|
إحباط لعملية تحرير الاسير
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 5356 - 2016 / 11 / 29 - 10:27
المحور:
سيرة ذاتية
. يسقط يسقط ..محمد حسين يونس . فتحت له باب القفص الحديدى ..و أضأت النور الاخضر قلت له ها هو العالم حر ممتد أمامك عب من جماله قدرما تريد .. خرج سار بضعة أمتار ثم جلس أمام الباب واضعا كفة تحت ذقنه حائرا .. ترى ماذا يستطيع أن يفعل في هذا البراح الواسع الا متناه . لقد سجن نفسة إختياريا في ثوب صلب متماسك .. بعيدا عن الناس .. و الشوارع .. و أماكن الحياة .. يستيقظ يوميا قبل الفجر يؤدى طقوسا لم تتغير من سنين .. تنتهي في السابعة صباحا .. ليجد السيارة أسفل المنزل بسائقها .. يبادلة التحية ثم يسقط في أفكاره التي سيؤدى بها عملة و يرتب القضايا الملحة و صيغ الخطابات التي سيدونها .. لا يلفت نظره ما يحدث حوله في الطريق و قد يستسلم لاشعة الشمس الشابة القادمة من يمينه فيغمض عينية مستمتعا بدفء طازج .. حتي يرتج جسدة .. و يكاد أن يصطدم برأسة في سقف العربة فيتماسك علي كرسية متقبلا الموجة التالية .. وبعد قليل تصدمه عوامل التلوث السمعي .. أصوات عالية .. و البصرى قمامة و قذارة .. و مساكن أقرب لحظائر الحيوانات .. ثم الروائح الكريهه العفنة القادمة من محطات تنقية مياة الصرف الصحي .. فصراع السيارات .. الضخم منها حامل التريلات و الضعيف كالتوكتك .. و عندما يدخل السائق لمكان عملة يكون قد إستهلك تماما .. ليبدأ يومه بترتيب الاولويات ثم تنفيذ المهام .. و التأكد من أن الامور تسير طبقا لقوانين و ضعها من سبقوه من الخبراء .. كما لو كانوا لازالوا يتحركون بينهم . عمل شاق في بيئة شرسة خطرة ملوثة .. و مرتب محدود لم يدفعه صاحب الطابونة منذ ثلاثة شهور. في كل يوم عند إنتهاء العمل .. و عودة السيارة من نفس الطريق و لكن مع إزدحام يضاعف مدة الحركة من ثلاثة إرباع الساعة إلي ساعة و نصف .. يدور في عقلة .. السؤال لماذا كل هذا الهم .. لماذا لا تكسر هذا الروتين .. لماذا لا تستمتع بالباقي من حياتك .. و في كل مرة يكون الرد .. عندما يصبح المكان و الناس في غير الحاجة لخبرته المتراكمة منذ ربع قرن عندما كانت المخاضات و أشجارمزرعة فواكه الملك تغطي هذه المنطقة فتحولت إلي منشأت سامقة .. و معدات تعمل طول اليوم دون توقف منذ ثمانية عشر سنة .. و بشر يعرفون طبيعة العمل .. و يحتاجون لقائد يخطط لهم .. ويشرف علي تناغم الاداء بينهم . لقد مر علي هذا المكان الاف العمال .. و مئات المهندسين .. بذلوا العرق و الجهد .. و إرتادوا المجهول بتطبيق تكنولوجيا غير مطروقة . و هو في نفس مقعد القيادة .. معاونا للخبراء ثم بديلا لهم . قلت له ..فلنذهب إلي الاقصر .. جزيرة التمساح هناك جنه ..و زيارات للمعابد و الاثار و المدافن و إسترجاع الذكرات مع دفء شمس الصعيد ..و كان رده الصمت .. لماذا هل لارتفاع الاسعار .. أم ستكون تكلفة زائده أنت تستحق أن تنفق قليلا علي نفسك بعد هذه الرحلة .. أدار وجهه بعيدا ورفض .. أعرف أنه يهاب أن يدخل المطار و يتعامل مع منتهزى الفرص الرسميين الذين يحلبون الضحايا هناك .. و يهاب الحركة داخل المدينة .. و التعامل مع بشر تغيروا تماما بعد سنوات الجفاف الثورى .. التي إنتهت بتجويعهم .. و يخاف أن يلوث ما إنطبع في ذاكرته عن المكان .. طيب العين السخنة .. سيناءحبيبتك .. الساحل الشمالي .. و كلها كان نصيبها نفس الرفض .. اللازوردى بتاع الدكتور أنور ألا يغريك .. فيهز رأسه رفضا . طيب إيه رايك تتعرف علي ناس جدد في الاتيلية في النقابة .. في النادى علي القهوة .. تتفرج علي الصبايا الحلوين تتكلم مع أصدقاء أذكياء .. تلعب كوتشينه .. فيهز رأسة رافضا . زمان لما كنت بتغير شغلك كنت بتحب بنت جديدة و تتوه في قصة حب تنسيك العمل السابق .. نظر لي بإزدراء .. و نطق لاول مرة ..إيه نسيت نفسك ده كان في زمن الشباب .. مش مع الاقتراب من الثمانين . طيب إقرا موسعة سليم حسن التي لم تكملها ..أشاربكفه إبعد عني .. إسمع إسطوانات فاجنر اللي محتفظ بيها في غلافها .. لم تستخدم .. نظر لي ثم أدار وجهه . خلاص تتكلم مع الابناء و الاحفاد .. و نعمل لك لمة .. في مطعم أو النادى أو البيت .. ضحك لاول مرة .. إيه.. ابناء و أحفاد .. يا بني أنا مبقدرش أكمل مع أى واحد منهم حوار يزيد عن عشر دقائق .. لقد غسلت الميديا رؤوسهم و أصبحوا بغبغنات .. يرددون ما يسمعون دون مرور علي العقل .. و رغم بعدى عن التلفزيون و الجرائد خصوصا الشو توك .. يصروا علي تلخيصة لي يوميا بضجر غير مفهوم سببه لديهم . إيه إنت ملكش صحاب .. لا.. قرايب ..لا .. جيران ..لا .. زملاء ..لآ .حزب ..لآ.. شلة .. لا.. مزة مستخبيه ..لا . يخرب بيت كدة .. غور إرجع لقفصك جتك البلا .
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هؤلاء عسكر وهؤلاء عسكر ولكن هناك فارق .
-
من الذى يتأمر علي من !!
-
كاد مبارك أن يخرج بنا من هذه الدايلما .
-
بوذا، لاوتسي، كونفوشيوس أيضا أنبياء
-
هل أصبحنا محترفي دجل و شعوذة . !!
-
6 أكتوبرلكن من 3200 سنة
-
ماذا لو كتبت كلمة السيد الرئيس أمام الامم المتحدة .؟
-
الغلابة يحسبوها بالورق والقلم
-
الموجة عالية يا ولدى ..إهرب !!
-
لا اؤمن بما يقال عن الرخاء.
-
عبد الناصر .. و إخناتون.
-
إضطهاد أقباط مصر مستمر .
-
غير راض عن تعاملنا مع قضية المنيا .
-
أحاديث النكدى أبو وش عكر .
-
((رد قلبي )) قصة سخيفة و فيلم هابط .
-
الانسان الطقسي .. ضمور لقيم المعاصرة
-
12 ديسمبرذكرى تعاسة المصرى
-
هل عدنا لزمن حكم المماليك!!
-
غير متفائل،بل شديد التشاؤم.
-
عندما أثبتُ أنني مش حمار .
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|