|
لماذا الشرُّ؟.. في البحث عن منابع الشرِّ و أسبابِهِ-
علجية عيش
(aldjia aiche)
الحوار المتمدن-العدد: 5364 - 2016 / 12 / 7 - 23:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
" الله، الوطن، الثورة، السلطة، المال و اللذة.." مفاهيم حاول الفكر المتطرف فرضها على الآخر ---------------------------------------------------------------------------------------------- من أين يأتي الشر؟ أمن الغرائز أم من اللاوعي؟ ما هي أسبابه و ما علاجه؟ و هل مبدأ الشر من أجل الشر موجود لدى الإنسان؟ تلك أسئلة طرحها فلاسفة و قديسون و ذهب كل منهم حسب رأيه و الفترة التي عاش فيها.. فالتعصب العرقي، الإيديولوجي، الديني و السياسي جعل بعض الجماعات المتطرفة و المتمردة ترى أن غاية الشر أخلاقية و هي قضية مبدئية من أجل تحقيق الخير الأسمى، فقامت الحروب و سُفِكت الدماء ------------------------------------------------------------------
إن جنون الحروب المتكررة و المتفجرة ضد الآخر -العدو- باسم الحق و الأخلاق و الإنسانية لخير دليل على أن العالم متعصب إيديولوجيا، سياسيا، دينيا و حتى سلطويا، يسير نحو تدمير ذاته قبل تدمير الآخر، و نسي أن الشر وحش قابع فيه و هوة كبيرة لا سبيل إلى ردمها إلا بالحكمة و التعقل و قبول الآخر.." إن جميع الأشياء في الطبيعة تعمل مع الإنسان الذي يعرف حقيقة كيانه، و لما كان الوجود خيرا في جوهره، و كانت الأشياء كلها خيرا في حالتها الطبيعية، فإن كل شيء هو خير في الوجود..، فموضوع الشر موضوع قديم جعله الفلاسفة الإلهيين يتنافى مع رحمة الله، ووجوده يعود إلى نتيجة معطيات أفكارهم و هو أمر يتحدى الواقع، إن موضوع الشر ينحصر في طرح السؤال " لماذا؟ " و بالتالي فهو لا يدخل في دائرة العلوم التي تبحث في "الكيف"، فمن الفلاسفة من عرف الشر بأنه المطابق للأمراض و المعاناة و الظلم و الجهل و غيرها..، وبقيت هذه التعاريف مختلطة نوعا ما ، نشأت عنها مدارس و مذاهب مختلفة، منهم من أرجعه إلى عالم المنفعة مثلما ذهب في ذلك "بنتام" زعيم المذهب النفعي، حيث اشترط على الأفراد بالتزام الطاعة إذا كانت الحكومة تعمل لصالح الجماعة، و لكن إذا انحرفت هذه الأخيرة أي الحكومة فيكون رد الفعل معاكسا، فعليهم أن يتبرءوا من هذه الطاعة و يعلنوها مقاومة. في كتابه " بين الحكمة الإلهية و نظرية الشر " يقول سفيان ابن الشيخ الحسين: إن جميع الأشياء في الطبيعة تعمل مع الإنسان الذي يعرف حقيقة كيانه، و لما كان الوجود خيرا في جوهره، و كانت الأشياء كلها خيرا في حالتها الطبيعية، فإن كل شيء هو خير في الوجود..، من أين يأتي الشر؟ و من أين يستمد سلطته؟ أمن الطمع أم التعصب؟ فهذا العدو الذي نعتقد أنه خارج عنا ، هو حي قابع في داخلنا، لقد رآه ماركس من ناحية اقتصادية رأسمالية ردة فعل عن البؤس و الظلم المتفشي ، و رآه زعيم التحليل النفسي فرويد أنه ناتج عن الكبتle refoulement الذي يولد العنف، فالإنسان ككائن موجود يضيف سفيان ابن الشيخ الحسين هو ثالث نوع بعد الملائكة و الشياطين، نوع تتأتى منه إرادة القسمين: الخير و الشر، يغلب عليه عقله هواه و شهوته فيلتحق بالملائكة أو عكسه فيلتحق بالشيطان. لقد جاء في الحديث الشريف "الخير كله بيدك و الشر ليس إليك " فالله لا يريد الشر لعباده و هو من ناحية افتراضية وسيلة لتحقيق خير ما ، لقد تساءل ليبنيتز Leibniz عن كيفية وجود منبع الشر الكامن في الإنسان، فوجد أن عدم الكمال الحقيقي للفرد يتضح قبل ارتكابه للخطيئة، و لهذا يرى هذا الفيلسوف أن العذاب و الأهوال ضرورية للنظام. أما الفيلسوف الفرنسي كونت رأى أن الإنسان اعتاد على مر العصور فكرة الألم المتفشي في العالم جراء العنف و الظلم و البؤس ، و لطالما اعتقد أن مصدر الألم تتسبب فيه مشاكل اجتماعية أكثر منها أخلاقية ، و بعد سقوط المثاليات يكتشف الإنسان مجددا أن الشر موجود، فجنون الحروب المتكررة والمتفجرة ضد الآخر - العدو- باسم الحق و الأخلاق و الإنسانية لخير دليل على أن العالم متعصب إيديولوجيا، سياسيا، دينيا و حتى سلطويا، يسير نحو تدمير ذاته قبل تدمير الآخر، و نسي أن الشر وحش قابع فيه و هوة كبيرة لا سبيل إلى ردمها إلا بالحكمة و التعقل و قبول الآخر.