أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى العمري - جدلية الانسان و الدين .. المسلم أهم من الاسلام















المزيد.....

جدلية الانسان و الدين .. المسلم أهم من الاسلام


مصطفى العمري
(Mustafa Alaumari)


الحوار المتمدن-العدد: 5366 - 2016 / 12 / 9 - 02:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


جدلية الانسان و الدين .. المسلم أهم من الاسلام


قبل الخوض في هذا الموضوع , دعني أسألك أيها القارئ العزيز : أيهما أفضل و أقدس المسلم أم الاسلام ؟ و قبل أن تسترسل بالقراءة يجب ان تحدد جوابك و بوصلتك .

صعّرَ بعض المتشددين الاسلاميين من لهجتهم ( الاسلام هو الحل ) حتى غدا هذا الشعار سيمفونية تتردد على شفاه البسطاء دون التمعن بحيثياته و مضمونه , هكذا تُمرر قضايا و مشاريع كبيرة من خلال عناوين واسماء كبيرة ايضاً . هتفت معظم الشعوب العربية و الاسلامية بهتافات ببغاوية دون اي اكتراث او مراجعة لماهية هذا او ذلك الشعار , فبالوقت الذي يصرخ فيه أنصار سيد قطب (الاسلام يقود الحياة) يرتد عليهم صدى الاسلام العراقي المتأثر بثقافة الاخوان المسلمين ( الاسلام من طنجا الى جاكرتا ) بالوقت ذاته ينفعل الاسلام السعودي و يتفاعل و يُفعّل حركته التوسعية في البلدان العربية و الاجنبية , حاملاً سيفاً و قنبلةً و رايةً كتب عليها بثقة عالية ( لا إله إلا الله ) تحت تلك الراية سقطت رؤوس بني البشر غير المؤمنين بهذه الدعوة . في ايران تتمدد سلطة الولي الفقيه لتغزو بلداناً و تحتلها بذريعة الإله او التبشير الاسلامي , ولا مانع من سيلان الدماء تحت يافطة كتب عليها ( الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا .. العنكبوت اية 69) .

أطنب المجتمع العربي بإيمانه بالشعارات و الصور و الايماءات الاتية له من بعض رجال الدين, حتى فقد ميزة التفكير من كثرة الاحباطات و التوصيات الاجتماعية و الدينة , و لهذا السبب بات لم يعبأ بالاخر الذي لا يشاركه فكرته او بالخصم الذي يتبنى الفكرة المغايرة له. فقدت أغلبية المجتمعات العربية,المجس الانساني او الشعور بالمختلف , و تمسكت بالفارغ من الاسم فقط .

معظم مجتمعاتنا الاسلامية ترى ان الاسلام أهم من الانسان ! و هذا التفكير قاد حشد من المتطرفين الى قتل الانسان الذي لا يؤمن بما يؤمنون به هؤلاء المتطرفين , قُتِل الانسان لأنه يسأل و يكتب و يشكك و يبحث, قُتل الانسان لأنه أساء لرمز او لأنه تهكم على فكرة او لأنه يعتبر الحقائق غير مكتملة المعالم و الدلائل . مشروع قتل الانسان لا يحرك بالمبرمجين شيئاً لكن الاعتراض او التشكيك على فكرة إبتدعها الانسان و اختلقها و حولها الى دين باسم الدين ,بالتأكيد سيثور لها كل الدهماء و المعطوبين فكرياً .

أنظروا معي الى المساحة الجغرافية للوطن العربي , ستجدون الدمار و القتل و التفجيرات و الرايات السوداء و الرؤوس المتدحرجة و الجحافل المتحركة و الجثث الملقية على الطرقات , كل هذا المنظر لم يحرك بالواقع العام للشعوب العربية , ولم نسمع ان ثورة قامت ضد الثورة ,لأن اغلبية المسلمين يعتقدون ان الدين الذي هو نصوص منقولة عبر وسائل غير أمينة, أهم من المسلم و أقدس من الانسان في هذه الحالة يتحول العقل من الحركية النشطة الى عضو خانع خلف النص الديني الجامد , عندها ينتكس هذا الخانع لكي يرى ان الاخبار المنقولة بصفحات الكتب القديمة , أهم و أقدس من جميع بني البشر . لم ينتبه المسلمون ان الاديان تأتي من أجل الانسان و في خدمته و لرقيه و صفاء نفسه و ليس العكس كأن تأتي للقتل و التحريض و الألغاء و سيلان الدماء بذريعة الحفظ على الدين !

