أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - لنكن كبارا وما يجمعنا هو الأرض














المزيد.....

لنكن كبارا وما يجمعنا هو الأرض


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 5348 - 2016 / 11 / 20 - 18:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



كانت شمس الخريف تسطع في السماء حارقة ملتهبة تبعث على الغثيان والدوار، خوار البقر وثغاء الغنم وصياح الديكة تخترق الآذان، تلك هي أرض كرزاز، المنازل الاسمنتية التي قضت على المنازل الحجرية والأكواخ والخيام منذ السبعينات ساكنة سكون الأجداث، لا شيء يبعث على الحياة، نبات العصفر الذي توحشت لسعاته خلال الصيف فقد كل قوته مع القطرات الأولى للخريف و الآن يضارع الموت إلى حين انبعاثه من جديد في أواخر أيار، كل النباتات تموت ثم تحيا اللهم نبات الدوم والجبوج والكالبتوس والسدر والدفلى التي تبقى حية على طول السنة ويسودها الاخضرار، وإذا كانت النباتات الكرزازية تموت ثم تحيا فهل يمكن للإنسان الكرزازي أن ينبعث بعد سنوات من تغييبه وتجهيله واللعب بمصيره ؟ يكفي نظرة واحدة على أرض كرزاز حتى تبدو شائخة، مرتفعات شتوكي و حائط علي علتها الندوب بفعل عوامل التعرية والزمان، يقول علماء الجيولوجيا أن كل المرتفعات التي نراها الآن، في المستقبل ستتسوى بالأرض ويطالها الانبساط، لكن سنكون في ذلك الوقت قد رحلنا عن هذا العالم، لا أدري ما إن كانت الأجيال القادمة ستذكر وجودنا، بل حتى وجودهم أنفسهم، ألم يقل علماء الفيزياء أن الشمس بعد أربعة مليارات سنة من الآن ستمضي نحو الافول؟ ماذا نعرف عن هذا الكون اللانهائي؟ السنا حبة رمل تائهة في صحراء من الرمال ؟ لا نعرف يا أعزائي سوى 5 في المئة من هذا الكون الشاسع وهؤلاء الذين يسابقون الزمن لاكتشاف الحياة على المريخ لا يأخذون بعين الاعتبار أن أفول الشمس هو نهايتنا جميعا حتى لو رحلنا نحو المريخ، لسنا سوى كائنات ميكروسكوبية مجهرية تملك قدرا من الوعي، ألم يحن الوقت ككائنات عاقلة إبعاد كل ما هو شرير فينا وتوحيد كل طاقاتنا الإيجابية في سبيل الخير العام ؟ لماذا الحقد والشر والعداء ما دمنا كائنات موجودة من أجل الموت كما قال مارتن هايدغر ؟ أليس هذا معطى أساسيا لكي نؤسس مجتمع العدالة والكرامة والحرية وكل المثل العليا ؟ إنني حينما أطرح هذه الأسئلة دائما آخذ بعين الاعتبار الواقع الكرزازي وقس على ذلك الواقع العالمي، فالبعد المحلي يتداخل في شخصيتنا مع البعد الكوني، أليس جسدنا ذرة مترحلة في الكون تحمل كل الاسطقسات (الماء، الهواء، النار، التراب ) وكل المعادن (الحديد، الكالسيوم، النحاس) التي تحفل بها الأجرام والنجوم والكواكب؟ حينما تفوه الشاب يوسف بكلمات جارحة تقمص دور الإنسان الغاضب homo violentus، الغضب هو بعد من أبعاد وجودنا، فالكون لحظة الانفجار العظيم (البيغ بانغ ) كان في حالة هيجان وفوضى، وقس على ذلك أمنا الأرض (غايا ) ففي عمقها تزخر بالاضطراب الذي يتجسد في حركات تكتونية (زلازل، براكين... ) لكن لا ننسى أن فينا بعد عاقل يصفف ويرتب وجودنا، فاليايانيون لو لم يستخدموا عقولهم في اختراع أدوات لقياس الزلازل وتهيئة منازل قابلة لتحدي الزلازل لاندثروا ! هكذا هو الإنسان الذي قال عنه باسكال أنه قصبة ولكن قصبة مفكرة، بالعقل يستطيع الإنسان أن يتغلب على الجانب الغريزي والغاضب فيه كما يستطيع أن يتغلب على الطبيعة، نحن لا نقول ليوسف لا تغضب، ولكن يجب أن تعرف لمن توجه غضبك، ينبغي لعقلك أن يعقلن غضبك، خالد وحسن ورشيد وكل الشباب الطلائعيين والتنويريين الكرزازيين ليسوا مدبرين للشأن العام ولا أوصياء عليك، ما يجمعنا بك هو الأرض، أرض كرزاز، كل العالم القروي المهمش والمنبوذ من طرف المخزن منذ الاستقلال، هذا العالم الذي يتعملق فيه القايد والشيخ والمقدم كما قال السوسيولوجي الراحل محمد جسوس في كتابه "طروحات في المسألة الاجتماعية " وصاحب مقولة : " إنهم يريدون خلق جيل من الضباع"، لا نريد أن يصير أي قروي أو إنسان ضبعا، نريد عدالة اجتماعية وعقولا متقدة مفتوحة دون عقد على هذا الكون الممتد والذي ليس له حدود، وإذا أردت الانخراط معنا من أجل النقاش في هذه القضية فمرحبا بك، أما أن تأخذنا الى الحياة الخاصة والكلام في سفاسف الأمور، فلسنا مستعدين لذلك، قد تكون معذورا لأن التنشئة الاجتماعية la socialisation التي خضعنا لها جميعا جعلت منا صغارا إما لأننا شباب أو قرويون أو أطفال أو أننا رعايا ليس لدينا الحق في الخوض في التابوهات الكبرى و على رأسها السياسة، لهذا أصارحك بالقول : كل من يريد أن يصير كبيرا أو حرا عليه أن يجرح لكي يكسر الأغلال التي تقيده، الفيلسوف الفرنسي هنري برغسون قال ذات مرة هناك الكثير من الناس من ماتوا دون يعرفوا معنى الحرية وأنا أقول أن هناك من مات والاغلال في يديه كعبيد جزيرة كوري في السنغال أو عبيد مراكش في بداية القرن العشرين، ما أصعب أن تكون حرا في مجتمع باترياركي أبوي حيث يكون الطفل مجرد من كينونته ووجوده، أن تكون حرا هو أن تحطم نموذجك، هل تعرف من هو نموذجك ؟ هو الزعيم وريث أحرضان عميل الاستعمار الفرنسي الذي قال عنه الجنرال الفرنسي سبيلمان في كتابه " المغرب من الحماية إلى الاستقلال 1912-1956 " بصديق فرنسا والذي يقدم له الولائم في قرية اولماس، لحزب أحرضان أتباعه الذين يهيمنون على المشهد السياسي المحلي ورمز الحزب هو السنبلة رغم أنه لم يقدم أي خدمة للفلاحين والقرويين، إذا أردت يا يوسف أن تعيش إنسانا حطم صورة زعيمك الذي تسبح بحمده جهارا نهارا ؟ هل تعرف أنه يقتات من دمك وجهلك ومن سنك الصغير؟ عليك أن تكبر يا عزيزي، أكبر وكلما كبرت سيكبر معك المستقبل، كذلك الحال بالنسبة لتعلقنا بالأرض، اليونانيون عندما جلسوا في الساحة العامة Agora شكلوا أول نظام ديمقراطي في العالم وكان ذلك في القرن الرابع قبل الميلاد، مضى الآن 25 قرنا ولم نجلس يوما للتداول في قضايانا، كلما ترددت على الحانوت لا أسمع إلا " قريع الناب" والنميمة والكلام في الحياة الشخصية للناس، اكبروا قليلا، ارتفعوا قليلا، لقد امتلأ القاع! !!