كانت القنبلة الذرية هي النبع الأساسي للشر، جربتها أمريكا مرة في صحراء نيومكسيكو ، و ثانية مع هيروشيما و بعدها في ناجازاكي في اليابان، ثم اخترعت بعدها القنبلة الهيدروجية ثم القنبلة النتروجية التي اخترعتها روسيا و التي كانت أدهى و أمر من القنبلة الهيدروجية.. هذا التعصب العرقي، الإيديولوجي، الديني و السياسي جعل بعض الجماعات المتطرفة و المتمردة ترى أن غاية الشر أخلاقية و هي قضية مبدئية من أجل تحقيق الخير الأسمى، فقامت الحروب و سفكت الدماء..فلو عدنا إلى الوراء قليلا نجد أن الأسباب التي دفعت هتلر زعيم النازية على القيام بمجازره الرهيبة بحسب اعتقاده لم تكن شريرة ، إنما كانت من أجل عظمة ألمانيا و تفوق العرق الآري و سلطته الخاصة، و ينطبق الأمر كذلك على الذين يسمون اليوم "بالإرهابيينles terroristes" فيم هم يقتلون و يقتلون باسم الخير الأسمى، أو من أجل أفكار هم تبنوها و حاولوا فرضها على الآخر ( الله، الوطن، الثورة، السلطة، المال و اللذة و..و.. الخ )، تلك هي الأفكار أو القضايا آمنوا بها و كانوا يُحَمِّلُونَهَا منطقهم الخاص، و إذا تطرق فيها أي و احد لمجرد النقاش اصطدم معهم و ألحقوا به الأذى. و هذا ما يحدث اليوم في مختلف الدول كالعراق و فلسطين و حتى الجزائر..، جماعات متطرفة إن لم نقل عصابات تورطت في عمليات دموية باسم الجهاد في سبيل الله و الحق و خرجت عن الإطار الذي شرعه الله و قانون الطبيعة فتفرقت بهم السبل و كانت نتيجتها سفك دماء الأبرياء و اللعب بالأرواح البشرية التي هي روح إلهية نفخها الله في عباده، و أضحت هذه المأساة الإنسانية هي العقيدة المهيمنة على عقول هؤلاء، موجهة لسلوكهم ، فاستطاع الشر أن يسيطر على كيانهم على نحو" ناموس" يتخذ منه الجسد تسويفا لاقتراف الشر. يقول الأديب و الفيلسوف السوري ندره اليازجي و هو يتحدث عن حضارة البؤس: " إن الشر من صنع الإنسان فهو الذي يصوغ الأمور و يضع لها قيما و مفاهيم ، و يختارها ويريدها بإرادته و هكذا يعبر عن حريته ".أجل إن الإنسان هو الذي يخلق الصفات و المفاهيم فتبدوا له خيرا أو شرا، و لا وجود للخير و الشر معا في جوهر الأشياء، كما أن قضية سفك الدماء لهي دلالة واضحة على وجود الشر في نفس الإنسان تلك النفس الأمارة بالسوء ، والمفاهيم و القيم كلها من صنع الإنسان فكما تحمل معنى الخير فهي تحمل كذلك معنى الشر و أوصافه فعندما خاطب الله (س و ت ) الملائكة قائلا : إني جاعل في الأرض خليفة فإذا سويته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين.. قالت الملائكة: أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء و نحن نسبح بحمدك و نقدس لك ؟ قال: إني أعلم ما لا تعلمون.. لقد كانت الملائكة على دراية بأن بمجيء الإنسان سيغرق الكون في عالم الشرور و ستعم الفوضى و ينتشر الفساد و تسفك الدماء و يغرق الإنسان في لجة من الأباطيل الكاذبة.، إن سبب الشر إذن هو إرادة الإنسان ذلك المخلوق الذي فضل الابتعاد عن الخير الثابت الدائم و السير في طريق الشر الهادم. علجية عيش
#علجية_عيش (هاشتاغ)
aldjia_aiche#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-الإذاعة السّرية- كشفت للرأي العام الدولي جرائم فرنسا الوحشي
...
-
-الإذاعة الجزائية- من صوت الجزائر المكافحة إلى-الرقمنة- في ن
...
-
-الإذاعة الجزائرية- من صوت الجزائر المكافحة إلى-الرقمنة- موض
...
-
عقد مؤتمر الأوجيشيين في الجزائر بعد الإتنتخابات التشريعية
-
فيدال كاسترو: لا يهم شكل الحُكْم..الذي يهم هو تحقيق روح الدّ
...
-
كاسترو كان مُعَلِّمًا
-
قادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ يدعون الرئيس بوتفليقة إلى فتح
...
-
فِتْنَةُ -المُصْحَفْ- و ظروف تأسيس -الدّولة المركزية-
-
عضو قيادي في حزب جبهة التحرير الوطني ( الجزائري) يعلن و يؤكد
...
-
في مدرسة جبهة التحرير الوطني - FLN-
-
المجاهد يوسف بوعندل يخرج عن صمته و يؤكد: الذين ساروا في خط ا
...
-
محافظة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية تستولي على حقوق المُصَو
...
-
-الإشهار- la pub في الجزائر من ينظمه و من يتحكم فيه؟
-
تدشين مركز الحوار والسلام والتفاهم بجامعة الملك خالد
-
الإعلام النزيه هو الإعلام الذي يخدم قضايا الأمة و يعزز مكانت
...
-
-الرمزية- في أدب -المقاومة-
-
دموع الفنانة بهية راشدي دموع -كبرياء- و لكن؟
-
حديث عن أولى خلايا تأسيس الحركة الشيوعية في الجزائر
-
الإتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية NJA في مفترق الطرق..
-
فيليب أوكسهورن يعرض تجربة أمريكا اللاتينية في الانتقال الديم
...
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|