أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وديع العبيدي - بورتريه جانبي للدكتور شاكر النابلسي















المزيد.....

بورتريه جانبي للدكتور شاكر النابلسي


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 5355 - 2016 / 11 / 28 - 15:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وديع العبيدي
بورتريه جانبي للدكتور شاكر النابلسي
الاستاذ الدكتور شاكر النابلسي أحد القدرات العقلية التي تأخرت نسبيا في الاعلان عن نفسها.. متنقلة من تجارب الحياة العربية ومجالات الدراسة والنقد الأدبي، إلى الخلاصات الفكرية التي بلورها صاحبها ووضعها في يدي القارئ العربي والمكتبة العربية، الغنية بمواردها، والفقيرة بقرائها.

ثمة أربعة عناصر تقنية يتوفر عليها صاحب الفكر ليثبت جدارته في فكره..

ثقافته، لغته، تجربته ورؤيته!..

وهذه العناصر لها من الخصوصية الملتصقة بصاحبها –الفرد- ما يربأ بها عن بضاعة السوق السهلة حدّ الابتذال. لأنّ الحصيلة الفكرية إن لم تكن تحمل بصمة شخصية، كفّت عن أن تكون إبداعا.. والإبداع هو الإضافة في مكتبة الانسانية.

ولد النابلسي ودرس وعاش وتنقل في غير بلد عربي. جمع بين النشأة والدراسة العلمانية وبين المعيشة في مجتمع ديني (السعودية). وكمثقف لا يفصل بين الحياة والفكر، وجد نفسه ملزَماً باستغوار مكانزمات حياة الناس المقيم بينهم، فانهال على دراسة المصادر الاسلامية في أصولها، معتقدا بذلك أنه يقترب من فهم المبادئ الأساسية التي تقود منظومة حراك الناس وأنشطتهم وأنماط تفكيرهم وتداولهم اليومي.

الفكر والمعايشة..

لكن ما حصل.. أنه بدلا من التوفر على أسباب الفهم والانسجام مع المجتمع [كمنظومة فكرية وتطبيقية متكاملة]، وجد أمامه جملة من الأسئلة الشائكة العصيّة الجواب. أسئلة ليس أقلها القطيعة والتناقض بين [الأرض والسماء]. وبدل التطبّع في المجتمع وجد نفسه يزداد غربة واغترابا، فكريا وروحيا واجتماعيا، أجبره على الهروب خارج تلك البيئة الاجتماعية.. بل خارج الجغرافيا العربية عموما.

فالموقف الفكري للباحث هو حصيلة المعايشة الواقعية -الميدانية- الشخصية، وليس وليد ترف ذهني أو ركوب موجة اعلامية. والفكر الحقيقي الراسخ والمثمر هو ما تستنبته تربة الواقع ويضرم أواره اجتراء العقل. وفي هذا المفصل يمكن تأشير ظاهرتين..

خروج الاسلام السياسي (السلفي) من القمقم بعد عام 1967 مغلّفا بالبترودولار.

الحاجة المتزايدة للبلدان النفطية إلى القوى البشرية العاملة.

فالمعايشة الخليجية (النقطة الثانية هنا) كان لها دور في إفراز تجارب فكرية وإبداعية مميزة، من بينها تجربة الدكتور كامل النجار التي جسّدها في كتابه القيم (قراءة منهجية للإسلام)، أحد أبرز الكتب المؤسسة لـ "علم نقد الدين في الثقافة العربية"، وتجربة الروائي ابراهيم نصرالله في روايته المهمة (براري الحمى) التي لخّص فيها سنواته في البلاد السعودية.

هذه التجارب المميزة والجريئة، تأتي ردّا على اعتقاد البعض – السائد الآن!- حول امكانية تربية النشء الجديد على مصادر التراث بديلا عن علمانية الثقافة الانسانية، ممعنين في تجاهل التناقضات الصارخة بين منظومة القيم والمبادئ القديمة والقيم العصرية وحاجاتها الفكرية والحياتية.

