عدنان غازي الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 5353 - 2016 / 11 / 26 - 02:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قد بيّن الله تعالى في القرآن الكريم أن النص المطلق الذي علينا أن نؤمن به إيمانا مطلقا كونه لا يأتيه الباطل أبدا، هو القرآن الكريم فقط ، و أن القرآن الكريم هو الحديث الذي علينا ألاّ نؤمن إيمانا مطلقا بأي حديث بعده ...
( فِبأَيِ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنونَ ) [ الأعراف: ١---٨---٥--- ]
( فِبأيِ حَديثً بَعدَ اللهِ وَ أياتهِ يُؤْمِنُونْ ) [ الجاثية : ٦--- ]
( فَبِأيِ حَديثً بَعدَهُ يُؤْمنِونَ ) [ المرسلات : ٥---٠--- ]
... فكل رواية منسوبة إلى الرسول( ص ) تأخذ مصداقيّتها من موافقتها للقرآن الكريم.. و بالتالي فكلّ نصّ عدا النصّ القرآني هو نص ظنّي الثبوت ، وعلينا نتعامل معه من باب معايرته على القرآن الكريم ، وليس من باب الاتّباع الأعمى دون هذه المعايرة .. و إلاّ سنضلّ ، و سنقع في ساحة المعنيين بقوله تعالى..
﴿---وَإِن تُطِع أَكثَرَ مَن فِي الأَرضِ يُضِلّوكَ عَن سَبيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِن هُم إِلّا يَخرُصونَ﴾--- [الأنعام: ١---١---٦---]
..لقد دفعتنا العصبيّات المذهبية و الطائفية إلى نفق مظلم ضيق نختنق فيه .. فاعتبار جميع الروايات مقدسة و فوق وضعها في معيار القرآن الكريم ، هو _ في الحقيقة _ اعتبار التاريخ أحد مصادر التشريع ، و بالتالي حصول كارثة فكرية و الغرق في جدل سلبي من خلال مستنقع الأمور الجزئية الهابطة ، على حساب كليّة المنهج و شموليّته و بالتالي تشرذم الأمة فكرا و عقيدة ..
.. و الجهلة الذين يتصورون التاريخ منهجًا ، يحسبون نقد التاريخ و دراستَه _ وفق معيار القرآن الكريم _ و غربلته بهدف إخراج الشوائب التاريخية منه و التي حُسبَت على المنهج.. يحسبون ذلك هجوما على الدين ..
.. و لقد سقط جناحا الأمة الإسلامية سنّة وشيعة في هذا النفق المظلم و راحت الأمّة تتخبط في دياجير هذا النفق و تختنق بفتن التاريخ و حروبه ..
.. فقول السنّة : إن الرسول( ص ) قد أراد إعطاء الخلافة من من بعده لأبي بكر الصديق رضي الله عنه و أشار إلى ذلك ... وقول الشيعة : أن الرسول ( ص ) قد أراد ذلك لعليّ كرّم الله وجهه و أشار إليه .. هذان القولان هما أحد أدلتنا على سقوط جانب هامٍّ من فكر الأمة في مستنقع التاريخ ، و دوران هذا الفكر في حلقةٍ مفرغة لم نستطيع الخروج منها حتى الآن ...
.. و لو تجرّد الطرفان ووضعا رواياتهما في معيار القرآن الكريم ، لأدركا أن هذه الروايات _ بالحيثيّة المذهبية التي وضِعت بها ، و بالتأويلات التي أوّلت بها _ غير صحيحة
.. فلو أشار الرسول ( ص) لأي كان بالخلافة من بعده ، لأقتضى ذلك إلى أن يشير كل حاكم مسلم إلى الحاكم الذي يخلفه ، و لتحوّلت الخلافة الإسلامية إلى نظام ملكي ، و لتناقض ذلك تناقضًا صريحا مه قوله تعالى : ( وَ أمْرُهُم شُورِي بيْنَهُمْ ) [ الشوري : ٣---٨--- ] ..
وماهو الفارق من حيث اكتمال المنهج ( القرآن الكريم ) و من حيث حفظ الله تعالى _ بين استلام فلان للخلافة او فلان ؟!!!
فهل المنهج ناقص معاذ الله تعالى _ حتى يكمله البشر ؟!!
فحال الأمة الآن من تشرذم وتفرق واقتتال وضياع نتيجة طبيعية لتناقضات الموروث واعتماده منهجا بديلا عن منهج الله تعالى
#عدنان_غازي_الرفاعي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