أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - عالم مجنون يتجه بخطى ثابتة نحو الكارثة














المزيد.....

عالم مجنون يتجه بخطى ثابتة نحو الكارثة


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 5343 - 2016 / 11 / 14 - 22:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بدأت ترتسم ملامح مستقبل مكفهر للعالم، حيث كما حدث في السنوات الأخيرة قبل الحرب العالمية الثانية، تسارعت وتيرة التصعيد بين بؤر التوتر الإقليمية في كل منطقة، وكان من أكبر العلامات السابقة على قرع طبول الحرب، صعود التيارات الفاشستية والنازية وبروز دور القادة والزعماء المهيّجين، وخطباء الفتنة، ينادون من على المنابر بضرورة التعبئة لسحق الخصوم والقضاء عليهم، منادين بأصوات جهورية وحركات هستيرية، ونبرة حاسمة قطعية.
يمكن للملاحظ العابر أن يحدس بوضوح التصعيد القادم بين معسكرين يتصفان بالنزعة الفاشستية الإقصائية، وباعتماد الخطابة والتصعيد وإشاعة الكراهية ضدّ الآخر المختلف، وهما اليمين المتطرف في بلدان الشمال، والإسلام السياسي ممثل اليمين الراديكالي في بلدان الجنوب، وكون المعسكرين يلتقيان في نفس الخصائص تقريبا، فإن كل واحد منهما يعبر عن حاجة ملحة إلى عدو يعبئ ضدّه بقوة. ولعلّ نجاح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يمثل نقطة تحول هامة في حرب الاستقطاب القائمة بين التيارين، حيث يأتي نجاحه بمثابة ضوء أخضر للأحزاب اليمينية المتطرفة بأوروبا للتعبئة من أجل اكتساح صناديق الاقتراع في أية استحقاقات قادمة، معتمدين الشعار المركزي المميز لهذا التيار وهو تحميل الأجانب مسؤولية الأزمات المختلفة، وإغلاق الأبواب ضدّ أي نوع من أنواع الهجرة، مع التركيز على مفهوم شوفيني للوطنية الضيقة، يؤدي في النهاية إلى العزلة التامة عن العالم.
ومن العلامات الملفتة للانتباه أنّ هذا التيار قد أصبحت له حتى في الدول الأكثر استقرارا وازدهارا نسبة مرتفعة من الأتباع بسبب المخاوف التي أصبح يولدها التيار الفاشستي الآخر القادم من بلدان الجنوب، التيار الإسلامي السياسي، بنوعيه الانتخابي الإخواني أو الوهابي المسلح، وهو التيار الذي أقام بدوره إيديولوجياه التحريضية على مواجهة الغرب وكراهيته بوصفه عدوا مستعمرا ومنحلا ، وعلى الدعوة إلى الانغلاق في المرجعية الدينية بقراءاتها القديمة التي تمت في سياقات لم تعد لها أية علاقة بالسياق الراهن.
فبعد صعود تيار اليمين المتطرف في النمسا بدا واضحا زحف هذا التيار في كل من ألمانيا وهولندا وفرنسا وبلجيكا نحو مقاعد البرلمان والحكومة بخطى ثابتة، فقبل سنوات فقط لم يكن هذا التيار يتجاوز 2 في المائة في فرنسا، وهو اليوم يعلن بافتخار وصوله إلى نسبة 25 في المائة، كما أنه وصل في هولندا إلى 30 في المائة وهي أرقام مخيفة، تقابلها في الضفة الجنوبية صعود الإسلام السياسي في أية انتخابات يتم تنظيمها في بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وهو صعود يتم دائما في إطار جوّ من التحريض يطبعه تزايد العنف اللفظي في مواقع التواصل الاجتماعي، النزوع الذي يشجعه هذا التيار لأنه يتغذى منه ويستقطب الأتباع المهيَّجين، فحتى القياديين في الأحزاب الإسلامية