أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد وليد - التطبيع مع دولة إسرائيل حلقة أساسية في المخططات الإمبريالية بالمنطقة















المزيد.....


التطبيع مع دولة إسرائيل حلقة أساسية في المخططات الإمبريالية بالمنطقة


فؤاد وليد

الحوار المتمدن-العدد: 1421 - 2006 / 1 / 5 - 08:54
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


دخلت الاستراتيجية الإمبريالية- الصهيونية في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط منعطفا جديدا منذ سنة 1994 مع انطلاق "الحوار المتوسطي" الذي ضم الناتو، بالإضافة إلى ست دول متوسطية هي: إسرائيل والأردن ومصر وتونس و موريتانيا والمغرب، وهو مسار يندرج ضمن ما يسمى بـ"برنامج الشراكة من أجل السلام". في يونيو 1998 ، ستأتي مبادرة إيزنستات EIZENSTAT للشراكة الأمريكية- المغاربية من أجل تأسيس منطقة للتبادل الحر، خصصت لها الولايات المتحدة الأمريكية غلافا ماليا يقدر بملياري دولار.
ومن زاوية أمنية مخابراتية، ترى أمريكا وإسرائيل أن التنسيق مع دول المغرب العربي من شأنه أن يخلق تعاونا يتعلق بتبادل المعلومات حول الحركات الإسلامية. كما ترى دراسات الإمبرياليين على الصعيد الجيو- سياسي أن التطبيع مع دول شمال أفريقيا أصبح ضروريا لتكريس الدور الأمريكي - الإسرائيلي في كل القارة الإفريقية.
ولن تتردد الأنظمة الحاكمة في مسايرة الاستراتيجية الإمبريالية وتدخل في سباق نحو التطبيع مع دولة إسرائيل.

نظام الجزائر

خلال مراسيم جنازة الحسن الثاني بالرباط في يوليوز 1999، صافح الرئيس الجزائري بوتفليقة إيهود باراك، كما صرح مرارا للصحافة بوجود آفاق واسعة للتعاون الاقتصادي بين الجزائر وإسرائيل، وبأنه لا يشعر بأي عداء تجاه هذه الأخيرة. وعلى هامش مؤتمر حوض الأبيض المتوسط المنعقد في أكتوبر 1999، سيلتقي بوزير الأمن الداخلي الإسرائيلي شلومو بنعمي وبشمعون بيريس.
ودعما لهذه الإشارات، ستعلن الولايات المتحدة الأمريكية عن مشروع إنشاء محطة للتصنت في جنوب الجزائر تابعة لوكالة الأمن الوطني الأمريكية، تهدف إلى التقاط كل المكالمات الهاتفية وشبكة المعلوميات وكل وسائل الاتصال الالكترونية وتحليل معلوماتها لأغراض أمنية. كما تعتزم إقامة قاعدة عسكرية أمريكية في جنوب الجزائر غداة زيارة الجنرال الأمريكي شارلز، والد الرجل الثاني في القيادة الأمريكية بأوروبا، إلى المنطقة واستقباله من طرف الجنرال ماجور الجزائري محمد سهيب، قائد الجهة العسكرية الخامسة التي تغطي الحدود الجزائرية مع دول المغرب ومالي والنيجر وموريتانيا وليبيا.

نظام موريتانيا

انطلقت العلاقات الموريتانية- الإسرائيلية بشكل رسمي في 27 نونبر 1995 عبر فتح مكتب لرعاية المصالح. وفي نهاية أكتوير 1998، قام وزير الخارجية الموريتاني بزيارة إلى الكيان الصهيوني عقد خلالها مباحثات سرية اقترحت من خلالها موريتانيا باستقبال نفايات نووية من مفاعل ديمونة الإسرائيلي، بالإضافة إلى السماح لإسرائيل بإجراء اختبارات عسكرية للصواريخ طويلة المدى عبر إطلاقها من إسرائيل لإصابة أهداف في صحراء موريتانيا. ولم تجد موريتانيا حرجا في إعلان تطبيعها مع إسرائيل في حفل تعيين السفراء بين البلدين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 شتنبر 2000.

نظام تونس

في 29 يوليوز 2001، سيتم تعيين بن عامي رئيسا جديدا لمكتب الاتصال الإسرائيلي بالعاصمة التونسية خلفا لشالوم كوهن، وكلاهما من أصل مغربي. نظم حفل التعيين والتوديع بمقر إقامة السفير المصري بتونس.