ع ع / 20 نونبر2016 / بني كرزاز - بنسليمان



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الواقع الكرزازي: قراءة نقدية
- حكاية وردة التي قصت
- أرض آفلة
- هل هو الإفلاس التام ؟
- هل واقعنا واقع سرابي ؟
- الأرض العطشى
- رحلة إلى الشمال : بين أزلا وشفشاون : رحلة بطعم المغامرة
- رحلة إلى الشمال : أقشور : الغابة المطيرة
- رحلة إلى الشمال : واد لاو : حينما تصير القراءة فعلا استثنائي ...
- رحلة إلى الشمال : أزلا : المناظر الخلابة وتردي الخدمات
- رحلة إلى الشمال : أزلا : القرية الهادئة والأهالي الطيبون
- رحلة إلى الشمال : مارتيل : مزيج بشري
- تراتيل أزلا
- رحلة إلى الشمال : الفنيدق : أسى دفين
- رحلة إلى الشمال : بين طنجة والفنيدق: أسى عن رفيقة سليبة
- رحلة إلى الشمال : طنجة المدينة التي أرفضها
- رحلة إلى الشمال : أصيلة : تأمل في اللوحات أم تأمل في الجميلا ...
- رحلة إلى الشمال : في طريق الشمال : ما يجمعنا هو الوطن
- جيراننا في الريف
- كيكي والآخرون


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - لنكن كبارا وما يجمعنا هو الأرض