أيمن زهري
كاتب وأكاديمي مصري، خبير السكان ودراسات الهجرة
الحوار المتمدن-العدد: 5366 - 2016 / 12 / 9 - 23:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
على الرغم من ان بعض الدساتير الحديثة تنص على دين الدولة على الرغم من كون الدولة في حد ذاتها كيان اعتباري لا تصلي ولا تصوم، إلا أن الدولة القومية التي ظهرت في أوروبا في القرن السابع عشر، ثم امتد مفهومها ليشمل كافة المجتمعات المعاصرة تقريبا، تتخذ من المواطنة مكونا أساسيا لها.
المواطنة تتمثل في الحقوق التي تكفلها الدولة لمن يحمل جنسيتها، والالتزامات التي تفرضها عليه، بغض النظر عن النوع والجنس واللغة والانتماء العرقي أو الديني للمواطن.
مفهوم المواطنة في حد ذاته يعني خصخصة أو شخصنة الدين. فالدين في دولة المواطنة هو دين المواطن وليس دين الدولة. أي أن للمواطن أن يختلف مع الآخرين من بني وطنه في الدين أو فهمه الشخصي للدين الواحد أو درجة التزامه بما تعتقد غالبية المواطنين انه صحيح الدين طالما أن ذلك لا يؤثر على حقوق الآخرين أو لا يخالف القانون.
فالدولة الحديثة منوط بها التشريع من خلال المجالس التشريعية والفصل في المنازعات سواء كانت بين الدولة والأفراد أو بين الأفراد وبعضهم البعض من خلال المنظومة القضائية وتطبيق القانون من خلال المؤسسات التنفيذية.
بذلك تكون مهمة الدولة إنفاذ القانون وليس إنفاذ الأخلاق أو تطبيق المفهوم الطوباوي للمدينة الفاضلة. ليس من شأن الدولة الحديثة محاسبة الناس على نواياهم أو تقصيره في آداء شعائر أديان أو معتقداتهم طالما أنها لا تتعارض مع القانون.
تبدو بعض البلدان العربية خارج تلك المنظومة وتعتقد بعض الدول أن مهمتها هي الوكالة عن المولى سبحانه في الارض، وتقيم الموازين (غير) القسط في الدنيا وليس في الآخرة وتدفع الناس دفعا للدخول في حظيرة الإيمان - من وجهة نظر كهنة الدولة - على الرغم من أن المولى سبحانه وتعالى يخاطب رسوله الكريم في محكم التنزيل بقوله "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاس َحَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (تبارك 99)." فالإيمان لا يتأتى بالإكراه والا تحول بعض الناس إلى منافقين، يظهرون ما لا يبطنون.
خلاصة القول أن الدولة الدينية قد تجاوزها الزمن وسيرورة الحياة وان دولة المواطنة هي أساس العلاقة بين الفرد والدولة وان الدين لله والوطن للجميع.
#أيمن_زهري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