نظام المغرب: تاريخ عريق في خدمة المصالح الإمبريالية-الصهيونية

يمثل النظام المغربي حالة فريدة في التطبيع من خلال أدواره التاريخية في خدمة المصالح الإمبريالية-الصهيونية بالمنطقة. منذ بداية الستينات، كان يعمل على تهجير المغاربة اليهود إلى إسرائيل مقابل رسوم مالية بالدولار. ويشكل حجم الجالية اليهودية الكبير وسيلة تواصل دائم بين الجانبين، حيث يوجد حوالي مليون يهودي مغربي بإسرائيل، و300 ألف يهودي مقيم بالمغرب، وهو أكبر عدد لطائفة يهودية في دولة عربية. كما يوجد في المغرب عدة جمعيات يهودية تعمل في مجال التطبيع مع إسرائيل كجمعية "هوية وحوار" (تأسست سنة 1974)، و "التجمع العالمي لليهودية المغربية" (تأسس سنة 1985)، و "المركز العالمي للأبحاث حول اليهود المغاربة" (تأسس سنة 1995)، ثم الاتحاد العالمي لليهود المغاربة ( تأسس في 3 ماي 1999 ). ثلاثة أيام بعد الانفجارات الإرهابية بالبيضاء في 16 ماي 2003، سيبعث سام بنشتريت، رئيس هذا الإتحاد، رسالة عاجلة باسم أرييل شارون إلى رؤساء الجمعيات والوفود اليهودية في المغرب جاء في نصها:"لا تتأخروا في ظل التهديد الذي يحلق فوق رؤوسكم. احزموا حقائبكم للعودة إلى إسرائيل، وسوف تقدم لكم مؤسسات دولتنا كل الدعم وتجدون إلى جانبكم 700 ألف من اليهود المغاربة الذين جاؤوا قبلكم إلى إسرائيل". وكان موقف الطائفة اليهودية بالمغرب على لسان رئيسها سيرج بير ديغو هو رفض الدعوة لأن"المغرب أكثر أمنا من إسرائيل، وأن الهجمات أحداث عابرة وعرضية ولا تعكس التعايش بين المسلمين واليهود الذي ميز المغرب منذ قرون".
كانت للمخابرات المغربية -ولازالت- علاقات التنسيق والعمل المشترك مع جهاز المخابرات الإسرائيلية الموساد الذي كان يقوم بتنظيم وتدريب بعض العملاء المغاربة، وساعد في عملية اختطاف واغتيال المهدي بنبركة، وعمل على إمداد المخابرات المغربية بمعلومات وتقارير عن جمال عبد الناصر. وبالمقابل، سمح النظام المغربي للموساد بالتصنت على المناقشات التي دارت بين الزعماء السياسيين والقادة العسكريين العرب أثناء مؤتمر قمة عربي عقد بالرباط سنة 1965 يبحث خطط القيادة العربية الموحدة في مواجهة إسرائيل. وكان لهذا التصنت نتائج معلوماتية هامة، ساهمت في هزيمة يونيو 1967.
وقام النظام المغربي بدور في عقد قمة كامب ديفيد، لما استضاف الاجتماع الأول بين موشي ديان وحسن التهامي مبعوث الرئيس السادات، تمهيدا للقمة التي ستفتح الطريق أمام اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982. في هذا الاستقبال الذي تم بمدينة إيفران بالمغرب سنة 1977، قال الحسن الثاني لوزير الخارجية الاسرائيلي آنذاك:"إذا حصل وافتضح أمر استقبالي لك، فهون عليك، إنني لن أفقد العرش لهذا السبب".
واعترافا بهذا الجميل، حضر وفد إسرائيلي مكثف مراسيم تشييع جنازة الحسن الثاني ممثلا بأكثر من 200 شخصية رسمية و 1800 مرافق. وحسب السفير الأمريكي بالرباط، فإن المحادثات التي عقدت بين الوفد الإسرائيلي وعدد من الوفود الأجنبية تؤكد بأن المغرب سيواصل دورا فعالا وإيجابيا في مسلسل التسوية.
