|
فيدل كاسترو برفقة الدجاج الكوبي في نيويورك
سيلوس العراقي
الحوار المتمدن-العدد: 5355 - 2016 / 11 / 28 - 15:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل فارقه السيكار الملكي regal cigar يومَ موته في مساء 25 تشرين الثاني 2016 ؟ لم يخبرنا أحد من المقربين منه إن كان لحظة موته يضع ساعتين يدويتين (نعم ساعتين يدويتين) من نوع Rolex المعتاد عليهما. مات أخيرًا عن عمر 90 سنة. أعلن عن موته أخوه رئيس البلاد راؤول كاسترو ببدلته العسكرية مع الديباجة: "الى النصر .. دائمًا"، الجملة الأخيرة تحتاج الى وقتٍ ليتمّ التأكد من مصداقيتها وما ستؤول عليه كوبا في المستقبل القريب، لنفهم فقط حينها الى أي نصرٍ تتجه كوبا ؟ الى ذات النصر الذي كان يراه صدام في زمانه في خطاباته الكثيرة (هو الآخر كان يدخن سيكار الملوك وكذلك رفيقه طارق عزيز) لكن بفارق ليس بالبسيط باضافته عبارة "بعون الله" الى جملة "الوعد بالنصر" الى الأمام ويا محلى النصر بعون الله. وفقط بعد موت صدام تعرّف العراقيون على النصر الكبير ـ مصيرهم الذي ينتظرهم !!! المصير الذي يعيشه العراقيون اليوم. سنعرف في المستقبل القريب أي نوع من النصر وأي تغيير سيحصل في كوبا. ردود الفعل التي صدرت حول العالم بعد نبأ وفاة كاسترو مختلفة ومتنوعة وبعضها يثير الشفقة على أيتام الشعارات الحنجرية التي تعتقد بامكانها محاربة العالم الحر المعاصر والانتصار عليه. هناك من قال بأن موته تركنا فقراء، وحرفيًا: تركنا أفقر poorer ، ليت شعري ، وهل هناك فقرٌ أكثر من الفقر الذي عاشه ويعيشه الشعب الكوبي في زمن كاسترو وبسبب سياساته ؟!! هناك من يعتبره محررًا لشعبه الكوبي ومحقق آمال الشعب، لكن من دون أن يضيف ويشرح لماذا أوصل كاسترو بلاده كوبا الى مستوى متدني جدًا من الفقر، الى الحد الذي أجبر عدد غير قليلٍ من نساء البلاد الالتجاء الى الاتجار بالجنس (السياحة الجنسية) من أجل الحصول على لقمة العيش من السواح الذين كانوا (ولا زالوا) يسيحون في كوبا ابتداءً من تسعينات القرن الماضي بعد سقوط الفلك السوفيتي الذي كان يدور حوله كاسترو. ويتحدثون عن تحقيقه لآمال الشعب، وواقع الحال هو أن الشعب كان سجينًا في جزيرته التي كان فيها السفر ممنوعًا على الشعب الى حدٍ كبير. هناك من المعجبين بكاسترو من يعتبرونه "ايقونة" ، هذا العبارة "ايقونة" هي أسخف وأتفه شتيمة واساءة استخدام للمفردة السامية، أنْ يتم وصف دكتاتور شرس بها. يقولون بأنه حرّر بلاده من الامبريالية، لأنه كان ثوريًا. سنتوقف مع هذا للحظة، لنسأل: أليس على من يحارب نظامًا يصفونه بالسيء (النظام الراسمالي) أن يقوم ببناء نظام أفضل منه ويتفوق عليه اجتماعيا واقتصاديًا وماليًا ويتقدم عليه؟ لم نرَ أي نتيجة تعطي الأفضلية للنظام الكوبي لكاسترو تفوّق فيها على الامبريالية والرأسمالية، اللهم إلا اذا كان المقصود بمعاداة الامبريالية : "بناء نظام تعيس بائس". وكان ثوريًا بماذا ؟ ومانتيجة وثمار ثورويته لشعبه وحياة شعبه الكوبي ومستوى معيشته ؟ نعلم جميعًا أن جميع الذين حملوا المباديء الثورية لـ "محاربة" الرأسمالية ، وصرخوا بملء صوتهم وحناجرهم ومن كل عقلهم ورفعوا شعار: "محاربة الامبريالية والرأسمالية" ليل نهار، نعلم مصيرهم وانجازاتهم البائسة والسيئة بل التدميرية جدًا، نعلم مالذي فعلوه بأنظمتهم وبشعوبهم، كلّ الثوريين والجنرالات التوتاليتاريين مارسوا الارهاب ليس فقط ضد شعوب أخرى اعتبروها امبريالية ورأسمالية، بل استخدموا كافة أشكال الارهاب ضد شعوبهم التي افقروها لكي يحكموها ويستعبدوها. حال دول العالم الثالث الثوروية كانت أفضل كثيرًا لو لم تقم فيها حركات ثوروية دموية تحمل عناوين وأهداف مثل الاشتراكية والشيوعية ومعاداة الراسمالية والغرب والامبريالية. ألم يكن حال ايران ـ على سبيل المثال ـ خلال فترة حكم نظام الشاه حليف الامبريالية أفضل من حالها بعد الثورة الاسلامية الايرانية بقيادة الملالي الثورويين وعلى رأسهم الثوروي الخميني؟ هؤلاء الذين يغدقون بمديحهم بآيات التبجيل والمجد والخلود لنظام كاسترو الدكتاتوري هل يقبلون أن يحكم بلادهم نظام مثيل لنظام كاسترو الدكتاتوري ؟ هل يرغبون بافقار شعوبهم مثلما أفقر شعبه؟ هل يبحثون أن تصبح أوطانهم تعيسة بائسة متخلفة وفي آخر قائمة الدول المعاصرة ؟ هل يعي من يكيل المديح والتبجيل لكاسترو ويشيد بتضامنه مع فينزويللا وحاكمها الدكتاتور الراحل شافيز، حول أي نوعية من تضامن انساني يتحدث ؟ هل يعي هؤلاء بأن تضامن كاسترو وتشجيعه لشافيز كانت نتيجتها إفقار شعب فينزويللا وتجويعه بالأكثر يومًا بعد آخر ؟ هل تعقلون لماذا يصطفون بالآلاف في فينزويللا الدولة الغنية بنفطها لشراء ربطة خبز ؟ هل يعتبر أمرًا طبيعيًا في فينزويللا احدى أغنى دول اميريكا بالنفط، أنْ يعاني شعبها الفقر المدقع ؟ ما هي الحكمة التي يتحلى بها (قادة) مثل كاسترو وشافيز في معاداتهم لأميريكا ؟ والنتيجة أنهم بايديهم يقومون بتجويع شعوبهم وافقارها ومن ثم منعها من حرياتها الانسانية حتى البسيطة في الحد الأدنى منها ؟ هؤلاء الجنرالات الديكتاتوريين (المتبقون) الاشتراكيون أو الشيوعيون اليوم (كاسترو وخليفته ، شافيز وخليفته وغيرهما ) يعيشون في وهمٍ كبير، بل في وهمٍ خطيرجدًا ضد شعوبهم، حين يدّعون محاربة الرأسمالية والامبريالية ، فانهم لا يحاربون إلا وهمًا ليس الاّ، انهم لم يضرّوا شيئا بالدول الامبريالية والغربية والرأسمالية، انهم يحاربون شعوبهم ، يستعبدون شعوبهم، تحوّلوا الى امبرياليين حقيقيين (بكل معنى الكلمة) هم أنفسهم بحق شعوبهم، أذلّوا شعوبهم بمذلات لم تصل الى جزء بسيط من الأضرار التي يعتقدونها أو يتخيلونها لو كانوا بقوا تحت خيمة العالم الذي يسمونه بالرأسمالي والامبريالي.
من ذكريات الراحل كاسترو: الدجاج يشارك كاسترو في غرفته في فندق في نيويورك يشترك رؤساء الدول ذوي الخلفية الثوروية والاشتراكية والشيوعية بصفة عدم القابلية على القيام بخطاب بليغ يقدمون به في كلمات قليلة مختصرة كلّ ما يريدون قوله، لذلك يمتازون بخطابات طويلة مُمِلّة تسبّب الضجر والنعاس والقرف من طولها، ولم يكن صدام حسين هو الوحيد الذي امتاز بخطاباته الطويلة جدًا التي كانت تستغرق لساعات، فسبقه في هذا عديدون ممن يسمون بالقادة الثوريون. وكان من بينهم الراحل كاسترو، فحين كان رئيسًا جديدًا لكوبا في أول خطاب له على منصة الأمم المتحدة في عام 1960م ، ألقى خطابًا استغرق 4 ساعات ونصف (نعم 4 ساعات ونصف) كال فيه الشتائم والمسبّات على أميريكا وعلى الرئيسين الأميريكيين جون كندي وريتشارد نيكسون وكشف لمستمعيه من رؤساء العالم في خطابه الطويل جدًا قصصًا وروايات طريفة حول الفلاحين الكوبيين وحول الدجاج الكوبي قائلا لهم أنه يحبّ الدجاج الكوبي جدًا ولشدة حبّه للدجاج فانه يحتفظ في غرفته في الفندق حيث يقيم في نيويورك بدجاجٍ حيّ كوبيّ !!! سيفتقد بكلّ تأكيد القائد كاسترو للدجاج الكوبي في مقر إقامته الجديدة، لكن ليس من المؤكد أنْ سيشتاق الدجاج الكوبي الى زعيمه.
#سيلوس_العراقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جائزة نوبل للآداب تمنح لوقحٍ متغطرس
-
معجزة : للبوسة أو لشجرة التفاح !
-
في البدء كنّا أنا وأنتِ
-
لماذا تكرهون اليهود ؟
-
الاسلام بين تجسّد الله أو تجسّد الشيطان
-
حينما يمزح الله
-
حروب الايديولوجية الاسلامية في القرن الحالي
-
رئيس وزراء العراق لا يشتغل بالسياسة
-
كارل ماركس : -يا عمال العالم أغفروا لي-
-
قيمة الانسان : بين المجتمعات اللبرالية والمجتمعات الشيوعية
-
الشريعة العراقية الايرانية النافذة : الزنا بالعراق
-
الوصايا العشرة: لماذا في لوحين وليس في لوحٍ واحد
-
نحن نؤمن بإله واحد وإن كنّا ملحدين
-
كيف تم اختراع الشعب الفلسطيني ؟
-
ابنة ستالين : أبي كان معاديًا للسامية
-
بين الروبوتات المصرية والروبوتات السوفيتية
-
الغباء في معاداة اليهود : هل كان ستالين غبيًا ؟
-
هل خلقت حواء من عظمة قضيب آدم ؟
-
نيسان: شهر العسل الأزلي
-
أعوذ بالشيطان الرجيم من الله الرحيم
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|