أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد شودان - ملامح المستقبل، نظامنا التعليمي إلى أين؟















المزيد.....

ملامح المستقبل، نظامنا التعليمي إلى أين؟


محمد شودان

الحوار المتمدن-العدد: 5367 - 2016 / 12 / 10 - 17:27
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


ملامح المستقبل
نظامنا التعليمي إلى أين؟
على سبيل التمهيد
إن كان من حقنا أن نقلق بشأن مستقبلنا، فإن المستقبل الذي نتطلع إليه بتوجس سيكون بِيَدِ الأجيال الصاعدة، وإذن، فنحن نصنعه اليوم وباستمرار، وهذا ـ طبعا ـ هو دور المؤسسات التربوية (الأسرة، والشارع، والإعلام، والمؤسسة الدينية، والمدرسة...) ، لأن أطفال اليوم هم شباب الغد الذين سيسيرون البلد، ويؤمنون أهله(المتوقع). ولنبحثَ عن ملامح غدنا الثقافي والحضاري، فلنا وعلينا أن نحاول رسم ملامح التلميذ الذي سيتخرج من المدرسة المغربية(العمومية والخصوصية) في العقد المقبل، لأن تلميذ اليوم هو قوتنا أو وَهَنُناَ مستقبلا، وشئنا أم أبينا فإن هذا الطفل الذي نلقنه أبجديات المجتمع لا المعرفة في المدرسة، ـ وذلك لأن المدرسة ما هي إلا وسيلة المجتمع لإعادة التنشئة ـ هو الذي سيتولى زمام الأمور غدا (صياغة القوانين وتوجيه سفينة الوطن، أو معارضتها)، وليس لنا أن نجزع حينها إن ألفينا أنفسنا في أيد غير آمنة، لأننا كوناهم ب وعلى يدنا أو أقلها قبِلنا بممارسات السلطات المكلفة بالتربية والتكوين ولم نستنكرها ولا حتى ناقشناها بجدية.
لماذا التلميذ؟
إن هذا السؤال وجيه للغاية، نعم، لماذا التلميذ بالضبط؟ لأن هذا السؤال سيوجهنا إلى سؤال ثان، وهو لماذا المدرسة دون غيرها من المؤسسات؟ وذلك لارتباطهما ارتباطا عضويا.
التلميذ، هو ذلك الطفل الذي يتلقى تعليما نظاميا، وهذا التعليم يستهدف تأهيل قدرات المتعلم، ومهاراته، وتمكينه من كفايات ثقافية، ومنهجية، وتواصلية، واستراتيجية، وغيرها من المعارف والقيم الاجتماعية والدينية والوطنية...
وبالتالي فهو مُعَدٌّ ليكون مثقف مجتمعه من جهة، ومنفذ مخططات النظام من جهة أخرى(موظف إداري، مجند عسكري، فاعل سياسي، عامل اقتصادي...) ويمكن للصفتين الاجتماع أو الانفراد، ولكليهما درجة الخطورة نفسها على المجتمع، وهنا تكمن خطورة وحساسية مؤسسة المدرسة، خاصة إذا عرفنا بأن المعارف الملقنة داخل أسوارها وحجراتها تهم المؤسسات الأخرى، فتتداخل هذه المؤسسات في الفصل المدرسي، فنجد (معارف) دينية وأسرية وإعلامية...
وإذن فإن المدرسة هي محور عملية التنشئة الاجتماعية، وواحدة من أهم مؤسسات البنية الفوقية التي تتشبث الطبقات الحاكمة بمهمة توجيه دفتها لمصلحتها.
بين تلميذ الأمس واليوم تتبين ظلال الغد
إنه لمن اليسير جدا أن نلاحظ الفرق بين المستويات المهارية واللغوية والمعرفية بين التلاميذ المتخرجين من المدرسة المغربية على مدى العقود المتوالية منذ أواخرعهد الاستعمار فالستينيات و... وتلميذ العشرية الأولى والثانية من الالفية الثالثة. وليس هذا وقت تفصيل الفروق، ولكن لنا أن نتساءل عن الأسباب. وفي بحثنا عن الأسباب وجدناها تتمحور حول ثلاثي المدرسة والسياسة والمجتمع.