بعد موت الحسن الثاني، وتحت ضغط الاحتجاج الكبير الذي شهده الشارع العربي والمغربي إثر اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، عمد الملك محمد السادس إلى إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالمغرب والمكتب المغربي في تل أبيب يوم 23 اكتوبر 2000، بعد العريضة الشهيرة التي وقعتها الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات على إثر مسيرة المليونين في 8 أكتوبر 2000 بشعار "كلنا فلسطينيون"، طالبت من خلالها بإغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي. واستقبل محمد السادس وزير الخارجية كولن باول وهو يحمل شارة التضامن التي كتب عليها "كلنا فلسطينيون"، وهي شارة الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، كما سمح بتنظيم أكبر مسيرة في العالم العربي لمساندة الشعب الفلسطيني يوم 27 أبريل 2001. و إذا كانت كل هذه الإشارات مجرد محاولة لاحتواء الغضب الشعبي، ولا تشكل تبدلا نوعيا في موقف النظام المغربي من الأدوار الموكلة إليه من طرف الإمبريالية والصهيونية، فالولايات المتحدة الأمريكية لم تكن راضية. وعبرت عن ذلك من خلال تقليص حجم مساعدتها الاقتصادية للمغرب الذي لم يحصل تلك السنة سوى على 6.7 مليون دولار مقابل 9 ملايين دولار للأردن و حوالي مليار دولار لمصر، وهي مساعدات تقدم لعدد من الدول حسب دورها الإقليمي في خدمة سياسة واشنطن الخارجية. فالمدخل إذن للحصول على هذه المساعدات وتنميتها هو مساندة واشنطن في سياستها الخارجية، خصوصا في الشرق الأوسط ولا سيما العراق.
هكذا، حاول النظام المغربي منذ انطلاق الحرب على العراق تفادي اتخاذ مواقف معارضة للسياسة الأمريكية في المنطقة بشكل مباشر، وصوت في الاجتماع التشاوري لوزراء جامعة الدول العربية المنعقد في شتنبر 2003 في القاهرة، لصالح حضور ممثل مجلس الحكم في العراق الكردي هوشيار زيباري، مما يعني اعتراف المغرب بشرعية مجلس نصبته أمريكا في ظل الاحتلال. كما قدم خدمات أمنية واستخباراتية للولايات المتحدة الأمريكية في ما يسمى "الحرب ضد الإرهاب"، حيث ثم الكشف عن خلية للقاعدة في المغرب، واستقبل معتقلين مغاربة من معتقل غوانتنامو للتحقيق معهم بدعوى "الثقافة المشتركة"، وهو ما قوبل بترحيب أمريكي قوي.
ولم يتردد النظام المغربي في منح هدية للولايات المتحدة الأمريكية بالسماح لمحطتها الإذاعية "سوا" بالبت على موجات ف.م FM المحلية، وذلك حتى دون استكمال كل إجراءات تحرير القطاع السمعي البصري. وكانت هيأة الإذاعة البريطانية ب.ب.سي BBCقد احتجت على هذا الترخيص الذي اعتبرته لا قانونيا في الوقت التي وضعت فيه ملفها لدى وزارة الاتصال منذ عدة سنوات. وقد طمئن وزير الاتصال المغربي مسؤولا عن الإذاعة البريطانية عند زيارته للمغرب في الأسبوع الثاني من شتنبر 2000 ودعاه إلى تجديد طلبه. ومنذ أبريل 2003، بدأت إذاعة "سوا"، التي يمولها الكونغرس الأمريكي، تبث برامجها على مدار 24 ساعة من أخبار وموسيقى عربية وغربية. إنه جزء من مشروع أمريكي كبير لمخاطبة "الأجيال الجديدة في العالم العربي"، وللتواصل مع الشباب، وتحسين صورة الولايات المتحدة في المنطقة. فقد كانت هناك تجربة إعلامية أخرى لنفس الأدوار متمثلة في إصدار الخارجية الأمريكية لمجلة تسمى "هاي" تصدر منها 50 ألف نسخة، وتوزع في المغرب بالإضافة إلى باقي بلدان المغرب العربي والشرق الأوسط.

