|
حكومة توافقية ... لماذا
طارق الحارس
الحوار المتمدن-العدد: 1420 - 2006 / 1 / 4 - 11:08
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ليس من السهل أن يتحول العراق بين ليلة وضحاها الى بلد ديمقراطي فالأمر يحتاج الى سنوات طويلة ، لكننا نفتخر الآن كوننا قد وضعنا قدمنا في الطريق الصحيح الذي سيضعنا في مصاف الدول الديمقراية فتجربة الانتخابات الأخيرة بالرغم مما أثير حولها من تزوير وترويع وقتل وغيرذلك فانها تعد تجربة كبيرة مقارنة بالتجارب الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط ، وما التزوير والترويع الا جزئيات متوقعة الحصول في بلد مثل العراق عاش تجربة دكتاتورية طويلة امتدت لأكثر من ( 35 ) عاما ، إذ لا يمكن القفز بسهولة على تلك الحقبة وما خلفته من مآسي سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية أثرت تأثيرا سلبيا على المواطن وساهمت في تدهور روحيته ونفسيته ، تلك المآسي التي يحتاج شفاء بعضها الى زمن طويل . سألني صاحبي : لماذا لا تقود القائمة التي فازت بأكبر عدد من الأصوات في الانتخابات الأخيرة الحكومة المقبلة .. أليس هذا ما يحصل في دول العالم .. لماذا تطالب بعض الأطراف بأن تدار الحكومة القادمة من قبل جميع الكيانات السياسية الكبيرة التي شاركت بالانتخابات .. يستمر صديقي بالسؤال .. لم شاركنا بالانتخابات وأدلينا بأصواتنا لصالح هذه القائمة أو تلك مادام أمر تشكيل الحكومة سيتم بطريقة توافقية بين القوائم الكبيرة ؟ قلت لصاحبي : أولا أنه بامكان القائمة الفائزة بأكبر عدد من الأصوات وبالتحالف مع قائمة أخرى تشكيل حكومة مثلما حصل تماما بعد الانتخابات الأولى ، إذ تشكلت الحكومة من قائمتي الائتلاف الموحد والتحالف الكردستاني ، لكن هناك العديد من الاسئلة التي تطرح نفسها قبل اتخاذ مثل هذا القرار في هذه المرحلة التي يمر بها العراق ومنها : هل أن تشكيل الحكومة من هذين التحالفين سيصب في مصلحة العراق والشعب العراقي في المرحلة المقبلة وكذلك : هل أن هذين التحالفين يمثلان جميع الطوائف العراقية ؟ من المؤكد أن الجواب هو : كلا ، إذ أن قائمة الائتلاف الموحد تمثل الأحزاب الشيعية فقط وهذا يجرنا الى القول الى أن هذه الأحزاب لا تمثل أبناء الشيعة العراقيين جميعهم ، إذ أن العلمانيين منهم يقفون في طابور آخر ربما يختلف اختلافا كاملا مع توجهات هذه الأحزاب . هذا الأمر ينطبق على قائمة التحالف الكردستاني أيضا ، إذ أنه يمثل في غالبيته العظمى الشعب الكردي فقط . لقد مر العراق بتجربة الحكومة الائتلافية المتكونة بالدرجة الرئيسة من الائتلاف الموحد ( الشيعي ) والتحالف الكردستاني ولم تتمكن من الخروج من دوامة العنف التي ابتلى بها البلد منذ سقوط النظام ، تلك الدوامة التي تعد من أهم وأخطر المهمات التي ألقيت على عاتقها . هذا لا يعني أن سبب ذلك كان فشل الحكومة في ادارة شؤون البلد فالحكومة حاولت بكل ما تستطيع ، لكنها لم تتمكن لأسباب عديدة يقف في مقدمتها غياب ( نؤكد هنا على غياب وليس تغييب ) فئة واسعة من الشعب تتمثل في ما يسمى بالعرب السنة التي عادة ما تنطلق من مدنها العمليات الارهابية ، عن التواجد بدور واضح في الحكومة . نعتقد أن هذا الغياب تسبب بشكل أو بآخر في تدهور الوضع الأمني . لابد لنا من الاشارة أيضا الى أن أي تحرك عسكري تقوم به الحكومة ضد مناطق الارهاب يفسر على أنه تحرك شيعي ضد السنة وذلك لأن رئيس