رقدت معظم مجتمعاتنا على وهمية الشعارات و قدسية النص و نامت دون إكتراث بما هو عليه العالم . الناس نيام ينتبهون عندما يقوم شاذ هولندي برسم كاريكاتير للنبي محمد , فيهبون و يحرقون و يقتلون . ينتبهون عندما يقوم طالب شهرة متسكع فارغ من فلوريدا, بحرق القرآن الكريم , فتخرج المظاهرات في جميع البلدان العربية .

نيام عندما تقوم داعش بقتل آلاف من الشباب , ينتبهون عندما يسحق احدهم راية داعش التي كتب عليها اسم الله . نيام عندما تغتصب النساء باسم الاسلام , ينتبهون عندما لا يعرف أحدهم الغُسل الاسلامي بعد الاغتصاب . نيام عندما تُنحر الشباب و الاطفال , ينتبهون عندما يسمعون همس إمرأة .

ليس المهم الاسلام , دعني أُكررها , ليس المهم الاسلام , بل المهم المسلمون نوعيتهم , صدقهم , انسانيتهم ,تعاملهم مع الناس , اريحية عقولهم .

الذي اريد قوله هنا ان الانسان أهم من الاديان و أهم من المعابد و المساجد , الانسان هو ثروة الله في الارض وكل المفاهيم الكونية جاءت في خدمة الانسان .

وفي جدلية الدين و الانسان التي ستستفز عقل البعض , يمكن ان نطرح اسئلة مهمة في أيهما أولى بالحفظ و الاهتمام .

و إذا ما اعترض معترض بان الاسلام أهم من الانسان , فسنقول له عن أي اسلام تتحدث , السني , الشيعي , الاباظي , السلفي , الصوفي؟ ثم حتى داخل تلك المسميات هناك طرق و تعبدات مختلفة , اذا كنت تدافع عن الاسلام السني فهل تعتبر الاسلام الشيعي اسلاماً ؟ و نستطيع ان نسأل كل هذه الفرق نفس السؤال .

أيها القارئ الكريم , هذه الفرق المتشظية, فيها نسبة من الاسلام الاصلي و ليست هي كل الاسلام , أما أنت فإنسان مسلم و لا يمكن المساس بهويتك الانسانية , التي هي أكبر و أعظم من الهوية الرمزية التي إختلقها لك بعض المستفيدين و المحاولين تعطيل القدر الاكبر من خلاياك العقلية , لكي يوهموك ان الله سيعذبك و يحرقك و يشوي لحمك في حال فكرت او تساءلت في أيٍّ من قضايا العقيدة.

في كتابه الدين و الظمأ الانطلوجي يقول الدكتور عبدالجبار الرفاعي ( ليست المهمة الاصلية للاديان رسم صورة مرعبة لرب العالمين و تحويل الدنيا و الاخرة الى سجون أبدية و وضع الكائن البشري في قلق متواصل و زرع الخوف في قلب الانسان ص150)