الاستراتيجية الاقتصادية الإسرائيلية

توجد الأهداف الاقتصادية في طليعة دواعي اهتمام إسرائيل بالمنطقة المغاربية. فالتقارير الاقتصادية الإسرائيلية توضح أن حجم استهلاك المنتجات الصناعية والزراعية في الأسواق المغاربية يفوق 30 مليار دولار سنويا، ويصل معظم هذه البضائع من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال. وترى إسرائيل أن بإمكانها تزويد الحزام المغاربي بنفس البضائع وبتكاليف أقل، وقد تصل هذه البضائع برا عبر مصر. وهو ما حذا بإسرائيل بوضع مخطط جديد للتطبيع مع منطقة المغرب العربي يبدأ من مصر من أجل هذه الأهداف. وشكل منتدى دافوس الاقتصادي المنعقد بالأردن من 21 إلى 23 يونيو 2003 فرصة لتدعيم هذا التطبيع مع الدول العربية وتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي معها.
يعود طموح إسرائيل بالتوسع في المنطقة إلى الأزمة الاقتصادية التي تعيشها، حيث أن حجم النفقات العسكرية فاقمت مديونية إسرائيل وبلغت 45 مليار دولار ممثلة حوالي 59% من الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى انخفاض معدلات النمو التي وقفت في حدود 5%. وبالنسبة لإسرائيل، تعد الأسواق العربية مدخلا لانتعاش اقتصادها. وكانت من أكثر الدول التي استفادت من المؤتمر الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا المعروف باسم مؤتمر "مينا" والذي عقد أربع مرات (في البيضاء سنة 1994 وفي عمان 1995 وفي القاهرة 1996 وفي الدوحة سنة 1997). وبلغ حجم المبادلات التجارية بين إسرائيل والدول العربية حوالي 99.1 مليون دولار سنة 2000 مقابل 91.3 مليون دولار سنة 1998، بينما تراجعت الصادرات الإسرائيلية إلى الدول العربية بنسبة تقارب 4%.
وفي المغرب، يراهن الإسرائيليون على الاستثمار خاصة في مجال إنشاء المصانع المشتركة وأقاموا عدد من المزارع، ويرون أن بإمكانهم تصدير حوالي 200 مليون دولار في المستقبل من السلع المختلفة نحو المغرب.
في 17 شتنبر 2000، قدم إلى المغرب وفد يمثل 24 شركة إسرائيلية متخصصة في التقنيات الزراعية والإحيائية ووسائل التخصيب النباتي والسقي بدعوة من غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالبيضاء. استمرت الزيارة 5 أيام، و وجه رئيس الغرفة دعوة إلى رجال الأعمال ومديري الشركات المغاربة لحضور لقاء هذا الوفد بمقر الغرفة بالبيضاء. وبعدها قام 23 مديرا لمؤسسات وجمعيات مغربية دورة تدريبية في مجالات الزراعة والحاسوب والتعاون والمشاريع الصغرى استمرت شهرا كاملا في إسرائيل. واعتبر ذلك سابقة في تاريخ العلاقات المغربية الإسرائيلية، حيث أن المغرب كان يلتزم الصمت إزاء العديد من زيارات المسؤولين الإسرائيليين له. فقد كشف موشي ديان في مذكراته بأنه كان ينزل دائما في المغرب ويشعر بكثير من الرفاهية وهو في إقامات الرباط.

قضية الصحراء ورقة بيد الإمبريالية لمزيد من الابتزاز

تمثل قضية الصحراء مسألة أساسية في الاستراتيجية الإمبريالية (الأمريكية والفرنسية والإسبانية) بمنطقة شمال أفريقيا. ......لكن نستطيع القول إن قضية الصحراء ورقة في يد الإمبريالية، خصوصا الأمريكية، تزيد بها ضغطها على الأنظمة الحاكمة في المنطقة لخدمة مصالحها أكثر.
فالنظام المغربي ييدي الاستعداد لمزيد من الخدمات لكسب دعم الولايات المتحدة الأمريكية في قضية الصحراء، حيث أن الارتكاز على الموقف الفرنسي وحده غير كاف في ظل موازين القوى في مجلس الأمن لصالح أمريكا. ويراهن على نفوذ اللوبي الصهيوني القوي في هذه الأخيرة، والذي قد يشكل دعما في حال التطبيع مع إسرائيل.
هكذا، قام وفد عن اللجنة اليهودية الأمريكية بزيارة إلى المغرب والتقى بالملك محمد السادس وأعلن عن دعمه للمملكة في نزاع الصحراء. وعبر المغرب عن نيته في إعادة فتح المكاتب الدبلوماسية في الرباط وتل أبيب بعد اللقاء الذي جمع وزيري خارجية البلدين في بريطانيا في ربيع 2003 والتي ستمهد لزيارة وزير الخارجية الحالية.