كانت بدايات النابلسي في دائرة النقد الأدبي ودراسة التجارب الإبداعية، وله تراث نقدي زاخر في هذا المجال، قبل أن تنقل مواجهة الواقع خطاه نحو أراض عطشى أكثر انتظارا للحفر العمودي من المجال الأدبي. ويمكن القول أن دراساته للتراث الإسلامي جاءت مكملة لثقافته العلمية والأدبية المتراكمة، وعلاقته الطويلة والمعمّقة باللغة العربية وقواعدها وبيانها قراءة وكتابة. ولكنّ كل تلك الثقافة واللغة ما كانت تعني شيئا لولا تمحيصها على نار التجربة الميدانية وعلى مدى سنوات طوال، مما أسفر عن تشكيل رؤية فكرية مميزة كانت عوانا لتقديم قراءة جديدة لبدايات الإسلام.

رؤيته المادية..

وقد اعتمد الباحث المنهجية المادية في تفسير - ظهور- الإسلام وأثر ذلك في مرحلة التحول من (القبيلة) إلى (الدولة). من ناحية المبدأ، كان المنهج المادي قد اعتمد من قبل فيليب حتيته في كتابه (تاريخ العرب) الصادر عام 1937، وحسين مروة في (النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية) الصادر عام 1978.

والفكرة في إطارها العام سبق ورودها لدى المستشرق الفرنسي ارنست رينان [1823- 1992م] إذ وصف ظهور الإسلام بحركة سياسية اقتصادية في حينه، كما أن النص القرآني لا ينفي ذلك (سورة قريش). فالدين.. كظاهرة اجتماعية تاريخية.. لا يمنع قبوله أكثر من قراءة، والاتجاه إليه عبر أكثر من منظور.

رغم ما سبق.. فإنّ قراءة الباحث لظاهرة الاسلام كما تبلورت في كتابه (المال والهلال) تبقى إضافة متفردة مائزة في مجالها وجرأتها وخوضها في التفاصيل عبر منظور مختلف. فالباحث لم يتوقف على أعتاب العموميات، وانما تصدّى لقراءة التفاصيل من داخل المشهد، وهو يربط ويقارن بين [الأسباب والنتائج] في كلّ موقف أو مقول.

الواقع الطبقي..

فهو يقدم قراءة اجتماعية اقتصادية سياسية للتوزيع الدمغرافي الطبقي لكلّ من مكة ويثرب وطبيعة الأوضاع والعوامل المحتملة وراء ظاهرة تحقق الحدث الإسلامي. ولا تتغافل الدراسة عن الظروف والعوامل النفسية والاجتماعية الخاصة بشخصية زعيم الحركة ورمزها، بدءاً بظروف اليتم والفاقة وزواجه بامرأة تاجرة من ذوات الثروة والنسب. تلك الأسئلة التي تخالط قراءة السيرة والتاريخ المبكر، تجد لها أجوبة واضحة في قراءة النابلسي.

يقول توفيق الحكيم في سيرته، وهو خريج الحقوق من طبقة متوسطة محدودة بعدما تعين نائبا، ان راتب النائب لا يحقق له مستوى الرفاه الذي يحلم به ولو بعد أمد طويل، فلا بأس في التزوج من امرأة تنتسب عائلتها لطبقة الحكم تختصر له طريق الفاقة. والمهاجر غالبا يفضل الزواج من الأوربية ليختصر إجراءات اللجوء والإقامة والعمل، سيّما لو كانت صاحبة مال أو مركز. انّ (السببيّة) مبدأ فيزياوي، كوني واجتماعي، -وكلّ شيء بسبب-، تم اعتماده في تدوين أسفار التوراة، الكتاب الديني الذي يقرّه العرب والمسلمون. ولكنه قليل الأهمية في التفكير العربي.

مميزاته..

ان ما يميز النابلسي في كتاباته هو أسلوبه الذي يجمع بين عمق الفكرة ووضوح الرؤية وبساطة التعبير. فهو يمضي في عرض فكرته دون تشتت أو تشظيات يتفرعها النص، ودون زوائد لغوية أو بيانية تتعب متن الموضوع بلا طائل. وهذه الأمور ليست باليسيرة على الكاتب، ولا هي في متناول اليد عند طلبها. وانما هي حصيلة رؤية عميقة وسيطرة ذهنية مزدوجة، على كل من سياق الفكرة ولغة التعبير.

