أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد الحلبي - في الطائفية ( Sectarianism)















المزيد.....

في الطائفية ( Sectarianism)


وليد الحلبي

الحوار المتمدن-العدد: 5355 - 2016 / 11 / 28 - 09:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعمل الطائفية في المجتمعات عمل النار في الهشيم، وتصبح نذير شؤم عندما تطل برأسها في فترة تاريخية ينعدم فيها الاعتراف بالآخر، وتسود الديكتاتورية بحمق وغباء شديدين.
والشرق الأوسط، كونه مهبط الديانات السماوية بما تفرعت عنه من مذاهب فكرية ودينية متعددة، ولاختلاط الأعراق والأديان المتعددة فيه، فقد أصبح من بين أعقد المناطق في العالم من حيث التشابك الطائفي.
والطائفة تختلف باختلاف قاعدتها التي تقوم عليها، فهي إما دينية أو عرقية أو قومية، فالدينية منها أمرها واضح لا لبس فيه، بينما التداخل بين العرقية والقومية شديد بحيث يدفع إلى الالتباس بأنهما أمر واحد، لكن ما يميزأحدهما عن الآخر هو أن العرقية ترجع إلى الأصل الأنثروبولوجي، بينما القومية تتأثر بالجغرافيا السياسية، والمطامح المشتركة لأمة حتى وإن تعددت فيها الطوائف فالأولى (العرقية) لا تتغير ولا تتبدل لأنها تجري في الأفراد مجرى الدم والنفس (عرب،كرد، أتراك، شركس، مغول إلخ)، بينما تتغير القومية بتغير الظرف السياسي، حتى وإن كانت خامدة تحت السطح، ومن ذلك ظهور القوميات الحديثة بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، فالعرب (بطوائفهم المختلفة) خمدت قوميتهم تحت السطح خلال فترة الحكم العثماني، وكذلك سائر قوميات الاتحاد السوفييتي السابق في وسط آسيا وشرق أوربا، لكنها استفاقت بنشاط ملحوظ عقب سقوط الدولة العثمانية والاتحاد السوفييتي.ن بل ربما تكون هي قد ساهمت في سقوط تلكما الإمبراطوريتين.
من ميزات الطائفية أنها تشمل عدداً محدداً من الأفراد داخل مجتمعات تسودها أغلبية من نوع ما (ديني-عرقي-قومي)، ولولا ذلك لما سميت "طائفة"، فهل اشتق اسمها من (الطواف)، أي الدوران حول مركز ما (ثقافي – ديني -عرقي)؟، أم أنه الطواف حول مواقف تتناسب مع مصلحة الطائفة، أي نقيض الثبات على المبدأ؟، لكن أياً كانت التفسيرات فإن المصطلح يدل على القلة العددية مقارنة مع المحيط المنتمي إلى مكون أو مكونات أخرى، وشهوة إثبات الذات تلازم الطائفية كتعويض عن القلة العددية، وربما أخذ هذا الميل شكل إنجازات فكرية أو فنية أو أدبية أو رياضية متميزة، وفي جميعها ترمي الطائفة إلى إثبات الذات أمام المكونات الأخرى، كما تميل الطائفة، كي تعزز من مكانتها، إلى تأييد النظام السياسي الذي تعيش تحت مظلته، ويبقى تقييم موقفها، هذا سلباً أو إيجاباً، متوقفاً على نظرة المجتمع لهذا النظام السياسي، فإن صلح صلحت النظرة، وإن ساء ساءت.
ويبدو أن انعدام الديمقراطية في مجتمع ما يكون من المحرضات الأساسية على استقواء الطائفة على من حولها من الطوائف، إذ أن من صفات النظام الديكتاتوري أنه يخلق فوضى اجتماعية وسياسية تحرض الطوائف على الظهور والتبلور، لأن في ذلك مصلحة للديكتاتور من حيث أنه يستفيد من تحريض بعضها على البعض الآخر، أو يعمل على تجيير القوي منها لدعمه أمام الآخرين، ذلك أن الديكتاتورية هي نوع من الطائفية، طائفية الحاكم والمقربين منه والمنتفعين من وجوده والتعامل معه، ونظراً لأن الطائفة تتمركز حول قياداتها التاريخية، فإنها تكون سهلة الانقياد والتوجيه، وربما حملت الطائفة في حناياها بذور شقائها وفشلها، وذلك عندما تتصدى لمهام وصعاب أكبر من حجمها، فتلجأ – خاصة في حالة ضعف النظام القائم – إلى الاستعانة بقوى أجنبية تعطيها فترة من القوة والازدهار، لكنها تجر عليها في نفس الوقت حقد وعداء المجتمع (تعاون الكتائب في لبنان مع الإسرائيليين )، وربما استمرت هذه الوصمة على جبينها عقوداً من الزمن تمنعها من العودة إلى الاندماج مع المحيط الذي هو أصلاً ملعبها وموطنها.