تواطأ الليبراليين وضعف موقف الرافضين

تواطؤ الليبراليين
حاول النظام احتواء رد فعل محتمل لما استقبل المستشار الملكي محمد معتصم زعماء الأحزاب السياسية الممثلة بالبرلمان والجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني ليشرح لهم دواعي زيارة دبلوماسية الكيان الصهيوني.
وكانت النتيجة أن أصدر المكتب التنفيذي للجمعية بلاغا رقم 2 يثمن فيه زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي وأكد على الدور المغربي الفعال في إنقاذ عملية السلام ورعايتها وصولا إلى الدولة الفلسطينية. كان المكتب قد أصدر بلاغا رقم 1 يؤكد فيه على "ضرورة احترام الوجدان الشعبي، لأن ما تعانيه المواطنات والمواطنون الفلسطينيون يؤرق كل الشرائح والأعمار يوميا في الساحة الوطنية المغربية". وناشد "كل الضمائر الحية إلى تجنب كل تصرف أو قرار يضرب من الخلف الصمود الفلسطيني لتحقيق دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ويزكي وبأي تبرير كان السياسة الإسرائيلية القائمة على الغدر والمراوغة والتقتيل والإبادة."
وأبلغ عبد الحق منطرش عضو المكتب التنفيذي للجمعية المستشار الملكي بأنه باسم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية "لم يكن متفقا مع البلاغ رقم 1 ويفضل سياسة الاتزان أكثر في موضع العلاقات المغربية الإسرائيلية".وثمن اليازغي الكاتب العام بالنيابة لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الزيارة وتحفظ على سياقها وليس على مبدئها. وللتذكير، سبق للاتحاد الاشتراكي أن استضاف مؤتمر الأممية الاشتراكية بالمغرب حضره وفد من الصهاينة، وأحدثت ضجة حوله خصوصا من جانب أحزاب الرجعية السلفية. أيد كل من حزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية (وهما من الكتلة الليبرالية المعارضة سابقا) الزيارة دون تحفظ على مبدئها ولا على ظرفها أو ما سينتج عنها من اتفاقات.
لم تعد كتلة المعارضة الليبرالية سابقا بقيادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تخفي مساندتها للنظام في علاقاته بلإمبريالية والصهيونية ومقفه من القضية الفلسطينية. ويعكس هذا الموقف فشل مشروعها البرجوازي "الوطني" وتبنيها للعولمة الرأسمالية والهيمنة الإمبريالية وتشبثها بالنظام كضامن للاستقرار السياسي في البلد وخوفها من أي تعبئة جماهيرية.

الرافضون وضعف موقفهم

تعكس ردود الفعل التي أثارتها زيارة الوزير الصهيوني وضعية التفكك التي يعيشها اليسار الجذري في المغرب.
و لا أدل على ذلك، البيان التنديدي بعنوان: " ضد التطبيع مع الصهاينة" الذي وقعه عشرات الغاضبين من الزيارة، أغلبهم محسوبون على الصف اليساري إلى جانب بعض من رموز الرجعية السلفية في حزب العدل والإحسان (تيار رجعي سلفي ). البيان يؤكد على " المواقف الراسخة للشعب المغربي والقرارات الرافضة لكل أشكال التطبيع تحت أي مبرر أو شكل كان" ويعتبر أن "استقبال الصهاينة في أي بلد عربي أو إسلامي يشكل تشجيعا لهم على الاستمرار في مخططاتهم الإرهابية"، ويطالب المسؤولين المغاربة "بالتوقف عن الدعم المجاني لجرائم العدو وبإيقاف كل أشكال التطبيع معه" و" بإغلاق كل السفارات والتمثيليات ومكتب الاتصال مع العدو الصهيوني".
هناك أيضا بيان أصدرته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (قيادتها محسوبة على الصف اليساري) استنكرت من خلاله الزيارة وعبرت عن رفضها "لأي تطبيع لن يفعل سوى دفع الصهيونية إلى التمادي في دوس حقوق الإنسان بفلسطين".
وعبر اليسار الاشتراكي الموحد (توحيد لتيارات منحدرة من الحركة الماركسية - اللينينية المغربية حسمت يمينيا مع هذه التجربة) عن رفضه للزيارة سواء عبر جريدته( "نرفض الابتزاز الإسرائيلي... والتطبيع مع الكيان الصهيوني ونجدد مساندتنا للشعب الفلسطيني")، أو عبر أمينه العام آنذاك بن سعيد الذي قال إن ظرفها غير مناسب وغير مجد مادامت لن توقف مجازر شارون.
كما عبر حزب العدالة والتنمية (حزب سلفي رجعي ممثل بالبرلمان) عن رفضه لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني.
يتجلى الضعف الأساسي للرافضين في غياب تعبئة قاعدية فعلية للتنديد بالعلاقات مع الصهيونية وفي غياب الدعوة إلى أي شكل من الاحتجاج لمطابقة الأقوال والأفعال. وليس الأمر مجرد قصور، بل يرتبط بضعف سياسي يشكل غياب بعد النضال ضد الإمبريالية أحد أوجهه الأساسية.