لكن الباحث.. وهو يسجل تلك الاضافة المنهجية الأثيرة، في ميدان الحفر في الأصول ومنهجيات القراءة، لم يواصل البحث لاستكمال منهجه في قراءة جوانب ومراحل أخرى من تاريخ الإسلام. ومال عن ذلك للانشغال بظواهر راهنية متتابعة عبر المتابعة الصحفية – وليس البحث الدراسي المنهجي- مثل ظواهر الأصولية والإسلام السياسي وانتفاضات الربيع العربي.

في قطاع العلوم عموما، والعلوم الدينية خاصة، يتم التمييز بين الأصول وبين الفروع، ولكل منها خاصتها. والباحث النابلسي أثبت جدارة مميزة في ميدان الأصول والمتن الإسلامي، والبحث في هذا المجال ما يزال بكرا ويفتقد عناصر المنهجية والجدية، لتدعيم واستكمال علوم الدين المقارن ونقد الدين عند العرب.
امتيازه..
الثقافة هي سلوى -أكثر مما هي غاية فلسفية- عن الشباب العربي، ولكن الممايزة فيها نادرة، والاضافة شحيحة، والذوبان في المال والشهرة والمركز هو مقبرة الاغلبية. أشعر بالأسف -شخصيا- على شخصية الغزالي زمحنته في الفشل في ادراك مغاور فلسفة ارسطو وابن سينا، فعاد أو أعيد الى صومعة الدين ليكون مؤسسا للأصولية السلفية على يد تلميذه ابن التيمية - والشهرة والصيت عند العرب غاية في حد ذاتها-، ومثله سيد قطب الناقد الأدبي في زمن ازدحمت مصر بعمالقة الفكر والأدب والنقد، فشعربالاحباط عن بلوغ الممايزة، وانعكف ايضا على بضاعة الدين السهلة والنفخ فيها. والأمثلة كثيرة في هذا المجال.
من هذا المنظور يسجل الدكتور النابلسي رصانته وجراءته الفكرية في تجاوز السهل والمبذول، لامساك بخيط التنوير العقلي، ونفض الخرافة عما التبس بها من ركام وقشور. ثمة قليلون جدا من يتاح لهم، أو تتوفر لهم هاته الخاصة في العمق والدأب والجرأة والاضافة، يدخل سجل البناءين الحقيقيين والمجددين في علم اجتماع شرق المتوسط إلى جانب علي عبد الرازق وأركون والصادق النيهوم وجورج طرابيشي، في مواجهة تجارة القش والصديد.
من هنا تولد الامة الحقيقية، ويزدهر مستقبل الانسان.



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (مقامة أميرجيو)
- التنوير عربيا.. اشكالية المصطلح (3-3)
- التنوير عربيا.. اشكالية المصطلح (2-3)
- التنوير عربيا.. اشكالية المصطلح (1- 3)
- أصداء نظرية الفراغ في رواية منى دايخ (غزل العلوج)
- المنظور الاجتماعي في رواية ليلى جراغي: (الصدأ)..
- الياس فركوح: الصعود الى حلب!.. الهوية والانتماء في رواية -قا ...
- (موسيقى في الظلام)
- (البستاني ذهب مع الريح)
- لوسيف..
- أوليات أولية..
- المنظور الاجتماعي والنفسي في مجموعة (ترانيم ابن ادم) لباسم ا ...
- (الخروج من عدن)..
- أرملة البستاني..
- البستاني الأخير..
- محمود الريماوي: عن الفرد والمكان الوجودي
- بستاني.. لا اكثر
- (أرض يهوه!)
- البستاني في حجرته..
- عولمة عنف.. دمقراطية انحطاط (1)


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وديع العبيدي - بورتريه جانبي للدكتور شاكر النابلسي