الوزراء ينتمي الى حزب شيعي ( حزب الدعوة ) ومثله وزير داخليته الذي ينتمي الى حزب شيعي آخرهو ( المجلس الأعلى ). لقد قد اشرنا في مقالات سابقة الى الخطأ الكبير الذي وقعت به قيادة الائتلاف الشيعي في عدم اختيارها رئيسا للوزراء من الشخصيات العلمانية المنضوية في قائمتها . أما إذا أردنا أن نخرج من موضوع تشكيل الحكومة السابقة فلا يمكننا القفز بسهولة على الاعتراضات الكبيرة التي شنتها القوائم والكيانات السياسية الأخرى حول التزوير والخروقات والضغوطات والاغتيالات التي تدعي أنها حصلت قبيل وأثناء الانتخابات ، تلك الامور التي من المؤكد انها ستقف حائلا دون وصول العراق الى بر الأمان ، لاسيما بعد التصريحات الواضحة والصريحة التي بدرت من بعض القوائم التي تشعر بالغبن الانتخابي . نحن هنا نؤكد على وقوفنا ضد مثل هذه التصريحات ونعدها تصريحات غير مسؤولة ، إذ أننا نؤمن بالحوار السياسي وليس بالتهديدات التي تحمل مثل هذه الروحية . نحن نؤكد على أن هناك حاجة لتشكيل حكومة توافقية ، في هذه المرحلة على أقل تقدير ، تشترك فيها جميع الأطراف الكبيرة لأنه لا يمكن مقارنة وضعنا الديمقراطي في هذه المرحلة مع الوضع الديمقراطي في الدول الغربية التي لا توجد فيها قائمة تمثل هذا الجزء من الشعب وقائمة أخرى تمثل ذاك الجزء فحزب العمال الاسترالي مثلا يمثل جميع الاستراليين ين بمختلف قومياتهم وأديانهم وجنسياتهم السابقة أيضا والأمر نفسه ينطبق على حزب الأحرار ، فضلا عن حال الاستقرار الأمني التي تعيشها تلك الدول . من المؤكد أن جميع القوائم الكبيرة ستوافق على تشكيل حكومة توافقية ، لكن المشكلة التي ستواجه هذه القوائم هي كيفية التوافق على وزارات الحكومة ولنا حديث آخر حول ذلك ...
#طارق_الحارس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحكومة المقبلة توافقية أيضا
-
التهنئة لن تكفي يا سادتي الكرام
-
العوجة تتظاهر احتجاجا على محاكمة ابنها الأعوج
-
الحكومة العراقية تقتل ضيوفها
-
تعذيب هنا وتفجير هناك .. مع من تقف !!
-
ماذا لو كانت التفجيرات في فنادق بغداد !
-
أحمد بن حلي .. فتنة
-
وأصبح للعراق دستور دائم
-
رحلة متأخرة مصيرها الفشل
-
بعضهم يعتقد .. الموت هو الطريق الوحيد للجنة
-
شهيد هنا واعتداء هناك .. مشاعرنا هي الضحية
-
أنيس منصور يشوه الحقائق حول العراق
-
مجزرة جسر الأئمة .. من يتحمل مسؤوليتها
-
كراج النهضة قاعدة أمريكية أيضا
-
العودة الى العراق
-
حكومات ضعيفة أم ارهابيون أقوياء
-
المصريون يشتمون العراق ويطالبونه بدفع الدية
-
الجوية بطل أطول دوري بالعالم
-
رسالة من صديق
-
الحكومات تتحمل مسؤولية الارهاب
المزيد.....
-
مصر.. رئيس غرفة الدواء لـ CNN: الشركات حصلت على جزء من مستحق
...
-
ناشطة أوكرانية: الوضع في الجبهة أسوأ من أي وقت مضى
-
حادثة هزت الشارع الموريتاني في سابقة غير مألوفة أغتصاب جماعي
...
-
سكان الضاحية الجنوبية في بيروت يعيدون بناء منازلهم بعد الهجم
...
-
سكان كيبوتس -عين هاشولشا- يعيدون بناء المنازل التي تم تدمير
...
-
شولتس يرفض التكهنات بشأن وجود قوات ألمانية في أوكرانيا
-
من حرّض ترمب للتهديد بـ-جحيم- في الشرق الأوسط؟.. إعلام عبري
...
-
بيتر نافارو يعود للبيت الأبيض
-
المرشح الرئاسي الأوفر حظا في رومانيا يتعهد بوقف المساعدات ال
...
-
فوائد مدهشة لشرب القهوة يوميا!
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|