النضال ضد الإمبريالية والنضال من أجل الديموقراطية

منذ اندلاع حرب الخليج الأولى وطيلة عقد التسعينات، شهد الشارع المغربي العديد من التظاهرات ذات غلبة شبيبة (التلاميذ بوجه خاص) للتنديد بالإمبريالية الأمريكية وبالغطرسة الصهيونية. لكن هناك عاملين رئيسين يحولان دون استمرارها وتطورها:
الأول، الطابع الاستبدادي للحكم الذي يقمع بكل حزم أي شكل من أشكال الاحتجاج الجماهيري. وقد سبق للحسن الثاني في فترة من فترات الغليان الشعبي تضامنا مع الانتفاضة الفلسطينية أن ألقى خطابا اعتبر فيه القضية الفلسطينية شأنا خاصا بشخصه و حظر أي شكل احتجاجي يتم دون موافقته. وفي كل مرة يبين فيها الزخم النضالي فشل القمع في وقف تنامي الغضب الشعبي وتوسعه، يلجأ النظام إلى السماح بمظاهرة "رسمية"، تقوم فيها أحزاب كتلة المعارضة الليبرالية بدورا أساسي في لجم حدودها، تكون بمثابة صمام أمان. وكان هذا سلوك أغلب الأنظمة الحاكمة في المنطقة العربية إزاء سخط شعوبها.
الثاني، غياب حركة كفاحية حذرية تحول هذا الشعور الشعبي إلى حملة واسعة للتشهير بالحكم الاستبدادي وبعمالته للإمبريالية وتترجمه في مطالب سياسية تتمحور حول الحريات الديموقراطية وخلع نير الإمبريالية.
لا ينفصل النضال ضد الإمبريالية والصهيونية عن النضال من أجل المطالب الديموقراطية على مستوى البلد. وقد فتحت الحركة المناهضة للعولمة الرأسمالية آفاق رحبة أمام المناضلين الجذريين وهي تبين بالملموس علاقة الترابط هذه من خلال دمج عملي للنضال ضد الهيمنة الإمبريالية وحروبها الاستعمارية المباشرة مع النضال من أجل تطبيق الديموقراطية في البلدان التابعة كإحدى شروط فك ارتهانها بمراكز القرار الإمبريالية.



#فؤاد_وليد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وسط ترقب لرسالة أوجلان.. ماذا يريد حزب -ديم- الكردي من زيارة ...
- تركيا تشترط القضاء على حزب العمال الكردستاني لإعادة النظر في ...
- مراقبون للشأن اللبناني: مهاجمة المتظاهرين السلميين عمل مشين ...
- إضرام النار في الجسد: وسيلة احتجاجية تتكرر في تونس بعد 15 عا ...
- حصيلة عمل فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب بمناسبة اختتا ...
- افشال السياسة العنصرية لترامب واسرائيل بحق الفلسطينيين مهمة ...
- الحزب الشيوعي يرفض اتفاق إنشاء قاعدة عسكرية روسية في السودان ...
- -ميول إسلاموية- ـ المشتبه به يقر بتعمد دهس متظاهرين في ميوني ...
- كلبة الفضاء السوفييتية -لايكا- تشارك في -يوروفيجن 2025-
- جبهة البوليساريو تنفي تواجد مقاتلين تابعين لها في سوريا


المزيد.....

- الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية / رزكار عقراوي
- نظرية التبادل البيئي غير المتكافئ: ديالكتيك ماركس-أودوم..بقل ... / بندر نوري
- الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور ... / فرانسوا فيركامن
- التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني ... / خورخي مارتن
- آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة / آلان وودز
- اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر. ... / بندر نوري
- نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد / حامد فضل الله
- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ... / غازي الصوراني
- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد وليد - التطبيع مع دولة إسرائيل حلقة أساسية في المخططات الإمبريالية بالمنطقة