عندما يشخص الطبيب مرضاً يجده في المريض لا يعتبر ذلك الطبيب متجاوزاً او محبطاً ، يمكن ان نصفه عارفاً مدركاً مشخصاً ، حتى ولو لم يصف الدواء لكنه تمكن من اكتشاف الخلل , هنا استطيع ان أقول انني أهتم بالمسلم أكثر من الاسلام و بالانسان أكثر من الاديان ,لا ادعو للتقارب بين الاديان و الطوائف لكني ادعو ارباب الدين لكي يشذبوا أديانهم و يرفعوا منها و عنها المصدوء و الرديء و السام القاتل.
انا ادعو الانسان ان يحرك عقله الخاص و لا يستعيض بعقل غيره ، يفكر هو بدل ان يُفكر عنه ، يدرس حركته التعبدية بدل الاتكاء على الآخرين.
عندما نفكر باستقلالية فتأكدوا اننا سنلتقي بدون مؤتمرات و نحب بدون تكلف .
عندما يشتغل العقل سيتمرد على السراب و سيسحق الوهم
و ستكون الواقعية هي الأصل بدون حواجز التاريخ و سيكون الانسان هو المهم و سينتعش التدين بتفعيل العقل مع الدين . و كما يقول الامام مالك إستحسان الناس للاشياء هي الدين .
اذن كفانا صراخاً الاسلام يقود الحياة ! الاسلام هو الحل ! و اتركوا المسلم يتحرك بعقل منطلق غير مقيد او مؤدلج .
يجب ان تكون المرحلة المقبلة هي : المسلم و مشروع النهضة , لأن الاسلام أضحى نصوص تتعارك عليها الملل و الطوائف أيهما الاصدق و الاكثر جرحاً و تعديلاً و توثيقاً و الحمدُ لله الجميع يدعي ذلك. الاسلام اصبح إسلامات و قراءات متعددة و رؤى مختلف عليها و قضايا نُحر بسببها طوابير من البشر , الاسلام متعدد لكن الانسان واحد , الاسلام نص جامد لكن المسلم كائن متحرك , نصوص الاسلام قديمة لكن عقل المسلم حداثوي يتطلع نحو المستقبل.
تمكين النص من العقل توهين و إهانة للانسان وها نحن نشهد على تاريخ يمضي به اصحاب النص بقوة للايغال في طمس اي انبثاق فكري او علمي . اذن المسلم أهم من الاسلام .





#مصطفى_العمري (هاشتاغ)       Mustafa_Alaumari#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسلمون و محنة الانتماء للوطن !
- اشكالية التماهي بين المثقف و المجتمع ..
- أسباب الفشل .. المسلمون و ظاهرة الدعوة
- تأثير الفلسفة العربية في إحياء عقل المسلم
- وهم المعرفة
- غياب العقل النقدي يُحيل العقل الى صخرة ..
- لماذا تقدم الغرب و تأخر المسلمون
- المجتمع العربي و الاندماج مع القديم
- أزمة الأديان بين الدعوة الكونية و الخطاب الضيق .. ج2 مرحلة ا ...
- أزمة الاديان بين الدعوة الكونية و الخطاب الضيق .. ج1
- قراءة نقدية ... لتأريخ اسلامي مخيف
- الاحزاب الاسلامية بين جهاد النكاح و الخدمة الجهادية
- الحديث النبوي و تمزيق الامة … القيود الفكرية في الفكر الاسلا ...
- القيود الفكرية في الفكر الاسلامي 4
- روافد عراقية .. من محافظة الناصرية . مصطفى جمال الدين
- روافد عراقية .. من محافظة الناصرية علي الشرقي 2
- روافد عراقية .. من محافظة الناصرية علي الشرقي 1
- علماء الاسلام . واستحمار المسلمين . قراءة في خطاب الشيخ القر ...
- العراقيون وحراك الثورة ..


المزيد.....




- مسيحيو روسيا يحتفلون بعيد الفصح
- بوتين يحضر قداس عيد الفصح في كاتدرائية المسيح المخلص بموسكو ...
- رغم القيود الإسرائيلية... آلاف المسيحيين يحيون طقوس سبت النو ...
- الحرب الصامتة على الوجود المسيحي في القدس
- لجنة شئون الكنائس في فلسطين: سبت النور يتحول لنموذج لانتهاك ...
- خطوات تنزيل تردد قناة طيور الجنة على أحدث الأقمار الصناعية 2 ...
- دعوات لتعزيز التقارب السعودي الإيراني وترسيخ الوحدة الإسلامي ...
- طريقة تثبيت قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات لمشاه ...
- تردد قناة طيور الجنة أطفال 2025 بجودة ممتازة على النايل سات ...
- مستني ايه فرحك أبنك حالًا مع أحدث تردد قناة طيور الجنة الجدي ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى العمري - جدلية الانسان و الدين .. المسلم أهم من الاسلام