أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أنيس يحيى - عبد الحليم خدام يقدّم ال- نقوط - قبل موعد العرس














المزيد.....

عبد الحليم خدام يقدّم ال- نقوط - قبل موعد العرس


أنيس يحيى

الحوار المتمدن-العدد: 1419 - 2006 / 1 / 3 - 07:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في العادة، ينتظر المدعون تسلّم بطاقات الدعوة لأي عرس قبل شراء الهدايا . إلا أن السيد عبد الحليم خدام سارع إلى تقديم الهدية قبل استلام بطاقة الدعوة ، وحتى قبل تحديد موعد العرس . لا بد بالمناسبة من التعليق على كلمة ال " سيد " التي نزعها مجلس الشعب السوري عن عبد حليم خدام بموقفٍ طريف جعل غالبية أعضاء مجلس الشعب مرتبكاً عند التلفّظ بأحد أهم الأسماء التي كان الجميع يخشونها ، حتى أنهم لا يتجرأون على التلفّظ بها ، فيلجأون إلى عبارة " سيادة نائب الرئيس " . إعتقدَ أحد هؤلاء النواب أن العبقرية أنقذته عندما لجأ إلى كناية " أبو جمال " كبديل عن " عبد الحليم خدام " . إلا أن الأمر لا يحتمل إبقاء حيّز يتسلل من خلاله المتفذلكون . تدخّل رئيس المجلس وأكّد على رفضه استعمال الكناية السابقة " أبو جمال " ، فهي برأيه أطلقتْ فيما مضى تحبباً وتودداً لأبرز الشخصيات السورية ، وهاتان الصفتان خسرهما عبد الحليم خدام بعد إطلالته على شاشة قناة العربية الفضائية .
لقد أعادت هذه الاطلالة عبد الحليم خدام إلى واجهة اللاعبين السياسيين بعد أن أقصيَ عن الواجهة لسنوات . أعتقدُ أن عبد الحليم خدام كان يتوق إلى الموقف الذي اتخذه منه النظام في سوريا . ولم تزعجه النعوت القاسية التي أطلقها عليه ؛ مثل العمالة والكذب والخيانة . فعبد الحليم خدام أطلق في السابق مثل هذه النعوت على الكثيرين . وهو يعرف النظام في سوريا معرفة ممتازة ، ويعرف أيضاً أن مثل هذه النعوت لا يتقصّد مطلقوها الأبعاد الحقيقية التي تحملها . إنما هي تُطلق على كل مَن خالف النظام في الرأي أو الرؤيا ، حتى أنها تُطلق بيسرٍ على كل مَن لا يماشي النظام في جميع ممارساته .
لا أعتقد أن أحداً من المشاهدين إكترث للدفاع الذي قدّّمه عبد الحليم خدام عن نفسه عند كلامه عن التزامه برفع مستوى الشعب السوري اقتصادياً ، أو حتى لرؤياه في الديمقراطية وحق جميع المواطنين بالحرية ، وأثرها في دينامية العقل . فالكل يعرف أن مَن هو أمامهم على الشاشة مارس شتى أنواع البشاعات والتجاوزات لسنوات طويلة بحيث أصبح اسم عبد الحليم خدام ملازماً للاضطهاد والتسلّط واستغلال المنصب . رغم ذلك ، كان لا بد من متابعة كل كلمة يقولها ؛ فالرجل ما زال على مهابة ، وجعبته مليئة بمعلومات يصعب الوصول اليها دون أن يتبرع صاحبها للكشف عنها .
لقد صدّقتُ كل كلمة قالها الرجل عن انتهاكات الأمن السوري في كل من سوريا ولبنان . وصدقتُ أيضاً الصورة البشعة التي رسمها عن النظام السوري ، ومقاربتها بشكل أو بآخر بالنظام العراقي قبيل سقوطه . وصدقتُ أيضاً وأيضاً كلامه عن الفساد في سوريا ، وكيف استطاع موظف بسيط في الأمن العام أن يتوفى عن ثروة تقدّر بأربعة مليارات دولاراً ، في الوقت الذي يبحث فيه بعض المواطنين السوريين في القمامة عن ما يسد جوعهم . لكن سؤالاًً يبقى وراء كل كلمة قالها نائب الرئيس السوري السابق .. هل كان عبد الحليم خدام متبرعاً للحقيقة ، أو لوجه الله بعد صحوة مفاجئة تنتاب الكثيرين ، علّ السنوات القليلة المتبقية من العمر تشكل تكفيراً عن عقود طويلة من الارتكابات والآثام ؟ بالتأكيد ، لم يكن الأمر كذلك . فمَن تباغته صحوة ضمير ، أو شعور بالندامة والتأسّي على ما اقترف من انتهاكات وتعدّ وموبقات ، يبتعد قليلاً عن رفاهية المكان التي اختلسها من فقر الفقراء وتعاسة المظلومين . إلا أن الرجل أصر على الظهور أمام مشاهديه بكامل عدته الوقحة . لم يدرِ عبد الحليم خدام أن تمثال الفتاة صاحبة البشرة السوداء وراءه كانت شاهدة على كل كلمة قالها ، وجعلتنا بالتالي نتحرّى النوايا التي ما زالت تتحكّم بالرجل .
اذاً ، ما هي الرسالة التي أراد " أبو جمال " أن ينقلها إلى جميع مشاهديه ، داخل سوريا وخارجها ؟ أم أن الهدية التي حملها جهاراً كانت لعرس لن نرى فيه ثوباً أبيض ؟ بالتأكيد ، ما زال عبد الحليم خدام على توازن عقلي ونفسي ، وهذا ما ثبُت من خلال مقابلته التلفزيونية التي استطاع أن يؤكد للجميع بأنه من الصنف الذي لا يقرّ بالهزيمة ؛ إنحنى أمام الريح إلا أنه لم ينكسر ، والحوافز التي جعلته أحد قادة سوريا البارزين لعقود ، ما زالت حية . لقد صبر عبد الحليم خدام شهوراً طويلة دون أن يسمع أحد منه موقفاً ، وأمثاله تخنقهم الكلمات التي يصعب عليهم تجميع حروفها . رغم ذلك صبر وتأنّى حتى كشفت له مراصد عالية الدقة وجهة العاصفة ، خاصة وأنه يعيش في أحد أهم مراكز القرار في العالم ، باريس . ربما أكون مغالياً إن اعتبرتُ أن عبد الحليم خدام هو مَن بادر إلى الاتصال بأحد أهم الفضائيات العربية لاجراء حديث سياسي عبرها . إلا أن أمر الاتصال لا يقدّم أو يؤخّر بشيء ، فالمقابلة قد تمت ، وحظيتْ باستقطاب لافت . كان الجميع يتكهن حول قدرة النظام في سوريا على الصمود أمام الضغوط الدولية التي تتعالى وتيرتها ، وكانت الآراء تتباين بين المراقبين ، حتى انبرى السيد عبد الحليم خدام لوضع حدٍّ لكل هذه السجالات ، فأطلق الرصاصة الأخيرة من مسدسه الذي ما زال يحتفظ به محشواً منذ مغادرته الأراضي السورية ، معلناً بذلك وفاة النظام الحاكم في سوريا رغم أن الوفاة لم تحصل حتى الآن بالفعل . صحيح أن اعلان الوفاة كان لبقاً ، إلا أنه يخفي شماتة بأولئك الذين ظنّوا بأنهم لا يموتون .
خدام .. وحضوره مأتم وعرس في وقت واحد . حضورٌ أم دعوة للحضور ؟؟ ما بين الاثنين رجلٌ يضع هدية على صدر جثمان يشبهه ، في الوقت الذي يستعدّ الجميع لنقله إلى المكان الذي يستحق .



