسط


المزيد.....




- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - الجن حقيقة دينية ومشكلة قانونية