|
سياسة المشاكل ومشاكل السياسة
حسين عجمية
الحوار المتمدن-العدد: 1420 - 2006 / 1 / 4 - 10:58
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يتصرف العقل وفق بنيتة المختزنة في محتواه التاريخي ويظهر هذا المحتوى دوماً أسلوباً مرافقاً لوجود الحياة الإنسانية فالتعاطي مع الوقائع والبرامج البشرية تتم دائماً وفق الطبيعة المفاهيمة المخزنة معرفيا في العقل عندها يتصرف الإنسان وكأنة يخدم طبيعته البشرية نظراً لإخلاصه لمحتواها التاريخي وجميع البدائل المتقلبة في نظام المعرفة تنطلق من المعرفة ذاتها وهكذا تظهر الدوائر البشرية المتعاقبة في نظام التاريخ الإنساني وكأنها تعيد تكوين ذاتها بنفس المنهاج المؤطر في بنيتها العامة وكل الحلول الجارية لإخراج الوجود الإنساني من مشاكله تحتاج إلى حلول مخالفة لطبيعتها لأن الالتزام بالتراث الإنساني هو ما يقود إلى هذه التعاقبية النمطية في بناء الحياة فما هو الفرق بين الأنظمة التراثية والأنظمة الحالية فالبنية الداخلية لماهيتها الجوهرية واحدة لأن التعاقبية السياسية لنظام الإدارة واحد والإدارات جميعها قائمة على الفوقية في إدارة المجتمعات البشرية فالسيادة مفهوم فوقي مرتبط بالهيئة الحاكمة وهذه السيادة تكتسب وجودها من تاريخ العقل البشري كل ما هو مخزن بنظام العقل مشكل من خصائص السيادة الحاكمة في نظام التاريخ البشري والعصور السياسية التاريخية مبنية على أسس واحدة وهكذا تظل المعرفة السياسية في بنيتها واحدة وهكذا تكبر الأزمة باستمرار فالأثر الذي يتركه أي حاكم في العصور السابقة هو أقل ضرراً مما يتركه أي حاكم في هذا العصر لأن الطاقة السلبية تنمو مع التطور البشري فالوعي السلبي يزداد توسعاً ويتخذ قدرات قادرة على تغيير البنية المتعلقة بكيفية استغلال البشر وتتوسع الأساليب القادرة على تضليل الوعي الجماهيري وتظل البرامج البشرية في السياسة هي ذاته تجري ضمن سياق الصراع العام بين الحاكم والمحكوم فلم يتخذ النضال حتى الأن أي إجراءات لإلغاء دور الحاكم وتأثيره السلبي ضمن دائرة حكمه وبالتالي سيظل المحكوم جاهزاً لتلقي الأحكام وكأن الوعي البشري غير قادر علىالخروج من إطاره التاريخي فالماركسية كنظرية جاءت لحسم الصراع البشري بينما استغلها الوعي البشري لتأجيج الصراع نفسه وهكذا فإن الوعي لم يستطع الخروج من مداره التاريخي فقد أكد كارل ماركس أنه ليس من المهم تفسير التاريخ المهم هو ضرورة تغيير التاريخ هذا التعبير يقودنا إلى فهم مغاير لجميع المفاهيم المتراكمة عبر التاريخ فالنضال التاريخي للبشر ترافع دائماً مع تغير القهر التاريخي للبشرأنفسهم وهكذا تظل الدائرة البشرية تولد ذاتها بنفس الصيغ المتراكمة في أذهان البشر لأن توليد الفهم المعاكس لم يصل إلى درجة الوضوح لأن إلغاء الطبيعة العقلية للوجود الاجتماعي لايمكن أن يتم ضمن أزمة الصراع العام على السلطة فالسلطة هي التعبير الاجتماعي المكثف للوجود الطبقي لأن السيادة ترتفع إلى مستوى الشمولية وتعيش خارج دائرة النظام العام وتلقي بظلال المسؤولية على غيرها من المواقع الاجتماعية لأنها بريئة من الحراك الاجتماعي كما تريد أن توظف جميع الموارد الحية وغير الحية لمصلحتها الذاتية وهكذا يبدأ الغليان في الدائرة الاجتماعية من جديد فتظهر على السطح مفاهيم معادية لمفهوم السلطة القائمة على الاحتكار ..... احتكار الوعي والمقدرات والخصوصيات وكل ما يؤدي إلى تغيير الواجهة السياسية . كل سلطة توجه المرايا نحوها عندها لا يمكن أن ترى غير نفسها فينحسر العقل على نفسه وينغلق فيكون غير قادر على فهم ما يخالفه ويبقى الخلاف جارياً لأن المفاهيم غير قادرة على عكس صور المفاهيم المغايرة لها هذا الأنا المنغلق يعمق التوترات والتصادمات في مسيرة الصراع . فالغاية الجوهرية تظل واحدة في بنية السلطة مهما تنوعت الوسائل والأساليب التي تصل من خلالها . فالنظرة الحيادية الغير مرتهنة يمكن أن تفهم هذا الواقع بوضوح . مهما تغير الشكل العام للسلطة وبنيتها تجري دائماً ضمن السياق العام لتعاقب الفكر السلطوي في التاريخ البشري لأن الإبقاء على النمطية التاريخية لأي وجود يكسبه وعياً متزايداً في مجاله العام . وهكذا يستمر الفهم في إدراك المعارف المتشكلة مع التراكم في بنيتها المتغيرة باستمرار , والسياق العام يظل واحداً ومتغيراً على الدوام لأن البنية العقلية لم تشكل وعيا مغايراً ولا أسلوبا مغايراً . هكذا يظل الزخم الفكري والنضال الاجتماعي مترافقاً مع البنية ذاتها ويستمر العقل في جاهزيته الدائمة للنقد لأن جميع المتغيرات في السلوك البشري لم تتغير بعد .
#حسين_عجمية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مدارات العليق
-
شرنقة القز
-
الحب في المجال الموسع
-
رسلة كوكب آخر
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟
...
-
حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان
...
-
زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
-
صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني
...
-
عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف
...
-
الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
...
-
غلق أشهر مطعم في مصر
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|