وربما كان من اسوأ ما يصيب المجتمع من طائفية هو تقارب الطوائف المختلفة في عدد أفرادها، عندها لا يكون هناك مناص من اقتسام كعكة السلطة - الدولة بين الجميع، وأوضح أمثلته الميثاق الوطني لعام 1943 في لبنان، والذي – نظراً لتقارب الطوائف العددي، فقد وزعت مناصب الدولة بين هذه الطوائف بالتراضي، ولكن، ونظراً لجمود الميثاق - والذي كان شفوياً توافقياً - فإنه مع مرور الزمن لم يأخذ بعين الاعتبار تفوق بعض الطائف على البعض الآخر عددياً، وهو في العادة معيار الحصول على امتيازات أوسع، فاستمر الاستعصاء في أزمة الحكم في لبنان خامداً تحت السطح، تتناوب فعله جماعات التغريب (مثل الكتائب) وجماعات الوطنية اللبنانية (بعض المسيحيين والمسلمين) والجماعات العروبية القومية ( المرابطون ومن هم على شاكلتهم ).
أما المثال الأكثر مأساوية فهو الوضع العراقي، الذي قننت فيه الطائفية بعد الغزو الأمريكي عام 2003، وأدخل البلاد في مأزق خطير لن تنفك منه قبل عقود من السنين.
أحياناً يشتبه على الكثيرين الخلط بين الطائفية والقبلية، لكن الواقع يقول بأنه لا علاقة لإحداهما بالأخرى، فالقبائل مهما تعددت أسماؤها، فإن انتماءها العرقي واحد، فهي تنتسب إلى جد أعلى (قحطان جنوب الجزيرة، وعدنان شمالها)، كما أن تفرع القبيلة إلى بطون وأفخاذ وعشائر لا يلغي انتسابها إلى أصل عرقي واحد، وأما التقاتل فيما بينها فلا يعني سوى نزاع بين أبناء عمومة على الكلأ والماء، أما الأحلاف التي تقوم بين القبائل، فهي مجرد تكتل لدرء خطر يهدد إحداها، وخدمات تقدم للآخرين للحصول على مثيلاتها وقت الحاجة.
بعد كل هذا: ما السبيل إلى درء خطر الطائفية؟. تخطيء الطائفية إن هي اعتقدت بأن انغلاقها على نفسها يحقق لها الدوام والاستمرارية بهدوء إلى الأبد، وهذا الاعتقاد هو الذي يدعوها إلى التأكيد على عدم جواز التزاوج مع الطوائف الأخرى، والواقع أن التزاوج لو تم بين الطائفة والطوائف الأخرى فإن هذا سيفيد المجتمع الذي تتوزعه طوائف مختلفة، بحيث يدعوه إلى التكتل والتلاحم، إذ سيتعذر على مدى جيلين من الزمن نشوب اقتال بين الطوائف، ذلك أن رابطة النسب والدم كفيلة بإجهاض أية نوازع طائفية قصيرة النظر، فالعمومة والخؤولة عامل هام في سيادة السلم الأهلي داخل المجتمع، فعندما يتزواج الشيعة (عددهم 10) مع السنة (عددهم 15) تظهر طائفة جديدة من المنتمين إلى الطائفتين عددها 25، وعندما تتزاوج هذه الطائفة الجديدة (عددها 25) مع طائفة أخرى (عددها 20) تظهر طائفة جديدة عددها 45، وهكذا، بعد ذلك من البديهي أنه لا مجال لأن يحارب الإنسان – ولو سياسياً – أخواله وأبناء أخواله، أو أعمامه أو أبناء أعمامه ( وهذا ما كان حادثاً بالفعل في العراق قبل الغزو الأمريكي عام 2003).
وفي المجتمع الذي لا تمارس فيه الديمقراطية لأسباب محلية وتاريخية، لو أرادت الزعامات الطائفية حماية طوائفها من الأخطار الدائمة، فما عليها سوى الاندماج بالطوائف الأخرى عن طريق التزاوج، وذلك برفع الحواجز بين قلوب الشبان من أبنائها، وبهذا تؤسس لحياة سعيدة هانئة يسودها السلم والمحبة بين الجميع، لكن طالما استمرت الطائفة في الإصرار على الانغلاق على نفسها، والتمحور حول ذاتها، فلتبشر بمستقبل لا يحمل إليها سوى الشؤم والمتاعب.



#وليد_الحلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأكراد والبليارد
- الصديق فخري البارودي صاحب -بلاد العرب أوطاني-
- الوحدة العربية: بالقوة؟، ولِمَ لا؟
- الثابت والمتحرك في القضية السورية
- هل هي بالفعل أدوات تواصل؟
- دردشة في السياسة السعودية
- حاولت جهدي أن أكون حماراً ... ونجحت
- الكلمة الطيبة
- مشاهد منسية، من أيام دمشقية +60
- حوثيو العراق!، ودواعش اليمن!
- صدق من قال: الكونغرس الأمريكي أرض إسرائيلية
- جاري صاحب الكيف: علاقة آثمة مع الخليفة البغدادي
- عنجهية فرنسية فارغة
- لا أحد يستطيع معاندة الحكومة،،، يا بُني
- جاري صاحب الكيف تاجر كراسٍ
- الحمار الفلسطيني، وجزرة الدولة الوهمية
- سائق القطار
- اللاشيء
- جاري صاحب الكيف تاجر سيارات مستعملة
- جاري صاحب الكيف يتاجر بالمسؤولين العرب


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد الحلبي - في الطائفية ( Sectarianism)