أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حرب علي - لا فردوس على الأرض ولا جحيماً.. الإرهاب صنيعة الإسلام والغرب معاً















المزيد.....

لا فردوس على الأرض ولا جحيماً.. الإرهاب صنيعة الإسلام والغرب معاً


حرب علي

الحوار المتمدن-العدد: 15 - 2001 / 12 / 23 - 08:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



النظر الى الاسلام بوصفه ضداً للغرب بالمطلق، هو كالتعامل مع الغرب بوصفه مُعادياً للاسلام بالمطلق. كلاهما وجهان لعملة ايديولوجية واحدة تحفر الخنادق الثقافية او العسكرية بين المجموعات البشرية، سواء من هذا الجانب او ذاك، بقدر ما تصدُر عن تقسيم الناس قسمة نهائية بين ايمان وكفر او خير وشر او تخلّف وتقدم او مدنية وبربرية...
مثل هذه الثنائية المانوية الفاصلة تنطوي على الكثير من التبسيط والتضليل بقدر ما تحجب العلاقات المعقدة والمتشابكة او الملتبسة بين الغرب والاسلام او داخل كل واحد من هذين العالمين.
صحيح ان هناك علاقات تحدٍّ وصراع بين الغرب والاسلام، كما تشهد على ذلك السجالات العقائدية والغزوات العسكرية منذ القدم. ولا مراء ان الصراع بينهما هو اكثر حدة وتوترا مما بين اي منهما وبين الهويات الثقافية الاخرى كالهندية او الصينية. اولاً بسبب ما بين الاسلام والغرب من تجاور جغرافي يجعل احدهما يتوسع على حساب الآخر.
ثانياً وخاصة بسبب الانشقاق العقائدي. فالإسلام والمسيحية فرعان لنفس الاصل التوحيدي يتنافسان على احتكار الايمان والمشروعية الدينية باسم إله ابراهيم وبقية السلالة النبوية. والخلاف بين الأشقاء الذين ينشقون عن بعضهم او على بعضهم البعض هو الاكثر حدة، والحروب بينهم هي الاكثر شراسة وفظاعة، كما شهدت الحروب الدينية في اوروبا او الفتن المذهبية في العالم الاسلامي. ذلك ان الواحد منهما يريد للآخر ان يكون نسخة عنه او يعمل على نَسْخه وعدم الاعتراف به، كما هي حال العلاقة بين المسيحية والاسلام: فالمسيحية لم تعترف بالاسلام الذي تفرّع عنها، وفي المقابل ان الاسلام قد اعترف بالمسيحية ولكن بعد ان حاول نَسْخها والقيام مقامها. وهذا من اكبر العوائق العقائدية امام الحوار بين المسلمين والمسيحيين كما تشهد التجربة اللبنانية.
ومع ذلك فالعلاقات بين الاسلام والغرب هي صلات بين عالمين لا ينفكان عن التواصل، اذ الواحد منهما يحتاج الى الآخر بقدر ما يسعى الى اختراقه او يعمل على نفيه. ليتأمل احدنا الكتّاب والمثقفين الذين يطلون عندنا عبر الشاشات لكي يحدثونا عن الغزو الثقافي الغربي، فيما أزياؤهم حديثة والقابهم العلمية أجنبية (دكتور، بروفسور) ومعارفهم نتاج للجامعات الغربية.
ولنأخذ الدكتور حسن حنفي صاحب حديث ((الثعبان)) عن فلاسفة الغرب، نجد ان دفاعاته المتواصلة عن الهوية الاسلامية، بالهجوم على الحضارة الغربية، لم يشفع له عند الاسلاميين المتزمتين الذين يتعاملون معه كفيلسوف لا يحتكم الى النص ولا يعتصم بمرجعيته الاسلامية. ولذا لم ينجُ من تهمة الارتداد والاساءة الى الاسلام. واذا لم يلق حنفي المصير نفسه الذي لقيه زميله نصر حامد ابو زيد، فليس لانهم اقتنعوا بصحة اسلامه، بل لان تهمة التكفير قد استُهلكت بعد ان اصبحت تُطلق كيفما كان، وحتى ضد الذين تسلّحوا بها وشهروها ضد الغير.