إن المدرسة وسيلة الساسة لتوجيه المجتمع، ومن خلال تفاعل هذا الثلاثي تتغير مستويات خريجي المدرسة، ولتأكيد هذا إليكم لمحة تاريخية وجيزة، إبان الاستعمار نشأت في المغرب ثلاث مدارس لها ثلاثة توجهات وأهداف مختلفة:
المدرسة النظامية: يوجهها المستعمر وتهدف إلى خلق مشروعية الاستعمار وصناعة مؤيديه وعملائه
المدرسة التقليدية: كتاتيب المدرسة العتيقة، هدفها كان الحفاظ على الهوية الدينية واللغوية، وكانت لها علاقة بالمستعمر من جهة والمقاومة من جهة أخرى
المدارس الحرة: أسستها جبهات المقاومة السياسية، وهدفها المعلن كان هو خلق مقاومين، وتكوين أطر تعوض المحتل بعد الاستقلال
لقد اكتسبت هذه المدارس قوتها من خلال تفاعلها الثلاثي مع كل من المجتمع والسياسة. ومع الاستقلال ستبرز المدرسة النظامية، التي تتبع لوزارة التربية الوطنية، وشملت جل المدارس العمومية التي تركها المستعمر بالإضافة إلى تحكمها في مناهج المدارس الحرة... وهنا قامت المدرسة بدور تنشئة الأطر الغربية فيما يسمى بمغربة الأطر، وقد كان تفاعلها إيجابيا مع المجتمع والخط السياسي المسيطر. لكن مع مرور الوقت ستتكاثر جحافل الخريجين، ولما لم تسعهم الإدارة العمومية، وخاصة بعد سياسة خوصصة شركات الدولة، ولأن المتمدرسين كانوا على مستوى من الثقافة، خاصة الذين احتكوا بالتيار اليساري، فإن علاقة المدرسة والجتمع والسياسة اتسمت بالتشنج، فنظر إلى المدرسة من قبل النظام بعين الريبة على أنها تخلق له قوى تهدده، أما المجتمع(خاصة الأسر والعائلات) فنظر إليها بغير عين الرضا والازدراء لأنها لا تخرج إلا شبابا معطلا.
وإذن فإن هذه الحالة قد جعلت المدرسة (لما نقول مدرسة فالمقصود منها كل المؤسسات التعليمية بما فيها مراكز التكوين والجامعات) عرضة لرياح غضب النظام ولا مبالاة المجتمع.
لقد كانت تجربة النظام مع الحركة التلاميذية والطلابية مريرة، ولذلك فقد دخل في حرب معلنة ومخفية وعلى شتى الواجهات، وأخطر هذه الهجمات العنيفة هي تلك التي همت المناهج والمقررات التعليمية خاصة تفريغها و توجيه التعليم إلى التوجه والخلفية الدينية وتجفيف المنابع الفكرية والفلسفية ـإلى أفجع بجحافل الإسلاميين الذين كادوا يأخذونه على حين غرة ـ ، وتشويه سمعة المدرسة العمومية خاصة وأسرة التدريس عامة، ولهذا عدة أوجه منها النكت الساخرة من المعلم وتمجيد الكسالى، هزالة راتب أسرة التعليم دعم التعليم الخصوصي...، وكان من نتائج هذا وذاك ما ذكرته وما لمحت إليه أن أنتجت المدرسة العمومية بعد التسعينيات جيلا معاقا فكريا، وضعيفا معرفيا، وفارغ من الداخل - شخصية مقهورة، وذوق رديئ، وأخلاق منحلة استقبلته الشوارع والبطالة والتهميش...(اللهم القلة الناذرة) هذا في ما يخص المدرسة العمومية، أما التعليم الخصوصي، فإن خريجيه قد نالوا الرتب العليا، وحصدوا الوظائف الراقية بل ومنهم ـ خاصة أبناء الطبقة البرجوازية ـ من سلمت لهم مفاتيح الحكم والتسيير.