#أنيس_يحيى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هنالك أودعتُ أسلحةَ الضحيّة
- ألوانٌ كلها حمراء
- لبنان الوطن .. هل مازال مشروعاً قيد التجربة ؟؟
- أنا لا يُوحى إلي
- أيها الأمريكيون .. لماذا تركبون سيارات الهامر Hammerعند إثار ...
- أيها الأمريكيون .. - تحريركم - لنا أصبح يخيفنا ..فالتدمير تا ...
- نشأة اسرائيل تعبير عن معاناة الشعبين ؛ الفلسطيني واليهودي
- المسيحيون وضيق الأمكنة في أرض العرب
- العراق .. إذا غادره الجيش الأمريكي غداً !!
- لا تستكمل فصول الحكاية .. عُد إلى بدايتها
- كراهيتنا لأمريكا .. هل هي بمجملها مبررة ؟؟
- حيث دفنا ملِكاً
- أمريكا والشارع العربي .... - - كلام على مقربةٍ من مقالة الدك ...
- تعليقٌ على مقالة الشاعر سعدي يوسف - المنتفجي .. رئيساً


المزيد.....




- -لم يكن من النوع الذي يجب أن أقلق بشأنه-.. تفاصيل جديدة عن م ...
- نجيب ساويرس يمازح وزيرة التعليم الجديدة بالإمارات: -ممكن تمس ...
- كسرت عادات وتقاليد مدينتها في مصر لترسم طريقها الخاص.. هبة ر ...
- من هو جيه دي فانس الذي اختاره ترامب نائباً له في رحلة ترشحه ...
- حرب غزة: قصف لا يهدأ على وسط القطاع وجنوبه وإصابة جنود ومستو ...
- ألمانيا تحظر مجلة -كومباكت- اليمينية المتطرفة
- مكتب نتنياهو ينفي تلقي إسرائيل رفضا من -حماس- بخصوص مواصلة ا ...
- -حماس- تنفي وجود خطط لعقد اجتماع ثنائي مع -فتح- في بكين
- -روسكومنادزور- تطالب Google برفع الحظر عن أكثر من 200 حساب ع ...
- علاج واعد يوقف الشخير نهائيا


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أنيس يحيى - عبد الحليم خدام يقدّم ال- نقوط - قبل موعد العرس