من الآخر
الشواهد كثيرة على وجوه الخرق والتبادل. لنفكر بالعرب والمسلمين الذين يجدون في البلدان الغربية منفى او مكاناً للعمل هربا من الفقر والجور في بلدانهم، او الذين يقيمون على ارض الغرب ويهاجمونه في عقر داره كما نسمع او نشاهد عبر القنوات الفضائية، هذا فضلا عن الذين لا يجدون سوى المحافل الغربية مكانا لفضّ نزاعاتهم كما فعلت الفصائل الافغانية المتنازعة على السلطة، وهكذا نحن نهرب من انفسنا الى الغرب، نستنجد به او نطلب عنده العلم والطبابة او نتنعّم بسلعه ووسائل لهوه او نشتري الاسلحة التي نحاربه بها، او نتبنى النظريات والمقولات التي نحتاج اليها لفهم العالم او لتحقيق مشاريعنا التنموية.
وليسأل احدنا مثل هذه الاسئلة: من الآخر بالنسبة الى الكثيرين مَنْ الافغان: الاميركان أم حركة طالبان؟ ومَنْ الآخر بالنسبة الى الكردي المسلم: اسرائيل ام الدول الاسلامية التي تقاسمت كردستان؟
ومَنْ الاخر بالنسبة الى المرأة الكويتية: المرأة الغربية ام الرجل الكويتي الذي يقول لا حق للمرأة لكي تطالب به؟!
ومَنْ الآخر بالنسبة الى الكثيرين من العرب: الغربيون الذين نتشبّه بهم من حيث انظمتهم الديموقراطية ام الدعاة والساسة الذين يصنعون الكوارث بمشاريعهم وقراراتهم المستحيلة والمدمّرة؟ مَنْ الاخطر على الهوية والمصير: برلسكوني الذي تراجع واعتذر عن كلامه حول تفوق الحضارة الغربية على الحضارة الاسلامية ام الحاكم العربي الذي يرهب شعبا بكامله لا يجرؤ فرد من افراده على مساءلته او مطالبته؟
لنعترف بأن الغرب مقوّم من مقوّمات حياتنا نحتاج اليه في مشاريعنا الحضارية. مما يعني ان علاقتنا به هي علاقة ضرورية بقدر ما يشكل شطرنا الآخر على الصعيد الوجودي. كما يعني ان علاقتنا بأنفسنا هي علاقة ملتبسة بقدر ما لا نشكل عالماً متجانساً لا انقسام فيه ولا اختلاف، كما تشهد على ذلك حروبنا العقائدية ونزاعاتنا الدموية.
كذلك الواقع في الشطر المقابل: ليس الغرب عالما مغلقا لا انقسام فيه، ولا هو جبهة متراصة ضد الاسلام. ثمة وعي نقدي مضاد للذات يبرز لدى العديد من المفكرين من جاك دريدا الذي اشتغل بتفكيك المركزية الغربية الى إدغار موران الذي يعترف بتخلّف الغرب على المستوى الخُلُقي وببدائية وعيه على الصعيد البيئي والكوكبي. وفي ذروة التطورات التي حصلت بعد احداث 11 ايلول، برز كتاب يجابهون حملات العداء ضد الاسلام، كما كتب ألان غريش مؤخرا، اذ حاول فضح الادعاءات التي تصور المسلمين بوصفهم البعبع والخطر الداهم الذي يهدد بعنفه وارهابه العالم الغربي، بقدر ما بيّن ان ما يتهمنا به الغربيون قد مارسوه ربما على نحو اكثر فظاعة كما تشهد المحرقة اليهودية والحروب العالمية. مما يعني ان الاسلام، شأنه شأن المسيحية واليهودية والماركسية وسواها من العقائد القديمة والمذاهب الحديثة، قد يُؤَوّل ويُترجَم على سبيل الايجاب او السلب، نفعا او ضررا، تسامحا او انغلاقا، تعارفا او اقتتالا.
تجاوز الثنائيات