أما اليوم فسواد الحال أشد، وقد تحولت المدرسة العمومية إلى وكر للدعارة، وفسحة لتجار المخذرات، وملاذ للمرضى النفسيين، ومسرح جريمة، بل والأنكى من ذلك تحولت إلى قسم تجارب لكل المناهج والبيداغوجيات المستوردة، وصارت سوقا لعقد الصفقات الضخمة وتمريرها تحت مسمى إصلاح التعليم. وأخيرا تفتقت عبقرية المسؤولين عن حل سينهي ملحمة هذه البقرة الجريحة، وتم الإفتاء ـ رحمة بها ـ بذبحها من الوريد إلى الوريد، وذلك عبر إلغاء مجانية التعليم ودفع الأسر إلى المساهمة في تدريس أبنائهم، وبذلك تصبح الدولة كرئيس العصابة، يساهم بالتوجيه فقط.
ملامح المستقبل
إن مخطط خوصصة التعليم الثانوي بسلكيه ـ وكل الأسلاك مستقبلا ـ، ما هو إلا مرحلة كانت مؤجلة وآن أوانها، وهو ليس مخططا وطنيا، بل إملاء من صندوق النقد الدولي المشؤوم، وتعود البدايات إلى تسعينيات القرن الماضي لما دخل المغرب في سياسة الخوصصة، وللأسف مع أول حكومة ذات مرجعية اشتراكية.
إن خوصصة التعليم سيؤدي لا محالة إلى حرمان أبناء الكدح من مواصلة تعليمهم، وسيصبح حكرا على الطبقات الميسورة، وبالتالي فإن النظام البرجوازي ينهج من خلال هذا المخطط إلى إعادة صياغة المجتمع، واحتكار السلطة السياسية من خلال تعليم أبنائه وتهميش باقي الطبقات، أما أبناء الفقراء فيشجعهم على الأسلاك المهنية والخدماتية، وبذلك فهو يخلق منهم أيد عاملة لا يجب أن تتوفر إلا على الحد الأدنى من التعليم، أي بما يسمح لها بالتعامل مع الآليات وتنفيذ أوامر أرباب العمل الذين هم من أبناء الطبقة البورجوازية طبعا، وهكذا يسيطرون على الاقتصاد، وبتحكمهم في هذين المجالين فإن نطاق الأمن الخارجي تؤمنه الأنظمة الإمبريالية المستفيدة من أمن السوق بما يخدم مصالحها الاقتصادية، أما الأمن الداخلي فقد ضبطوه من زمن عبر خلايا التجسس وشبكات الأعوان وما يقدمونه من خدمات أمنية تفوق تلك التي تقدمها إدارة الأمن الرسمية.
وإذن، وفي السياق نفسه، يتم توجيه التعليم العمومي إلى المهننة، وتشجيع الشعب الصناعية والتكوين المهني بدل الدراسات العلمية البحثة، والعلوم الإنسانية، هذه الأخيرة التي ضاقت مخارجها فأفاضت على الدنيا بالمعطلين.
إن هذه الضربات التي تكال إلى المدرسة العمومية سيكون لها أثر وخيم على المجتمع، فخريجو هذه المؤسسات، سواء التعليمية متمثلة في الثانويات والجامعات، أو المعاهد المهنية، هم من سيواجه المستقبل وأكيد سيوجهونه، ولا بد أن سيحاسبوننا على ما نقدمه لهم ـ رغبة أو رهبة أو تواطؤا وسكوتا.
إن أقدام النظام كادت تجف بعد قطعه الواد، ولم نسمع ولا صيحة مستغيث، (اللهم من بعض الفصائل بالجامعة وشعب مواقع التواصل الاجتماعي..) والخلاصة التي جناها المجتمع هي أفواج من الأميين الذين يفقدون الوعي بذواتهم من خريجي المدرسة العمومية.
إنه لا يسعنا إلا استعارة أشد الألوان سوداوية لرسم واقع تعليمي مظلم، ولا نملك إلا أن نطلق الصرحة ونداء الاستغاثة: أغيثوا المدرسة، أنقذوا ما تبقى من مستقبلكم.
بقلم محمد شودان




#محمد_شودان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -اللغة العربية في منظومة التربية والتكوين- تدريس المؤلفات، ا ...


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد شودان - ملامح المستقبل، نظامنا التعليمي إلى أين؟