لا يتورعون أحيانا عن التعبير عن مواقفهم بأساليب عنيفة كمثل الحديث عن عن قطع الرؤوس وبتر الأعضاء في الفترات الانتخابية دون وجل أو خوف، كما دعا أحد القياديين البارزين في العدالة والتنمية المغربي أتباع حزبه إلى "الإغلاظ في القول" لخصومهم السياسيين، هذا "الإغلاظ" الذي يمكن أن يذهب في كل الاتجاهات بالطبع وأن يكتسي صيغا شتى، وهو ما يعني أن العنف الرمزي يشكل آلية ضرورية للتيار الإخواني الانتخابي، مثلما يشكل العنف المادي المباشر وسيلة حيوية بالنسبة للتيار الوهابي المسلح.
إن تصاعد خطابات العنف والاستقطاب على أساس التحريض والكراهية في الضفتين الشمالية والجنوبية، مع صعود نجم التيارين اليمينيين الراديكاليين في البلدان الأوروبية وبلدان الجنوب في نفس الوقت هو مسلسل سينتهي لا محالة إلى تهديد استقرار دول الجنوب والشمال معا، مما سيضع العالم على شفا الهاوية من جديد بعد أن اعتقد الناس بأن هذا النوع من المغامرات قد تجاوزتها البشرية بعد دروس الحربين العالميتين الأولى والثانية.
لقد تنبأ أحد منظري الهيمنة الأمريكية على العالم قبل عقود بهذه المواجهة التي اعتبرها حتمية بين "الغرب والإسلام"، وقد ظلت النزعات المتطرفة من الجانبين تغذي هذه النبوءة المضادّة للحسّ الحضاري وتقدم لها كل المسوغات المطلوبة حتى كادت تتحقق، ولم يبق من أمل إلا في حكماء العالم وقواه الديمقراطية لكي تتحرك بجدية لتوجيه النقاش نحو مزيد من التفاهم والتقارب على أساس القيم الإنسانية النبيلة التي تمثل المشترك العام بين شعوب العالم، فلا غرابة أن نجد اليمين المتطرف والإسلام السياسي يحملان معول الهدم لاستهداف تلك القيم بالذات، لتبقى المواجهة مفتوحة على كل الاحتمالات . إنهم يتغذون من الكراهية والتحريض والإقصاء، ولهذا علينا أن نعمل ليل نهار على إشاعة قيم الحوار والتبادل والاعتراف والبحث عن المشترك الإنساني في كل الثقافات والأديان والحضارات.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تنعدم الثقة بين أطراف الدولة ؟
- مقاطعة الانتخابات يقوي سلطوية الدولة ونفوذ المحافظين
- لماذا تعجز مؤتمرات الفقهاء عن حلّ معضلات المسلمين اليوم ؟
- القوانين لا توضع على مقاس الإسلاميين
- لماذا يضطرّ حزب -العدالة والتنمية- إلى ترشيح الدعاة والخطباء ...
- الملائكة في خدمة فقهاء البترول
- انتحار المغتصَبات وصمة عار في جبين الدولة
- الإسلاميون والولاء للدولة
- هل يحقق إردوغان حلم -الإخوان- بالاستيلاء الشامل على الدولة ؟
- متى يتم إقرار الزواج والدفن المدنيين ؟
- -التربية الإسلامية- أم -التربية الدينية- ما الفرق ؟
- سيكولوجية الصائم
- من يسعى إلى التحكم لا شرعية له في محاربة التحكم
- من الحكومة إلى الجنة
- حول القانون التنظيمي للأمازيغية، السيناريوهات الممكنة
- ما قيمة دستور لا يحترمه أحد ؟
- لماذا الإنسان أولا ؟
- غوغائية الشارع نتاج سياسة الدولة، لكنها قد تؤدي إلى خراب الد ...
- لماذا يحتاج الإسلاميون إلى تقنيين لا إلى مفكرين وفلاسفة وفنا ...
- الأسباب الخمسة لعودة الصراع حول الهوية بعد أن حسم فيها الدست ...


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - عالم مجنون يتجه بخطى ثابتة نحو الكارثة