صحيح ان الغرب ينظر الى نفسه بوصفه الأقوى والأغنى او بوصفه مصدر المعرفة ونموذج الحضارة، فيما هو يعاملنا بوصفنا مجرد مستهلكين لسلعه وادواته او لسلاحه وافكاره، هذا فضلا عن كونه أسهم في خلق اسرائيل ولا يتخلى عن دعمها المتواصل، مستخدما على نحو سافر معايير مزدوجة في تعريف الارهاب. بذلك يسكت على الوجه الآخر للعملة: كونه يمارس الارهاب بتقييماته العدائية ومفاضلاته العنصرية، وكونه قد حقّق تقدمه وأنجز ما أنجز، منذ قرنين، بقدر ما احتاج الينا او استخدمنا كمواقع او كأسواق وموارد، سواء عن طريق القوة او السلم. من هنا فإن ما يتّهمنا به مردود عليه، اذ نحن وجهه الآخر الذي يحاول إخفاءه.
وذلك يحمل على اعادة النظر في اشكالية العلاقة بين الأنا والآخر، بحيث تقرأ قراءة تداولية تتجاوز الثنائيات الضدية والعقليات الاصطفائية الاستئصالية. فمن نظنّه الآخر يقيم فينا من حيث لا نحتسب. ومن ننعته بأسوأ النعوت قد يكون وجهنا السيئ الذي نجهله ونفاجأ به، او الذي نسكت عنه ولا نعترف به، او الذي نريده ونخشى الاعلان عنه، والا كيف نفاجأ دوماً بما لا نفكر فيه ولا نسعى اليه!
وبالعكس: مَنْ نحسبه الشبيه او الشقيق قد يكون لغما ينتظر ساعة الانفجار. والا كيف نفهم ما يعانيه العالم العربي من النزاعات الوحشية بين الاخوة والأشقاء!
في ضوء هذه القراءة التي ترى الوجه الآخر للعلاقة بين الأنا والآخر، يمكن تجاوز فخ العداء بين الاسلام والغرب. فلا يعود الإسلام مصدر الخطر والخوف بل يصبح من يتهمه الغربيون بالارهاب لتغطية عنفهم الرمزي وإرهابهم العسكري او يشكل العالم الذي يحتاج اليه الغرب ولا يستغني عنه في ما يصنع من قوة او ثروة. ولا يعود الغرب الجحيم، بل مَنْ نقلّده ونحتاج اليه، او مَنْ نكرهه لأننا نعجز ان نكون مثله، او مَنْ لا نعترف به لأنه يكشف عن جهلنا وعجزنا، او حتى مَنْ نجد فيه مَنْ يدافع عنا ويقف الى جانبنا. وفي المقابل لا يعود الشقيق هو الفردوس. قد يكون الأخ الذي نرهبُه او الشبيه الذي يريدنا صورة عنه او المماثل الذي لا نعترف بحقه في المساواة، او الشريك الذي يلغم الهوية ويمزق الوحدة.
يعني ذلك ان الاسلام هو مشكلة الغرب مع نفسه، كما ان الغرب هو مشكلة الاسلام مع نفسه، وذلك فيما يتعدى ما يستعيده او يصنعه كل واحد منهما للآخر من الوجوه والأقنعة.
ومعنى المعنى ان المسألة هي على صعيدها الوجودي مشكلة الانسان مع نفسه، خاصة اليوم حيث تتشابك المصالح والمصائر على المستوى الكوني.
بهذا المعنى تتحوّل المسألة من كونها صراعا بين حضارات او ثقافات لكي تصبح خيارا بين امكانيتين: الصدام او التداول بين المجموعات البشرية والهويات الثقافية. كذلك لا تعود المشكلة ان حفنة من الإرهابيين يهددون مصير العالم بأسره.
فالإرهاب الذي ندعي محاربته هو صنيعة الاسلام والغرب معاً. اذ هو نتاج ثقافتنا ومجتمعاتنا بقدر ما هو نتاج انسانيتنا التي ما تزال عند نقطة الصفر من حيث تدبّرها لما تحصده من عنف او تولّده من فقر او تحدثه من هلاك ودمار. وتلك هي المسألة الكبرى.



#حرب_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حرب علي - لا فردوس على الأرض ولا جحيماً.. الإرهاب صنيعة الإسلام والغرب معاً