|
لماذا تتحمل البشرية خطأ آدم ؟
رمضان عيسى
الحوار المتمدن-العدد: 5343 - 2016 / 11 / 14 - 12:04
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
حينما نطرح قضية ، أو فكرة ، أو احدى قصص الأديان الكتابية ، لا نطرحها على أنها ضمن الحدث الواقعي ، أي لا نعتبر أنها حدثت ضمن مقدمات واقعية أفضت الى سيرورة الحدث ونتائجه كما هي مطروحة في الكتب ، ولكننا نطرحها بتسلسلها ضمن التفكير الميثولوجي ، لا أكثر ، ومدى امكانية الحدث في الزمان والمكان !! واذا اصطدمنا بفكرتين تختلفان في التوجه والنتائج ، فاننا نطرحهما كما وردى في النص ، ومن ثم – أثرها على البشرية – والهدف من ذلك استبعاد الخلط في المفاهيم ودلالاتها البعدية على تفكير الأجيال !! فمثلا ، ورد في القرآن آية تقول ".﴿ ولا تزر وازرة وزر أخرى ﴾( سورة الزمر: 7 ) وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ( 39 ) – سورة النجم - وورد أيضاً آية تقول " كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3- سورة الصف ) فما معنى ؟ ولا تزر وازرة وزر أخرى ، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ( 39 ) – النجم - المعنى واضح ، وهو لا يجب أن يُعاقب شخص على جريمة لم يرتكبها ، ولا يجب أن نعاقب شخص على جريمة ارتكبها غيره مهما كانت درجة القرابة بينهما . فلا يجب أن يعاقب شخص ما على خطأ ارتكبه أحد الوالدين ، أو على خطأ ارتكبه أحد إخوته . وهذا المعنى لا غبار عليه . وأن ليس للانسان إلا ما سعى ، أي كل انسان مسئول عن أفعاله ، ولن يعاقب على أفعال غيره . ووردت في القرآن آية تقول : كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ، أي هناك دعوة الى الصدق في القول والفعل ، وأن يتناسب القول مع الفعل ، فلا يجب أن تقول كذا وتفعل عكسه ، فهذا من المكروهات التي يمقتها الله !! وبالنظر في معنى هاتين الآيتين نجد أن هناك بعض التعارض في المعنى الذي ترمي اليه هاتان الآيتان ، كيف ؟ " ولا تزر وازرة وزر أخرى ، والآية "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ( 39 ) – سورة النجم - " أي لا يجب أن يعاقب الله شخصاً على خطأ ارتكبه أجداده !! وبهذا لا يمكن أن يعاقب الله البشرية بسبب خطأ ارتكبه آدم ، وترتب عليه طرده من الجنة ، فإذا طُرد الأب كعقاب له ، فلماذا يعاقب الله أبناء آدم ، ويحرمهم من جنته ، ويضعهم أمام امتحان إذا ما أرادوا العودة للجنة !! إن خطأ آدم يجب أن تنحصر نتائجه على آدم نفسه ، فليس للانسان إلا ما سعى ، أي كل شخص مسئول عن أفعاله ، فلماذا تتحمل البشرية وزر شخص آخر ، ولو كان آدم ؟ ان في ترك البشر في الأرض ، وما فيها من زلازل وأعاصير وصحاري وحروب وأمراض وفقر وتصارع على المعيشة ، بالمقارنة مع الجنة الموعودة لهو تخلياً واضحاً عن الآية " ولا تزر وازرة وزر أُخرى " ، أو الجنوح الى مقاصد بعكس ما ترمي اليه الآية شكلاً ومضمونا ، وهو القائل " كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " ، وهذا يعني أن الله لا يمكن أن يقول ما لا يفعل ويعاقب البشر على خطأ ارتكبه آدم !! وما نراه أن الله قذف بالبشرية في الأرض ، وحرمهم من جنانه بسبب خطأ ليس لهم ضلع فيه . ان محاكمة البشر بتحميلهم خطيئة غيرهم فيه عدم انصاف ، والوضع الطبيعي أن يكونوا في الجنة !! أم أن الله قذف بهم في الأرض التي هي مسرح الشيطان ، إبليس الذي هو أحد ملائكته ، فلماذا يمنحه القدرة على العبث بهم وتخريب حياتهم ؟ وهو سيد الكون ، مالك المُلك بيده الخير والشر ، وهو على كل شيء قدير !! فإذا كان هناك مالك اقطاعي ، ولديه مدير أعمال شرير ، ويراه ، يضرب الفلاحين ويظلمهم ويعذبهم ، ولا يردعه ، وهو المالك القادر ، الآمر ، الناهي !! وفي نفس الوقت يسكت على ظلم مدير أعماله ولو كان ممن له حظوة عنده . فإن هذا شيء مستهجن ولا يُعقل من مالك له كل السطوة والقدرة على ردع الأشرار !! والسؤال : هل يستطيع الله أن يردع الشيطان ، ويمنعه من " الوسوسة في عقول الناس ، ويدفعهم الى ارتكاب الأخطاء ، وبالتالي يمنعهم من العودة الى الجنة الموعودة ؟ الجواب : نعم !! ولكن لماذا يرفض " الله " ردع الشيطان ، إبليس ؟ فمن الواضح أن هذه ارادته ومشيئته !! فمعاقبة " الله " للبشر على خطأ آدم – حسب النصوص المقدسة - وحرمانهم من الجنة وقذفهم الى الأرض ، وجعلهم فريسة للشيطان ، فكرة تحتاج للتوقف والتساؤل ، فهم بهذا يُعاقبون على خطأ ليس لهم ضلع فيه ، في حين يُفترض أن يسبغ عليهم رحمته وينقلهم الى جنته الموعودة !! بالطبع هذا هو المأمول ، فرحمته هي العامة الطامة ، وهي الأمل الأخير ، وهي نهاية النهايات في الالتزام بما يقول : ولا يمكن تصور أن يعاكس الله قوله ، ويعاقب البشرية على خطأ ارتكبه آدم ، وهو القائل : ولا تزر وازرة وزر أُخرى !! من هنا ، فإن الله لن يخلف وعده ، ولكن يجب الابتعاد عن الأعمال الشريرة التي تضر حياتك وتعكر علاقاتك مع الآخرين ، وعليك بالأعمال الخيرة النافعة لك وللآخرين .
#رمضان_عيسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثالثاً : الأيديولوجيا الدينية
-
ثانيا : الأيديولوجيا الماركسية
-
أيديولوجيات باقية -- 1 - الأيديولوجيا البرجوازية
-
المسلم بين التوحش والأنسنة !!
-
ماذا تعني الانتخابات ؟
-
لانتخابات على الأبواب !!! احذروا : الشعب صاحي وجوعان !!!
-
من يصنع التاريخ ؟
-
حماس ولعبة التحالفات
-
القيَّمْ بين الدين والعولمة
-
أوراق فسبوكية
-
ما هي الحقيقة ؟
-
لماذا لا ثورة ضد حماس ؟
-
هل أصبحت حماس برجماتية ؟
-
أهم صفات الانسان
-
فكرة السلف الواحد للبشرية
-
علمية الماركسية تنبع من منهجيتها
-
الوحي في الأديان الكتابية
-
ما هي الفلسفة ؟
-
الوعي نتاج اجتماعي
-
الخروف رقم - 6 - - قصة قصيرة
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|